يحتفل رجال الشرطة غدا بعيدهم الوطني ال53 .. عيد يعود كل عام على مهنة المخاطر لتذكر منتسبيها بالفصول التاريخية التي مرت على جهازهم المنتصر دوما على الظروف الصعبة التي مر بها الوطن وفرض على المؤسسة الأمنية مواجهتها بكل ما أوتيت من قوة وإمكانيات.وقد ولّدت الأزمات همة كبيرة لدى رجل البذلة الزرقاء الذي يحق له اليوم وبعد أزيد من نصف قرن من الوجود أن يفخر بماضيه العريق وبمكتسباته الكبيرة التي تحققت خلال السنوات الأخيرة والتي ارتقت بجهاز الشرطة إلى مصاف الاحترافية والعصرنة، وهي التي تضاهي اليوم أجهزة الشرطة في الدول المتقدمة، فباتت قدوة يستعان بخبرة وكفاءة إطاراتها في شتى الميادين المتعلقة بمكافحة الجريمة بكل أنواعها. ويشهد العالم أجمع اليوم أن سليل جيش التحرير الوطني قادر على رفع تحديات الأمن والاستقرار في منطقة وقارة تشهدان ظروفا مضطربة، وقد بات الجهاز قوة لا يستهان بها فأضحى مفخرة الأجيال، حيث تحتفل الشرطة بعيدها وهي على قناعة بأن التحدي الداخلي يتطلب منها الحكمة والمهنية في العمل الجواري الهادف لتقريب الشرطة من المواطن الذي أصبح يشكل جزءا من المعادلة الأمنية. ولم يغفل الجهاز التعاون الخارجي والعربي خاصة والذي يستدعي من الأجهزة الأمنية مضاعفة تنسيق جهودها بتبني إجراءات ملموسة وفعّالة تكون في مستوى حجم التحديات الراهنة، وهو ما تدافع عنه مؤسستنا الشرطية التي تستعد ونظيراتها الافريقية لإطلاق "الأفريبول"، وهي الآلية التي ستوحد جهود الأمن بالقارة. الشرطة تقود قاطرة الأمن الإفريقية وشدت الإستراتيجية الأمنية التي شرعت في تطبيقها المديرية العامة للأمن الوطني خلال السنوات الأخيرة، مدعمة بالإمكانيات المستغلة اهتمام المؤسسات الأمنية الشرطية الافريقيةوالدولية بشكل عام، وهي التي وجدت في روح المصالحة والعمل الجواري الهادف المنتهج من قبل الشرطة الجزائرية والمستخلص أساسا من نصوص الوئام المدني والمصالحة الوطنية، مرجعا للعديد من المؤسسات الأمنية للدول الصديقة والشقيقة.. لتثبت الجزائر مرة أخرى أنها شريك لا غنى عنه لاسيما في قضايا الأمن بقارة إفريقيا، وأنها الأجدر في الوقت الحالي بقيادة قاطرة الأمن والسلم في القارة السمراء التي أنهكتها الحروب والمآسي المتعددة. وتسعى الجزائر إلى إعادة إفريقيا إلى الواجهة من خلال العمل على تنسيق جميع الجهود لمعالجة الأوضاع الأمنية بها ومواجهة جميع التحديات التي تحول دون تحقيقه كالجريمة المنظمة والعابرة للحدود، الإرهاب .. وغيرها من المسائل التي تهدد استقرار العديد من الدول وتكبح جهودها التنموية، وقد اتخذت العديد من الدول العربية والإفريقية من الجزائر نموذجا وقبلة لالتماس المشورة والرأي في المجال الأمني والاستعلاماتي. وحملت مبادرة المديرية العامة للأمن الوطني الخاصة بإنشاء آلية "أفريبول" والتي لقت الترحاب والتأييد من دول القارة، دلالات عميقة وقوية تعبر عن مبادئ الجزائر الراسخة و إرادتها السياسية في التكفل بمشاكل القارة الأمنية والدفع بوتيرة التعاون الأمني قدما من أجل وقف التدخلات الأجنبية في العديد من دول القارة التي أصبحت