الجزائر وغانا تؤكدان التزامهما بالحلول الإفريقية وتعززان شراكتهما الاستراتيجية    حرية الصحافة في زمن التحول: مسؤوليات جديدة للإعلام الوطني    الاتحاد البرلماني العربي: دعم القضية الفلسطينية ثابت لا يتزعزع    الرابطة الثانية للهواة - الجولة ال 21: حوار واعد بين مستقبل الرويسات و اتحاد الحراش حول تأشيرة الصعود    انطلاق أشغال الدورة ال 38 للجنة التنفيذية للاتحاد البرلماني العربي بالجزائر العاصمة    البطولة العربية لألعاب القوى بوهران: العداء الجزائري الهادي لعمش يحرز الميدالية الفضية    كرة القدم بطولة افريقيا للمحليين 2025 /غامبيا- الجزائر: الخضر يحطون الرحال ببانغول    شركة بريطانية تتهم المغرب بالاستيلاء على مشروع قيمته 2.2 مليار دولار وتجره للعدالة    انعدام الأمن في فرنسا: تزايد الدعوات المطالبة باستقالة وزير الداخلية    ربيقة يلتقي بمدينة "هوشي منه" بنجل الزعيم الفيتنامي فو نجوين جياب    جيش التحرير الصحراوي يستهدف مواقع جنود الاحتلال المغربي بقطاع البكاري    مراد يشيد بالجهود المبذولة في سبيل تطوير مختلف الرياضات بالجزائر    أضاحي العيد المستوردة: انطلاق عملية البيع الأسبوع المقبل عبر كافة الولايات    المعرض العالمي بأوساكا باليابان: الرقص الفلكلوري الجزائري يستقطب اهتمام الزوار    غلق طريقين بالعاصمة لمدة ليلتين    حجز 4 قناطير من الموز موجهة للمضاربة في تلمسان    وزير النقل يترأس اجتماعًا لتحديث مطار الجزائر الدولي: نحو عصرنة شاملة ورفع جودة الخدمات    صدور المرسوم الرئاسي المحدد للقانون الأساسي لسلطة ضبط الصحافة المكتوبة والإلكترونية    افتتاح الطبعة الرابعة لصالون البصريات و النظارات للغرب بمشاركة 50 عارضا    اليوم العالمي للشغل: تنظيم تظاهرات مختلفة بولايات الوسط    خمس سنوات تمر على رحيل الفنان إيدير بعد مسيرة حافلة دامت قرابة النصف قرن    البروفيسور مراد كواشي: قرارات تاريخية عززت المكاسب الاجتماعية للطبقة العاملة في الجزائر    إعفاء البضائع المستعملة المستوردة المملوكة للدولة من الرسوم والحقوق الجمركية    وزارة الصحة تحيي اليوم العالمي للملاريا: تجديد الالتزام بالحفاظ على الجزائر خالية من المرض    الكشافة الإسلامية الجزائرية : انطلاق الطبعة الثانية لدورة تدريب القادة الشباب    حملاوي تستقبل وفدا عن المنظمة الجزائرية للبيئة والتنمية والمواطنة    يامال يتأهب لتحطيم رقم ميسي    عميد جامع الجزائر يُحاضر في أكسفورد    البنك الإسلامي للتنمية يستعرض فرص الاستثمار    وزير المجاهدين يمثل الجزائر في فيتنام ويؤكد على عمق العلاقات التاريخية بين البلدين    الجزائر تحتضن المؤتمر ال38 للاتحاد البرلماني العربي يومي 3 و 4 مايو    باخرة محملة ب12 ألف رأس غنم ترسو بميناء تنس في إطار برنامج استيراد أضاحي العيد    اتحاد العاصمة ينهي تعاقده مع المدرب ماركوس باكيتا بالتراضي    إدانة شخص بسبع سنوات حبسا نافذا بسوق أهراس    تم وضع الديوان الوطني للإحصائيات تحت وصاية المحافظ السامي للرقمنة    خدمة الانترنت بالجزائر لم تشهد أي حادث انقطاع    تواصل عملية الحجز الإلكتروني بفنادق مكة المكرمة    بلمهدي يدعو إلى تكثيف الجهود    الاختراق الصهيوني يهدّد مستقبل البلاد    وزير الاتصال يعزّي عائلة وزملاء الفقيد    رئيس الجمهورية يتلقى دعوة لحضور القمّة العربية ببغداد    الحصار على غزة سلاح حرب للكيان الصهيوني    المتطرّف روتايو يغذي الإسلاموفوبيا    250 رياضي من 12 بلدا على خط الانطلاق    قافلة للوقاية من حرائق الغابات والمحاصيل الزراعية    انطلاق بيع تذاكر لقاء "الخضر" والسويد    إبراز أهمية تعزيز التعاون بين الباحثين والمختصين    عمورة محل أطماع أندية إنجليزية    المحروسة.. قدرة كبيرة في التكيّف مع التغيّرات    شاهد حيّ على أثر التاريخ والأزمان    ماذا يحدث يوم القيامة للظالم؟    نُغطّي 79 بالمائة من احتياجات السوق    معرض "تراثنا في صورة" يروي حكاية الجزائر بعدسة ندير جامة    توجيهات لتعزيز الجاهزية في خدمة الحجّاج    صفية بنت عبد المطلب.. العمّة المجاهدة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"لا يمكن للجزائر أن تكون دركيا لأوروبا"
نشر في الخبر يوم 02 - 04 - 2018

