في الجزء الأول من حوارنا معها، ذكرت لنا الإعلامية مايا سبب عدم تفضيلها لبرامج التواصل الاجتماعي, كما أكدت أن قيمة الإعلامي بما ينتجه من مواد إعلامية وبأخلاقه المهنية, أما في الجزء الثاني من حوارنا معها فذكرت ذات المتحدثة ضمنيا قرار الابتعاد عن الظهور التلفزيوني يبقى واردا، لكن سيكون برغبة شخصية منفصلة عن قرار الزواج. سر النجاح والاستمرارية في مجال الإعلام؟ هو نفسه سر النجاح والاستمراريّة في جميع المهن: الشغف. لكن من المهم أيضاً في مجال الإعلام محاولة التفكير "خارج الصندوق"، أي محاولة تقديم أفكار ومقاربات إعلاميّة جديدة بدل الاعتماد على ما هو تقليدي ومستهلك.
هل يمكن لقرار الزواج أن يبعدك عن الأضواء؟ قرار البقاء أو الإبتعاد عن الظهور التلفزيوني هو بالنسبة لي قرار منفصل عن قرار الزواج. لا أحبذ المقاربة التي تصوّر العمل كعائق في حياة المرأة الزوجية أو قرارها بالإنجاب، لأن هذه السرديّة عادةً ما تُستخدم لوأد طموحها المهني. نعم قد أختار في مرحلة ما الابتعاد عن الظهور التلفزيوني مثلاً والتركيز على الصحافة المكتوبة التي أحب، أو على مشاريع أخرى، لكن ذلك سيكون برغبة شخصيّة مني منفصلة عن قرار الزواج.
ماذا أخذت منك الشهرة، وماذا منحته لك؟ في الحقيقة، لا أعتبر بعد أنني حققت "الشهرة"، ولم تكن يوماً هاجسي أو مُحركي، لذا أتمنى أن تسمحي لي أن أستبدل في السؤال كلمة "الشهرة" ب "الإعلام". وإن كان المرء يحب عمله، فكل ما يمكن أن "يأخذه" منه يعود و"يمنحه" له. انطلاقاً من هذه الفكرة، لعل أهم ما منحني إياه الإعلام حتى اليوم هو المنابر لصنع وعرض مادة إعلاميّة حقوقيّة. ففي لبنان مثلاً كنتُ أحاول أن أنتج خطاباً إعلامياً مضاداً للخطاب السائد وللإيديولوجيات المُهيمِنة في المجتمع اللبناني من طائفيّة وطبقيّة وذكوريّة وعنصريّة، بالإضافة إلى محاولة الإضاءة على قضايا الفئات المُهمّشة اجتماعياً كالنساء والشباب وذوي الاحتياجات الخاصّة. وجدتُ في ذلك مردوداً معنويّاً لا يُمكن وصفه.
ما هو انطباعك الأول بعد سماعك لاسم بلد الجزائر؟ الجزائر تكرسّت في وعينا العربي بلداً مقاوماً للاستعمار الفرنسي بكل عزّة. بلد "المليون شهيد" أرسى نموذجاً يحتذى به حول قدرة الشعوب على مقاومة المُستعمِر والتغلّب عليه والاستقلال عنه، نضعه نصب أعيننا كلما شعرنا باليأس والعجز، وهو الذي ضاق الأمريّن من الاستعمار نراه اليوم من أكثر الشعوب العربيّة مناصرةً ودعماً للقضايا المحقّة وعلى رأسها القضيّة الفلسطينيّة. كامرأة، الجزائر قدمّت لي أيضاً مثالاً لامرأة مناضلة نفخر جميعنا بها: الجميلة جميلة بوحيرد.
هل تفكرين في زيارتها؟ طبعاً، أتشرّف بزيارة الجزائر، وأتمنّى ذلك. كما تعنيني جداً فكرة زيادة التواصل الثقافي بين المشرق والمغرب العربي.
بعيدا عن الإعلام.. كيف تقضين أوقاتك؟ أنا بالواقع "بيتوتيّة" بعض الشيء، فغالباً ما أمضي وقت الفراغ في البيت بالقراءة والكتابة، وهو بالحقيقة بشكل أو أو بآخر امتداد للعمل الإعلامي. فالجميل والمُتعِب معاً بمهنة الإعلام أنه ليس بالعمل الذي ينتهي بانتهاء دوامه، بل هو أشبه ب "أسلوب حياة" وامتداد ذهني يرافقك في جميع الأوقات. كذلك كثيراً ما أحب أن أزور المعارض والعروض الفنيّة والمتاحف. وفي أوقات أخرى طبعاً أحب أن أخطط للمشاريع مع الأصدقاء.
على عكس الفتيات العاديات اللواتي يحلمن بيوم فرح فخم.. تفضل كثير من النجمات حفل زفاف بسيط، كونهن مللن من الظهور المكثف تحت الاضواء, كيف ترى مايا الموضوع؟ للأسف أنّ ثقافة الاستهلاك تسللّت عميقاً إلى وعينا وأفكارنا وعلّبتها، حتى باتت الكثيرات من الفتيات، والرجال حتى، يحلمون ويفكرون بحفل الزفاف أكثر بكثير من الزواج نفسه، ويحضرّون للعرس أكثر مما يحضرّون لمواجهة التحديّات التي تنتظرهم في هذه المؤسسة. بالنسبة لي لا تشغلني قصة الزفاف وتفاصيله أبداً. ما يعنيني فقط هو مرحلة "ما بعد الزفاف"، أي أن أنجح بتجربة الزواج إن قررتُ يوماً خوضها.
ما هي صفات فارس الأحلام؟ أعتقد أنه من الأفضل لنا كنساء أولاً أن نتحرر من سطوة فكرة "فارس الأحلام" ورومانسيتها. ليس هناك من رجل قادم على الحصان الأبيض لتحقيق أحلام المرأة. هذه ثقافة "سندراليّة" (نسبةً إلى سندريلا). المرأة قادرة أن تجتهد لتحقيق أحلامها بنفسها، وأن تجد بالمقابل الشريك القوي الداعم القادر على مشاركتها الحياة بحلوها ومرها، والذي لا يخشى نجاحها بل يفخر ويزدان به.
الحياة في كلمات؟ مهمة حياتنا أن نوجِد للحياة معنى، وتركة تدوم بعد رحيلنا عنها.
الشهرة في كلمات؟ سُلطة مضلِّلة، إن لم يتحلَّ صاحبها بالحكمة.
رسالتك عبر جريدة "الحوار"؟ أتوجه عبر جريدتكم الكريمة بتحيّة كبيرة للشعب الجزائري الجميل. عسى أن نلتقي يوماً في الجزائر. وأشكركم على هذه المقابلة. وكل الشكر لكِ سارة. الجزء الثاني والأخير حاورتها: سارة بانة