الدخول الجامعي 2026/2025: قرابة مليوني طالب يلتحقون غدا الاثنين بالمؤسسات الجامعية    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 65283 شهيدا و 166575 مصابا    الجزائر عضواً مراقباً في الآيبا    عطّاف يوقع على اتّفاق دولي بنيويورك    بريد الجزائر يعتمد مواقيت عمل جديدة    12 مليون تلميذ في المدارس    70 عاماً على معركة جبل الجرف الكبرى    11 دولة تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين    مُقرّرون أمميون يراسلون المغرب    مغني يستعيد ذكريات اختياره الجزائر    من يستحق الفوز بالكرة الذهبية؟    الهلال الأحمر يوزّع 200 ألف محفظة مدرسية    الأسرة والمدرسة شريكان    إيطاليا تستبعد الكيان الصهيوني من المشاركة في معرض السياحة الدولي بفعل تواصل جرائمه في قطاع غزة    ناصري يهنئ جمال سجاتي المتوج بميدالية فضية في سباق 800 متر بطوكيو    الصحراء الغربية: المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة يصل إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين    تجارة خارجية: رزيق يترأس اجتماعا تقييميا لمراجعة إجراءات تنظيم القطاع    أمطار ورعود مرتقبة عبر عدة ولايات من الوطن ابتداء من يوم الأحد    افتتاح الموسم الثقافي الجديد بعنابة تحت شعار "فن يولد وإبداع يتجدد"    افتتاح الطبعة ال13 للمهرجان الدولي للمالوف: أجواء احتفالية بتراث موسيقي أصيل    الدخول المدرسي 2025-2026: وزير التربية الوطنية يعطي إشارة الانطلاق الرسمي من ولاية الجزائر    مولوجي تعطي إشارة انطلاق السنة الدراسية 2025-2026 لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة    ستيلانتيس الجزائر توقع اتّفاقية    قافلة تضامنية مدرسية    لقاء مع صناع المحتوى    بن زيمة يفضح نفسه    12 مليون تلميذ يلتحقون اليوم بمقاعد الدراسة    جمال سجاتي يفتك الميدالية الفضية    هكذا تتم مرافقة المكتتبين في "عدل 3"    94%من الضحايا مدنيون عزل    طغمة مالي.. سلوك عدائي ونكران للجميل    الفن أداة للمقاومة ضد التطرّف والانقسام والإرهاب    جهود للدفع بعجلة التنمية بسكيكدة    التحضير للبطولة الإفريقية من أولويات "الخضر"    فارق الأهداف يحرم الجزائريات من نصف النهائي    تفكيك شبكة إجرامية خطيرة    بن دودة تعاين أشغال تأهيل المكتبة الوطنية ورقمنة رصيدها الوثائقي..اطلعت وزيرة الثقافة والفنون مليكة بن دودة في زيارتها التفقدية للمكتبة الوطنية بالجزائر العاصمة،    توات تعرض زخمها الثقافي بمدينة سيرتا    العاب القوى مونديال- 2025 /نهائي سباق 800 م/ : "سعيد بإهدائي الجزائر الميدالية الفضية"    الجزائر تستعرض استراتيجيتها لتطوير الطاقة المتجدّدة بأوساكا    الوفاء لرجال صنعوا مجد الثورة    هذه إجراءات السفر عبر القطار الدولي الجزائر-تونس    إجلاء جوي لمريض من الوادي إلى مستشفى زرالدة    تثمين دور الزوايا في المحافظة على المرجعية الدينية الوطنية    افتتاح اشغال جلسات التراث الثقافي في الوطن العربي، بن دودة:دور ريادي للجزائر في حماية التراث وتعزيزه عربيا ودوليا    مشاركة 76 فيلما من 20 بلدا متوسطيا..إدراج مسابقات جديدة بالطبعة الخامسة لمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي    المعرض العالمي بأوساكا : تواصل فعاليات الأبواب المفتوحة حول الاستراتيجية الوطنية لتطوير الطاقات المتجددة والهيدروجين    مسودة قرار يطالب ترامب بالاعتراف بدولة فلسطين    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وطار‮ -‬‮ جاووت‮.. الاختلاف والتقارب‮
يكتبه اليوم: حميد عبدالقادر
نشر في المستقبل يوم 17 - 09 - 2010

عقب رحيل الروائي‮ الكبير الطاهر وطار،‮ كثر الحديث عن الخلافات التي‮ نشبت بينه وبين المرحوم الطاهر جاووت،‮ إلى حد‮ يتصور من‮ يتابع بعض المقالات التي‮ كتبت هنا وهناك بخصوص هذه المسألة،‮ أن الرجلين كانا بمثابة عدوين لدودين،‮ بلغا مرحلة الاقتتال والعداوة القصوى‮. والحقيقة التي‮ كنت شاهدا عليها طيلة سنوات عديدة،‮ بحكم اقترابي‮ من الرجلين‮ غير ذلك تماما،‮ فرغم الخلافات التي‮ استفحلت بقي‮ الاحترام الأدبي‮ قائما بينهما‮.‬
كان الطاهر جاووت‮ يكن كثيرا من الاحترام لوطار وللروائيين المعربين،‮ وفي‮ مرحلة معينة من حياته بدأ‮ يتعلم الكتابة باللغة العربية،‮ وشرع في‮ كتابة مقالات أدبية بهذه اللغة‮. ترجم قصائد من اللغة العربية إلى الفرنسية،‮ وساهم في‮ التواصل بين المعربين والمفرنسين‮. كما نشر مقالا بمجلة الرواية التي‮ أسسها جيلالي‮ خلاص سنة ‮0991 حول رابح بلعمري،‮ باللغة العربية أصلا‮. وكان كثير الاقتراب من الوسط المعرب،‮ وله صداقات كثيرة عند جمهور المعربين‮.