يتطرق جون أورورك، السفير الأوروبي في الجزائر، في هذا الحوار مع "الخبر"، على أهم ملفات العلاقات الجزائرية - الأوروبية

أجرت الجزائر والاتحاد الأوروبي إعادة تقييم لاتفاق الشراكة بينهما بعد 10 سنوات من تطبيقه. أي مستقبل ينتظر هذا الاتفاق، علما أن هناك شعورا عاما في الجزائر أنه اتفاق لم يحقق الأهداف المرجوة منه، وجعل الجزائر مجرد سوق مفتوحة في اتجاه واحد للأوروبيين؟

يجب علينا وضع الأمور في نصابها.. لقد عمدنا بعد 10 سنوات من تطبيق اتفاق الشراكة إلى إجراء تقييم شامل له، بناء على طلب الشريك الجزائري من أجل الاستفادة منه إلى أقصى درجة، علما أن اتفاق الشراكة الذي يجمعنا هو "اتفاق إطار"؛ أي أنه يفتح فرص الشراكة وفق ما هو متاح من إمكانيات وحسب ما يظهر في المستقبل.
فيما يخص الجانب التجاري لاتفاق الشراكة، الأمور واضحة. يقوم الاتفاق على فتح سوق كل طرف للطرف الآخر، مع إزالة التعريفات الجمركية وباقي الحواجز لضمان حرية تنقل المنتوج.
ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، ثمة بعض التعقيدات؛ لأن الأمر لا يتعلق بالفاعلين الرسميين (الحكومات)، فالمستثمرون الأوروبيون لا يتنقلون إلى الجزائر بتعليمة من الاتحاد الأوروبي، وهم أحرار في اختيار الوجهة التي يريدون، والشيء نفسه ينطبق على المستثمرين الجزائريين في اعتقادي.
لذلك، فإن مسائل التنمية الاقتصادية تظل من اختصاص السلطات الجزائرية، التي إذا وفرت المناخ الملائم لهؤلاء المستثمرين، فإنهم سيختارون الجزائر. وأذكر هنا على سبيل المثال، تسهيلات النظام الضريبي وحق امتلاك الاستثمار الذي هو غير متاح إلا في ظل القاعدة 51/49، وغيرها، وهي كلها قرارات سيدة تتخذها السلطات الجزائرية ولا دخل لنا فيها.
بعد إجراء عملية إعادة التقييم، اتفقنا على العمل من أجل مرافقة السلطات الجزائرية في تحسين مناخ الأعمال، وملاءمة سوق العمل لاحتياجات الشباب، وكذلك مراقبة السوق وحماية المستهلك، وغيرها. لكن هذا كله مجرد مساعدة ومرافقة، وعلى الجزائر أن تقوم بتحديث قوانينها وإعادة هيكلتها وفق المقاربة الجديدة.

هل الأمور تسير في الطريق الصحيح بعد إعادة التقييم وتحديد الأولويات الجديدة؟

لا أخفي عنكم أن بعض الإجراءات التي اتخذتها السلطات الجزائرية بعد إجراء إعادة التقييم، هي في اعتقادنا غير مناسبة ولن تساعد الاقتصاد الجزائري على تنويع موارده والاستجابة للاحتياجات الداخلية. أذكر على سبيل المثال منع استيراد بعض المنتجات، فبغض النظر إن كان هذا ليس في صالح المصدرين الأوروبيين، يعد هذا الإجراء ضارا للاقتصاد الجزائري، لأنه قد يمنع وصول مدخلات ضرورية لبعض الصناعات الداخلية، وهذا من شأنه معاقبة المتعاملين الاقتصاديين الداخليين.

