وزير العدل حافظ الأختام يؤكد: على المحامين تحقيق الأمن القانوني و القضائي جذبا للاستثمار    وزير خارجيتها عقب استقباله من طرف رئيس الجمهورية: سلطنة عمان تتطلّع إلى المزيد من الازدهار في علاقاتها مع الجزائر    المدرسة العليا للإدارة العسكرية "أخاموخ الحاج موسى" بوهران: استعراض تكتيك لوجيستي افتراضي لصد العدو عبر الحدود    تكرس لتعاون مثمر يعزز دور القطاع في الاقتصاد الوطني: توقيع 3 اتفاقيات لمشاريع منجمية و تعدينية مع شركاء أجانب    لمرافقة حاملي المشاريع و ترقية الفكر المقاولاتي: اتفاقية إطار بين مجمع سونلغاز والمجلس الأعلى للشباب    إنتاج الصفائح المعدنية الخاصة بالسيارات قبل نهاية السنة: مشروع لتصنيع الألمنيوم بالجزائر    تصويت الجمعية الأممية على مشروع قرار بشأن فلسطين: مكسب سياسي يعطي زخما أكبر للعضوية الفلسطينية    وزير المجاهدين لدى إشرافه على ختام ملتقى دولي بقالمة: مجازر 8 ماي جريمة لا يمكن أن تُنسى وتُطوى بالتقادم    تأخّر لعدة سنوات: فلاحون يثمّنون قرب الانطلاق في إنجاز سد واد لزرق بخنشلة    حجز 6 آلاف قرص مهلوس و كمية من الكوكايين    الرابطة المحترفة: مهمة معقدة تنتظر الرائد وصراع الوصافة عنوان الجولة    توّج بثاني ألقابه في أوروبا: عمورة أفضل عربي في الدوري البلجيكي    خنشلة: حجز 49 كلغ من الدجاج غير الصالح    الفيلم عرض بقسنطينة بحضور صناعه ونجومه    بغرض تسهيل تنقلهم نحو أرض الوطن دون تأشيرة مسبقة: نواب ممثلون للجالية الوطنية يثمنون قرار رئيس الجمهورية    مجلس أعلى للصحافة هو الحل..!؟    تبادل وجهات النظر حول مستجدات القضية الفلسطينية    فلسطين ستواصل مساعي الحصول على العضوية بقرار من مجلس الأمن    "أونروا" تطالب بوقف إطلاق النار واستئناف المساعدات    البوليساريو تحصي مكاسبها في ذكرى التأسيس    جيشنا قوّي وسيتقوى أكثر لصون استقلال الجزائر    تخرج 71 طالبا من بينهم 32 من جنسية إفريقية    آفاق واعدة للنشاط المنجمي بفضل تجند الكفاءات الوطنية    منتخبنا لأقل من 20 سنة يحرز9 ميداليات جديدة    اختتام ورشة العمل بين الفيفا والفاف    ورشة عمل حول المواضيع الابتكارية المقترحة    ملتقى إعلامي جهوي حول تصدير التمور    وزارة المالية تطلق دعوة للترشح.. قريبا    سكيكدة..حديقة إيكولوجية لمواجهة "تغوّل الإسمنت"    دعوة المحامين لتدعيم الأمن القانوني جذبا للاستثمار    مولوجي تفتح الآفاق أمام إبداعات المرأة    إقبال كبير على الفيلم الفلسطيني "معطف حجم كبير"    9 روايات في القائمة القصيرة لمسابقة "فواصل"    استئناف حجز تذاكر الحج لمطار الجزائر    انطلاق مشاريع صحية جديدة بقالمة    تمديد عقود توظيف الأعوان لاستكمال الإحصاء العام للسكان    "فيفا" يتلقى تهديدا    ماكرون يمارس أقصى ضغط على ريال مدريد    شبيبة القبائل - شباب قسنطينة    قانون الصناعة السينماتوغرافية يدخل حيز التنفيذ    ملتقى حول "التراث الثقافي المخطوط"    ظاهرة خطيرة تستفحل في مواقع التواصل    العائلات لا تولي أهمية لبرامج الرقابة الأبوية    معا لأجل حماية التراث الفلسطيني من التهويد    أونروا : وقف إطلاق النار "الأمل الوحيد لتجنب إراقة المزيد من الدماء ويجب