لما أسس وطار جمعية الجاحظية،‮ ثم مجلة التبيين،‮ طلب من جاووت أن‮ يكون عضوا في‮ هيئة التحرير‮. لكن جاووت رفض تلبية الدعوة،‮ وفضل الانضمام إلى مجلة الرواية التي‮ أصدرها جيلالي‮ خلاص بماله الخاص،‮ وكانت تصدر باللغة العربية‮. ولما سألته‮ يوما عن سبب هذا الرفض،‮ أخبرني‮ أنه فضل العمل مع خلاص بدون أن‮ يقدم أية إضافات‮. وعلمت لاحقا أنه أرسل إلى وطار رسالة مختصرة،‮ اعتذر فيها عن عدم استعداده للعمل معه،‮ كما ترجاه بأن‮ يحذف اسمه من قائمة هيئة تحرير مجلة التبيين‮. وانتهى الأمر عند هذه النقطة،‮ لأن وطار استجاب للطلب‮.
وفي‮ نفس الوقت،‮ ظل جاووت‮ يكن كثيرا من الاحترام لوطار،‮ ونصحني‮ ذات مرة بقراءة رواية‮ "‬الحوات والقصر‮''‬،‮ وقد مر زمن قصير عن حادثة مجلة التبيين‮. حدثني‮ جاووت عن‮ ''‬الحوات والقصر‮'' بكثير من التقدير،‮ واعتبرها رواية ناجحة إلى جانب رواية‮ ''‬عرس بغل‮''. وهذا الثناء لم‮ يمنحه جاووت لأعمال رشيد ميموني‮ مثلا التي‮ اعتبرها بمثابة اجترار أدبي‮ لخطاب سياسي‮.
ظلت العلاقة على هذا الحال،‮ تسير وفق التقارب الأدبي‮ وتنأى عن التواصل الشخصي،‮ إلى أن أصبحت العلاقة مستحيلة عندما استدعت أطراف فرنسية مجموعة من الأدباء الجزائريين للمشاركة في‮ تظاهرة أدبية،‮ وأصدرت كتابا ضم قصصا جزائرية بدون اسم الطاهر وطار الذي‮ اتهم جاووت بالضلوع في‮ عملية الإقصاء التي‮ استهدفته مثلما استهدفت باقي‮ الكتاب الجزائريين باللغة العربية‮. غضب وطار،‮ وعقد ندوة صحفية باتحاد الكتاب الجزائريين في‮ شهر رمضان سنة ‮1991 ،‮ واتهم اللوبي‮ الفرانكفوني‮ بالجزائر بمحاولة طمس الأدب الجزائري‮ الوطني‮. وكان‮ يقصد الطاهر جاووت والأستاذة الجامعية كريستيان شولي‮ عاشور‮.
لا أذكر أنني‮ سألت جاووت عن أسباب إغفاله إدراج اسم وطار،‮ لكن المؤكد هو أن نية الإقصاء كانت مقصودة من الطرف الفرنسي،‮ ولم‮ يكن جاووت سوى أداة لتنفيذ الفكرة التي‮ تقوم على التقسيم بين المعربين والمفرنسين،‮ وإذكاء نار الفتنة بينهما‮. وقد أصبح هذا التقسيم أكثر بروزا عقب تخلي‮ رشيد بوجذرة عن الكتابة باللغة الفرنسية وتفضيله الكتابة باللغة العربية‮. تسأل كثير من المثقفين عن الأسباب التي‮ دفعت جاووت لأن‮ يكون أداة لتنفيذ فكرة التقسيم داخل الأدب الجزائري،‮ هو الذي‮ راح‮ يتعلم اللغة العربية،‮ وأبدى استعدادا للكتابة بها،‮ وسيظل هذا السؤال قائما‮ يؤرق المهتمين بتاريخ الأفكار في‮ الجزائر‮.
اعتبر وطار ما أقدم عليه جاووت بمثابة خطأ لا‮ يغتفر،‮ فازداد فارق الهوى بين الكاتبين دون أن تحدث تجاوزات ومُلاسنات وحرب كلامية بين الكاتبين‮. اهتم وطار بمجلة التبيين،‮ وأصدر جاووت أسبوعية‮ ''‬القطيعة‮''‬،‮ بينما أخذت الظروف السياسية تأخذ منحنا خطيرا،‮ فساهمت في‮ تعميق فارق الهوى بين الرجلين‮. اتخذ وطار موقفا معاديا لتوقيف المسار الانتخابي،‮ بينما اعتبره جاووت بمثابة فعل أنقذ الجمهورية‮.
ولما اغتيل جاووت،‮ قال وطار كلمته الشهيرة‮: ''‬رحيل جاووت‮ يعد بمثابة خسارة لعائلته ولفرنسا‮''. ليعبر بالتالي‮ عن موقف سياسي‮ من تيار فكري‮ اعتبره بمثابة الخصم وليس بمثابة العدو‮. فرقت السياسة بين الرجلين،‮ لكن الأدب جمعها،‮ وسيظل‮ يجمعهما،‮ فكلاهما ترك أعمالا أدبية تقرأ جنبا لجنب‮. ومع مرور الزمن سينسى الناس خلافاتهما السياسية،‮ لأن الأعمال الأدبية هي‮ التي‮ ستخلد وتقاوم حماقات الرجال وصراعاتهم‮.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.