بما أن أغلب وزراء الدول المتقدمة يعيشون حياة عادية وتخلو من الرسميات والبروتوكولات بعد ما وصل فكر شعوبهم الى أن يعتبر أن الوزراء والرئيس إنما هم موظفون عندهم لا غير، ويستطعون تغييرهم في أول إنتخابات قادمة.. . وحتى أُعطي هذا الانْطباع في هذه القوة الإقليمية التي أنا وزير في حكومتها قررت التخلي عن كل الرسميات وأن أبدأ اليوم ممارسة حياتي بطريقة عادية جدا خاصة في عملي. أمرت الحراس والسائق أن ينصرفوا، وركبت سيارتي متوجهاً إلى عملي. وأثناء تواجدي ومع الازدحام الشديد، كنت أراقب من تحت نظاراتي السوداء رَدّةَ فعل المواطنين الذين تعرفوا عليّ، فكانت علامات الدهشة والحيرة والسخرية واضحة عليهم، ومنهم من أخرج هاتفه ليلتقط صوره لوزير في الازدحام… تباً…وصلت العمل حييت كل عمال الوزارة فاحتاروا من هذا التصرف.. وفي منتصف النهار خرجت لتناول الغداء بصفة عادية في أحد المطاعم التي يرتادُها عمال الوزارة ما إن دخلت المطعم حتى صاح صاحبه : سيادة الوزير عندنا ….تفضل… تفضل …"فطورك خالص من عندي" …قلت لالا ..قال : " بلحرام غير خالص من عندي "…ياسيدي الوزير …خرجت متوجها إلى المقهى، دخلت، الكل ينظر باستغراب وحيرة ،والغمز والهمز "دار حالة"…تشجع أحدهم وقال سيد الووو…الوزير "ماعليهش اندير أمعاك سالفي.." ؟.."قتلو نورمااال واشبيك اكمبليكسي".. .وآخر قال: " قهوة سيد الوزير راهي خالصة اليوم وغدوه" …وتسائل أحد الحاضرين بصوت خافت كيف لوزير أن يدخل مقهى ويمشي بين الناس بلا حرس ولا وفد؟..خرجت من المقهى سمعت أذان صلاه الظهر ينبعث من المسجد المجاور للوزارة فقلت في نفسي لم لا أصلي ياجماعة؟…دخلت وإذا بالإمام يلمحني فيأتي مهرولاً: تفضل ..تفضل سيدي الوزير …الصف الأول يليق بمقامك العالي …تعجبت …وما أن سلم الإمام حتى التف من حولي جمع غفير..هذا عندو ملف عمليه جراحيه والآخر "عندو ملف نسيبتو باش اداوي في الخارج" والآخر "جاب ملف أونساج " .."الفايدة لاه حيحايه كبيرة"……بعد نهايه العمل، وكنت أنا آخر المغادرين للوزارة، أردت الترجل في شوارع المدينة فلاحظت الماره وسمعت من يقول …"واش بيه هذا حاسب روحو في أوربا..واش بيه اترك كل الرسميات والتشريفات والحطه وجا يتجول في المدينه ….ااااواه هذا مهبول رسمي .." تأكدت أنهم يرفضونوني ويرفضون تصرفاتي هذه، ويرفضون أن يرو مسؤلا ساميا بينهم وأن بداخل كل مواطن فرعونا صغيرا ما إن تُتاح له الفرصة حتى اخرجه …يجبرونك على أن تكون متجبراً متعالٍ، يصنعون منك فرعوناً… فجأة تسلل صوت خافت إلى سمعي وهو يقول أيها الفقير "تحلق لحيه ولاّ اشعر" ..إنه دورك …. .قلت آآآه لوكنت وزيرا