قامت الدنيا ولم تقعد بسبب ما سمي لاحقا بالأزمة بين حزب الله اللبناني والحكومة المصرية، حتى أنها أصبحت قضية رأي عام، ليس في قاهرة المعز وحدها بل تعداها إلى عواصم أخرى، لتجند أرمادة إعلامية عربية وراءها، جعلت العديد من ''العربان'' تنسى وصول حكومة يمينية إلى السلطة في دولة الكيان الصهيوني رغم أن ''دين'' اليمين واليسار واحد فيما يتعلق بدماء الأبرياء، وتتغاضى عن تصاعد وتيرة تهويد القدس. وتغفل عن تكليف الملك الأردني عبد الله لتبليغ رسالة أعراب قريش إلى رب البيت الأبيض بخصوص النظرة العربية إلى السلام في الشرق الأوسط، وتتجاهل تحضير واشنطن للعودة إلى الصومال لحجج عديدة، لعل أهمها محاربة القرصان الأكبر للمتطفلين على القرصنة في القرن الإفريقي لسد الرمق والتمتع بنبتة ''القات'' المخدرة وغير المسكرة. المهم أن الكثير استغرب هذا التعامي العربي العام، مرة بحجة الخوف على أمنه القومي من حزب الله لا من إسرائيل، ومرة بالخوف على أمنه الروحي بالخوف من أقلية شيعية في العالم لا من أكثرية مسيحية متصهينة تعمل على تنصير الشعوب العربية المسلمة، وإخراجهم من عبادة الواحد الأحد إلى عبادة الثالوث في واحد، رغم أن أمريكا صريحة في مواقفها، فهي تحترم إيران وتقدرها، وتخاطب العرب والمسلمين من مقر الخلافة العثمانية، وعلى بعد أمتار من الحدود العربية، بل وتبذل الغالي والنفيس من أجل تحييد حزب الله والمقاومة من أجل ربيبتها إسرائيل، وهو ما لا يساوي عشر معشار ما تتظاهر تقديمه إلى عرب الشرق الأوسط مجتمعين. وبالله عليكم، أيهما أولى بالحرب، التصهين أم التشيع؟ المقاومة أم الاستسلام؟، الأجنبي أم ابن العم؟، ومن أراد المزيد فعليه بسماع الأغنية الأخيرة التي أداها مجرم الحرب شمعون بيريز يقول في مطلعها ''من الأحسن أن تتقاتل مصر وحزب الله بعيدا عن إسرائيل''، والتي يهز على أنغامها كثير من العرب أردافهم، بعيدا حتى عن الحسابات الرياضية لفن الرقص.!