البطولة العربية للأمم ال 26 لكرة السلة /رجال/ الجولة الثانية: فوز كبير للمنتخب الجزائري على نظيره الاماراتي (99-61)    برنامج "عدل 3": أزيد من 870 ألف مكتتب يطلعون على نتائج دراسة ملفاتهم    المستشار الرفيع للرئيس الأمريكي: الولايات المتحدة تولي أهمية بالغة لعلاقاتها مع الجزائر    عدة رؤساء أفارقة يجددون التأكيد على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير    الألعاب الإفريقية المدرسية الاولى /الجزائر-2025/ : المصارع منذر راهي يهدي أول ميدالية ذهبية للجزائر    مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين الجزائر وإيطاليا    الرئاسة تعزّي وفاة ناصر طير    تطبيق صارم للمعاملة بالمثل مع فرنسا    دعوة لحلّ لجنة الصداقة المغربية الصهيونية    الاتحاد البرلماني العربي يدين القرار الصهيوني بدعم ما يسمى ب"السيادة" على الضفة الغربية المحتلة    انطلاق الجامعة الصيفية    عرقاب يستقبل الرئيس المدير العام للشركة السعودية مداد للطاقة-شمال إفريقيا    الاحتلال الصهيوني يهاجم سفينة كسر الحصار المتجهة إلى غزة    وهران : استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    انطلاق مرحلة تأكيد التسجيلات الأولية لحاملي شهادة البكالوريا الجدد    كان "شاهدا وصانعا ومؤثرا" في تاريخ الصحافة الجزائرية    تعزز الجهود الوطنية لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية    الجزائر تشارك في قمة الأمم المتحدة لمتابعة أنظمة الغذاء بأديس أبابا    الجزائر رافعة استراتيجية لتسريع وتيرة الاندماج الاقتصادي القاري    نواب بريطانيون يطالبون بالاعتراف بدولة فلسطين    مشروع السكة الحديدية أم العسل – تندوف: وتيرة إنجاز متسارعة نحو تحقيق الربط المنجمي الكبير    "بريد الجزائر" تحذر من روابط وهمية تروج لمسابقات كاذبة على مواقع التواصل    افتتاح الالعاب الافريقية المدرسية (الجزائر 2025): عروض فنية جزائرية وافريقية تزين الحدث    "تمويل 2025": صالون وطني جديد لتحفيز الاستثمار وتطوير الخدمات المالية في الجزائر    يضبط أزيد من 18 كلغ من الكوكايين ويفكك شبكة إجرامية    وزارة الداخلية تدعو الأولياء إلى مراقبة أبنائهم لتفادي حوادث الغرق    تدخلاً للحماية المدنية خلال 24 ساعة: حصيلة ثقيلة لحوادث المرور والغرق    موجة حر ورعود يومي الاحد والاثنين على عدة ولايات من جنوب وشرق البلاد    اختتام مهرجان الأغنية الوهرانية في طبعته ال16: تكريم الفائزين ولمسة عصرية على النغم الأصيل    جثمان المخرج سيد علي فطار يوارى الثرى بالجزائر العاصمة    الجزائر تحتفي بعبقرية تشايكوفسكي في حفل موسيقي عالمي بدار الأوبرا    بورتس: لا مفر من تحرير فلسطين    إنفانتينو يهنّئ المولودية    وهران: إسدال الستار على مهرجان الموسيقى و الأغنية الوهرانية    هذه الشروط الجديدة للالتحاق بنخبة "الجيش"    استشهاد 1200 مسن نتيجة التجويع خلال الشهرين في غزّة    بديل السكر الشائع قد يسبب تلفا في الدماغ    حملات تحسيسية بالمساحات التجارية في البليدة    حالة تأهب ضد تسمم الأطفال بالمنظفات    سنكون سعداء بتواجد ميسي.. والأمر يعتمد عليه    تحديد موعد لقاءي "المحاربين" ضد بوتسوانا وغينيا    هذا الموعد سيكون بوابة لألعاب أنغولا وأولمبياد داكار    تعزيز آفاق التنمية وإعادة بعث القطاع الحضري    دعوة مفتوحة للمساهمة في مؤلّف جماعي حول يوسف مراحي    فنان بيروت الذي عزف للجزائر أيضًا    21 فيلما روائيا يتنافس على جوائز مهرجان البندقية    الألعاب الإفريقية المدرسية (الجزائر-2025): برنامج ثقافي وترفيهي وسياحي ثري للوفود الرياضية المشاركة    افتتاح واعد مُنتظر هذا السبت بسطيف    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    هذه حقوق المسلم على أخيه..    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    أفشوا السلام بينكم    هذا اثر الصدقة في حياة الفرد والمجتمع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القصبة.. الربوة المنسية التي أدارت لها العاصمة ظهرها
نشر في الحوار يوم 22 - 04 - 2010

القصبة ..أو تلك الربوة التي أدارت لها العاصمة ظهرها تاركة إياها تصارع الضوضاء والضجيج.. هي الآن أشبه بعجوز رحل عنها أبناؤها والواقف على حالها، تبدو له وكأنها عروس من زمن غابر... هي كذلك لأنها مازالت مكسوة بتحف صارعت الشيخوخة والقدم منذ أزل بعيد.
