مقرمان: الجزائر ملتزمة بالعمل متعدد الأطراف    شايب يشرف على لقاء افتراضي مع أطباء    حيداوي يشدد على ضرورة رفع وتيرة تنفيذ المشاريع    إكينور مهتم بتعزيز استثماراته في الجزائر    تهيئة موقف الطائرات بمطار المشرية    سوناطراك.. نَفَس جديد    مدير المدرسة الوطنية العليا للعلوم الفلاحية: التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي مفتاح عصرنة الفلاحة في الجزائر    شباب المغرب قادر على كسر حلقة الاستبداد    الشبيبة تتأهل    نجاح باهر لحملة الجزائر خضراء    دورة تكوينية دولية في طبّ الكوارث    الجيش يسجّل حضوره    ركائز رمزية تعكس تلاحم الدولة مع المؤسسة العسكرية    فلسطين : المساعدات الإنسانية ورقة ضغط ضد الفلسطينيين    السلطة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية تسجل مشاركتها    أمطار رعدية على عدة ولايات من الوطن    للمهرجان الثقافي المحلي للموسيقى والأغنية التارقية    دعوة المعنيين بالفعالية إلى الولوج للمنصة الإلكترونية    للطلبة نصيب في مشروع 20 ألف مؤسّسة ناشئة    88% من ميزانية الصناعة مخصّصة للاستثمار في 2026    الجزائر فاعل اقتصادي وشريك حقيقي للدول الإفريقية    خلايا إصغاء لكشف التوتر النفسي لدى التلاميذ    الداخلية تشيد بالحس المدني للمواطنين في التبليغ عن التجاوزات    مخطط استباقي للتصدي لحمى وادي "الرفت" بالجنوب    وقفة حقوقية في الجزائر لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة    شروط صارمة لانتقاء فنادق ومؤسّسات إعاشة ونقل الحجاج    غاريدو يثّمن الفوز ويوجه رسائل واضحة    ملتقى دولي حول الجرائم المرتكبة في حق أطفال غزة    منداس بين السوق والسويقة    إعذارات للمقاولات المتأخرة في إنجاز المشاريع    عمورة يعاني مع "فولفسبورغ" والضغوط تزداد عليه    أخريب يقود شبيبة القبائل إلى دور المجموعات    قراءات علمية تستعين بأدوات النَّقد    المصحف الشريف بالخط المبسوط الجزائري يرى النور قريبا    إصدارات جديدة بالجملة    تأكيد موقف خالد في مساندة قضية "شعب متلهّف للحرية"    انطلاق الطبعة التاسعة للمهرجان الثقافي المحلي للموسيقى والأغنية التارقية بولاية إيليزي    نجاح الحملة الوطنية لغرس الأشجار وتعزيز مشاريع التشجير في الجزائر    فضل حفظ أسماء الله الحسنى    ما أهمية الدعاء؟    مقاصد سورة البقرة..سنام القرآن وذروته    تأهيل الشوارع وتعبيد الطرق واستعادة الحياة    الجزائر تظل وفية لدورها في خدمة الإسلام الوسطي المعتدل"    تفوز بالفضية في نهائي عارضة التوازن    سوناطراك انجزت 142 بئر مقابل 121 بئر بنهاية أوت 2024    معيار الصلاة المقبولة    هيستيريا صهيونية في موسم قطف الزيتون الفلسطيني    الموسيقى : "أوندا "تشارك في أشغال الجمعية العامة    مهرجان الجونة السينمائي : الفيلم التونسي"وين ياخذنا الريح" يفوز بجائزة أفضل فيلم عربي روائي    الرئيس تبّون يُهنّئ كيليا نمور    ناديان جزائريان في قائمة الأفضل    تحسين الصحة الجوارية من أولويات القطاع    تصفيات الطبعة ال21 لجائزة الجزائر لحفظ القرآن الكريم    بطولة العالم للجمباز الفني:الجزائرية كيليا نمور تنافس على ثلاث ميداليات في مونديال جاكرتا    لا داعي للهلع.. والوعي الصحي هو الحل    اهتمام روسي بالشراكة مع الجزائر في الصناعة الصيدلانية    انطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الإنفلونزا    حبل النجاة من الخسران ووصايا الحق والصبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ربع الخيم والنوق... في زاوية بن مرزوق..!
