آمنة/ ب ما إن دنا شهر الصيام حتى توافد المواطنون على الأسواق والمحلات لاقتناء اللوازم والحاجات الغذائية الضرورية لهم، إلا أن الارتفاع الذي تعرفه الأسعار وخصوصا في هذه الفترة من السنة، مقابل القدرة الشرائية المحدودة، دفعت بالكثيرين للتوجه إلى طاولات الأسواق الفوضوية لاقتناء مواد غذائية مشبوهة ومشكوك في تأثيرها السلبي على الصحة، فقط لأنها أقل ثمنا من نظيراتها. كل ما يخطر ببال المستهلك أو يجول في خاطره مرصوص على الطاولات في قارعة الطرقات، الأجبان الرومية والبيضاء بأنواعها وأشكالها، مايونيز، تونة، زبدة، مارغارين، شوكولاطة، وغيرها من المواد الغذائية تباع تحت أشعة الشمس الحارقة لمواطنين بسطاء غرهم ثمنها البخس ودفعهم لاقتنائها وتزيين موائدهم الرمضانية بمواد قد تكون قاتلة. أثناء جولة استطلاعية قادتنا إلى أسواق العاصمة، اكتشفنا الإقبال الكبير على طاولات الموت بمحاذاة سوق "كلوزال"، حيث تصطف الطاولات مرصوصة بشتى السلع الاستهلاكية، ويكتفي أصحابها في الاحتماء من أشعة الشمس الحارقة بشمسية كبيرة، بينما الموضع الطبيعي لهذه السلع هو الثلاجات المضبوطة على حرارة معينة، لكن ورغم ذلك عرفت هذه الأخيرة إقبالا كبيرا، حيث لاحظنا إقبال المواطنين على شراء كميات كبيرة من الأجبان وعلب التونة وغيرها من المواد الاستهلاكية لتخزينها إلى غاية حلول شهر الصيام، حيث أكدت إحدى السيدات بأن شهر رمضان له متطلبات خاصة، و تعتبر الأجبان على رأس الأولويات التي نحتاجها من أجل إعداد "البوراك" وكذلك التونة"، وأضافت السيدة "نحن نسعى للتقليل من المصروف خلال رمضان من خلال تخزين بعض المواد الاستهلاكية، حتى لحوم الدجاج والديك الرومي واللحوم الحمراء، خزنت الكثير منها لأتجنب الغلاء الفاحش الذي تعرفه مختلف السلع الاستهلاكية خلال الأسبوع الأول من شهر الصيام، فيما عبرت أخرى عن استيائها من الارتفاع الفاحش الذي تعرفه أسعار الخضر قبيل رمضان، حيث بدأت تشهد ارتفاعا تدريجيا، لتصل إلى أوجها خلال الأسبوع الأول من الشهر الفضيل، نفس السيناريو نعيشه كل سنة "، وفيما يتعلق بشراء السلع الاستهلاكية من على الطاولات، أكدت السيدة أنها تفضل إلغاء بعض السلع الاستهلاكية من على مائدتها على أن تعرض صحة عائلتها لخطر التسمم والموت، وأضافت " اللي يغرك رخسه ترمي نصه". مصطفى زبدي رئيس جمعية حماية المستهلك: الأسواق الفوضوية تبيع السموم للمواطنين عبّر مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية المستهلك في تصريح للحوار، عن أسفه الشديد حيال ظاهرة بيع المنتجات سريعة التلف على الطاولات وفي قارعة الطرقات، على غرار الحليب ومنتجاته المشتقة من أجبان وزبدة ومارغرين، فضلا عن البيض والمايونيز وغيرها من المواد الغذائية الحساسة وهي معرضة لدرجات عالية من الحرارة، ما يجعلها تهدد صحة المستهلكين بسبب تكاثر الجراثيم فيها والذي يؤدي إلى تلفها، وعليه أشار مصطفى زبدي إلى ضرورة تحلي المستهلكين بالوعي وأن يكون الجميع مدركا للمخاطر الجسيمة لهذه المواد. وفي السياق ذاته، أشار رئيس جمعية حماية المستهلك، أن