وسط ترقب الدوري السعودي.. ميلان يضع بن ناصر على لائحة البيع    حنكة دبلوماسية..دور حكيم ثابت وقناعة راسخة للجزائر    أكنّ للجزائر وتاريخها العريق تقديرا خاصا..وكل الاحترام لجاليتها    مهرجان عنابة..عودة الفن السابع إلى مدينة الأدب والفنون    إبراز البعد الفني والتاريخي والوطني للشيخ عبد الكريم دالي    التراث الثقافي الجزائري واجهة الأمة ومستقبلها    مطالبات بتحقيقات مستقلّة في المقابر الجماعية بغزّة    تقرير دولي أسود ضد الاحتلال المغربي للصّحراء الغربية    استقالة متحدّثة باسم الخارجية الأمريكية من منصبها    تكوين 50 أستاذا وطالب دكتوراه في التّعليم المُتكامل    ثقافة مجتمعية أساسها احترام متبادل وتنافسية شريفة    العاصمة.. ديناميكية كبيرة في ترقية الفضاءات الرياضية    حريصون على تعزيز فرص الشباب وإبراز مواهبهم    وكالة الأمن الصحي..ثمرة اهتمام الرّئيس بصحّة المواطن    تحضيرات مُكثفة لإنجاح موسم الحصاد..عام خير    تسهيلات بالجملة للمستثمرين في النسيج والملابس الجاهزة    المسيلة..تسهيلات ومرافقة تامّة للفلاّحين    استفادة جميع ولايات الوطن من هياكل صحية جديدة    قال بفضل أدائها في مجال الإبداع وإنشاء المؤسسات،كمال بداري: جامعة بجاية أنشأت 200 مشروع اقتصادي وحققت 20 براءة اختراع    الشباب يبلغ نهائي الكأس    بونجاح يتوّج وبراهيمي وبن يطو يتألقان    خلافان يؤخّران إعلان انتقال مبابي    بعد إتمام إنجاز المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية: سيساهم في تعزيز السيادة الرقمية وتحقيق الاستقلال التكنولوجي    سوناطراك تتعاون مع أوكيو    الأقصى في مرمى التدنيس    حكومة الاحتلال فوق القانون الدولي    غزّة ستعلّم جيلا جديدا    جراء الاحتلال الصهيوني المتواصل على قطاع غزة: ارتفاع عدد ضحايا العدوان إلى 34 ألفا و356 شهيدا    الأمير عبد القادر موضوع ملتقى وطني    باحثون يؤكدون ضرورة الإسراع في تسجيل التراث اللامادي الجزائري    أهمية العمل وإتقانه في الإسلام    بن طالب: تيسمسيلت أصبحت ولاية نموذجية    هذا آخر أجل لاستصدار تأشيرات الحج    المدرب أرني سلوت مرشح بقوّة لخلافة كلوب    جامعة "عباس لغرور" بخنشلة: ملتقى وطني للمخطوطات في طبعته "الثالثة"    "العميد" يواجه بارادو وعينه على الاقتراب من اللّقب    مدرب مولودية الجزائر باتريس يسلم    أمن دائرة عين الطويلة توقيف شخص متورط القذف عبر الفايسبوك    سيدي بلعباس : المصلحة الولائية للأمن العمومي إحصاء 1515 مخالفة مرورية خلال مارس    أحزاب نفتقدها حتى خارج السرب..!؟    مشروع "بلدنا" لإنتاج الحليب المجفف: المرحلة الأولى للإنتاج ستبدأ خلال 2026    بطولة العالم للكامبو: الجزائر تحرز أربع ميداليات منها ذهبيتان في اليوم الأول    حوالي 42 ألف مسجل للحصول على بطاقة المقاول الذاتي    هلاك 44 شخصا وإصابة 197 آخرين بجروح    حج 2024 :استئناف اليوم الجمعة عملية حجز التذاكر للحجاج المسافرين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    الجزائر العاصمة.. انفجار للغاز بمسكن بحي المالحة يخلف 22 جريحا    من 15 ماي إلى 31 ديسمبر المقبل : الإعلان عن رزنامة المعارض الوطنية للكتاب    المهرجان الوطني "سيرتا شو" تكريما للفنان عنتر هلال    شهداء وجرحى مع استمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة لليوم ال 202 على التوالي    إستفادة جميع ولايات الوطن من خمسة هياكل صحية على الأقل منذ سنة 2021    السيد بوغالي يستقبل رئيس غرفة العموم الكندية    حج 2024: آخر أجل لاستصدار التأشيرات سيكون في 29 أبريل الجاري    رئيس الجمهورية يترأس مراسم تقديم أوراق اعتماد أربعة سفراء جدد    خلال اليوم الثاني من زيارته للناحية العسكرية الثالثة: الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على تنفيذ تمرين تكتيكي    شلغوم العيد بميلة: حجز 635 كلغ من اللحوم الفاسدة وتوقيف 7 أشخاص    الدعاء سلاح المؤمن الواثق بربه    أعمال تجلب لك محبة الله تعالى    دروس من قصة نبي الله أيوب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"لا يمكن للجزائر أن تكون دركيا لأوروبا"
نشر في الخبر يوم 02 - 04 - 2018

