حج 1446ه: انطلاق أول رحلة للحجاج السبت المقبل    المحافظة السامية للأمازيغية: الجزائر واحدة وموحدة والهوية الوطنية ليست موضوعا للتشكيك    تسجيل أزيد من 4900 مخالفة تجارية خلال ال 4 أشهر الأولى للسنة الجارية ب 7 ولايات غرب الوطن    وهران: أبواب مفتوحة على المصلحة الوطنية لحراس السواحل    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 52495 والإصابات إلى 118366    الجزائر وغانا تجدّدان التزامهما بتعزيز الشراكة    الخناق يضيق على روتايو    الأمم المتحدة تحذّر من جرائم الحرب بمالي    سوريا.. الفتنة التي لا تهدأ    هذا موعد انطلاق الموسم المقبل    تأشيرة الصعود إلى قسم الكبار في المزاد    الألعاب الإفريقية للرياضة المدرسية 2025 : اجتماع رؤساء البعثات يومي 19 و20 مايو بالجزائر العاصمة    توقيف 6 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    مرّاد يشيد بالجهود المبذولة    مصالح الرقابة تسجّل أزيد من 1500 مخالفة    انطلاق دورة تدريب القادة الشباب    هذا ما ينصّ عليه مشروع قانون التعبئة..    الجزائرية للمياه: توقيع خمس اتفاقيات لعصرنة تسيير خدمات المياه    وزارة التربية تعلن عن انطلاق عملية سحب استدعاءات امتحاني "البيام" و"الباك"    إطلاق خدمة جديدة عبر الانترنت على مستوى بوابة جبايتك    الصحفيون الفلسطينيون يحيون اليوم العالمي لحرية الصحافة في ظل انتهاكات المحتل الصهيوني وصمت المنظمات الدولية المعنية بحمايتهم    مؤتمر الاتحاد البرلماني العربي: الجزائر تدعو إلى تحرك عربي مشترك تجاه القضايا المصيرية    كرة القدم/ بطولة إفريقيا للمحليين 2025 (الدور التصفوي الأخير): آخر حصة تدريبية للخضر قبل مواجهة غامبيا    وزير الاتصال يترحم على أرواح شهداء مهنة الصحافة    انطلاق أشغال الجلسات الوطنية للوقاية من السرطان ومكافحته    كرة القدم داخل القاعة/كأس الجزائر: أتلتيك أوزيوم يفوز على نادي بئرمراد رايس ويتوج باللقب    لا تراجع عن الزيادة في الأجور والتخفيف من الضرائب    الخليفة العام للطريقة التجانية الشيخ علي بلعرابي يؤدي صلاة الجمعة بواغادوغو    أم الطوب تستذكر الشهيد البطل مسعود بوجريو    مهرجان تقطير الزهر والورد يعبّق شوارع سيرتا    خرجات ميدانية مكثفة من مسؤولي عنابة    174 عائلة تستفيد من سكنات جديدة ببلدية أرزيو    انطلاقة مثالية للمنتخب الجزائري وطموح 15 ميدالية ذهبية في المتناوَل    نادي ليفربول يصرّ على ضم ريان آيت نوري    الذكاء الاصطناعي رفيق التراث وحاميه الأمين    تقوية الروابط الروحية بين زوايا منطقة غرب إفريقيا    الطبعة ال29 لمعرض مسقط الدولي للكتاب : مشاركة لافتة للناشرين الجزائريين    عرضان إيطالي وفرنسي قد يُخرجان بن سبعيني من ألمانيا    تطوير شعبة الليثيوم وفق الرؤية الاستراتيجية للرئيس تبون    رئيس الجمهورية وحّد الرؤية نحو جزائر وقوية وآمنة    الطبعة الأولى للصالون الدولي للكهرباء والطاقات المتجددة من 17 الى 19 نوفمبر 2025 بالعاصمة    الاتحاد البرلماني العربي: دعم القضية الفلسطينية ثابت لا يتزعزع    وزير النقل يترأس اجتماعًا لتحديث مطار الجزائر الدولي: نحو عصرنة شاملة ورفع جودة الخدمات    البروفيسور مراد كواشي: قرارات تاريخية عززت المكاسب الاجتماعية للطبقة العاملة في الجزائر    إعفاء البضائع المستعملة المستوردة المملوكة للدولة من الرسوم والحقوق الجمركية    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    عميد جامع الجزائر يُحاضر في أكسفورد    تم وضع الديوان الوطني للإحصائيات تحت وصاية المحافظ السامي للرقمنة    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود    المحروسة.. قدرة كبيرة في التكيّف مع التغيّرات    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سماحة الإسلام ويسره

يتعرّض ديننا الإسلامي لحملات تشويه مستمرة نتيجة لبعض الأفعال (الإرهابية) المنسوبة زورًا وبهتانًا لبعض الشباب المسلم، بالرغم ما يحيط تلك الأعمال من الشبهات والثغرات في دوافعها ومن يقف وراءها.