اللوم لا يقع على عاتق المستهلك والتاجر وفقط، وإنما يتحمل مسؤولية هذه الظاهرة الخطيرة كل من يقوم بتمويل هذه الأسواق الفوضوية من مصنعين وتجار الجملة لأنهم يقومون ببيع منتجات غير معروفة بأثمان أقل مقارنة بالمنتجات التي تباع بالمحلات. أما بالنسبة للحوم المجمدة والمستوردة، فقد أشار مصطفى زبدي، بأن اللحوم على العموم سواء كانت عبارة عن لحوم حمراء أو دواجن، فإنه يتعين نقلها وحفظها وتخزينها في درجة حرارة مناسبة وإلا فإنها تتحول إلى سموم حقيقية، وذلك ينطبق على اللحوم المجمدة أيضا، فإذا تقطّعت درجات الحرارة المناسبة على اللحوم، سواء كانت من الداخل أو مستوردة من الخارج، فإنها تصبح غير صالحة للاستهلاك، ويتضح ذلك من خلال المعاينة العينية لهذه المنتجات، حيث أشار إلى أنها كفيلة بالتمييز ما إذا كانت هذه اللحوم محافظة على صلاحيتها أم لا. أما بالنسبة لطريقة ذبح اللحوم المجمدة والمستوردة، فقد أشار رئيس جمعية حماية المستهلك إلى وجود تطمينات من طرف المؤسسات المستوردة للحوم، ولكنه أوضح في الوقت نفسه، بأنه لا يمكن الجزم إذا ما كانت هذه المواشي تذبح وفق الشروط الإسلامية والصحية المنصوص عليها، وذلك لأن جمعية حماية المستهلك طالبت بإرسال أعضاء من طرفها لمعاينة طريقة الذبح إلا أنها لم تتلق إجابة إلى حد الساعة، وعليه لا يمكن التأكيد للمستهلكين ما إذا كانت هذه اللحوم تستوفي الشروط أم أنها ليست كذلك. الحلويات واللحوم المفرومة تسبب الآلاف من حالات التسمم أفادت مديرة الوقاية الاجتماعية والبيئة بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، بأنه يتم تسجيل ما بين 3.000 إلى 4.000 حالة تسمم غذائي سنويا على المستوى الوطني، حيث أشارت الدكتورة سامية عمراني، خلال ملتقى جهوي تكويني حول المراقبة البكتيولوجية والفيزيوكيميائية للأغذية ومياه الشرب والسباحة وتقنيات أخذ العينات لمياه السباحة، أن 60 بالمائة من هذه الحالات التي تحدث خصوصا في فصل الصيف ناجمة عن تسممات جماعية من خلال مناسبات كالأعراس والوعدات وغيرها، و40 بالمائة المتبقية من المطاعم. وأشارت المتحدثة ذاتها، إلى أن الوزارة الوصية تولي ضمن إستراتيجيتها اهتماما كبيرا لمواجهة أخطار التسممات الغذائية من خلال برمجة سلسلة من الدورات التكوينية الجهوية لفائدة أطباء الوقاية وتقنيي المخابر، مؤكدة على ضرورة تكثيف عملية المراقبة على المرطبات والحلويات واللحوم المفرومة التي يكثر عليها الطلب خلال فصل الصيف، وبخصوص الأمراض المتنقلة عن طريق المياه فقد أبرزت المسؤولة ذاتها، بأنها تراجعت بنسبة كبيرة في الجزائر باستثناء بعض الحالات بعدد من الولايات والتي تم التحكم فيها، مشددة أن عمليات المراقبة ذات الصلة بهذا الجانب لا تزال جارية. كما أوضحت رئيسة مصلحة التحاليل البكتيريولوجية للمياه والأغذية، بمعهد باستور بالجزائر العاصمة، الدكتور موفق فوزية، أن المعهد يستقبل سنويا حوالي 11 ألف عينة لمختلف الأغذية كاللحوم، و10 ألاف عينة للمياه، كالمياه المعدنية ومياه السباحة وغيرها لولاية الجزائر وبعض ولايات الوطن.