تسليم إشعارات استيراد 10 آلاف حافلة    تيغرسي: الرقمنة أولوية وطنية    سيفي يُدشّن وحدة لصناعة الشاحنات والحافلات بالشلف    بوغالي يترحّم    هكذا عادت جثامين الأسرى الفلسطينيين..    غزّة لم تنكسر وإسرائيل لم تنتصر    مولوجي تبشّر الريفيات    فيديو تعذيب شاب يثير استنكار الرأي العام    اتفاقية بين وزارة الثقافة والجمارك    حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر    عجال يلتقي رئيس موزمبيق    الأكلات الجاهزة.. حرفة لربّات البيوت وحل للعاملات    جلاوي يبدي ارتياحه لوتيرة سير مشاريع قطاعه بتيسمسيلت    مشروع تعاون بين وزارة العدل والأمم المتحدة    أفضل ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم..    الشبيبة والمولودية من أجل نتيجة إيجابية    ندوة فكرية بجامع الجزائر    كيف يشكل الهاتف تهديداً لذاكرة طفلك؟    أطباء ينصحون بالوقاية والحذر    الجزائر تتماهى كلية مع الموقف الثّابت والمبدئي لحركة عدم الانحياز    ترسيخ ثقافة الاعتراف بردّ الجميل لرجال الجيش    تكريم رئاسي لأبطال الجزائر    جريمة دولة وصفحة سوداء في تاريخ فرنسا الاستعمارية    تسريع التحاق الأساتذة المتعاقدين بمناصبهم    ضمان وفرة الأدوية والمستلزمات الطبية بصفة دائمة    توقع 5 مليار دولار صادرات خارج المحروقات نهاية 2025    تسليم مرافق بريدية جديدة قريبا ببومرداس    التأكيد على ضرورة التكفّل بالنقل والصحة    تسلُّم مسبح نصف أولمبي    رصد الانشغالات اليومية للسكان بتلمسان    بيتكوفيتش يستخلص الدروس ويحذّر لاعبيه قبل "الكان"    عمورة يتربّع على عرش هدّافي التصفيات    موسوعة التعابير القبائلية المتعلقة بالجسد    لوحات جميلة برسومات عميقة    حكايات ناجيات من وجع الذاكرة التي لا تموت    الجزائر منفتحة على جميع الاستثمارات الأجنبية    مخلفات العدوان الصهيوني خطر على حياة سكان غزة    الشعب الصحراوي يرفض مقايضة حقّه في تقرير المصير    الرأس الأخضر.. لأول مرّة    الجزائر تحتفل بالعودة إلى المونديال    بن دودة تقف على وضعية المنصّات الرقمية التابعة للقطاع:ضرورة تعزيز التحول الرقمي في تسيير المرفق الثقافي    الأغواط : ترسيخ الهوية الوطنية عبر الفنون التشكيلية والمرئية    المهرجان الثقافي المحلي للموسيقى والأغنية السوفية : انتقاء 12 فنانا هاويا للمشاركة في الطبعة ال12    تتيح بدائل تمويلية حديثة تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية    الاستثمار في قطاع الطاقات المتجددة من أولويات الدولة    محطة للتأسيس لثقافة الحوار والتكامل بين مؤسسات الدولة    "الخضر" ينهون تصفيات المونديال بفوز مثير    التزام بمواصلة العمل لتحسين أوضاع مستخدمي الصحة    جيلالي تعرض مشروعي قانونين يتعلقان بالأوسمة العسكرية    فلسطين : الاحتلال الصهيوني يفرج عن 83 معتقلا فلسطينيا    بلجيكا تلغي حفلاً ل"ديستربد":    وزير الصحة يباشر سلسلة لقاءات تشاورية مع الشركاء الاجتماعيين    تنظيم مسابقة لالتحاق بالتكوين شبه الطبي    "صيدال" و"نوفو نورديسك" لتطوير أدوية    المجتمع الرقمي له تأثيره وحضورُ الآباء ضروري    الفريق أول السعيد شنقريحة يهنئ المنتخب الوطني بمناسبة تأهله إلى كأس العالم 2026    خديجة بنت خويلد رضي الله عنها    فتاوى : كيفية تقسيم الميراث المشتمل على عقار، وذهب، وغنم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب بين الحداثة الدخيلة والحداثة الأصيلة