نشر في الحوار يوم 05 - 12 - 2008

01مدخل : كانت الزوايا منارات هداية، وقلاع علم وتفقه في الدين، ملاجىء آمنة لتحفيظ القرآن الكريم، ومأوى للفقراء والايتام وعابري السبيل، أتيح لها من وسائل بسيطة ولا تزال، شاء الله لها أن تنفرد بهداية الانسان، وخدمة الذين انقطعت بهم السبل في تيه ظلمات الجهل والاقصاء ، احتضنت هموم مريديها والمتعاطفين معها رحلا ومقيمين، والذين يقصدونها في ذهابهم شمالا وفي دعوتهم إلى الجنوب، أو حين يستقرون ، تضمهم إليها إخوانا بررة متعاونين متحابين في الله محسنين، دأبهم هذا في رحلة الشتاء والصيف وحين يستقرون ويشدون إليها الرحال ويطيب لهم فيها المقام.
في هذه الأجواء المدلهمة من تاريخ أمتنا كان الوطن، يئن تحت نير الاحتلال الفرنسي، خاضعا لاستبداد سلطانه الاثم، كان الجزائرون يومئذ يعيشون على هامش الحياة، معزولين عن العالم مشرقه ومغربه، محرومين من استنشاق رياح النهضة الفكرية التي هبت نسماتها عى المشرق، بعد أن تألق نجم الأوروبيين وسادهم عصر التنوير ودخلوا عهد الصناعات من أبوابها الواسعة، بينما خيم الجمود الفكري على ديارنا وطالنا الوهن، فتراجع أداء الحركات العلمية والادبية وضعف ، وانكمش المد الاسلامي، واختفى صوت دعاته، ولم يعد المسجد قادرا على تبليغ رسالته بالكيفية التي درج عليها السلف الصالح ، ولا بالطريقة التي تفيد وتنعش العقول وتلهب المشاعر، كبار علماء الشريعة أفل نجمهم وضعف نشاطهم ، وانصرف منهم من انصرف إلى الاعتزال والتصوف، ومنهم من ولى وجهه شطر الحجاز أو الشام أو أقطار أخرى، بيد أن هذا لا ينفي سريان الحركة الفقهية فهي ما تزال قائمة تتلقى غداءها من ذاتها، ولكن هي الوثبات تتم بشكل متقطع وضئيل، فطلبة العلم يتلقون المعارف بطرق بدائية بلقينية عميقة ، بينما تعليم القرآن ظل محاصرا في مقرآت أشبه بالاكواخ، هي عبارة عن زوايا متنقلة ، ولحسن الحظ تجد الزوايا المستقرة قد فرضت نفسها وكان لها وجود فاعل ومتميز، ولولاها لضاعت العربية ولما استمر تعليم الشريعة الاسلامية وأصول الدين، احتضنت الطلبة المتعطشين لمختلف العلوم، لينهلوا من معينه وينابيع فيضه، كما ينهل المطر من الغمام وتكلفت بالإيواء والإطعام والانفاق ، ومن بين هذه الزوايا العامرة التي صمدت في وجه الغزاة كما صمدت الجبال الرواسي في وجه أعتى العواصف وأشدها فتكا، زاوية الشيخ محمد بن مرزوق طيب الله ثراه التي ذاع صيتها وتعاظمت خدماتها منذ 1825 إلى يوم الناس هذا. 02 من هو الشيخ محمد بن مرزوق ؟