لكن مواصلة الاستيراد بتلك الطريقة كان سيكلف الجزائر نفاذ احتياطها من العملة الصعبة سريعا؟

صحيح أن معدل انخفاض احتياطي الصرف بتلك الطريقة قد تم تخفيضه، لكننا لا نعتقد أن ذلك هو الطريقة المثلى للتعامل مع تآكل هذا الاحتياطي.. ما أريد قوله؛ أن الاتحاد الأوروبي يرى مصلحته في أن يكون الاقتصاد الجزائري قويا وفعالا، وليس العكس، فنحن لسنا كما يجري تصورينا باحثين فقط عن أن نبيع أكبر قدر من المنتجات إلى الجزائر، دون أن تكترث لوضعها.

مادمتم حريصين على الجزائر كما تقول.. ماذا يمكن لكم أن تفعلوا من أجل مساعدتها على اجتياز هذه الأزمة المالية الصعبة التي تمر بها؟

لا أريد لتصريحاتي أن تفهم على أنها وصفة جاهزة على الجزائر أن تطبقها.. نعتقد أنه يجب وضع إجراءات لحماية الصناعات الوليدة، لكن ذلك ينبغي أن يكون بالتوافق مع الشريك الأوروبي في إطار الاتفاق الذي يجمعنا.
الجزائر في اعتقادي لا تستطيع لوحدها تطوير اقتصادها وهي بحاجة إلى التكنولوجيا والمساعدة في هذا المجال. المستثمرون هم غالبا المصدرون الأوروبيون حاليا للجزائر، إذا قرروا يوما تحويل جزء من إنتاجهم هنا، لذلك ينبغي اتخاذ إجراءات لتشجيعهم على المجيء، وليس إخافتهم عبر ما تم مؤخرا من غلق للتجارة الخارجية. نعتقد أن طريقة العمل الجزائرية فيما يخص الإجراءات الأخيرة، تنقصها الشفافية، وهو ما يهدد بجلب الضرر للاقتصاد الجزائري، ولا أتحدث فقط من زاويتنا كأوروبيين.
هناك عناصر أخرى في السياسة الاقتصادية المتبعة في الجزائر، لدينا شكوك في نجاعتها. الدينار مثلا ليس عملة قابلة للتحويل، وهذا ما يجعل له تداعيات اقتصادية ثقيلة جدا. نحن ندعو لوصفة اقتصادية تقوم على الانفتاح، حتى وإن كنا نرى ضرورة حماية الصناعات الوليدة، لكن الاتجاه العام ينبغي أن يكون نحو الانفتاح. المؤسسات الاقتصادية اليوم في عصر العولمة، لا تعترف كثيرا بالحدود، وهي تقوم بالإنتاج في كل مكان يعود عليها بالعائد. لذلك، نحن نعتقد أن الإجراءات الحمائية هي دواء ينبغي تناوله مع الاحتياط الشديد.
نحن نعتقد أيضا أن المفيد هو التمويل المتنوع للميزانية. صحيح أن الجزائر اتخذت قرارا بعدم اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، ومن الجيد للبلد وسيادته أن يكون خاليا من الديون، لكن هل الأفضل هو اعتماد التمويل غير التقليدي (طبع العملة)، مع كل المضار التي يحملها. لن أتوسع كثيرا في هذا الموضوع، لأنها إجراءات تخص السلطات الجزائرية، ولا نعتقد أنها تساعد كثيرا على تنويع الاقتصاد. كما أعتقد أنه لا تزال توجد الكثير من الفرامل في وجه الاستثمار، مثل البيروقراطية وغياب المرونة وعدم القدرة للحصول على العقار.

