يشهد المغرب في الآونة الأخيرة تسارعا مريبا في وتيرة سن تشريعات تجهز على الحقوق والحريات وتقصي الهيئات المدنية والحقوقية المعنية من دورها في التبليغ عن جرائم الفساد, مقابل سحب قوانين أساسية لمكافحة لصوص المال العام, في مؤشر خطير على تكريس حماية منظومة الفساد ومنع أي رقابة فعالة. ووصف عضو المكتب التنفيذي للفضاء المغربي لحقوق الإنسان, عبد الحق بنقادي, هذا المسار بأنه "انحراف تشريعي خطير وممنهج" يهدف الى "حماية منظومة الفساد ونهب المال العام ومنع أي رقابة ولو كانت جزئية وبسيطة للمجتمع المدني". و أشار الى أن هذه السياسة التشريعية الجديدة "تخدم ثلاث غايات أساسية : أولها الإجهاز على الحقوق والضمانات الدستورية, وثانيها شرعنة الإفلات من العقاب عبر تعطيل أدوات المحاسبة والرقابة, وثالثها ضرب القدرة الشرائية للمواطنين, في ظل صمت رسمي عن التهرب الضريبي والريع والصفقات المشبوهة, في الوقت الذي يبرر فيه تبديد المال العام بمشاريع ذات صبغة استعراضية دون ضمان الشفافية أو المحاسبة". وقال المحامي المغربي أن "السياسة التشريعية الحالية تتسم بسرعة جنونية ومنحرفة في سن عشرات القوانين (...)", مسجلا في المقابل وجود "سياسة أخرى تعتمد سحب قوانين جوهرية خصوصا تلك التي تهدف إلى محاربة الفساد و اختلاس المال العام, كما هو الحال لقانون الإثراء غير المشروع, في ظل صمت رسمي عن تداعيات ذلك على شفافية التدبير العمومي". و اعتبر أن مشروع قانون الاجراءات الجنائية الذي يقيد حق المجتمع المدني في تقديم شكاوى تتعلق بحماية المال العام, "يخالف مواد من الدستور المغربي و اتفاقيات دولية ذات صلة بمكافحة الفساد وتعزيز دور المجتمع المدني الرقابي", مشددا على أن تجميد ما يسمى "الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد والتستر على خروقات فاضحة شابت صفقات عمومية ضخمة التي مرت دون محاسبة, زاد الوضع سوءا". كما نبه ذات المتحدث الى أن احدى نتائج "هذا الانزلاق" التشريعي تتمثل في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين من خلال رفع الضرائب والرسوم لتعويض العجز الناتج عن نهب المال العام. وفي سياق توالي فضائح الفساد على مستوى دواليب السلطة, تتعالى المطالب بضرورة محاسبة لصوص المال العام والمتسترين عنهم, رغم الترسانة القضائية التي توفر لهم الحماية والإفلات من العقاب. وفي هذا الإطار, أعلن "الحزب المغربي الحر" عن تقديم شكوتين ضد وزير العدل عبد اللطيف وهبي, على خلفية تورطه في فضيحة مع زوجته في معاملة عقارية مزورة, إلى جانب ورود اسمه في جلسات محاكمة لشخصيات نافذة في نظام المخزن متورطة في شبكة الاتجار الدولي بالمخدرات. و دعت ذات التشكيلة السياسية الى فتح تحقيق "عاجل" في هذه الواقعة و اتخاذ ما يلزم من اجراءات قانونية ازاء أي مخالفة ضريبية.