(حياته'' إن هذا الشيخ الأبر الكريم الورع الذي أمده الله بالعون وحسن التدبير ، قدم إلى هذه المنطقة ولم يكن يعرفها ، وإنما أرشده الله إليها وشيخه في الزاوية المختارية بأولاد جلال من ولاية بسكرة، الشيخ المختار قدس الله روحه بإلهام من الله وحسن توفيقه، وأذن له بفتح الزاوية في هذه المرابض العطرة واختار له المكان، وآية ذلك أن عروض رحمان أقوام كثر، وهم يومئذ رحل غير مستقرين ، قوافلهم كانت تجوب البلاد من أقصاها إلى أقصاها، لا تتوقف شتاء ولا صيفا اهتماتهم منصبة على طلب الكلأ لكاشيتهم، والسعي إلى تكاثرها، كان الحرمان يومئذ والاقصاء كفيلان بجعل الجزائريين سكان السهوب والصحراء بالخصوص في مطاوي النسيان، يتجرعون مرارة الاهمال في العهد التركي، ثم مرارة الاستعمار الفرنسي ووحشيته، وكانت مرارة الجهل والفقر والحرام أشد وأقسى، وكل مضل مضر كما يقال، كان لزاما على الرحل في هذا الوسط أن يتشكلوا في مجموعات قبائل وعروض لتكون لهم الهيبة والمناعة والصوت المسموع، ولا بد أن يسترشدوا بالفقهاء وشيوخ الزوايا خاصة في شؤون دينهم وفي معاملتهم وقضاياهم المستجدة، حيث كانت الآراء إلى الاسراف والمبالغة والشطط في معالجة الأمور بفكر تصوفي زاهد، وقد شاعت الدروشة والشعوذة وحدث الانحراف بشكل جلي، والشيء إذا فشا وذاع كثر دعاته، وما كل من حمل الامانة عرف قدرها، لذلك فرض الفقهاء أنفسهم كبديل لغياب السلطة التركية واختفاء النظام، إذ الدولة قد انطفأت عيبتها وخبا صوت الحق فيها، ولم يعد لها في الساحة معنى، فتولت الروحية أمر العباد، واسترجعت للقبائل تمثيلها وهيبتها في سلم القيم الروحية والمادية والمعنوية بعيدا عن السياسة التي تفرد بها نفر من الناس في موجات من الظلم والفساد وحروب الثأر ، إذ الأمر بات لا يستقيم في البلاد على أمر واحد ، وكان عنصر المقاومة ذاتيا في كل مجالات الحياة وفي هذه الاجواء بدأت الزوايا تهيء نفسها لمجابهة أحداث محدقة بالامة، وغزو فرنسي وشيك، امتدت الاعناق مشرئبة بين صفوف طلبة الزوايا لتوعية الناس ودعوتهم إلى الجهاد، وآية ذلك أن حركة الطرقية التي تنتمي إلى الصوفية وأقطابها الاوائل عرفوا بحياة الزهد وانقطعوا للعبادة والتصوف هبة من الله وقبسا من نوره لعباده الصالحين، أخذت حركتهم زمام المبادرة وروجت لافكار جهادية في النبل والوطنية، ومن بينها الطريقة الرحمانية التي باتت تكسوا مبادئها بهذا الثوب الألق من الحلم والتقوى والورعفي تواضع وهمة عالية، وصاحب الطريقة هو سيدي محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن يوسف بن أبي القاسم الجرجري الازهري، المتوفى عام 1208ه 1973م من قبيلة آيت اسماعيل خريج الازهر وداعية إسلامية في دارفور بالسودان طيلة سبع سنوات وأتباعه فيها كثر ولا يزالون، عاد بعد غياب إلى الجزائر ليؤسس الطريقة الرحمانية، وانتشرت دعوته، واشتهر أمره، وكثر أتباعه، والشيخ محمد بن مرزوق عليه الرحمة والرضوان واحد من هؤلاء المتألقين، ومن أبناء الطريقة الرحمانية الاوائل.. البارين بأشياخها المتشبعين بأفكارها وأذكارها، المستأثرين بمراميها، القائمين، على تنفيذ مبادئها المستمدة من الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح، ولد الشيخ محمد بن مرزوق في غرداية ببلدية الضاية، وتلقى تعليمه الاول عن والده ومشائخ أجلاء في مسقط رأسه قبل أن يرحل إلى الزواية المختارية، كان والده وليا صالحا ومن العلماء الفاعلين، دفين حي من أحياء الضاية يسمى باسمه حي بن مرزوق، ينتسب الشيخ إلى الدوحة الشريفة من ذرية فاطمة عليها السلام، كانت عائلته تتردد عى مرقد الجد الاول سيدي بوزيد طيب الله ثراه، تربطها علاقة أخوة وتواصل بأشراف الهامل وبالزاوية المختارية، وكان عمر الشيخ محمد بن مرزوق إبان الغزو الفرنسي ست وأربعين سنة 46 وهو ما يزال طالبا في زاوية الشيخ المختار بأولاد جلال بسكرة متقدما عى الطلبة ذكاء وتحصيلا وتميزا في علوم الشريعة وأصول الدين وعلوم اللغة وآدابها، فهو موسوعة علم تزخر بشتى فنون المعرفة، والموهبة تعلن عن نفسها، وبالنظر إلى التميز والنبوغ، اختاره شيخه من بين الطلبة الاوائل، أجازه وأذن له بإنشاء الزاوية عام 1825 أي قبل الاحتلال الفرنسي للجزائر بحوالي خمس سنوات 05 فكان يعلم القرآن بنفسه، ولم يستكنف ويشرف على حلقات العلم ويجلس إلى العامة في دروس الوعظ والارشاد، وحلقاته كانت مشهودة وللزوايا فضائل وللاولياء كرامات وأحوال. 03 فكرة إنشاء الزاوية ومتى؟ كانت للشيخ حلقات علم مشهودة في الزاوية المختارية لتعليم الطلبة المبتدئين المتون ثم ما لبث أن أصبح ينوب شيخه في حلقات الكبار، وحين تأكد من تحصيله الجيد وتمكنه من التدريس، أمره بالتوجه إلى سهوب تيطري وكان أول شيخ يجيزه ويمنحه شرف تأسيس الزاوية الرباط عام 1825 لتصبح وفي فترة قصيرة معلما وقطبا مشعا ينير درب المتعطشين لطلب العلم، ومركز هداية ودعوة صادقة إلى الله وكان الشيخ من أهل الخير والوفاء مثالا في الجد والثبات وحب العلم وطلابه، والرأفة باليتامى والمساكين وذوي الضعف إطعاما وإيواء قد وفدوا إليه من كل حدب وصوب حتى غصت بهم رحاب الزاوية بما رحبت، كان يصلح ذات البين ويتكفل بقضايا المواطنين، يفض النزاعات ويجلس إلى الافتاء فهو محل ثقة وتقدير وإجلال ، ورغم تقدمه في السن ورغم العوامل والظروف الصعبة والمضايقات التي أرهقت كاهله، ظل وفيا لرسالة الزاوية ولمبادىء الطريقة الرحمانية، حاملا لواء العلم والجهاد إلى أن لقي ربه عام 1911 عن عمر يناهز خمسة وعشرين سنة ومائة 125 وتولى من بعده أشياخ ساروا على دربه.. 04 موقع الزاوية: تقع زاوية الشيخ محمد بن مرزوق في بلدية بنهار من دائرة البيرين ولاية الجلفة تيطري، سابقا على الطريق الرابط بين البيرين وعين وسارة، في منطقة السهوب الممتدة من الحبيل شمالا إلى سرسو جنوبا تتربع عى تله وتتوسد أخرى من تلك التلال الجميلة المترامية الاطراف، في أرض حصوبة حماد تربتها بيضاء تطل عى أرض منبسطة فسيحة خصبة تكسوها شجيرات السدر، ونباتات علفية متنوعة وكثيرة، تهيء العيش الرغد لمربي الماشية ولاغنامهم الكلأ والدفء، وللخيم حماية طبيعية من برد الشتاء وحر الصيف، وترى الخيم الرحمانية السوداء مشرعة وأنت في الطريق إلى الزاوية، والرعاة من حولها يحملون عصيهم يهشون بها عى أغنامهم، ويصيحون فيها حتى تنتظم في المرعى المعشوشب، ويسمعونها شيئا من أغانيهم الجميلة فتستجيب فللخيمة الحمراء في القلب جانب
