أجمع مختصون لجريدة "الاتحاد"، على أن مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، يتصدر الشراكة الاقتصادية المرتقبة بين الجزائروإيطاليا، سيما وأن هذه الأخيرة، تمتلك التكنولوجيا والتقنية المتطورة لإنشاء وترقية مثل هكذا شركات، يضاف لها إرادة الجزائر في تعويل على هذا النمط من المؤسسات لتنويع اقتصادها الوطني. وأفاد الخبير الاقتصادي أحمد شريفي، في تصريح خص به جريدة "الاتحاد"، بأن "الجزائر كانت لها سابقا تجربة شراكة مع الاتحاد الأوروبي بشكل عام، كما كان لها أفضلية مع بعض الدول خاصة إيطاليا، سيما وأن هذا البلد الأوروبي يمر عبر أراضيه أنبوب الغاز الجزائري الممون لأوروبا، وأعتقد أن تكثيف العلاقات بين الجزائروإيطاليا سيفتح مجالات كثيرة نستفيد منها". وأضاف شريفي بأن "إيطاليا من الدول الكبرى اقتصاديا في العالم، فهي عضو في مجموعة السبع الاقتصادية (7G)، وهي تملك صناعة وتكنولوجيا ولديها قدرة في الاستثمار وتصدير تجربتها إلى الجزائر، سيما وأننا نريد التعامل مع بلدان على أساس الاحترام والتعاون لتحقيق الأرباح والمكاسب التي تعود بالفائدة على الطرفين، بدل النظرة التجارية أو منطق ربط الاقتصاد الجزائري مع اقتصاديات دول معينة، مثلما تريده بعض البلدان.. إيطاليا بلد صناعي بامتياز كما أنه بنى اقتصاده على أساس المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والجزائر تسعى إلى نفس هذا النهج لتنويع اقتصادها، كما أن إيطاليا ليس لها نظرة استعمارية ولا تتعامل باستعلاء مع الدول الأخرى ولا تسعى لجعل اقتصاداتهم رهينة لاقتصادها، فهي لم تكن لها مستعمرات كثيرة في العالم مثل بعض البلدان". واعتبر محدثنا بأن من أبرز المعوقات لجلب الاستثمارات الأجنبية في الجزائر والوطن العربي، هو ضعف مناخ الاستثمار، والذي يأتي على رأسه البيروقراطية الإدارية، مضيفا بأن "الجزائر صحيح قامت بتحسينات على المستوى التشريعي، حيث عدلت كثيرا من منظوماتها التشريعية المتعلقة بالاستثمار منذ التسعينات ولم تتوقف إلى اليوم، سواء عبر قوانين خاصة أو حتى قوانين المالية المتتالية، على غرار قانون المالية لسنة 2022 الذي جاء بالعديد من البنود التي تشجع الاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، بدلا من التوجه إلى عملية التبادل التجاري للبضائع الموجهة للاستهلاك مباشرة بين البلدان، إلا أن البيروقراطية الإدارية الحالية لا تزال تعيق تدفق رؤوس الأموال الأجنبية إلى الجزائر، سواء الإيطالية أو غيرها، ومن مشاهد هذه البيروقراطية أذكر التضييق على مستوى الجمارك في الموانئ والمطارات، والجماعات المحلية والبنوك والجانب التمويلي، وكذا تقديم الرخص وتسهيلات انطلاق المشاريع"، مشددا على أهمية ترقية البنى التحتية بالبلاد من الاتصالات والمواصلات برّا وبحرا وجوّا، إضافة إلى توفير الإرادة السياسية والشفافية وانفتاح الإدارة. من جهته قال رئيس الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، الحاج طاهر بولنوار، في تصريح خص به جريدة "الاتحاد"، بأن "العلاقات الاقتصادية بين الجزائروإيطاليا مهمة جدا، سيما وأن إيطاليا هي الزبون الثاني لصادرات الجزائر بعد الصين مباشرة، كما أنها الممول الثالث لواردات السوق الجزائري، وحجم التبادل بين البلدين يتراوح بين 8 و9 مليار دولار سنويا"، لافتا إلى أنه: "من خلال زيارتي الأخيرة التي قادتني إلى إيطاليا مؤخرا، وحديثي مع متعاملين اقتصاديين هناك وممثلي منظمات مهنية إيطالية ورجال أعمال، سجلت اهتماما منهم بمجالات واسعة للاستثمار في الجزائر، على رأسها الفلاحة والصناعة الغذائية التحويلية، وكذلك البيئة ورسكلة النفايات، يضاف لها مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، أين تُعتبر إيطاليا رفقة ألمانيا من الدول الرائدة أوروبيا في تقنيات وتكنولوجيا هاته المؤسسات، وكذا صناعة السفن وصيانتها سواء الخاصة بالصيد البحري أو السياحية أو نقل المسافرين". وأضاف محدثنا بأن "المجال السياحي أيضا من المجالات التي يهتم المتعاملون الايطاليون بالاستثمار فيه بالجزائر، سيما ونحن نعرف أن واقع قطاع السياحة لدينا غائب تماما، إضافة إلى أنني لمست تقديرا جيّدا من الإيطاليين للموقع الاستراتيجي للجزائر، ما يؤهلها إلى أن تكون مدخلا للسوق الافريقية، سيما بعد أن أطلعناهم بالمشاريع اللوجيستية التي هي بصدد التهيئة في الجزائر، سواء من الطرق البرية على غرار طريق الجزائر-نواكشوط، وطريق الجزائر-نيجيريا مرورا بالساحل الافريقي، إضافة إلى الحركة التجارية المرتقبة للمعابر الحدودية الجزائرية مع مالي وليبيا وموريطانيا، والتي أعلنت الحكومة عن فتحها مستقبلا". وكشف بولنوار عن زيارة مرتقبة مع بداية سنة 2022، ل150 رجل أعمال وممثل مؤسسات إيطالية كبرى في عدة مجالات إلى الجزائر، من أجل التعرف عن قرب على إمكانيات الاستثمار في القطاعات الاقتصادية، وكذا الشروع في ربط شراكات مع مستثمرين محليين أو الاستثمار المباشر في الجزائر، وهذا بالتنسيق مع الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين، والغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة، إضافة إلى حضور ممثلي الوزارات المعنية التي لها علاقة بالقطاعات ذات الاهتمام من المستثمرين الإيطاليين. وشدد رئيس جمعية التجار على ضرورة إلغاء جميع أشكال البيروقراطية من الإدارة الجزائرية، سواء الإدارات المركزية وحتى من الإدارات المحلية، إضافة إلى الإسراع في إصلاح المنظومة المالية والبنكية، لافتا إلى أن المتعاملين الايطاليين، لم يخفوا تخوفهم من بطئ الإجراءات البنكية وتحويل العملة. وأضاف بولنوار بأن على الحكومة دراسة تخفيف الجباية والرسوم على المنتجين من المستثمرين الأجانب والوطنيين، سيما وأنهم يوفرون مناصب شغل ويضمنون مدخول للخزينة العمومية ويساهمون في التنمية الاقتصادية، لذلك يجب تشجيعهم على النشاط وليس معاقبتهم بجباية كبيرة، مطالبا أيضا بإعطاء الدور الاقتصادي للجماعات المحلية، على غرار البلديات والدوائر، أين يجب منحهم الصلاحيات لتسهيل عملية استثمار الأجانب، على غرار إنشاء مناطق صناعية متخصصة، مناطق تجارية متخصصة.