أحدث شهر رمضان المبارك في حياتنا الكثير من الفروقات، فقد غيّر مجرى الروتين اليومي الذي كان يعيشه المجتمع بالسّاعات والدقائق، وقلب الأجواء إلى ملامح استثنائية مفعمة بالتواصل والتقارب الأسري بين الأهل والأقارب، فتضاعفت فرص الخير والعطاء في شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، بما يوفره هذا الشهر من روحانيات سامية تزيل الشّحناء والبغضاء، وتنشر التسامح والتضامن، والمسارعة إلى فعل الخير لهدف واحد هو نيل رضا الرحمان في شهر شهدنا فيه سلوكات منحت الشّهر الفضيل أولويات دينية واجتماعية ونفسية مطلقة. استطلاع :أسماء زبار هو يوم أو يومين ويعود الناس إلى فضاءاتهم الشاسعة، إلى ما كانوا عليه قبل الصيام، حيث تبهت العلاقات شيئا فشيئا، ويسعى الجميع إلى تحقيق مشاريع وأفكار وطموحات مؤجلة وما أكثرها، ارتأينا في هذا اليوم أن نرصد بعض التغيّرات التي تطال حياة الكثير من المواطنين بمجرد انقضاء بركات الشّهر الفضيل، ونعرف أبرز المشاريع التي ستكون على قمة أولويات الأفراد، خاصة وأنّ عبارة "بعد رمضان سأفعل ذلك، وسأذهب إلى المكان الفلاني.." نسمعها كثيرا في الشّهر الفضيل، إلى آخره من المشاريع المؤجّلة إلى ما بعد رمضان. ..سلوكات تتغير بمجرد انقضاء الشهر أوضح عبد العزيز، أنه بمجرد انتهاء الشهر الفضيل تتغير الموازين، إذ سيعود الناس إلى كسر بعض القيود التي خطتها روحانيات الشهر الفضيل، ومنها الاستماع إلى الأغاني، ومشاهدة الأفلام والتجوّل في المراكز التجارية، واللّهو واللّعب بما يأتي على ساعات اليوم كلّه، عندها لن يجد الشخص متنفسا لممارسة بعض العادات الجميلة التي كان يمارسها خلال الشّهر الفضيل كالصّلاة في أوقاتها والدّعاء وقراءة القرآن، كما أنّ المساجد التي كانت تفيض بالمصلين خلال رمضان، ستتحوّل إلى مكان شبه خالي، بسبب انشغال الناس عن الأمور الدينية، والاهتمام أكثر بكلّ ما هو دنيوي، وأكّد المتحدث أنّ هذه السّلوكات غير جديدة لأنّها تعود بعد انقضاء الشهر الفضيل كلّ سنة. أمّا خالد فقال أنّ شهر رمضان له خصوصية تامة وطقوس جميلة لا تبرح تفاصيلها الذاكرة، خصوصا داخل الأسرة التي تجتمع على مائدة واحدة، ورمضان يمضي في أجواء لا مثيل لها، وهو ما يفرض تأجيل العديد من المشاريع الحياتية والأعمال التي كانت ستبعد الشخص عن أسرته وأقاربه في شهر رمضان، وأشار إلى أنّه بعد انقضاء أيام رمضان، يبدأ البعض في تنفيذ الأفكار المؤجلة، ويجري الناس خلف مشاغلهم، وبذلك تصبح التفاصيل الرّمضانية التي غرسها الشّهر الفضيل في نفوسهم في خبر كان. أمّا صارة، فقالت أنّ المسلمين عامة يحرصون على قضاء رمضان في محيط أسرهم، لما في ذلك من لذة وسعادة وراحة يشعر بها الشخص، لذا تجد خلال الشهر الفضيل، المجالس عامرة، ومطاعم الرحمة وعابري السبيل في جميع الطرقات والبلديات، راسمة أرقى صور التكافل والتراحم، والتقارب بين أفراد المجتمع، والكلّ يعمل جاهدا إلى فعل الخير ورضا الربّ سبحانه وتعالى بشتى الطرق، لكن وبمجرد انقضاء أيّام الشّهر الفضيل، تتغيّر هذه السّلوكيات لدى كثير من الأشخاص، وتتبدّل أولوياتهم، فيهجرون هذه العادات ويميلون إلى أيام ما قبل رمضان. .. الزواج..العمل والعطل أهم المشاريع بعد رمضان ساهمت الأجواء الروحانية والرمضانية في استبدال الكثير من الأولويات وفي تأجيل العديد من الأعمال والمشاريع التي يود الأشخاص القيام بها، ومنها الزواج الذي يؤجله البعض إلى ما بعد شهر رمضان، خصوصا وأن مراسم الفرح وطقوسه كما يراها البعض لا تتناسب مع الأجواء الرمضانية، ناهيك عن السّفر بعد الزواج، بقصد قضاء شهر العسل، وبالتالي فقد حرص العديد من الأشخاص المقبلين على الزّواج، والأيام التالية ستشهد حتما زيادة نسبية في حفلات الزّواج. من جهة أخرى هناك من فضل العمل في رمضان وأخذ عطلة بعده لاغتنام فرصة موسم الاصطياف والسّفر، أو قضائها على شاطئ البحر، هذا ما أكّده يونس الذي قال أنّه سيكون في عطلة بعد انقضاء الشهر الفضيل، للاستمتاع بالصيف والبحر، بعد تعب كبير خلال الصّيام، من جهتها قالت حميدة وهي صحفية، أنّها سطرت برنامجا بعد الشهر الفضيل قائلة" الأمر الأول هو أخد عطلة، لأنها متعبة من ضغط العمل الذي كان كبيرا خلال هذا الشهر، نظرا لطبيعة عملها التي ترتبط بالمجتمع وأحوال الناس خلال رمضان، وبعد ذلك قالت بأنّها ستشرع إن شاء الله في إتمام دراساتها العليا، فأنا أفكّر في التسجيل بالجامعة لدراسة تخصّص آخر، إلى جانب التسجيل في إحدى المدارس الخاصة لتعلم اللغات". أمّا نسرين فقالت "سأعود إلى العمل بعد أن كنت عطلة خلال رمضان، كما سأحضر العديد من حفلات الأعراس التي ستكون بكثرة بعد الشهر الفضيل". .. تقلبات الليل والنهار ويشار إلى أنّ هناك جملة من العادات والطقوس التي اعتاد الناس على ممارستها في رمضان، ومنها السّهر الذي يميّز ليالي رمضان، ويغيّر موازين اللّيل والنّهار ويحدّ من الإيجابيات والإنجازات في حياتنا، لكن وفور انقضاء الشّهر الفضيل، سيجد الشّخص نفسه أمام تغيّرات جذرية، لابد أن يتعامل معها بمرونة واتزان حتى يتغلّب على تأثيراتها السلبية، فالبعض يجد في الأيام الأولى من بدء العمل صعوبات بالغة في تنظيم الوقت، وآخرون يجدون صعوبة مطلقة في النوم مبكرا، ما يورثهم القلق والإرهاق والتعب لأيام قبل أن يعتاد الروتين الذي كان عليه قبل رمضان.