مستباحة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. ولن تقتصر نظرة الجزائر المستقبلية للتعاون الأمني الافريقي على تحديد السياسة الأمنية الواجب اتباعها كما هو الحال بالنسبة للتنظيمات المشابهة، بل ستتعداه لتشمل مجالات أهم على غرار التكوين والتأهيل لاستدراك الضعف والتأخر الذي تعرفه أجهزة الأمن بالقارة. تجهيزات عصرية للارتقاء بالأداء أولت الدولة من خلال برامجها وخططها اهتماما مستمرا لجهاز الأمن الوطني على غرار القطاعات الأخرى، فعملت على تطويره وتدعيمه لمواكبة المستجدات والتطورات الحاصلة في ميدان الجريمة بأنواعها، لاسيما الأشكال الجديدة كالجريمة المنظمة وتبيض الأموال وجرائم المعلوماتية، وتم في هذا الشأن اعتماد سياسية أمنية استشرافية تقوم على أسس علمية وأكاديمية مكنت جهاز الأمن الوطني من رفع تأهيل عناصره لاحتواء الأزمات الأمنية والتصدي لظواهر إجرامية بدأت تأخذ أبعادا إقليمية ودولية. وعلى هذا الأساس، تم تزويد عناصر الشرطة العاملة في الميدان، والتابعة لمصالح الأمن العمومي، الشرطة القضائية ووحدات الجمهورية للأمن، بوسائل جد متطورة، كأجهزة كشف المتفجرات والمعادن، وأجهزة الحاسوب الشخصي الجيبي (PDA) الخاصة بتنقيط وكشف المركبات والأشخاص المبحوث عنهم بالمحفوظات الوطنية. كما تم إنشاء ما يسمى بالدوريات الذكية للأمن الوطني المزودة بجهاز رادار جد متطور يعمل بنظام القارئ الآلي للوحات ترقيم السيارات (LAPI)، الذي يسمح بقراءة وأخذ الصور الدقيقة لألواح السيارات ليلا ونهارا، على مدار 360 درجة وبمعدل 8000 سيارة يوميا، سواء أكانت هذه السيارات متحركة أو مركونة، مع التحليل السريع للمعطيات والمقارنة الآنية في قاعدة البيانات، حيث سمحت هذه التقنيات الجديدة والمتطورة بالإطاحة بعدة شبكات مختصة في تهريب السيارات، على مستوى الوطن. وفي هذا السياق، قامت المديرية العامة بإنشاء مركز القيادة والسيطرة للأمن الوطني، بمدينة العلوم بالجزائر العاصمة، والذي تتلخص مهمته في الإشراف على تسيير قاعة العمليات الخاصة بكاميرات المراقبة، التي تم تنصيبها وتوزيعها على مختلف طرقات وشوارع ولاية الجزائر العاصمة، البليدة ووهران، قصد تحقيق التغطية الأمنية الشاملة في الميدان والتحكم في الحركة المرورية والتصدي للعمليات الإجرامية، وذلك في انتظار تعميمها على مستوى كامل التراب الوطني. ولتطوير وتحسين ظروف عمل هذه المصالح في الميدان بدقة وسرعة وفعالية، عملت على عصرنة وتطوير برامج الإعلام الآلي في جهاز الشرطة، من خلال تطوير وتعميم برامج وأنظمة إلكترونية، منها نظام التشخيص والبحث للشرطة الجزائرية (SIRPAL) الذي يسهل الولوج إلى قاعدة المعطيات بصحيفة السوابق العدلية وفق اتفاقية مبرمة مع وزارة العدل، نظام تنقيط الأشخاص (NRH)، نظام التشخيص والبحث الجنائي (SIRC) الخاص بتحديد هوية المجرمين انطلاقا من إعادة رسم قياساته البشرية وفق المعلومات المستقاة من الضحية ومقارنتها مع بطاقات المشتبه فيهم الموجودة بقاعدة المعطيات، نظام المحفوظات الخاص بالسيارات المبحوث عنها (FVR)، وبرنامج توحيد إجراءات التحقيق (LRP) الذي يهدف إلى توحيد إجراءات التحقيق في الشكل طبقا للإجراءات الجزائية.