كذا الخيمة السوداء خصت بجانب
وفور وصولك الزاوية تأخذك والاقدام إلى ساحة المسجد الجديد، لتخطوا خطوات وتصل المسجد العتيق مرقد الشيخ محمد بن مرزوق والذين تولا بعده مشيخة الزاوية عليهم الرحمة، وهناك تسعد باستقبال طيب وابتسامات حلوة تعبر عن كرم الضيافة وحسن الاستقبال ولعل لقب أسرة الشيخ مستمد من فعل الابتسام 05- نشاطات الزاوية: لم يتوقف نشاط الزاوية منذ إنشائها فقد تخرج منها علماء أجلاء وشيوخ زوايا وأئمة مساجد، وطلبة قرآن وما تزال تعمل إنما قل نشاطها عما كان عليه قبل الاستقلال فالمدارس العمومية والثانويات عرفت انتشارا قل نظيره، وظهرت أقطاب جامعية هذا التطور قلص من دور الزوايا التربوي التعليمي، ومع هذا فمازالت تستقبل الطلبة إذ عددهم يفوق السعبين ويزيد في الصيف يتمتعون بنظام داخلي، يؤطرهم معلمو القرآن وأساتذة متقاعدون ومتطوعون وإمام المسجد، وللشيخ حلقات ودروس.
06 الزاوية وحركات المقاومة:
وتأكيدا للدور الذي قامت به الزاوية في تاريخ المقاومة والحركات الوطنية وأثناء حرب التحرير، فإن سجلها حافل بالاعمال الطيبة، فقد ظلت تدعم الثورات الشعبية وبسخاء وتمدها بالمال والنصح وبالمتطوعين، كما فعلت مع الامير عبد القادر، وزعماء الحركات الوطنية الذين ما فتئوا يتوافدون على الزاوية تغذيهم بالنصح وتتغدى من أفكارهم الاصلاحية والمطلبية، فالشيوخ ظلوا على اتصال بزعماء الحركات والمقاومين، ومحمد بن مرزوق حضر مبايعة الامير في مدينة معسكر 22-11-1832 ولأن الطريقة الرحمانية والقادرية متوحدتان في المنهج والاهداف، ولهما من الروابط ما يجعلهما أكثر تماسكا وانسجاما فالطريقة القادرية جاهدت تحت لواء الامير والرحمانية جاهدت تحت إمارة المقراني والحداد 14-03-1871 والشيخ بن مرزوق ظل على اتصال بالامير وأثناء مروره بجبال الأطلس التلي في منطقة الكاف الاخضر أشير قرب عين بوسيف ولاية المدية تيطري سابقا إلتقى به عام 1842 وكان الامير عبد القادر في وضع عسكري غير صحي نظرا لتخادل القبائل عن مساندته، وتقاعسهم على الجهاد فسارع الشيخ وكل المحبين للدين والوطن إلى نصرته بكل ما لديهم من مال وسلاح ورجال متطوعين، وأشرف محمد بن مرزوق على تمويل الجيش خلال الفترة التي قضاها الامير بهذه الناحية ومدتها شهران، كما التقى الامير بالشيخ محمد ابن القاسم في ضواحي البيرين 1844 في جولة من المحادثات والترتيبات الجهادية، تواصل دعم المشائخ للمقاومة ولهم دور مشرف في حرب التحرير..