هل عندما تتخذ الجزائر إجراءات ل "حماية" اقتصادها، مثل منع استيراد منتجات وغير ذلك.. هذا يخالف اتفاق الشراكة؟

دون شك.. فليس هذا هو المنصوص عليه في اتفاق الشراكة. صحيح أن الاتفاق يحتوي على مواد تسمح للطرفين - مادمنا في واقع اقتصادي يتغير - باتخاذ إجراءات إذا كان لهما مشاكل في الميزان التجاري، أو أرادا حماية صناعة وليدة، لكن ذلك لا يكون إلا بالحوار والنقاش حول الخيارات الممكن اتخاذها والمدة الزمنية اللازمة لذلك. هناك العديد من الإجابات التي قد نواجه بها مشكلا محددا، فمثلا للحد من فارق ميزان المدفوعات، يمكن منع الاستيراد بشكل قاطع، أو أن نرفع من الرسوم على السلع، وفي الحالة الثانية يتقلص الاستيراد، وأيضا تضمن الدولة مداخيل إضافية.
بالنسبة لما اتخذته الجزائر من إجراءات، فقد تم وضعنا أمام الأمر الواقع ولم يتم إعلامنا بشيء. لذلك، طلبنا من السلطات الجزائرية العودة إلى روح الاتفاق.
نعتقد أن إجراءات من هذا النوع يجب أن لا تؤدي إلى تحويل الاستيراد إلى وجهات أخرى خارج أوروبا؛ لأننا في إطار تفضيلي يضمنه اتفاق الشراكة وليس من المفهوم أن يتواصل استيراد المنتجات نفسها من وجهات أخرى، بينما يمنع من أوروبا. كان ذلك مع نظام رخص الاستيراد، واليوم بعد استبداله بمنع المنتجات يبدو الأمر أكثر وضوحا من هذه الناحية على الأقل.

بالنسبة لأجندة التفكيك الجمركي.. هل الأمور تسير كما هو مخطط لها؟

بالطبع لا؛ لأن فكرة الرسوم إذا منعنا من الأصل استيراد المنتج، تصبح لا معنى لها، سواء ألغيناه أو أبقينا عليه. نحن في وضع اليوم يخالف فعلا ما تم التوقيع عليه في اتفاق الشراكة. المفوضية الأوروبية، تقدمت باقتراح لعلاج هذه المسائل بما يأخذ بعين الاعتبار بعض الانشغالات للطرف الجزائري التي تم تقديمها شفهيا ولم تصلنا كتابيا.

ما هي المبررات التي يقدمها الطرف الجزائري لإقناعكم بصحة الإجراءات التي اتخذها؟

ما يتم ترديده أنه بتطبيق التفكيك الجمركي مع الاتحاد الأوروبي، خسرت الجزائر نحو 7 مليار أورو من المداخيل الجمركية، في حين لم يتم تعويض ذلك بتصدير منتجات جزائرية إلى أوروبا. ما أود قوله هنا؛ إن خسارة مداخيل جمركية ليس بالضرورة خسارة للجزائر، لأن المستهلك من حيث المبدأ سيدفع أقل للحصول على السلعة. صحيح أن استيراد الجزائر للسلع، لم يواكبه تطوير للصناعات الداخلية التي تضمن لها تنويع اقتصادها، لكن هذا لا يمكن أن نحمله فقط للاستيراد من أوروبا، إذ يجب مراجعة كاملة لبنية الاقتصاد الجزائري من أجل ضمان تحوّله..

لكنكم أيضا في الاتحاد الأوروبي تضعون حواجز غير جمركية تجعل من الصعب على المنتوج الجزائري دخول أسواقكم.. أليس كذلك؟

لا يوجد ذلك.. فقط في المنتجات الفلاحية، السوق الأوروبية ليست مفتوحة تماما كما يعلم الجميع. لكن مع ذلك، نخصص للجزائر حصصا "كوطات" في عدد من المنتجات الفلاحية لتصديرها إلينا، لكن سأفاجئك إذا قلت إن الجزائر لا تملأ 2 بالمائة من هذه الحصص. هذا يكفيني للقول إن بعض الإجراءات التي نتخذها في الميدان الفلاحي، لا تكبح أبدا المنتجات الجزائرية. هناك أمر آخر، فإذا أراد متعامل اقتصادي أن يبيع منتجات في السوق الأوروبية، عليه أولا أن يستجيب للمعايير الأوروبية، وهذا يسري على الجميع، وليس على الجزائر فقط. هذا طبعا تحد للاقتصاديين الجزائريين؛ لأن المعايير الأوروبية هي على أعلى مستوى من حيث الجودة والسلامة لحماية المستهلك الأوروبي. ونحن نريد أن نعمل مع الجزائر في هذا المجال من أجل اعتماد مؤسساتها هذه المعايير. والطريقة الأفضل في رأينا؛ هي في جلب استثمارات إلى الجزائر من أجل إنتاج منتجات تستجيب للمعايير ونقل الخبرة إلى باقي المؤسسات حتى تطور من أدائها.