يتطرق جون أورورك، السفير الأوروبي في الجزائر، في هذا الحوار مع "الخبر"، على أهم ملفات العلاقات الجزائرية - الأوروبية

أجرت الجزائر والاتحاد الأوروبي إعادة تقييم لاتفاق الشراكة بينهما بعد 10 سنوات من تطبيقه. أي مستقبل ينتظر هذا الاتفاق، علما أن هناك شعورا عاما في الجزائر أنه اتفاق لم يحقق الأهداف المرجوة منه، وجعل الجزائر مجرد سوق مفتوحة في اتجاه واحد للأوروبيين؟

يجب علينا وضع الأمور في نصابها.. لقد عمدنا بعد 10 سنوات من تطبيق اتفاق الشراكة إلى إجراء تقييم شامل له، بناء على طلب الشريك الجزائري من أجل الاستفادة منه إلى أقصى درجة، علما أن اتفاق الشراكة الذي يجمعنا هو "اتفاق إطار"؛ أي أنه يفتح فرص الشراكة وفق ما هو متاح من إمكانيات وحسب ما يظهر في المستقبل.
فيما يخص الجانب التجاري لاتفاق الشراكة، الأمور واضحة. يقوم الاتفاق على فتح سوق كل طرف للطرف الآخر، مع إزالة التعريفات الجمركية وباقي الحواجز لضمان حرية تنقل المنتوج.
ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، ثمة بعض التعقيدات؛ لأن الأمر لا يتعلق بالفاعلين الرسميين (الحكومات)، فالمستثمرون الأوروبيون لا يتنقلون إلى الجزائر بتعليمة من الاتحاد الأوروبي، وهم أحرار في اختيار الوجهة التي يريدون، والشيء نفسه ينطبق على المستثمرين الجزائريين في اعتقادي.
لذلك، فإن مسائل التنمية الاقتصادية تظل من اختصاص السلطات الجزائرية، التي إذا وفرت المناخ الملائم لهؤلاء المستثمرين، فإنهم سيختارون الجزائر. وأذكر هنا على سبيل المثال، تسهيلات النظام الضريبي وحق امتلاك الاستثمار الذي هو غير متاح إلا في ظل القاعدة 51/49، وغيرها، وهي كلها قرارات سيدة تتخذها السلطات الجزائرية ولا دخل لنا فيها.
بعد إجراء عملية إعادة التقييم، اتفقنا على العمل من أجل مرافقة السلطات الجزائرية في تحسين مناخ الأعمال، وملاءمة سوق العمل لاحتياجات الشباب، وكذلك مراقبة السوق وحماية المستهلك، وغيرها. لكن هذا كله مجرد مساعدة ومرافقة، وعلى الجزائر أن تقوم بتحديث قوانينها وإعادة هيكلتها وفق المقاربة الجديدة.

هل الأمور تسير في الطريق الصحيح بعد إعادة التقييم وتحديد الأولويات الجديدة؟

لا أخفي عنكم أن بعض الإجراءات التي اتخذتها السلطات الجزائرية بعد إجراء إعادة التقييم، هي في اعتقادنا غير مناسبة ولن تساعد الاقتصاد الجزائري على تنويع موارده والاستجابة للاحتياجات الداخلية. أذكر على سبيل المثال منع استيراد بعض المنتجات، فبغض النظر إن كان هذا ليس في صالح المصدرين الأوروبيين، يعد هذا الإجراء ضارا للاقتصاد الجزائري، لأنه قد يمنع وصول مدخلات ضرورية لبعض الصناعات الداخلية، وهذا من شأنه معاقبة المتعاملين الاقتصاديين الداخليين.

