عاد الجدل بخصوص العلاقة بين الطاهر وطار وجاووت مرة أخرى، وكأن الكاتبين لم يتركا سوى هذا النقاش، وقد كنت شاهدا على مرحلة كانت فيها العلاقة بين الروائيين طيبة للغاية، بدأت لما أصدر وطار، وهو في قمة مجده الأدبي، مجموعته القصصية الشهيرة “الشهداء يعودون هذا الأسبوع”، فقرأها الطاهر جاووت بالعربية، وكتب عنها مقالا بالفرنسية نشر بأسبوعية الجزائر الأحداث، فأشاد بها وبدور وطار في إدخال قيم الحداثة على النص الروائي والقصصي المكتوب باللغة العربية. كما أشهد أن وطار كان يعتبر أعمال جاووت الروائية بمثابة نصوص رفيعة، وبالأخص روايته “ابتداع القفار”، التي تلتقي مع رواية “عرس بغل” في استثمار التاريخ العربي الإسلامي روائيا. وظلت العلاقة على هذا الحال، في وقت كان وطار يسعى لخلق تقارب بين الكتاب المعربين والمفرنسين، بدليل أن رشيد بوجدرة هو من قدم له رواية “اللاز” في ترجمتها الفرنسية، الصادرة بباريس عن منشورات “ميسدور” الشهيرة. كما أن وطار فتح جمعية “الجاحظية” على كل المثقفين الجزائريين، دون تفرقة لغوية. ثم جاءت مرحلة التوتر، مع مشكلة الأنطولوجيا في باريس وإغفال إدراج اسم الطاهر وطار ضمن أنطولوجيا الأدب الجزائري، وتم تصحيح الأمر بفضل تنبيه جمال الدين بن شيخ لذلك الخطأ أو السهو. لقد ركز بن شيخ على مسألة ضرورة إدراج كل الأصوات الأدبية الجزائرية ضمن هذه الأنطولوجيا، خاصة أن وطار كان مترجما إلى اللغة الفرنسية. فتوقفت الخلافات بين الروائيين عند هذا الحد، حيث استجاب جاووت للأمر، إيمانا منه بالتواصل بين المعربين والمفرنسين. كل هذا الجدل الجانبي لا يجب أن يعلو على القيمة الحقيقية لكلا الكاتبين، فكلاهما ساهم في إثراء النص الروائي الجزائري، وأعتقد أن هذا ما يجب تقديمه للأجيال التي يجب أن تقرأ روايات “المجرد من الذات” و«العسس” و«اللاز” و«الزلزال” كنصوص روائية خالدة، أما الجدل العقيم فيجب أن يختفي.