نشر في الحياة العربية يوم 25 - 07 - 2022

أتأمل هذه الأيام حال العالم العربي ونحن في عين عاصفة عالمية تعصف في أوكرانيا بعنف وتهدد الأمم بالمجاعات والأزمات بالإضافة إلى نتائج الإحتباس الحراري وتفكك درع الأوزون الواقي وهي الأسباب المباشرة المعروفة لموجات الحرارة والجفاف واندلاع الحرائق خاصة والعالم العربي يقع في قلب إقليم غير مستقر وتهدده شتى التصدعات حيث يمتد سرطان الأزمات العربية إلى لبنان وفلسطين واليمن وسوريا والعراق وليبيا والمغرب المسمى خطأ بالعربي (لأن 50% من شعوبه أمازيغ تفرقهم العروبة ويجمعهم الإسلام…فالتسمية الصحيحة إذن هي المغرب الإسلامي وليس العربي) وتهدد هذه الزوابع البيت العربي بالانفصام والعجز وتفلت تدريجيا مصائر العرب من أيدي العرب لتتحول إلى أيدي أعدائهم ويتسرب داء الشقاق بين السني والشيعي وهم مسلمون، ويتقاسم العمالقة الكبار أشلاء الدول العربية مثلما تقاسم (سايكس وبيكو) منذ قرن ونيف تركة نفس الرجل المحتضر.
يذكرنا وضع المسلمين اليوم وبخاصة العرب منهم بما جاء على لسان الرسول (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع فأشار إلى القصعة والمتداعين إليها حين تصبح الأمة على كثرتها غثاء كغثاء السيل. إن من يتابع هذه الأيام أخبار العرب لا بد أن تصيبه لعنة اليأس من حكمة هذه الأمة ورشاد نخبتها حتى لو لم يبلغ بعد درجة القنوط فيدعو الله إن كان من المؤمنين بأن يهب لها من لدنه رشدا وأمتنا ضائعة جريحة بين خليج مستهدف نحمد الله أن استعاد وحدته وتضامن دوله الستة وعراق ينزف وسوريا تدمى وليبيا تنتحر مقسمة بين حكومتين اندلعت بينهما يوم الجمعة الماضي شرارة الاحتراب المسلح ثم نجد اليمن مهددا بتفاقم علله وفلسطين مقسمة الى اليوم رغم تفاؤلنا بما وعد به أبو مازن في باريس، وليس لها من نصير من العسف الصهيوني العنصري سوى شعوب أوروبية وأمريكية بدأت تتخلص من عقدة الذنب تجاه اليهود وأصبحت دولة إسرائيل عبئا عليها بممارسات وحشية خارجة عن القانون والشرائع وتهدد أمن العالم والغرب بالخصوص وتأكد الرئيس بايدن بعد قمة جدة أن القضية المركزية لدى العرب هي فلسطين واحتلالها هو أصل الداء كما أوضح ذلك حضرة صاحب السمو أمير قطر بعبارات مباشرة لا لبس فيها.. وهنا وهناك من أرض العرب نرى أيادي خبيثة تؤجج نار الفتنة بكل أصنافها من فتنة طائفية بغيضة وفتنة دينية مدمرة وفتنة قبلية مخربة وفتنة حزبية مفرقة وفي تونس التي أدعو الله سبحانه أن يكلأها بعين رعايته نلاحظ فتنة طبقية وأخرى جهوية بين مناطق تونسية وحدتها كل الوشائج والروابط منذ الفتح الإسلامي، وجاء من ينفخ في رمادها بحثا عن الجمرة الخبيثة في ظروف معركة الدساتير التي تكاد تستكمل مسارات تفكيك الدولة. وعلى هذه اللوحة الحزينة وفي هذا المشهد المشحون بالمخاطر تزدهر صناعة عربية خالصة ولا تعتقدوا أنها صناعة الطائرات والسيارات والحواسيب والأدوية والتجهيزات الإلكترونية، فهذه تركناها للأوروبيين والأميركان واليابانيين والكوريين والصينيين، وللإنصاف نضيف لهم الأتراك بعد استعادة رجب أردوغان للهوية التركية وهذه الصناعات لم يحن لدى العرب أوانها بعد لأن ثقافة الإبداع تتطلب شروط الحرية وحفظ كرامة بني آدم وتكريس قيم العلم عوض أدوات الظلم.