لكن مواصلة الاستيراد بتلك الطريقة كان سيكلف الجزائر نفاذ احتياطها من العملة الصعبة سريعا؟

صحيح أن معدل انخفاض احتياطي الصرف بتلك الطريقة قد تم تخفيضه، لكننا لا نعتقد أن ذلك هو الطريقة المثلى للتعامل مع تآكل هذا الاحتياطي.. ما أريد قوله؛ أن الاتحاد الأوروبي يرى مصلحته في أن يكون الاقتصاد الجزائري قويا وفعالا، وليس العكس، فنحن لسنا كما يجري تصورينا باحثين فقط عن أن نبيع أكبر قدر من المنتجات إلى الجزائر، دون أن تكترث لوضعها.

مادمتم حريصين على الجزائر كما تقول.. ماذا يمكن لكم أن تفعلوا من أجل مساعدتها على اجتياز هذه الأزمة المالية الصعبة التي تمر بها؟

لا أريد لتصريحاتي أن تفهم على أنها وصفة جاهزة على الجزائر أن تطبقها.. نعتقد أنه يجب وضع إجراءات لحماية الصناعات الوليدة، لكن ذلك ينبغي أن يكون بالتوافق مع الشريك الأوروبي في إطار الاتفاق الذي يجمعنا.
الجزائر في اعتقادي لا تستطيع لوحدها تطوير اقتصادها وهي بحاجة إلى التكنولوجيا والمساعدة في هذا المجال. المستثمرون هم غالبا المصدرون الأوروبيون حاليا للجزائر، إذا قرروا يوما تحويل جزء من إنتاجهم هنا، لذلك ينبغي اتخاذ إجراءات لتشجيعهم على المجيء، وليس إخافتهم عبر ما تم مؤخرا من غلق للتجارة الخارجية. نعتقد أن طريقة العمل الجزائرية فيما يخص الإجراءات الأخيرة، تنقصها الشفافية، وهو ما يهدد بجلب الضرر للاقتصاد الجزائري، ولا أتحدث فقط من زاويتنا كأوروبيين.
هناك عناصر أخرى في السياسة الاقتصادية المتبعة في الجزائر، لدينا شكوك في نجاعتها. الدينار مثلا ليس عملة قابلة للتحويل، وهذا ما يجعل له تداعيات اقتصادية ثقيلة جدا. نحن ندعو لوصفة اقتصادية تقوم على الانفتاح، حتى وإن كنا نرى ضرورة حماية الصناعات الوليدة، لكن الاتجاه العام ينبغي أن يكون نحو الانفتاح. المؤسسات الاقتصادية اليوم في عصر العولمة، لا تعترف كثيرا بالحدود، وهي تقوم بالإنتاج في كل مكان يعود عليها بالعائد. لذلك، نحن نعتقد أن الإجراءات الحمائية هي دواء ينبغي تناوله مع الاحتياط الشديد.
نحن نعتقد أيضا أن المفيد هو التمويل المتنوع للميزانية. صحيح أن الجزائر اتخذت قرارا بعدم اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، ومن الجيد للبلد وسيادته أن يكون خاليا من الديون، لكن هل الأفضل هو اعتماد التمويل غير التقليدي (طبع العملة)، مع كل المضار التي يحملها. لن أتوسع كثيرا في هذا الموضوع، لأنها إجراءات تخص السلطات الجزائرية، ولا نعتقد أنها تساعد كثيرا على تنويع الاقتصاد. كما أعتقد أنه لا تزال توجد الكثير من الفرامل في وجه الاستثمار، مثل البيروقراطية وغياب المرونة وعدم القدرة للحصول على العقار.

هل عندما تتخذ الجزائر إجراءات ل "حماية" اقتصادها، مثل منع استيراد منتجات وغير ذلك.. هذا يخالف اتفاق الشراكة؟

