شرع سلطان عمان، السلطان هيثم بن طارق، اليوم الأحد، في زيارة دولة إلى الجزائر تدوم يومين، تُعد الأولى من نوعها لسلطان عماني إلى الجزائر، ما يعكس الأهمية البالغة التي توليها مسقط لعلاقاتها مع الجزائر في ظل التطورات الإيجابية التي شهدتها العلاقات الثنائية مؤخرًا. وتأتي هذه الزيارة تتويجًا لمسار طويل من العلاقات التاريخية المتينة التي جمعت البلدين، والتي اتسمت بالتفاهم والانسجام إزاء العديد من القضايا الإقليمية والدولية، خصوصًا تلك المتعلقة بالشأن العربي والجامعة العربية. وقد ساهم هذا التوافق في تعزيز أطر التعاون المشترك، وفتح آفاق جديدة نحو شراكة استراتيجية شاملة. وكانت زيارة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إلى سلطنة عمان في أكتوبر الماضي، قد أرست أسسًا متينة لتقارب مثمر، ومهّدت الطريق أمام تعاون واعد في مختلف المجالات، مدعومًا بالمكانة المتنامية التي باتت تحتلها الجزائر على الصعيدين الإقليمي والدولي. تطابق في الرؤى والمواقف الإقليمية يشير محللون إلى وجود تقارب كبير في الرؤى السياسية بين الجزائرومسقط، لاسيما في ما يتعلق بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والدعوة إلى حل النزاعات بالطرق السلمية، فضلًا عن السعي المشترك لتوحيد الصف العربي وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. وتُعد القضية الفلسطينية من أبرز القضايا التي يلتقي فيها موقفا البلدين، حيث يجدد الجانبان رفضهما لأي محاولات تهدف إلى تصفية القضية أو انتقاص حقوق الشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وانضمامها الكامل إلى منظمة الأممالمتحدة. شراكات اقتصادية واعدة في قطاعات استراتيجية على الصعيد الاقتصادي، تسعى الجزائر وسلطنة عمان إلى الارتقاء بالتعاون الثنائي إلى مستويات أعلى من خلال رفع حجم المبادلات التجارية، واستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة في كلا البلدين، لاسيما في قطاعات التعدين، الزراعة الصحراوية، الطاقة، والصناعة الصيدلانية. ويُعوّل الطرفان على القطاع الخاص للعب دور محوري في تجسيد شراكات مثمرة، من خلال تبادل الخبرات، والاستفادة من الموقعين الجغرافيين المتميزين للبلدين لتوسيع نطاق صادراتهما نحو الأسواق الإقليمية والدولية. تمثل زيارة السلطان هيثم بن طارق محطة محورية في مسار العلاقات الجزائرية-العمانية، وتفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التعاون البناء، بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، ويُعزّز الاستقرار والتكامل في العالم العربي.