07 مشائخ الزاوية
تتعاقب عى مشيخة الزاوية بعد الشيخ المؤسس علماء أجلاء وأشياخ أفاضل أوفياء كانوا نعم الخلف لخير السلف، منضبطين في أداء وظيفة الاشراف على الزاوية وترقيتها، محققين ما كان يصبوا إليه الشيخ المجاهد من خير وحب للدين والوطن، محافظين على القيم الصافية من الدخن متشبثين بالشخصية الجزائرية العربية الاسلامية عاملين على ترسيخ العقيدة في النفوس شعائر وسلوكا بعيدا عن التطرف والغلو في الدين، أما الذين توافدوا عى مشيخة الزاوية منذ الإنشاء فهم:
01 الشيخ محمد بن مرزوق المؤسس 1825-1911
02 الشيخ عبد القادر1911-1957
03 الشيخ منصور 1959-1970
04 الشيخ لطرش 1959-1970
05 - الشيخ رابح 1970 إلي يومنا هذا..
تجدر الاشارة هنا أن الشيخ منصور لم يكمل العهدة لاسباب صحية فتنازل لاخيه لطرش على المشيخة، وبقي فيها إلى أن توفاه الموت، أما الشيخ رابح فإنه أصغر المشائخ سنا، إذ تولى أمر الزاوية وعمره تسع عشرة سنة 19 وكان هذا الاختيار بإيعاز من مشائخ الزوايا الرحمانية المجتمعين بالزاوية المختارية عشية وفاة الشيخ لطرش، وبإلحاح من كبار الجماعة والمريدين، وقد وفقه الله للاضطلاع بالمهام الموكلة إليه على أحسن وجه وأكمل صورة، وقام بأعمال توسعة تكتب له إن شاء الله في ميزان حسناته، بناء مسجد يتسع لاكثر من ثلاثة آلاف مصل 3000 عام 1986 وإعادة الاعتبار لمكتبة الزاوية وتراثها بناء داخلية للطلبة تشتمل على جميع المرافق بطاقة استيعاب تفوق 250 بناء، قاعات لاستقبال الضيوف والمحاضرات ، تشجير محيط الزاوية وتهيئة ساحاتها والاعمال ما تزال جارية لاتمام المشاريع السالفة الذكر وتنفيذ مخطط عمراني لتحديث المرافق، وجلب التجهيزات لها والاستفادة من تكنولوجيات الاتصال، إن الشيخ رابح كسب قلوب الناس بتواضعه ودماثه خلقه ورزانته فأحاطوه بالعناية والاحترام هذا أفاد الزاوية وخدمها وهو لم يصنع نفسه فالمقام الطاهر صنعه بالهام من الله وحسن توفيقه، فجعل من هذا الصرح الذي لا يضاهى جسر عبور لتواصل الاجيال والتشبع بنهج السلف الصالح وفاء وتجديدا .
08- مكتبة الزاوية والآثار
وفي الزاوية مكتبة ثرية زاخرة بأمهات الكتب وبعناوين نادرة وبعض المخطوطات، ما يربو على ثلاثة آلاف كتاب 3000 وحسب ما صرح به نجل الشيخ الاستاذ عبد القادر فإنها توجد وثائق ومراسلات منها رسالة الامير عبد القادر وسيفه، فضلا على بعض المخطوطات التي تنتظر من يتناولها بالدراسة والاخراج، كما توجد قصائد من الشعر الملحون والفصيح قيلت في المناسبات ، وفي الاشادة بالمشائخ وبعض المرثيات والمدائح.