دون شك.. فليس هذا هو المنصوص عليه في اتفاق الشراكة. صحيح أن الاتفاق يحتوي على مواد تسمح للطرفين - مادمنا في واقع اقتصادي يتغير - باتخاذ إجراءات إذا كان لهما مشاكل في الميزان التجاري، أو أرادا حماية صناعة وليدة، لكن ذلك لا يكون إلا بالحوار والنقاش حول الخيارات الممكن اتخاذها والمدة الزمنية اللازمة لذلك. هناك العديد من الإجابات التي قد نواجه بها مشكلا محددا، فمثلا للحد من فارق ميزان المدفوعات، يمكن منع الاستيراد بشكل قاطع، أو أن نرفع من الرسوم على السلع، وفي الحالة الثانية يتقلص الاستيراد، وأيضا تضمن الدولة مداخيل إضافية.
بالنسبة لما اتخذته الجزائر من إجراءات، فقد تم وضعنا أمام الأمر الواقع ولم يتم إعلامنا بشيء. لذلك، طلبنا من السلطات الجزائرية العودة إلى روح الاتفاق.
نعتقد أن إجراءات من هذا النوع يجب أن لا تؤدي إلى تحويل الاستيراد إلى وجهات أخرى خارج أوروبا؛ لأننا في إطار تفضيلي يضمنه اتفاق الشراكة وليس من المفهوم أن يتواصل استيراد المنتجات نفسها من وجهات أخرى، بينما يمنع من أوروبا. كان ذلك مع نظام رخص الاستيراد، واليوم بعد استبداله بمنع المنتجات يبدو الأمر أكثر وضوحا من هذه الناحية على الأقل.

بالنسبة لأجندة التفكيك الجمركي.. هل الأمور تسير كما هو مخطط لها؟

بالطبع لا؛ لأن فكرة الرسوم إذا منعنا من الأصل استيراد المنتج، تصبح لا معنى لها، سواء ألغيناه أو أبقينا عليه. نحن في وضع اليوم يخالف فعلا ما تم التوقيع عليه في اتفاق الشراكة. المفوضية الأوروبية، تقدمت باقتراح لعلاج هذه المسائل بما يأخذ بعين الاعتبار بعض الانشغالات للطرف الجزائري التي تم تقديمها شفهيا ولم تصلنا كتابيا.

ما هي المبررات التي يقدمها الطرف الجزائري لإقناعكم بصحة الإجراءات التي اتخذها؟

ما يتم ترديده أنه بتطبيق التفكيك الجمركي مع الاتحاد الأوروبي، خسرت الجزائر نحو 7 مليار أورو من المداخيل الجمركية، في حين لم يتم تعويض ذلك بتصدير منتجات جزائرية إلى أوروبا. ما أود قوله هنا؛ إن خسارة مداخيل جمركية ليس بالضرورة خسارة للجزائر، لأن المستهلك من حيث المبدأ سيدفع أقل للحصول على السلعة. صحيح أن استيراد الجزائر للسلع، لم يواكبه تطوير للصناعات الداخلية التي تضمن لها تنويع اقتصادها، لكن هذا لا يمكن أن نحمله فقط للاستيراد من أوروبا، إذ يجب مراجعة كاملة لبنية الاقتصاد الجزائري من أجل ضمان تحوّله..

لكنكم أيضا في الاتحاد الأوروبي تضعون حواجز غير جمركية تجعل من الصعب على المنتوج الجزائري دخول أسواقكم.. أليس كذلك؟

لا يوجد ذلك.. فقط في المنتجات الفلاحية، السوق الأوروبية ليست مفتوحة تماما كما يعلم الجميع. لكن مع ذلك، نخصص للجزائر حصصا "كوطات" في عدد من المنتجات الفلاحية لتصديرها إلينا، لكن سأفاجئك إذا قلت إن الجزائر لا تملأ 2 بالمائة من هذه الحصص. هذا يكفيني للقول إن بعض الإجراءات التي نتخذها في الميدان الفلاحي، لا تكبح أبدا المنتجات الجزائرية. هناك أمر آخر، فإذا أراد متعامل اقتصادي أن يبيع منتجات في السوق الأوروبية، عليه أولا أن يستجيب للمعايير الأوروبية، وهذا يسري على الجميع، وليس على الجزائر فقط. هذا طبعا تحد للاقتصاديين الجزائريين؛ لأن المعايير الأوروبية هي على أعلى مستوى من حيث الجودة والسلامة لحماية المستهلك الأوروبي. ونحن نريد أن نعمل مع الجزائر في هذا المجال من أجل اعتماد مؤسساتها هذه المعايير. والطريقة الأفضل في رأينا؛ هي في جلب استثمارات إلى الجزائر من أجل إنتاج منتجات تستجيب للمعايير ونقل الخبرة إلى باقي المؤسسات حتى تطور من أدائها.