ولتأكيد مقولة العلامة التونسي عبدالرحمن بن خلدون بأن العدل أساس الملك، وأن الظلم مؤذن بزوال العمران فإني أضرب مثلا واحدا ليقتنعوا مثلما اقتنعت أنا منذ ثلث قرن بأن تقدم الشعوب لن يتحقق إلا متى تمتع الشعب بحقوقه المدنية وحرياته السياسية ومتى حصن الدستور عرضه وأرضه و حريته وسلامة بدنه وعقله، ومكنه من اختيار أولي أمره في كنف دولة عادلة قوية يقوم عليها رجال أمناء مخلصون، ومتى اعتنق مبدأ الحداثة الأصيلة لا الحداثة الدخيلة أي بكل بساطة تحول من كائن مستعبد إلى إنسان حر. المثل الذي يحضرني هو المقارنة بين ماليزيا وكوريا الجنوبية و سنغافورة و تركيا من جهة وبين تونس العربية من جهة ثانية: ففي السبعينيات صنف برنامج الأمم المتحدة للتنمية تونس وكلا من ماليزيا وتركيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية في نفس مستوى النمو من حيث معدل الدخل الفردي السنوي ومعدل الإنتاج الوطني الخام ومن حيث الطاقات البشرية والجامعات والموارد الطبيعية ومؤشرات التنمية الاقتصادية وآفاق التنمية المستقبلية... نعم كنا نحن في تونس على نفس خط الانطلاق جنبا إلى جنب مع ماليزيا وكوريا الجنوبية وتركيا وسنغافورة تماما كالرياضيين المتنافسين في سباق العدو الأولمبي على نفس خط انطلاق السباق بذات الحظوظ وأمامنا نفس المسافة لتحقيق الفوز... وما هي النتيجة في ظرف جيل واحد؟ تعرفونها جميعا فنحن في سنة 2020 كالتالي: ماليزيا 11 مليونا من البشر نفس ديمغرافيا تونس، لكن مصنفة في المرتبة ال30 في العالم من حيث النمو بنسبة 3% فقراء ونسبة 3% بطالة ومعدل نمو سنوي 7%، وبالمقابل أصبح وضع تونس كالتالي: بلادي مصنفة في المرتبة ال87 في العالم سنة 2010 وتقهقرت إلى المرتبة 131 عام 2020 ومعدل بطالة ارتفع من 16% سنة 2009 إلى 25% سنة 2020 ومعدل نمو يساوي صفر نفس المعدلات تقريبا نجدها بين تونس وكوريا الجنوبية إلى درجة أن الميزانية السنوية التونسية لسنة 2019 تعادل ثلث ميزانية شركة سامسونج وحدها! وأضرب هذه الأمثال للتحفيز لا للتيئيس ففي وطني كفاءات ومقدرات وعبقريات لكنها تظل مكبلة بالقوانين منتهية الصلاحية والخيارات الخطأ وانعدام التوافق الديمقراطي على الحلول.
الشرق القطرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.