كما تعود المشاهد العربي منذ زمن على الابداع و التميز من الشاشة العربية السورية، وهذه السنة كان الابداع مزيجا عبقريا بين الادب و الفن، وبين الانا العربي و الاخر الغربي، لكن نقاط التقاطع واحدة، فحين تجتمع شاعرية محمود درويش ورؤيا قابريالقارسيا يصبح للفراشات اثر على الحب في زمن الكوليرا، ويولد العمل الدرامي السوري الذي تدور احداثه ما بين 1979و 2019، بتجسيد ينتقل بين مرحلتين زمنيتين عبر الاسترجاع الزمني من خلال ثلاث شخصيات أساسية ثابته “عبد الهادي الصباغ، سمر سامي، بيار داغر” ليتقابلوا في مرحلة الشباب مع طارق صباغو لين غرة وياسر البحر على التوالي، و تشاركهم البطولة نورا رحال، وسيف الدين السبيعي، وعلاء قاسم، ومحمد قنوع، وروبين عيسى، ومرح جبر ورباب كنعان، ووائل أبو غزال، ومن الشباب هبة زهرة ولبابة صقر ومروة الأطرش ويارا دولاني، وسواهم، بينما يحل مظهر الحكيم ضيف شرف على العمل، العمل من اخراج زهير قنوع و انتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي، وكتابة نص من طرف محمود عبد الكريم. ويعرف ان قابريالقارسيا قد رفض مرارا تحويل روايته “الحب في زمن الكوليرا” الا ان العمل جاء واضحا كونه مستوى من الرائعة العالمية لقارسيا، والتي حورت بما يتناسب مع المجتمع السوري العربي اذ صورت احداثه بين دمشق و محافظة طرطوس، اما عن الحب في زمن الكوليرا فيعتمد غارسيا على مثلث أساسي قائم على شخصيات «فلورنتينو أريزا» الشاعر وعامل التلغراف الذي يقع في غرام «فيرمينا دازا» المراهقة الحسناء والعنيدة، لكنها على رغم مبادلته المشاعر، تتزوج قهراً من الطبيب «جوفينالأوربينو»، في أحداث تمتد خمسين سنة بين 1880 و1930، في فترة لا يخبو فيها العشق بين المحبين، بل يتحدى الزمن واضعاً في النهاية شروطه الخاصة في «الحب لأجل الحب»، ولو بعد حين، وقد لاقت الرواية رواجا كبيرا و دراسات نقدية مميزة سعت الى السمو بالعمل لدرجة محاول تغيير عنوانه بما يتناسب و العديد و الاذواق، لدرجة أن نقاداً كثراً أطلقوا عليها عنوان «حب في زمن الشيخوخة»، وقد حمل المسلسل عنوان كان لديوان وقصيدة الراحل محمود درويش، و هذا اسقاط واضح على كون المحبة التي كان يعبر عنها دائما الدرويش وسط الحب، و العمل جاء ليقضي على العنف و بشاعة الحياة التي شهدتها سورية بالحب. ويظهر ان مسلسل أثر الفراشة اتصال بالحياة الواقعية بصورة رومنسية، ودعوة صارخة واضحة للحب، يظهر تقديرا خاصا لكل انثى تجرعت الظلم، والقهر، والغصب، والتحرش، والعبودية، والاقصاء، والخوف، والاعتداء، والابتزاز، وغيرها من الممارسات الذكورية المهينة التي لم تتوقف في حق حواء حتى اللحظة، كما يظهر العمل الرجل الشرقي بصفته الصادقة المخلص في حبه، ويعتبر العمل في هذه الفترة رسالة ثورة عاطفية لتصبح الدنيا اقل احباطا وبشاعة، ويؤدي الفنان اللبناني بيار داغر دور فؤاد الشخصية الرئيسة التي تعيش علاقة عاطفية ودافئة مع امرأة يجبرها أهلها على الزواج من رجل آخر، قبل ان يلتقيا في ظروف مختلفة، وفؤاد رجل غني جداً وصاحب مبادرات انسانية وأعمال خيرية كثيرة، اما الفنانة نورا رحال فتجسد شخصية ايمان والتي هي امرأة تعرضت لظلم كبير في شبابها من قبل رجل كان شديد السوء معها، يدخل حياتها رجل آخر بكثير من الحنان، على أن يعوضها ما فاتها وينسيها كل الأسى الماضي. وعلى رغم وداعتها، هي قادرة على التحول الى العنف حين تصل الأمور إلى نفائسها، كمواجهتها بقوة محاولة زوجها الأول أخذ ابنتها منها وإعلامها بأنها ابنته، اما الفنان علاء قاسم شخصية حكيم الفنان التشكيلي يعيش قصة حب جارفة مع زوجته في عائلتهما الصغيرة التي تضم طفلاً رضيعاً. يكتشفان في لحظة درامية متوهجة إصابة الزوجة «ربى» (روبين عيسى) بمرض عضال، ما ينعكس على حياته وفنه وعمله وطموحاته وأحلامه، اذ يشهد حكيم منعطفا حادا بسبب هذا، يتغير مصير الشخصية بإرادة منها وبمطلق النبالة، بما ينسجم مع حجم حبه لزوجته، بالتناسق مع بيئة العمل التي تشكل نسيجاً لعدد لا بأس به من خيوط الحب والشغف، بلغة بصرية وشكل فني خاص يحوي مضموناً درامياً مليئاً بالحب، اما شخصية ميسون من تجسيد لبابة صقر، والتي هي صبية عشرينية فقيرة تسكن مع والدتها المريضة بمفردهما، تدرس في كلية الفنون الجميلة حيث لديها قدرات إبداعية، يحدث التصاعد في خطها عندما تخسر الفوز الذي تستحقه بإحدى المسابقات، وجائزتها المالية التي تريدها لعلاج والدتها، بسبب نفوذ والد زميلتها المقربة، عندما يستخدم «الواسطة» لتربح ابنته. سماتي آمنة