كيف تنظرون إلى الوضع في الجزائر على الصعيد السياسي والاجتماعي.. هل ما يجري يثير انشغالكم أو حتى مخاوفكم؟

ستكون إجابتي متفاوتة ردا على هذا السؤال. الجزائر بالنسبة لنا توجد في منطقة غير مستقرة وبتحديات عظيمة. بالطبع، ننشغل على الجزائر بسبب هذا الوضع، لأنه جار قريب من حدودنا. بالمقابل، نعتقد أن الجزائر تمثل قطب استقرار في هذه المنطقة، ولا نريد أن نخسر هذا القطب، بل بالعكس نعمل على تقويته ودعمه.
ربما الجزائر في تقدير الأوروبي العادي، هو بلد يمثل بعض الأخطار بخصوص الوضع الأمني، بسبب ذكريات سنوات العشرية السوداء، وهي أكليشيهات لا تزال موجودة. عكس ذلك، تختلف النظرة بالنسبة للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، وأعتقد أن جزءا كبيرا من عملي يتركز حول تصحيح النظرة للجزائر، فيما يتعلق بالوضع العام ومناخ الاستثمار والسياحة وغيرها.
إلى جانب ذلك، وكما هو حال بلد، هناك تحديات كثيرة. البارحة فقط الصحافة كانت ممتلئة بمقالات حول تأثير التيار الإسلامي المتشدد والتأطير الديني داخل البلد. هناك ظواهر تحدث في الجزائر ندرسها ونحاول فهمها، بالطبع كما نفعل ذلك مع دول أخرى.
لا أقول إن الجزائر هي الجنة فوق الأرض، لأنها لا توجد، لكن ليست أيضا تلك الصورة الكاريكاتورية التي يراد إلصاقها بها.

هل أنتم مستعدون لإرسال بعثة لملاحظة الانتخابات الرئاسية في 2019؟

لم تصلنا دعوة لذلك. لا أستطيع إعطاء إجابة محددة. كانت لنا بعثة ملاحظين في 2012 ثم بعثة خبراء بعد ذلك في 2014 و2017، وهو أمر مختلف، لأن بعثة الخبراء تقوم على دراسة المسار الانتخابي والقوانين الموجودة.

لدينا شعور أن الاتحاد الأوروبي أخذ مسافة من الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرتين، عندما لم يرسل بعثة ملاحظين واكتفى فقط بعدد من الخبراء؟

هي مسألة تعبئة موارد بشرية ومادية، وهناك عدة عوامل تتداخل في المسألة. ولا أقول أكثر من ذلك.

إذن، عدم إرسال بعثة ملاحظة ليس موقفا من الاتحاد الأوروبي تجاه الجزائر؟

نحن متمسكون بقوة بأولويات الشراكة التي تجمعنا، خاصة في مسائل دولة القانون والحوكمة. نحن مهتمون بالعمل - إذا أرادت الجزائر - لتطوير الإطار الانتخابي. المهمات التي تحدثت عنها كانت قد تقدمت بتوصيات، ونحن مهتمون بمتابعة تنفيذ هذه التوصيات، عبر الإجراءات والميكانيزمات التي ينبغي وضعها في الميدان. نحن إذن لا نأخذ مسافة من هذه المسألة، ونريد التعاون دون تردد.

ما رأيكم في المقاربة الجزائرية لحل أزمة المهاجرين غير الشرعيين؟ وأين يكمن الخلاف بينكم وبين الجزائر في هذه المسألة؟

بالنسبة للجزائر، أعتقد أنها اتخذت إجراءات إيجابية فيما يخص المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين، حيث من حقهم الاستفادة من التعليم والصحة كما تنصص القوانين والتشريعات، وهذه مقاربة تقدمية تجعل الجزائر أفضل من كثير من الدول في هذا المجال. بالمقابل، لاحظنا الضجة المثارة مؤخرا حول طريقة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، رغم أن وزير الداخلية السيد بدوي تعهد العام الماضي بإعطاء وضع قانوني لبعض المهاجرين يمكّنهم من العمل، وهو الأمر الذي إذا تم سيكون تقدما كبيرا من الجزائر. ما أريد قوله؛ إنه ليس لنا دروس نعطيها لأحد، لكننا نريد التعاون والحوار في هذه المسائل. نقترح مثلا تعاونا ماليا خاصا بمسائل الهجرة في مفهومها الواسع، لا يقتصر فقط على مراقبة الحدود وتفكيك الشبكات الإجرامية التي تتاجر بمآسي المهاجرين، وإنما ما يخص الأسباب العميقة للظاهرة، خاصة المسائل الاقتصادية والاجتماعية، سواء في دول الساحل أو الجزائر.