ولعل القصور الشامخة المترابطة وسط أزقتها الجميلة أحد الشواهد الحاكمة بعراقة القصبة، وإن تقلص عددها بسبب غدر أيادي المستعمر الذي حاول طمس معالم الأمة عبر هدم قصورها من جهة، وتعرضها للكوارث التي حلت بالجزائر في الفترة الأخيرة من فيضانات وزلازل من جهة أخرى، ناهيك عن لامبالاة المسؤولين...
هو ما حدث في موقع اسمه القصبة.
التحف العمرانية للقصبة ورغم قدمها اذ تعود الى القرن العاشر ميلادي، إلا أن ذلك لم يكن ابدا سببا ينقص من هيبتها المأخوذة من هيبة دولة الداي حسين وبوابة عروج وخير الدين بربروس او حتى تلك القصور التي شيدها الاستعمار وتحولت بعد الاستقلال الى مراكز تتخذ منها قرارات الدولة الجزائرية المستقلة.
لكن الواقف على حالها، اليوم، يدرك ان القصبة على الرغم من انها ادرجت في سجل التراث العالمي من طرف اليونسكو في 1992 هي الآن تصارع الشيخوخة وقهر الزمن أمام لامبالاة المسؤولين، لتحل ذكرى شهر التراث علينا كما كل مرة، حيث نتذكر هذا المعلم التاريخي الكبير والوعود بتخصيص أغلفة مالية معتبرة لترميمها، لكن الواقع يظهر عكس ذلك تماما لأن هذه الربوة مازالت تتخبط في معاناتها التي أفقدتها بريقها يوما بعد يوم...
رغم ان القصبة تعتبر من أهم المناطق الأثرية في الجزائر، فهي تحمل موروثا حضاريا ممتزجا بثقافات مختلفة، الثقافة الإسلامية والثقافة العربية والثقافة العثمانية. ويتمثل هذا الموروث في نمط العمران والقصبة هي أيضا تلك القصور التي ظلت شاهدا حيا على معالمها الأثرية، منها قصر خداوج العمياء، وقصر الرياس، وقصر الداي ، هذا بالإضافة إلى مجوعة من الجوامع، كالجامع الكبير، والجامع الصغير وجامع كتشاوة.
القصور.. الشاهد الحي على بقاء القصبة
في قلب القصبة وبالضبط في زينقة الرسامين، يطل علينا احد أفخم القصور القديمة التي بناها ملوك القراصنة في عهد الدولة العثمانية في 1575 المعروف بقصر ''خداوج العمياء''. خداوج العمياء هي حكاية من الحكايات التي تزخر بها ذاكرة القصبة وسمي القصر على اسمها كون خداوج تعتبر مالكة القصر بعد ان اشتراه لها والدها حسن الخزناجي العام 1789 من الداي محمد بن عثمان.والمتوغل في أعماق القصر يكتشف أسرارا أخرى كثيرة، فالطابق الأول عبارة عن وسط الدار وهي ساحة شاسعة مربعة الشكل بها عدة عرص تمتد إلى الطابق العلوي، حيث تتوزع الغرف الخاصة بالقصر منها غرفة الملكة لالا خداوج وغرفة العروس التي كانت تجمع بها خداوج أغراضها الشخصية من حلي ومجوهرات وملابس.
أما غرفة استقبال الضيوف، فتتميز عن باقي الغرف من حيث شساعة المساحة ودقة هندستها والتي زينت جدرانها بأشكال هندسية رائعة الجمال.
وفي زنيقة باب السوق يركن قصر مصطفى باشا الذي شيد في مكان كان ملكا لجمعية دينية عرفت باسم ''سبيل الخير''، حيث أمر الخزناجي مصطفى قبل ان يصبح دايا على الجزائر ببناء هذا القصر. وتم تحويل هذا القصر خلال فترة 1863-1848 إلى مكتبة وطنية وصنف كمعلم تاريخي في 1887.
إلى جانب هذا القصر أمر مصطفى باشا بتشييد ''قصر دار الصوف'' في 1798، سمي كذلك كونه كان يستخدم كمخزن للصوف قبل 1830 وتم تصنيفه كمعلم تاريخي في .1887
رغم اختلاف تسمية هذه القصور إلا انها تجمعها خاصية واحدة تتمثل في مخطط تصميم بناياتها، فهي تتشابه في مخططها العمراني، فما أن تدخل قصرا حتى يخيل إليك وكأنك رجعت الى القصر الأول وهو الحال بالنسبة لقصر ''حسين باشا'' الذي شيده الداي حسين في 1791 ويقع هذا القصر في شارع السويدان. الى جانب قصر عزيزة المحاذي لقصر الداي والمعروف سابقا ب''الجنينة''وتحول اليوم الى مقر للوكالة الوطنية للممتلكات الصناعية.