إنّ الدّين الإسلامي هو دين الرّحمة والسّلام للمسلمين وغيرهم، قال تعالى: ”وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين”، إنّه دين السّماحة واليُسر، لا عسر فيه ولا تعسير، ولا عنت فيه ولا مشقة ”لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ”، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ، قال: ”إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً”. فهذا الدّين قائم على الرّحمة والسّماحة واليُسر.
وفي تشريعاته مظاهر بيِّنة للرّحمة والسّماحة مع غير المسلمين، لكي يدرك غير المسلمين أنّ هذا الدّين من لدن حكيم عليم رحيم بخلقه، إنّ هذا الدّين يُسْر في شؤونه كلّها، وفي أموره جميعها، عقائده أصح العقائد وأقومُها، وعباداته وأعماله أحسن الأعمال وأعدلها، وأخلاقه وآدابه أزكى الآداب وأتَمَّها وأكملها، دين مُتمِّم في عقائده وعباداته وآدابه وأخلاقه ومعاملاته، فوجب على أهله أن يعرفوا دينهم معرفة صحيحة، وأن يستمسكوا به استمساكًا تامًّا، فهو دين قويم وصراط مستقيم وهدي قاصد، لا وكس فيه ولا شطط.
إنّ ديننا الميسّر ينهى المؤمنين عن التشدُّد والمغالاة والرّعونة، ولهذا يقول عليه الصّلاة والسّلام: ”لن يُشاد الدّين أحدٌ إلاّ غلبه”، فحذَّر من المشادّة أشدّ التّحذير، ونهى عنها أشدَّ النهي، والمشادّة تكون بالمغالاة في هذا الدّين، ومجاوزة حدوده وعدم ارتضائه والقناعة بأحكامه وأوامره ونواهيه، فالمتشدِّد المغالي لا يقف عند حدود الشّريعة، ولا يتقيَّد بضوابطها ولا يرعى آدابها وأحكامها، وإنّما تكون معاملته بناء على ما تمليه عليه شدّته ورعُونته، ثمَّ يقع الفساد والانحراف والزّلل، ولن يشادّ الدّينَ أحدٌ إلاّ غلبه، لأنّ الدّين له العلو وله الرِّفعة، وله الظهور وله التمكُّن، فمَن شادّ الدّين غلبه الدّين، فرجع القهقرى، ولم يفز من شدّته ورعونته إلاّ بالخسارة والحِرمان، والإساءة لهذا الدّين العظيم...
فشرائع الإسلام كلّها يُسر ”يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر”، ”وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ”، ”لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا”، ”فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ”، ويقول الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: ”إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتُم”، ويقول صلّى الله عليه وسلّم ”بُعِثت بالحنيفية السّمحة”، وقد راعى الله سبحانه في هذا الدّين العظيم أحوال عباده رحمة بهم وتخفيفًا عليهم، فشرع لكلّ حالة ما يتناسب معها، فرخّص للمسافر بالإفطار في نهار رمضان والقضاء من أيّام آخر يكون صيامها أسهل عليه.