لكن الجزائر ترفض لحد الآن الاستفادة من الصندوق الخاص بالهجرة الذي وضعه الاتحاد الأوروبي.. ما هي الأسباب في رأيك؟

صحيح الجزائر ترفض الاستفادة لحد الآن، لكن المجال لا يزال مفتوحا أمامها ونتمنى التعاون مستقبلا.

هل هناك إرادة من قِبَلكم لجعل دول الضفة الجنوبية للمتوسط درعا لمنع وصول المهاجرين غير الشرعيين إلى حدودكم؟

الهجرة هي ظاهرة بطبيعتها عابرة للحدود. لذلك، فإن اعتماد مقاربة "الحصن" لن تنفع في معالجتها. ناهيك عن أننا نعتقد أن ثمة آثار إيجابية للهجرة، أثبتتها الدراسات الاقتصادية حول نسبة نمو الناتج المحلي الخام. نحن نؤمن بضرورة اعتماد مراقبة الحدود مع تكييف ذلك بنظام فعال فيما يخص التأشيرة، يسمح بجعل التنقل شرعيا في الحدود الممكنة، دون التخلي عن واجبنا الإنساني بمساعدة وإنقاذ المهاجرين في عرض البحر، وهو ما يقوم به الاتحاد الأوروبي منذ بدء التدفق على حدوده وسمح بإنقاذ عشرات آلاف الأرواح.

هل يعني ما تقول أنكم لا تنوون جعل الجزائر دركي أوروبا لمنع وصول المهاجرين إليكم؟

أريد أن أصحح هنا، أخبارا يتم ترديدها تقول بأن عملية ترحيل المهاجرين من دول جنوب الصحراء التي تقوم بها الجزائر، تتم بإيعاز من الاتحاد الأوروبي، وبأن لدينا نية لجعل الجزائر دركي الضفة الجنوبية. ما أؤكده؛ أن الجزائر حريصة جدا على سيادتها ولا تخضع أبدا لضغط بروكسل أو أي قوى أخرى في هذا الأمر.. بل إننا نرى في رفضها الاستفادة من الدعم الأوروبي حول الهجرة، نوعا من الحذر حتى تحافظ على استقلالها ولا تعطي الانطباع بأنها دركي أوروبا.

ما هو الطرح الذي تقدمونه لحل أزمة الساحل؟

عقدنا ندوة في فيفري الماضي لدعم التحالف من أجل الساحل، وهي مبادرة تحاول إيجاد الحلول للانشغالات الأمنية، وكذلك المشاكل الاقتصادية، لأن المسألتين لا يمكن فصلهما.

هل تتفهمون موقف الجزائر التي لا تريد الانضمام إلى مجموعة الساحل "5 جي 5"؟

أخذنا علما بموقف الجزائر. إذا سألتني هل من الأفضل أن تنضم الجزائر إلى الجهود الدولية في الساحل، فالأكيد سأجيب بنعم، حتى دون أن تنضم بالضرورة إلى تحالف "جي 5". الاتحاد الأوروبي بالمقابل، يشكر الجزائر على جهودها فيما يخص المصالحة في مالي، ويأمل في مواصلة التعاون لحل هذا الموضوع.

السفير الروسي في الجزائر أبدى انشغال بلاده حول القوات الأجنبية الموجودة بالساحل.. ما هو تعليقك؟

(يضحك).. وما قوله في قوات بلاده الموجودة خارج حدود روسيا؟ هذه القوات ليست وجودا استعماريا في المنطقة، وهي موجودة لتكوين جيوش دول المنطقة في مالي والنيجر وغيرها. ليس لنا ما نلام عليه في هذا الموضوع. نحن نتفهم جيدا أن الجزائر لها عقيدة ترفض إرسال جنود لها خارج حدودها، لكن هذا لا يمنعنا من التعاون مع الجزائر؛ لأن المشاكل تتجاوز بكثير قضية المواجهة العسكرية. ما أجده طريفا؛ أن يأتي الانتقاد من روسيا حول وجودنا العسكري في الساحل، وهو بلد ليست له هذه العقيدة وجنوده منتشرون خارج حدوده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.