تجمع هذه القصور التي تحتضنها القصبة عناصر معمارية فنية لاتزال قائمة الى يومنا هذا، حيث استخدمت فيها الصناعة التقليدية على مادة الرخام والخشب.
تاريخ القصبة يعيده المنبر الصالح ''مقام سيدي عبد الرحمن''
تاريخ القصبة كذلك يعيده ذلك المنبر الصالح الذي يضم مقام سيدي عبد الرحمن ''قبلة تبرك أهل القصبة''. ضريح سيدي عبد الرحمن لازال يشهد إقبال سكان القصبة بل وحتى العاصميين. ويتوافد عليه الزوار من كل مناطق الجزائر للتبرك والدعاء. وقد عرف هذا الرجل بأعماله الخيرية، فضلا عن كونه رجل دين اشتهر بتفسير القران الكريم ووعظ الناس وإرشادهم إلى ما فيه الخير والصلاح.
الى جانب ضريح سيدي عبد الرحمن تركن أضرحة ''الداي حسين باشا'' وابنته ''روزا'' و''الداي مصطفى باشا'' و''الداي احمد'' الى جانب أضرحة الولاة الصالحين كضريح الولي دادة'' وضريح الوالي ''سيدي منصور'' والوالي ''سيدي عبد الله''.
الجوامع.. الموروث الحضاري للقصبة
ومن المعالم الأثرية التي تختزنها ذاكرة القصبة أيضا مسجد''كتشاوة'' او كما يعرف بالعثمانية ''كيجي اوى'' الذي يعني تربية الغنم. سمي كذلك لان الساحة التي بني فيها المسجد كانت تستغل سابقا لتربية الأغنام، وقد حرف العاصميون التسمية بما يسهل عليهم نطقه باسم ''كتشاوة''.
هذه التحفة المعمارية يعود تاريخ تشييدها الى القرن 16م في 1794 وقد تم تشييد المسجد من قبل حسين باشا وكان مدخله الرئيسي يقع بشارع الديوان. وفي 1832 تم تحويله الى كنيسة وحولت فرنسا الاستعمارية تصميمه العام، وبعد الاستقلال حول الى مسجد ليصنف في 1908 كمعلم تاريخي.
الى جانب كتشاوة نجد المسجد الكبير الذي تم تشييده في 1069 خلال فترة يوسف بن تاشفين أبرز سلاطين الدولة المرابطة في ذلك العهد، هذا المسجد يمثل قمة الفن الإسلامي. يحوي المسجد قاعة واسعة للصلاة وعدة أعمدة يلتقي فيها الحجر السماقي والمرمر نحو القاعة الفسيحة التي تعلوها مجموعة من القبب.
وفي الواجهة الخارجية للمسجد تبرز البناية في هيئتها العامة في شكل مركب واسع مبني بالاسمنت والزليج والرخام.
وعلى إحدى واجهات قصر الداي يتربع معلم آخر هو ''جامع الجديد'' او كما يعرف سابقا ''مسجد الحواتين''، شيد العام 1660من قبل العثمانيين وتبلغ مساحته 2.1371م ويصل ارتفاع المئذنة بهذا المسجد الى 30م. وتعرض ذات المسجد الى عملية تهديم مرتين الأولى اثر تهيئة ساحة السلطة فور دخول فرنسا إلى الجزائر في ,1830 أما الثانية فكانت خلال التوسعات التي بوشرت على مستوى حي البحرية، لكن التدخل القوي للسلطات المعنية أنقذ المعلم من الضياع بعد الترميم الذي شهده في .1910
أما جامع القصبة القديمة او ما يعرف حاليا بجامع ''سيدي رمضان''، فيعود الى عهد الدولة البربرية الإسلامية.
بمحاذاة المسجد مساحة شاسعة كانت بها بنايات هدمت اثر زلزال أكتوبر 1989 وأصبحت فيما بعد تستعمل كرجة للمسجد، وصنف جامع ''سيدي رمضان'' كمعلم تاريخي في .1930
وعند مرورنا على شارع الريس حميدو أحد أبرز شوارع القصبة المحورية الذي يربط ما بين القصبة العليا والقصبة السفلى، استوقفتنا تلك التشوهات والتغيرات التي طرأت على مباني القصبة من طرف سكانها التي بترت الصورة الأصلية للمدينة. فهل ستحافظ القصبة على بريقها في ظل لامبالاة المسؤولين وتعنت سكانها غير الأصليين؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.