09- آثار الشيخ الكتابية: كان المشائخ عليهم الرحمة والرضوان حذرين من الكتابة ولم يتجرءوا عى تأليف الكتب، رغم ما لديهم من الاستعداد والكفاية، وكانوا يكتفون بالتبليغ وتربية الاجيال، تشغلهم حلقات العلم، ثم إن تواضعهم وحياءهم جعلهم يشعرون بأنهم مازالوا طلاب علم، لذلك بقيت أعمالهم شفهية ، وتبعا لذلك بقيت أعمال الشيخ بدون تدوين، وهذا أمر دأب عليه شيوخ الزوايا وعلماؤها، وليس هذا مستغربا فالمثقفون في أقطار المغرب العربي في هذه الفترة يكرسون للثقافة الشفهية أكثر مما يهتمون بالتدوين، عكس ما هو موجود في المشرق العربي، وذكر ذلك العلامة ابن خلدون ونحن نجد في الزواية افكارا واذكارا يتناقلها المريدون والطلبة بالتواتر، محفوظة في ذاكرة الزاوية، ومتداولة كالشعر الملحون والامثال الشعبية والحكايات والوقائع والاحداث، وللشيخ محمد بن مرزوق كتاب في شرح البردة مخطوط ، كما أن للشيخ رابح كتابا تحت الطبع يؤرخ للزاوية اقترحنا عنوانه '' أنوار الشروق .. في زاوية بن مرزوق''
10- ما كتب على الزاوية:
تناولها المراسلون في أعمدة الصحافة وبعض الاخبار السريعة والاستجوابات، وتغطية زيارات المسؤولين، ونحن لا نملك صورة كاملة لكل ما هو موجود من وثائق وكتب، إنما في هذا العرض نقدم نظرة سريعة وخاطفة لعلها تفضي إلى رصد ما هو موجود في المطويات التي لم نطلع عليها ولا في الدراسات والبحوث التي تناولت هذا المرفق الحيوي، فالزاوية موضوع البحث لها جذور تمتد إلى ما قبل الاحتلال الفرنسي، ولا يعقل أن تبقى في هذا الحجم عرضة للتلف أو على هامش المنسيات ولعل تناولنا للموضوع سيكون فاتحة طيبة من خير وسعة.
11- الذين زاروا الزاوية:
حظيت الزاوية بزيارة شخصيات علمية وأدبية وسياسية مرموقة أخص بالذكر منهم: الشيخ محمد بن أبي القاسم شيخ زاوية الهامل المحروسة، عبد الحميد الكتاني، المبارك الميلي، الطاهر بن عاشور، عبد الرحمن الديسي، الشيخ الحداد، الشيخ مصطفى القاسمي، وشيوخ الزوايا وبعض العلماء والمفكرين، كما تشرفت الزاوية بزيارة رئيس الحكومة السيد عبد العزيز بلخادم ووزراء وولاة وضباط وكتاب وصحفيين، فسجل الزاوية إذن حافل بالزيارات والمناسبات والمراسلات، نتمنى أن تجرد الوثائق وترتب ليسهل التعامل معها أو الرجوع إليها كلما دعت الحاجة
12- الخلاصة: إن الشيخ محمد بن مرزوق رضي الله عنه كسب محبة الناس بعلمه وورعه وجهاده، فأحاطوه بالاحترام والعناية، حتى أن بعض الاسر سموا باسمه مرزوق ورزيقة والمرزاقة.. فهو لسان يلهج بذكر الله، وقلب يخفق بالقرآن الكريم، عرف بهذا السلوك وبمناقب كثيرة، فهو رجل ربح بيعه وما أفلس، تجسدت فيه الخصال الحميدة، وفي أحفاده الذين ساروا على درب الوفاء، يستحق أن تقرأ عليه الفاتحة كلما ذكرنا اسمه، إن في سيرته العطرة عبرا واضحة من عبر الصالحين الاتقياء والمجاهدين النزهاء، لذلك بقي اسمه منقوشا في الذاكرة وزاويته العامرة صدقة جارية إن شاء الله، ندعو إلى إعادة قراءة تاريخها وتدوين إرثها الثقافي مع فسح المجال للدارسين والمهتمين للكشف عن آثارها ومخطوطاتها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.