إعادة فتح طرق المساعدات"    حجز نحو 1 كلغ من المخدرات بحوزة ثلاثيني    عين الدفلى : توقيف 7 أشخاص وضبط 56340 قرص مهلوس    استحسن التسهيلات المقدمة من السلطات : وفد برلماني يقف على نقائص المؤسسات الصحية بقسنطينة في مهمة استعلامية    دورات تكوينية لفائدة وسائل الإعلام حول تغطية الانتخابات الرئاسية بالشراكة مع المحكمة الدستورية    مجلس الأمة يشارك في مؤتمر القيادات النسائية لدعم المرأة والطفل الفلسطيني يوم السبت المقبل بالدوحة    خنشلة.. انطلاق الحفريات العلمية بالموقع الأثري قصر بغاي بداية من يوم 15 مايو    المعرض الوطني للصناعات الصيدلانية بسطيف: افتتاح الطبعة الثانية بمشاركة 61 عارضا    لا تشتر الدواء بعشوائية عليكَ بزيارة الطبيب أوّلا    اللّي يَحسبْ وحْدُو!!    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    هول كرب الميزان    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في عوامل وحدة المجتمع المسلم
نشر في الخبر يوم 31 - 05 - 2015

يقول الله سبحانه وتعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، لقد تضافرت عوامل عدَّة كانت سببًا فيما تحقّق للأمّة الإسلاميَّة في عصرها الأوّل من قوّة مادية ومعنوية، حيث تأتي العقيدة على رأس هذه العوامل جميعًا، لأنَّها تغَلغَلت في قلوب الّذين آمنوا بها؛ وكانت حيَّةً قويةً مهيمنةً، وكانت إشعاعاتها مؤثّرةً في الفكر والسُّلوك والحركة الفوّارة المتجدّدة.
كانت وحدة المجتَمَع أثرًا من آثار العقيدة؛ لأنَّها ثمَرَة من ثمرات الإيمان بعقيدة التَّوحِيد، فالخالق المعبود واحد وهو الله تعالى، والنَّاس أمامه سواء لا يتفاضلون إلاّ بعمل صالح يتقرّبون به إليه، وقد كان المسلم بمقتضى الإيمان وحده، ودون شروط أخرى يكتسب ما يمكن أن نسمِّيَه: “حقّ المواطنة في المجتَمَع الإسلامي الكبير”، ويكون له بمقتضى هذا أن يتمتَّع بسائر الحقوق من العون والرّعاية، وتحقيق الفرص للعلم والعمل والحركة الطّليقة في كلّ بلاد الإسلام دون قيود أو عقبات، ومن المألوف في تراجم العلماء أن يولد الرّجل في مكان من الأرض الإسلاميَّة، ثمّ يتعلّم في بلد آخر، ثمّ يتولّى القضاء أو الإفتاء أو الإمارة أو الوزارة ونحوها في بلد آخر، وهكذا.
وإنّ أوّل هذه العوامل قوّة المسلمين الحقيقة والّتي تكمن في انتسابهم الحقيقي للإسلام، فليست قوّتهم في حسبهم أو نسبهم، بل قوّتهم في اعتزازهم بدينهم، ولمّا قَدِم عمر بن الخطاب رضي الله عنه على بيت المقدس أراد الصّحابة أن يجعلوا له ثوبًا يناسب دخوله، وقد اتّسخ ثوبه الّذي عليه، فزجرهم وقال: “إنّا قوم أعزّنا الله بالإسلام، فلن نلتمس العِزّة بغيره”، فالعزّة تكون لأهل الدّين بدينهم: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}، ويقول الله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}، قال الإمام الطبري رحمه الله: “وإنّ هذا القرآن الّذي أوحي إليك يا محمّد الّذي أمرناك أن تستمسك به لشرف لك ولقومك من قريش”، ويقول جلّ وعزّ: {لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: “شرفكم”، فهذه الآيات العظيمات تخبر أنّ هذا الدّين فيه الشّرف والذِّكر، والعزّ والتّمكين، والرِّفعة.
