أكد، أمس، رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، بأن القطاع الوحيد الذي نجح فيه مشروع إصلاح العدالة هو تحسين وضعية السجون وأنسنتها، حيث "تتجاوز المؤسسات العقابية الجزائرية في الوقت الراهن المعدلات الدولية التي تنص على توفير ثمانية أمتار مربع على الأقل لكل سجين". استكمالا للتقرير السنوي الذي كشفت عنه اللجنة الحقوقية التابعة لرئاسة الجمهورية، قبل أيام، والمتعلق بالوضعية الحقوقية في الجزائر لسنة 2012، أوضح الأستاذ فاروق قسنطيني في تصريح أدلى به ل«الخبر” أمس، بأن “الأوضاع العامة للسجون تحسّنت بشكل لافت وملموس، باعتبار أن ظاهرة الاكتظاظ التي عانت منها المؤسسات العقابية الجزائرية طيلة عقود من الزمن، وتسببت في تداعيات خطيرة على نزلائها، سيتم التخلص منها بشكل نهائي مع نهاية 2014، تاريخ الاستلام الرسمي لزهاء 13 مؤسسة عقابية توجد محل إنجاز في مختلف ولايات الوطن”. وحسب المتحدث، فإن المساحة الحالية المخصصة لكل سجين تعادل تسعة أمتار مربع، ما يعني احترام المعدلات الدولية التي تُلزم توفير ثمانية أمتار مربع على الأقل لكل مسجون، مع ترقب ارتفاع هذه المساحة بشكل معتبر غضون السنة المقبلة. مضيفا بأن التحسن في أماكن الاحتباس لم يقتصر على المساحة، بل تعداه إلى مختلف الضروريات والمعايير الدولية من نظافة، وتكفل، وإطعام وغيرها من المستلزمات التي تضمن حقوق وكرامة هؤلاء المساجين أثناء تأدية فترة عقوبتهم، “وهي حقيقة وقفنا عليها في مختلف المعاينات والزيارات التي قادتنا إلى كثير من المؤسسات، بدليل أن عدد السجناء الذين اجتازوا امتحانات شهادة البكالوريا هذا الموسم ارتفع إلى حدود 532 مرشح، ناهيك عن المئات من الذين يخضعون للتكوين في مختلف الحرف والمهن”. وفي ذات السياق، أوضح قسنطيني بأن “إجمالي عدد المساجين الطبيعي في الجزائر لا يتجاوز 40 ألف مسجون على أقصى تقدير لو تم احترام القانون من قبل الهيئات القضائية، وبالتحديد قضاة التحقيق”، مضيفا بأن “15 ألف مسجون على الأقل موجودون داخل أسوار المؤسسات العقابية دون إثباتات قوية وأدلة دامغة في إطار الحبس المؤقت، الأمر الذي يضرب في الصميم قرينة البراءة المكفولة قانونا لكل مواطن يتعرض لاتهام من أي جهة أو طرف”. واستشهد رئيس اللجنة على كلامه، بالعدد الهائل للأشخاص الذين يقبعون داخل السجون مقارنة بالكثافة السكانية، والذي يتجاوز معدل 55 ألف سجين. في حين، أن تعداد النسمة في فرنسا مثلا يناهز السبعين مليون مواطن، بينما إجمالي المساجين لا يتعدى في أسوأ الحالات عندهم 65 ألف مسجون، “الأمر الذي نُعزيه في اللجنة إلى المغالاة في إصدار أوامر الحبس التي تحوّلت إلى ثقافة قائمة بذاتها، بالرغم من التنديدات والتحذيرات التي نوجهها في كل مرة”، مضيفا بأن هيئته لا تؤمن بالتربية داخل السجن الذي يعتبر فشلا لجميع المعنيين بالمنظومة من محامين، وقضاة ومجتمع.