ورخّص له بقصر الصّلاة الرباعية إلى ركعتين، وأباح له الجمع بين الصّلاتين في وقت إحداهما، وشرع للخائف أن يصلّي على حسب حاله ماشيًا أو راكبًا مستقبل القبلة وغير مستقبلها ”فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا”، وشرع للمريض أن يصلّي على حسب استطاعته قائمًا أو قاعدًا أو على جنب. ورفع سبحانه عن هذه الأمّة المؤاخذة بالخطأ والنِّسيان وما استكرهوا عليه: ”رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا”.
إنّ دين الله تعالى يحمل في تطبيقه السّعادة والعدالة للنّاس، ولا يحمل الشّقاء والعذاب، فالإنسان الّذي يأخذ هذا الدّين كما أراده الله تعالى باعتدال وفهم ووعي ينال السّعادة والنّجاة في الدّنيا والآخرة، وأمّا الّذي يشادّ فيه ويتشدّد في غير موضع التشدّد، ويحرم الحلال والمباح، فإنّه ينال الشّقاء والعذاب في الدّنيا والآخرة، يشير إلى هذا المعنى ربّنا عزّ وجلّ في أوّل سورة طه قائلاً: ”طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى”، ويقول عليه الصّلاة والسّلام: ”هلك المتنطّعون، قالها ثلاثًا”، والمتنطّعون كما فسّره النووي رحمه الله: المتعمّقون المشدِّدون في غير موضع التّشديد.
فقبول الطّاعة غير مرتبط بمدى التّعب والنّصب، لأنّ الله تعالى لا يحبّ أن يُطاع بغير ما أنزله على عباده، فالّذي يعبد الله ليلًا ونهارًا بشكل يُخالف منهج الله تعالى لا تقبل عبادته مهما أتعب نفسه وأرهقها، والله عزّوجلّ في غنى عن أعمال العباد، ولكنّه جلّ شأنه يفرح عندما يرى عباده على دينه القويم، تقول أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: إن ّالنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم دخل عليها وعندها امرأة قال: ”مَن هذه؟” قالت: فلانة، تذكر من صلاتها، قال: ”مهْ عليكم بما تطيقون فوالله لا يَمَلُّ الله حتّى تَملوا”، وكان أحبّ الدِّين إليه ما داوم صاحبه عليه. ويقول أنس بن مالك رضي الله عنه: دخل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فإذا حبل ممدود بين السّاريتين فقال: ”ما هذا الحبل؟” قالوا: هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلّقت، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”لا حُلُّوه ليُصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد”.
تميل النّفس البشرية دائمًا إلى السّماحة والسّعَة في كلّ شيء، وتضيق ذرعًا بالمشقّة والعنت في كلّ شيء أيضًا، كما تميل هذه النّفس إلى أولئك النّاس الّذين ينتهجون السّماحة في حياتهم وتتعلّق بهم أكثر من الّذين ينتهجون خلاف ذلك.
فالتشدّد الّذي في غير موضع التشدّد ينفّر النّاس من الدّين، ويجعلهم يسلكون مناهج أخرى في الحياة غير منهج الله، وهذه هي طبيعة البشر، تريد اليسر والسّعة والسّماحة ولا تطيق غيرها. يقول أبو هريرة رضي الله عنه: بال أعرابي في المسجد فقام النّاس إليه ليقعوا فيه فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ”دعوه وأريقوا على بوله سَجْلا من ماء أو ذَنوبًا من ماء، فإنّما بُعِثتم مُيَسِّرين ولم تُبعثوا مُعَسِّرين”.
ومن أجل ذلك أوصى النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم معاذًا وأبا موسى رضي الله عنهما باليُسر عندما بعثهما إلى اليمن فقال: ”يَسّرا ولا تُعسّرا، وبَشّرا ولا تُنفِّرا وتطاوعَا ولا تختلفَا”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.