بداية، شعبان مرزقان، من لاعب أفنى مشواره الكروي في نصر حسين داي، وها هو الآن يمنح لها المزيد بتوّليه عارضتها الفنية، هل لك أن تشخّص لنا العلاقة بين مرزقان والنصرية؟ نصر حسين داي هي عائلتي الثانية بأتم معنى الكلمة، فأنا لم أغادرها يوما وأتتبع أخبارها باهتمام كبير، فلا يمكنني أن أنسى فضلها الكبير علي، إذ تربيت، وتعلمت أبجديات الكروية فيها، ولها كل الفضل لما وصلت إليه حين كنت لاعبا. قبلت الإشراف عليها هذا الموسم رغم وضعيتها الصعبة، ما السر وراء ذلك؟ لا، لا يوجد أي سر، فأنا وهبت عمري للنصرية، وأنا مستعد لتقديم الكثير لذلك، عودتي للنصرية كمدرب كانت من باب السياسة التي تنوي انتهاجها الإدارة، وهي تكوين فريق قوي على المدى المتوسط، قادر على فرض مكانته وسط الكبار، وهذا هو الأمر الذي أردت أن أكون طرفا فاعلا في تحقيقه. دائما بالحديث عن النصرية، تعيش الآونة الأخيرة في ظروف صعبة، فهي تكافح دوما لتحقيق الصعود، لكنها تعود من حيث أتت في الموسم الذي يليه، أين مكمن المشكل حسب رأيك؟ أنا أرى أن المشكل في غياب المساهمين، والشركات الممولة التي كانت تتهافت عليها في الأمس القريب، وهو ما يولد الأزمات المالية التي تتولد عنها بالضرورة مشاكل أخرى، كما أن الفريق لا يمكن أن يسطر أهدافا كبرى ويفتقد إلى الإمكانيات اللازمة لتحقيق ذلك. نترك حسين داي، ونتحدث بعض الشيء عن البطولة الوطنية التي دخلت موسمها الاحترافي الثاني ، فهل مرزقان يرى أن مشوار الاحتراف نجح إلى حد الآن؟ لقد قلت أن الجزائر في موسمها الثاني في عالم الاحتراف، فلا أي أحد يمكنه أن يصدر حكما إذا نجح الاحتراف أم لا، فمختلف البطولات العالمية اجتازت عقودا من الاحتراف لكنهم لا يستطيعون لحد الساعة الحكم على نجاحها أم لا. وهل ترى أن الاحترافية تسير في الطريق الصحيح ؟ تسير في الطريق الصحيح أم لا، ليس هو المهم، فالأهم هو اتخاذ كل التدابير والإجراءات التي من شأنها أن تجعل الاحتراف في البطولة الجزائرية يسير في الطريق الصحيح، بدايتها ببناء مدارس للتكوين وعدم الاكتفاء بتخصيص مركز للتكوين للمنتخب الوطني الموجود بسيدي موسى فللأندية نصيب وحق في مراكز مماثلة، وأيضا بناء منشآت رياضية تساعد على تطوير ممارسة كرة القدم، تماما كما كان في الماضي، أين كانت مدارس كروية كانت خزانا حقيقيا للمنتخب الوطني، ومثال على ذلك مدرسة نصر حسين داي الغنية عن كل تعريف، ومدرستي وهران والقبة. كنت قد ناديت في مختلف تصريحاتك منذ تدريبك للنصرية لتخصيص ملعب للفريق، فهل ترى غياب الملاعب عائقا في نجاح الاحترافية ؟ الملاعب معادلة هامة في الاحتراف، وأنا كنت أنادي ولا أزال أنادي بتخصيص ملعب خاص بالنصرية، فمن العار أن لا تحتوي المدرسة الكروية العريقة عراقة تاريخها على ملعب تحتضن فيه، وتتوسل في كل مرة من أجل منحها ملعب 20 أوت، وبالموازاة من ذلك يوجد ملعب الخروبة المعشوشب اصطناعيا، وما بقي إلا إنشاء مدرجات خاصة به، فأنا قلت وأقول وأنادي السلطات المحلية بمنحنا ملعب الخروبة وسترون كيف ستصبح النصرية. كانت الرابطة الوطنية قد رفضت تأهيل ملعب الزيوي بداية الموسم، ورغم أشغال التهيئة والصيانة التي قامت به الإدارة، لم تأت الرابطة لمعاينته مجددا، ما تعليقك؟ بالفعل هذا ما حدث، وإن تحدثنا عن الاحترافية، وعن العدل في اتخاذ قرارات مشابهة من طرف الرابطة، فملعب 20 أوت ليس مؤهلا لأن يحتضن بطولة محترفة، كونه أنشئ منذ الستينات، سواء من ناحية أرضية الميدان أو سعة المدرجات، فالرابطة اشترطت ملعبا يتسع لأربعين ألف مدرج، وهو أمر لا يتقبله العقل، بالنظر إلى أن هناك عدة ملاعب في العاصمة لا تتسع لهذا الكم من المدرجات، ومع ذلك تم تأهيلها.ولا يختلف كثيرا على ملعب الزيوي. الجهات الوصية على كرة القدم، قد قررت مساعدة النوادي في بناء ملاعب خاصة بها وتتماشى مع مشروع الاحترافية، لكن القرار بقي حبيس الأدراج... لا لم يبق حبيس الأدراج، فقد خصصت ميزانية لبناء ملعب كبير بولاية وهران، وآخر بتيزي وزو، فلماذا لا يكون العدل في اتخاذ القرارات، والسؤال أطرحه للقائمين على شؤون الكرة الجزائرية، لماذا لم تخصص ميزانية مماثلة لنصر حسين داي من أجل بناء ملعب خاص بها. ألا ترى أن مشكل الملعب الذي تعاني منه النصرية على غرار بعض النوادي الأخرى طال أمده، وآن الأوان لإيجاد حلّ نهائي؟ سأكتفي بالإجابة عن هذا الحديث من باب النصرية، نحن نعاني الأمرّين من عدم حصولنا على ملعب، إلى درجة أن هناك أطرافا خفية تعمل المستحيل لكي نسقط إلى القسم الوطني الثاني لأننا وببساطة لا نملك ملعبا خاصا بنا، ليبقى الاحتراف يسير في الطريق الصحيح ولا تشوبه أي شائبة. مشكل آخر يبرز في كل مرة، وهو التحكيم الذي كان محل انتقادات لاذعة من طرف الأندية والمدربين وغالبا ما اتهم بالانحياز لفريق على حساب آخر، فهل شعبان يوافقهم الرأي؟ أنا بطبعي لا ألتفت لهذه الأمور، فأنت ترى لاعبا يضيع أمام شباك فارغة، وبعدها تسمع المدرب يصرح في نهاية المقابلة أن الحكم حرمهم من الفوز، أليس من الضرورة أن تصلح شأن مهاجميك ولاعبيك لتجعلهم يحققون الفوز، ولا أذهب بعيدا، ففي لقائنا الأخير الذي لعبناه أمام باتنة تلقى الحكم انتقادات واسعة بحجة أنه حرمهم من ضربتي جزاء رغم أن الكرة لم تلمس يد المدافع وأثبتت الصور ذلك، فأنا أرى أن الحكم يخطئ ويصيب، لأنه بشر و”جلّ من لا يخطئ”. لكن في بعض الأحيان تكون الأخطاء التي يقوم بها الحكام صارخة وواضحة وضوح الشمس؟ أنا لا أقول إنه لا توجد أخطاء، فالأخطاء موجودة، وأنا أرجعها إلى غياب دورات تكوينية للحكام، والتي لو كانت لما وجدت هذه الأخطاء، لأنها ستساهم أيضا في الرفع من مستوى التحكيم الجزائري. ولو نتحدث عن كولسة اللقاءات، هل ترى أنها مازالت موجودة في بطولتنا الوطنية ؟ من جهتي، أنا شخصيا لا أعتقد أن هناك ترتيبا للقاءات في البطولة الوطنية الأولى، وأنا أقول أن على النوادي عدم تبرير هزائمها بالكولسة أو التحكيم، فكفانا ذرائع لا تمت بصلة إلى الواقع والحقيقة، فكرة القدم فيها ثلاث نتائج، إما الخسارة، التعادل أو الانتصار، فحين يخسر الفريق ترى المتتبعين وجماهير النوادي الأخرى يذهبون إلى حد الجزم أنه رتب النتيجة لحساب خصمه، خاصة وإن كان يتعلق الأمر بفريق مهدد بالسقوط، أو يلعب على اللقب، وإن خسر ترى أنصاره يذهبون مباشرة إلى أن لاعبيهم أو إدارتهم قاموا ببيع نتيجة المقابلة، فكفانا أقاويل باطلة. قررت الرابطة الوطنية إجراء الداربيات في 05 جويلية، وأغلب النوادي تتجه بطلبات من أجل تغيير الملعب بتشاكر أو الرويبة، ما تعليقك؟ بكل صراحة، أود أن أفهم ما هو السبب في إجراء مباريات الداربي في 05 جويلية وما الحكمة من ذلك، ثم لماذا لم تقرر الرابطة تخصيص ملعب لداربيات الشرق أو الغرب؟ ربما يرجع قرارها إلى إعطاء فرصة أوفر لحضور جماهيري أكبر بالنظر إلى سعة مدرجات 05 جويلية الكبيرة؟ لا، لا أعتقد ذلك، فلو أجرينا لقاء المولودية مثلا ببولوغين فلن تمتلئ المدرجات، لذا أرى أنها ليست بالحجة التي استعانت بها مصالح الرابطة الوطنية، وأنا أوجه ندائي لإلغاء هذا القرار سريعا. ندع المشاكل والعوائق جانبا، إذا طلب من مرزقان بحكم أنه عاصر الجيل القديم كلاعب والجيل الحالي كمدرب إجراء مقارنة بين البطولتين، فماذا يقول؟ أظن أنه لا فرق بينهما، فكرة القدم كانت ولا تظل الرياضة الأكثر شعبية في العالم والجزائر على وجه الخصوص، أما عن البطولتين، فلا يمكن إجراء مقارنة بين بطولة كانت تلعب على أرضية ترابية وإمكانيات شبه منعدمة، وبين بطولة سخرت لها إمكانيات ضخمة. ألا تعتقد أن هناك فرقا بين لاعب الثمانينات واللاعب الحالي، إلى درجة أن هذا الأخير يصرّح بكل مرة أنه موظف في الفريق الذي يلعب فيه، فهل ترى أن الجانب المادي طغى على كرة القدم في الوقت الحالي؟ لعل أهم جانب في الاحتراف الذي سارت فيه الجزائر، هو أنها ضمنت حقوق اللاعبين، وجعلتهم بعيدين كل البعد عن الظروف المادية المزرية، وإن تجد لاعبا يؤكد أنه موظف فهو أمر عادي وليس عيبا وليست هذه الحقيقة، وهو الأمر الذي لم نجده نحن، فكان همنا الوحيد آنذاك هو تشريف ألوان الفريق الذي يلعب له أو المنتخب الوطني، وبالمقابل يعيش اللاعب ظروفا مادية صعبة إلى درجة أنه لا يملك حذاءا ليمارس رياضته المفضلة، إلا أنه يجب على اللاعب الحالي أن يشرف عقده وأن يعمل المستحيل من أجل تطوير مستوى كرة القدم الجزائرية. هناك كثير من لاعبي جيلكم الذين كانوا ينشطون في المنتخب الوطني اعتزلوا نهائيا كرة القدم ولم يطرقوا باب التدريب، ألا ترى أنه إجحاف في حق الجيل الصاعد الذي له الحق في أن ينهل من خبرتكم؟ أظن أن منتخب 82 لم يفرط في هذا الجانب وقطع على نفسه عهدا بالمساعدة في تكوين الأجيال الذي أتت بعدنا، غالب التعداد أشرف على تدريب النوادي وحتى المنتخبات الوطنية بمختلف أصنافها، وأعطيك على سبيل المثال بلومي، إيغيل، ماجر وآخرين، أما عن المنتخب الذي سبقنا أو الذي أتى بعدنا فأعتقد أن لكل فرد طريقة تفكيره، حتى وإن كان يتوجب عليهم مساعدة النشء الصاعد في ممارسة وتطوير كرة القدم. نترك جيل الثمانينات، ونعرّج قليلا على المنتخب الحالي، فجّر الناخب الوطني حاليلوزيتش مفاجأة من العيار الثقيل بإبعاد زياني وجبور من القائمة التي ستخوض مباراة غامبيا، أتعتقد أنه مُصيب في قراره؟ حاليلوزيتش لما قدم إلى المنتخب الوطني قام بتسطير أهدافه مع الاتحادية، وهو أعلم بما يقوم به، وهو حر أيما حرية في اتخاذ قراراته واستدعاء من يحب وأيضا استبعاد من يحب، وتبقى النتائج التي سيحققها هي أبلغ رد إن كان مصيبا في رأيه أم العكس. حاليلوزيتش واصل الاعتماد على اللاعبين المحترفين، أكثر من المحليين، أتعتقد أن اللاعب المحلي لم يصل بعد إلى المستوى التي يجعله يأخذ مشعل المنتخب الوطني؟ برأيي لا يوجد أي فرق بين اللاعب المحلي والمحترفين، فحتى اللاعبون المحترفون لازمهم زخم إعلامي كبير إلى درجة أصبحوا نجوما في رمشة عين، وأنهم يملكون مؤهلات خارقة، لكن العكس هو الصحيح، فلو كان هؤلاء اللاعبون يتمتعون بإمكانيات كبيرة ومواصفات عالمية لكانوا الآن ينشطون في نواد كبرى أمثال آرسنال، تشيلسي أو ريال مدريد، فهم ينشطون في نواد أوروبية صغيرة جدا، ومنهم من ينشط في بطولة قطر، وهو ما يؤكد محدودية مستواهم. سؤال أخير، برأيك متى سيكون اللاعب المحلي وحده أهلا لأن يُوكَل له مشعل المنتخب؟ يكون بالإمكان ذلك، إذا عكفت الاتحادية الجزائرية والرابطة الوطنية على إعادة تأسيس المدارس الكروية، وإيلاء عناية بالغة لتكوين الأطفال في كرة القدم، وكذا مد النوادي بكافة الإمكانيات التي من شأنها أن تساعدها في مهمتها، وحينئذ سيكون للمحليين شأن آخر. مرزقان في سطور شعبان مرزقان من مواليد 8 مارس 1959، بدأ مسيرته الكروية في نادي الحليب لحسين داي في صنف الأصاغر ولعب فيها جنبا إلى جنب مع رابح ماجر، ثم انتقل إلى فريق أصاغر نصر حسين داي، أين قضى فيها جل مسيرته الكروية ولأكثر من عشر سنوات، واكتفى بموسم واحد بعيدا عنها أين لعب لصالح مولودية الجزائر موسم 1987/1988 بعد إلحاح شديد من صديقه علي بن شيخ قائد العميد آنذاك، إلا أنه لم يعمر طويلا وعاد إلى فريق القلب نصر حسين داي. خسر مع في النصرية نهائي كأس الجمهورية سنة 1977 أمام شبيبة القبائل قبل أن يعود سنتين بعدها و يفوز أمام نفس الفريق بالكأس، وخسر النهائي مرة أخرى سنة 1982، إضافة إلى لعبه نهائي كأس الكؤوس الإفريقية سنة 1978 ضد حوريا كوناكري الغيني، أما مشواره مع المنتخب الوطني فقد لعب مع المنتخب الأول فقط حوالي 80 مباراة دولية من بينها مشاركته في كأس العالم مرتين متتاليتين 1982 و 1986 وقد كان أحد أعمدة المنتخب الوطني سنوات الثمانينات، دون أن ننسى مساهمته الفعالة في ملحمة خيخون أين كان أحد أفضل اللاعبين إن لم نقل أفضلهم أين كان سما قاتلا في الدفاع الألماني رغم أنه مدافع، ونال فيها لقب أحسن لاعب في المونديال متفوقا في ذلك على عمالقة الدفاع العالمي في مقدمتهم البلجيكي إيريك غيريتس والبرازيلي جونيور، مشاركته المشرفة هذه جعلته مطمع الكثير من الأندية الأوروبية، إلا أنه فضل البقاء في نصر حسين داي، ولم يطلب ترخيصا من الرئيس الشاذلي بن جديد بالاحتراف في الخارج مثلما قام به زميلاه في المنتخب ماجر وعصاد.