تشهد المدارس القرآنية والزوايا عبر مختلف بلديات ولايتي برج باجي مختار وعين صالح إقبالا كبيرا من طرف الأطفال خلال العطلة الصيفية. يعزى ذلك إلى حرص الأولياء على استثمار هذه الفترة من السنة في تحفيظ أبنائهم ما تيسر من كتاب الله، وتعليمهم مبادئ الدين الإسلامي، في أجواء روحانية تجمع بين التلقين التربوي والأنشطة الهادفة. وتحتضن المدارس والزوايا المنتشرة عبر ولاية برج باجي مختار، بأقصى جنوب البلاد، حلقات منتظمة صباحا ومساء، يتجمع خلالها الأطفال حاملين ألواحهم الخشبية المكتوبة بالحبر التقليدي المعروف باسم الصمغ، في مشهد يعكس تمسك المجتمع المحلي بأساليبه المتوارثة في تحفيظ القرآن الكريم للناشئة. وقد عرف عدد المسجلين في الكتاتيب والمدارس القرآنية ارتفاعا ملحوظا هذه السنة، لاسيما في الأحياء الشعبية والقرى، حيث تعد هذه المؤسسات، حسبما أكده عدد من الأولياء، فضاءات مناسبة لتربية النشء على قيم ومبادئ المنهج الإسلامي الصحيح. وفي ذات السياق، أوضح محمد الأزاوي، أحد المشرفين على مدرسة قرآنية ببلدية عاصمة الولاية برج باجي مختار، أن عدد المسجلين تجاوز 150 طفلا من مختلف الأعمار ومن كلا الجنسين، منذ الأسابيع الأولى للعطلة الصيفية، مشيرا إلى أن البرامج لا تقتصر على تحفيظ القرآن الكريم فحسب بل تشمل أيضا دروسا في الفقه والآداب الإسلامية واللغة العربية. وأضاف أن طريقة "اللوحة والصمغ" ما زالت تحافظ على فعاليتها في ترسيخ حفظ الآيات القرآنية بفضل تكرار الكتابة والمراجعة. كما أكد نفس المتحدث على دور تلك المدارس في غرس القيم الدينية في نفوس الأطفال وحمايتهم من الفراغ والانحراف خلال الصيف، حيث يعمل البعض منها (المدارس القرآنية) على تنويع الأنشطة بتنظيم مسابقات ورحلات ترفيهية وورشات تربوية. ..أقربيش" قبلة الأطفال بعين صالح صيفا أما بعين صالح، فتفتح المدارس القرآنية والكتاتيب المنتشرة عبر الولاية أبوابها كل صباح ومساء لاستقبال الأطفال من كلا الجنسين. وفي هذا الصدد، أوضح مدير الشؤون الدينية والأوقاف، عبد اللطيف عرعار، أن الولاية تحصي ما لا يقل عن 95 مدرسة قرآنية مسخرة لهذا الغرض، يؤطرها 178 معلما. وفي صورة تبرز تمسك سكان عين صالح بعاداتهم وتقاليدهم الراسخة، يتردد الأطفال على الكتاب أو ما يسمى محليا ب" أقربيش" (قراءة القرآن عند الغبش أي قبل طلوع الفجر) بلباسهم المعتاد العباءة والشاش. وقد أرجع السيد عرعار ذلك إلى تشجيع أوليائهم ومعلميهم، وكذا التزام مديرية الشؤون الدينية والأوقاف بالمحافظة على نمط تلقين الأطفال القرآن الكريم باكرا. ومن جانب آخر، تعد المدرسة القرآنية الطالب باعزيز بحي لحدب قصر العرب، نموذجا لهذه المدارس القرآنية التي يتوافد عليها تلاميذ الحي يوميا للاستفادة من التعليم القرآني. ورغبة في تعزيز روابط التواصل بين الأجيال، حظي أطفال هذه المدرسة والبالغ عددهم 300 متمدرسا بدرس قيم في فن بري قلم القصب، وتحضير دواة الكتابة بخامات طبيعية بسيطة، قدمه أحد المعلمين المتقاعدين المتمرسين. ويشكل قلم القصب والدواة ارتباطا وثيقا منذ القدم، فكان لهما الفضل في كتابة القرآن على اللوح بعدما يصقل ويلمع بالماء والصلصال (الطين)، حيث ظل كلاهما صامدا أمام جميع وسائل الكتابة الحديثة، مثلما أشير إليه. (