بقلم: الشيخ لخضر لقدي طوبى لمن عبد الله حق العبادة وراقبه حق المراقبة، فصام شهره خالصاً لله رب العالمين، وصانه من الشوائب وحفظه من السفاسف والمعايب، كان نَهاره صدقة وصيامًا، وليله قِراءَةً وقيامًا، لهج لسانه بالذكر والدعاء، ولف قلبه الصفاء والنقاء، قرأ القرآن وتدبر معانيه، وقام بالليل يصلي لله ويناجيه. ها هو شهر الخير قد قوضت خيامه، وتصرمت أيامه، فحق لنا أن نحزن على فراقه، وأن نذرف الدموع عند وداعه. فالسلام عليك يا شهَر التَّجاوز والغُفْران، ويا شهر البركة والإحسان والأمان، كنت للعاصين حبسًا، وللمتقين أنسًا. ليت شعري، هل تعود أيامُك أو لا تعود؟ وهل إذا عادت أيامُك، فسنكون في الوجود، وننافس أهلَ الركوع والسجود، أو سنكون قد انطبقت علينا اللُّحود، ومَزَّقَنا البِلَى والدود؟ الأعمال بالخواتيم: ودع شهرك بخير ختام، فإنما الأعمال بالخواتيم، فإن كنت محسناً في شهرك فعليك بالإتمام، وإن كنت مسيئاً فعليك بالتوبة والمبادرة إلى الصالحات قبل انقضاء الآجال. ولتكن بوصلتك محكمة التوجيه، تأخذ بآي القرآن، وتقتدي بخير الأنام، وتستنير بسيرة السلف الكرام. من وحي آية: قال سبحانه: "ولِتُكمِلُوا العِدَّةَ ولِتُكَبِّرُوا اللهَ على ما هَدَاكُم ولَعَلَّكُم تَشكُرُون". البقرة 185 أكمل العدة تسعا وعشرين أو ثلاثين إن لم تكملها أداء لعذر المرض أو السفر كي لا يضيع عليك أجرها، وداوم على صلواتك وصيامك وقيامك وتلاواتك وصدقاتك حتى يهل هلال شوال. وكن من أهل الوفاء، فكما حافظت على الصلاةِ، وذرفت الدمع بين يدي ربك في رمضان، فهلا بَقِيْتَ على هذه الحالة بقيةَ عمرك وفي سائر عملك. من توجيه البشير النذير: ليكن قدوتك نبيك القائل في سيد الاستغفار: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ. ليكن شعارك ولسان حالك ومقالك: يا رب يا سيدي ومولاي أنا مقيم على الوفاء بعهد الميثاق وعلى ما عاهدتك عليه وواعدتك من الإيمان بك وإخلاص الطاعة لك ما استطعت، موقن بوعدك يوم الحشر والتلاق ما استطعت. من سيرة خير سلف: كتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار يأمرهم بختم رمضان بالاستغفار وصدقة الفطر، فإن الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث والإستغفار يرقع ما تخرق من الصيام باللغو والرفث. لطائف المعارف لابن رجب (ص: 214) من جمال الدعاء ما يستحق أن يشترى بماء العين: اللهم إن في تدبيرك ما يغني عن الحيل، وفي كرمك ما هو فوق الأمل، وفي حلمك ما يسد الخلل، وفي عفوك ما يمحو الزلل، اللهم فبقوة تدبيرك وعظيم عفوك وسعة حلمك وفيض كرمك، أسألك أن تدبرني وذريتي بأحسن التدابير، وتلطف بي وتنجيني مما يخيفني ويهمني، اللهم لا أضام وأنت حسبي، ولا أفتقر وأنت ربي، فأصلح لي شأني كله، ولا تكلني لنفسي طرفة عين، ولا حول ولا قوة إلا بك.