كيف تنظرون إلى الوضع في الجزائر على الصعيد السياسي والاجتماعي.. هل ما يجري يثير انشغالكم أو حتى مخاوفكم؟

ستكون إجابتي متفاوتة ردا على هذا السؤال. الجزائر بالنسبة لنا توجد في منطقة غير مستقرة وبتحديات عظيمة. بالطبع، ننشغل على الجزائر بسبب هذا الوضع، لأنه جار قريب من حدودنا. بالمقابل، نعتقد أن الجزائر تمثل قطب استقرار في هذه المنطقة، ولا نريد أن نخسر هذا القطب، بل بالعكس نعمل على تقويته ودعمه.
ربما الجزائر في تقدير الأوروبي العادي، هو بلد يمثل بعض الأخطار بخصوص الوضع الأمني، بسبب ذكريات سنوات العشرية السوداء، وهي أكليشيهات لا تزال موجودة. عكس ذلك، تختلف النظرة بالنسبة للاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء، وأعتقد أن جزءا كبيرا من عملي يتركز حول تصحيح النظرة للجزائر، فيما يتعلق بالوضع العام ومناخ الاستثمار والسياحة وغيرها.
إلى جانب ذلك، وكما هو حال بلد، هناك تحديات كثيرة. البارحة فقط الصحافة كانت ممتلئة بمقالات حول تأثير التيار الإسلامي المتشدد والتأطير الديني داخل البلد. هناك ظواهر تحدث في الجزائر ندرسها ونحاول فهمها، بالطبع كما نفعل ذلك مع دول أخرى.
لا أقول إن الجزائر هي الجنة فوق الأرض، لأنها لا توجد، لكن ليست أيضا تلك الصورة الكاريكاتورية التي يراد إلصاقها بها.

هل أنتم مستعدون لإرسال بعثة لملاحظة الانتخابات الرئاسية في 2019؟

لم تصلنا دعوة لذلك. لا أستطيع إعطاء إجابة محددة. كانت لنا بعثة ملاحظين في 2012 ثم بعثة خبراء بعد ذلك في 2014 و2017، وهو أمر مختلف، لأن بعثة الخبراء تقوم على دراسة المسار الانتخابي والقوانين الموجودة.

لدينا شعور أن الاتحاد الأوروبي أخذ مسافة من الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرتين، عندما لم يرسل بعثة ملاحظين واكتفى فقط بعدد من الخبراء؟

هي مسألة تعبئة موارد بشرية ومادية، وهناك عدة عوامل تتداخل في المسألة. ولا أقول أكثر من ذلك.

إذن، عدم إرسال بعثة ملاحظة ليس موقفا من الاتحاد الأوروبي تجاه الجزائر؟

نحن متمسكون بقوة بأولويات الشراكة التي تجمعنا، خاصة في مسائل دولة القانون والحوكمة. نحن مهتمون بالعمل - إذا أرادت الجزائر - لتطوير الإطار الانتخابي. المهمات التي تحدثت عنها كانت قد تقدمت بتوصيات، ونحن مهتمون بمتابعة تنفيذ هذه التوصيات، عبر الإجراءات والميكانيزمات التي ينبغي وضعها في الميدان. نحن إذن لا نأخذ مسافة من هذه المسألة، ونريد التعاون دون تردد.

ما رأيكم في المقاربة الجزائرية لحل أزمة المهاجرين غير الشرعيين؟ وأين يكمن الخلاف بينكم وبين الجزائر في هذه المسألة؟

بالنسبة للجزائر، أعتقد أنها اتخذت إجراءات إيجابية فيما يخص المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين، حيث من حقهم الاستفادة من التعليم والصحة كما تنصص القوانين والتشريعات، وهذه مقاربة تقدمية تجعل الجزائر أفضل من كثير من الدول في هذا المجال. بالمقابل، لاحظنا الضجة المثارة مؤخرا حول طريقة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، رغم أن وزير الداخلية السيد بدوي تعهد العام الماضي بإعطاء وضع قانوني لبعض المهاجرين يمكّنهم من العمل، وهو الأمر الذي إذا تم سيكون تقدما كبيرا من الجزائر. ما أريد قوله؛ إنه ليس لنا دروس نعطيها لأحد، لكننا نريد التعاون والحوار في هذه المسائل. نقترح مثلا تعاونا ماليا خاصا بمسائل الهجرة في مفهومها الواسع، لا يقتصر فقط على مراقبة الحدود وتفكيك الشبكات الإجرامية التي تتاجر بمآسي المهاجرين، وإنما ما يخص الأسباب العميقة للظاهرة، خاصة المسائل الاقتصادية والاجتماعية، سواء في دول الساحل أو الجزائر.