وقد كثرت في هذه الأيّام النّعرات الجاهلية، والتعصّبات القبلية، ولكن مع هذا سنظلّ نردّد ونقول: “لا عزّة إلاّ بالإسلام”، وكلّما ابتعد المسلمون عن دينهم كلّما قلّت قوّتهم، وازداد وهنهم، وتسلّط عليهم عدوّهم، فلا حياة إلاّ بالإسلام، ولا أمن إلاّ بالإيمان، وصدق إقبال إذ قال:
إذا الإيمان ضاع فلا أمان
ولا دنيا لمَن لم يحي دينَا
ومن رضي الحياة بغير دين
فقد جعل الفناء لها قرينًا
لقد أدرك أعداء الإسلام بأنّ قوّة المسلمين تكمن في اجتماعهم حول مبادئ هذا الدّين، وتمسّكهم برابطة الأخوة الإسلامية الّتي تضمّهم على اختلاف أجناسهم وألوانهم، ولذلك كان لا بدّ من فصم عُرى هذه الأخوة الّتي تشدّ المسلم إلى أخيه، وتكوّن منهم قوّة رهيبة يحسب لها الأعداء ألف حساب كما جاء في حديث المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: “ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادّهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضوًا تداعى له سائر جسده بالسّهر والحُمّى”.
فالمؤمن قويّ بإخوانه ضعيف بنفسه، فهو لهم وهم له يعينونه إذا شهد ويحفظونه إذا غاب يواسونه عند الشدّة ويؤنسونه عند الوحشة، والمؤمن للمؤمن كالبُنيان يشدّ بعضه بعضًا، ومن أين تأتي القوّة عند المسلمين وهم دول متفرّقة وأحزاب متناثرة تلهث وراء الدّنيا بزخارفها. وإن الأعداء لم ينتصروا علينا بقوّتهم أو بأسلحتهم بل انتصروا بضعفنا وهواننا وترك ديننا وابتعادنا عنه وتمزّقنا.
والله تعالى أمرنا بالوحدة والاجتماع وترك الفرقة والاختلاف، قال تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}، وجاء في أضواء البيان: “نهى الله جلّ وعلا المؤمنين في هذه الآية الكريمة عن التّنازع، مبيّنًا أنّه سبب الفشل وذهاب القوّة، ونهى عن الفرقة أيضًا في مواضع أخرى، وقوله: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} أي قوّتكم، قال بعض العلماء: نصركم كما تقول العرب الرّيح لفلان إذا كان غالبًا، فأيّ ريح للمسلمين وبعضهم يقتل بعض، وأين قوّة المسلمين وكلّ مجموعة منهم قد تشرذموا وتقوقعوا، فلا يعرفون إلاّ أنفسهم، وأيّ مهابة للمسلمين ستبقى عند أعدائهم وكلّ قُطر من بلاد الإسلام بعيد كلّ البُعد عن الوحدة الإسلامية.
ومن أعظم أسباب الوحدة والتّلاحم ومتانة التّماسك بين المسلمين: تحقيق الأخوّة الإسلامية، فإنّ الأخوّة هبَة من الله سبحانه وتعالى، يهبها لمَن أخلص من عباده من الأتقياء الأصفياء، يقول تعالى: {وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}، والأخوّة هي قوّة إيمانية تبعث المحبّة الصّادقة، والوُد الحقيقي بين كلّ الموحّدين ممّن تربطهم كلمة التّوحيد، فيتعاونون فيما بينهم، وتظهر بينهم صفات جميلة جدًّا من إيثار ورحمة، وعفو وتكافل وتعاون وتسامح.
كلية الدراسات الإسلامية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.