لكن الجزائر ترفض لحد الآن الاستفادة من الصندوق الخاص بالهجرة الذي وضعه الاتحاد الأوروبي.. ما هي الأسباب في رأيك؟

صحيح الجزائر ترفض الاستفادة لحد الآن، لكن المجال لا يزال مفتوحا أمامها ونتمنى التعاون مستقبلا.

هل هناك إرادة من قِبَلكم لجعل دول الضفة الجنوبية للمتوسط درعا لمنع وصول المهاجرين غير الشرعيين إلى حدودكم؟

الهجرة هي ظاهرة بطبيعتها عابرة للحدود. لذلك، فإن اعتماد مقاربة "الحصن" لن تنفع في معالجتها. ناهيك عن أننا نعتقد أن ثمة آثار إيجابية للهجرة، أثبتتها الدراسات الاقتصادية حول نسبة نمو الناتج المحلي الخام. نحن نؤمن بضرورة اعتماد مراقبة الحدود مع تكييف ذلك بنظام فعال فيما يخص التأشيرة، يسمح بجعل التنقل شرعيا في الحدود الممكنة، دون التخلي عن واجبنا الإنساني بمساعدة وإنقاذ المهاجرين في عرض البحر، وهو ما يقوم به الاتحاد الأوروبي منذ بدء التدفق على حدوده وسمح بإنقاذ عشرات آلاف الأرواح.

هل يعني ما تقول أنكم لا تنوون جعل الجزائر دركي أوروبا لمنع وصول المهاجرين إليكم؟

أريد أن أصحح هنا، أخبارا يتم ترديدها تقول بأن عملية ترحيل المهاجرين من دول جنوب الصحراء التي تقوم بها الجزائر، تتم بإيعاز من الاتحاد الأوروبي، وبأن لدينا نية لجعل الجزائر دركي الضفة الجنوبية. ما أؤكده؛ أن الجزائر حريصة جدا على سيادتها ولا تخضع أبدا لضغط بروكسل أو أي قوى أخرى في هذا الأمر.. بل إننا نرى في رفضها الاستفادة من الدعم الأوروبي حول الهجرة، نوعا من الحذر حتى تحافظ على استقلالها ولا تعطي الانطباع بأنها دركي أوروبا.

ما هو الطرح الذي تقدمونه لحل أزمة الساحل؟

عقدنا ندوة في فيفري الماضي لدعم التحالف من أجل الساحل، وهي مبادرة تحاول إيجاد الحلول للانشغالات الأمنية، وكذلك المشاكل الاقتصادية، لأن المسألتين لا يمكن فصلهما.

هل تتفهمون موقف الجزائر التي لا تريد الانضمام إلى مجموعة الساحل "5 جي 5"؟

أخذنا علما بموقف الجزائر. إذا سألتني هل من الأفضل أن تنضم الجزائر إلى الجهود الدولية في الساحل، فالأكيد سأجيب بنعم، حتى دون أن تنضم بالضرورة إلى تحالف "جي 5". الاتحاد الأوروبي بالمقابل، يشكر الجزائر على جهودها فيما يخص المصالحة في مالي، ويأمل في مواصلة التعاون لحل هذا الموضوع.

السفير الروسي في الجزائر أبدى انشغال بلاده حول القوات الأجنبية الموجودة بالساحل.. ما هو تعليقك؟

(يضحك).. وما قوله في قوات بلاده الموجودة خارج حدود روسيا؟ هذه القوات ليست وجودا استعماريا في المنطقة، وهي موجودة لتكوين جيوش دول المنطقة في مالي والنيجر وغيرها. ليس لنا ما نلام عليه في هذا الموضوع. نحن نتفهم جيدا أن الجزائر لها عقيدة ترفض إرسال جنود لها خارج حدودها، لكن هذا لا يمنعنا من التعاون مع الجزائر؛ لأن المشاكل تتجاوز بكثير قضية المواجهة العسكرية. ما أجده طريفا؛ أن يأتي الانتقاد من روسيا حول وجودنا العسكري في الساحل، وهو بلد ليست له هذه العقيدة وجنوده منتشرون خارج حدوده.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.