وحتى تتمكن مصالح الوحدة الجوية للأمن من رصد تحركات المجرمين على الأرض والتصدي لمخططاتهم الإجرامية، ومكافحة أعمال العنف والمحافظة على النظام العام، تدعمت هذه الأخيرة ب14 طائرة مروحية عالية التقنية ومجهزة بكاميرات مراقبة جد متطورة من نوع WESCAM HDI 15MX وكشاف البحث16SX، يعمل بالأشعة ما تحت الحمراء وبنظام رسم الخرائط الرقمية، بها 03 شاشات MFD ومكبرين للصوت يمكن ربطهما مباشرة مع شبكة الراديو للشرطة، كما أنها مجهزة بأجهزة راديو ذات ترددات HF،UHF،VHF وهاتف يعمل عبر الأقمار الصناعية. الانفتاح الإعلامي أن السياسة الاتصالية التي انتهجتها المديرية العامة للأمن الوطني في السنوات القليلة الماضية في مجال تعزيز أسس الاتصال والشراكة مع مختلف الفاعلين في المجتمع، وبخاصة الأسرة الإعلامية قد أتت ثمارها بالنظر لما حققته من نتائج إيجابية في الميدان في مجال التوعية التي مست شرائح المجتمع والعمل على تحسيس المواطنين بمخاطر الجريمة بجميع أشكالها وبعد "الفايسبوك"، تطل المؤسسة عبر "التويتر" في انتظار أن تركب أمواج الأثير بإذاعتها الوطنية المرتقبة تسعى المديرية العامة للأمن الوطني إلى التقرب من المجتمع بشكل أكبر والوصول إلى جميع شرائحه وفئاته، ومن أجل ذلك، تعمل هذه المؤسسة الأمنية على تدعيم قواعدها الاتصالية المختلفة فكانت الانطلاقة بفتح صفحة رسمية على موقع شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في خطوة لتعزيز سبل التواصل بين جهاز الشرطة وشرائح عريضة من المجتمع خاصة فئة الشباب الذي يشكل نسبة عالية من متصفحي ومشتركي مختلف شبكات التواصل الاجتماعي المقدر عددهم بنحو ستة ملايين مشترك، 30 بالمائة منهم تقل أعمارهم عن 30 سنة. ومن أبرز المشاريع الاتصالية المنتظر تجسيدها في القريب العاجل، "المحطة الإذاعية للشرطة الجزائرية" والتي من شأنها المساهمة في التحسيس والتوعية وتقديم النصائح من خلال برامج تبث عبر أمواجها التي ستكون في البداية بمقر واحد رئيسي بالعاصمة ثم تتوسع لباقي ولايات الوطن ... وسيعزز هذا الصرح الإعلامي الإستراتيجية الأمنية المتبعة من قبل المديرية العامة للأمن الوطني بغية ترقية مبدأ الشرطة الجوارية الرامية في الأساس إلى التقرب من المواطن والاستماع لانشغالاته. تطور عددي وتكفل مادي واجتماعي لمنتسبي الشرطة حققت الشرطة الجزائرية العديد من الانجازات والمكتسبات التي عرفها سلك الأمن والتي تتماشى ومختلف التحولات التي عرفتها البلاد ... إلى مختلف المراحل التاريخية لحياة الشرطة الجزائرية منذ إنشاء المديرية العامة للأمن الوطني إلى غاية اليوم .. ويعود إنشاء أول وحدات وطنية للأمن التي كانت تابعة لرئاسة الجمهورية إلى سنة 1963 وقد تم إدماج هذه الوحدات في المديرية العامة للأمن الوطني التي أنشئت سنة من بعد وأصبحت تسمى وحدات التدريب والتدخل، وهي نفس الفترة التي أنظمت فيها الجزائر إلى المنظمة الدولية للشرطة (أنتربول) خلال دورة الجمعية العامة المنعقدة بهيلسنكي بفنلندا. .. اليوم وبعد مرور 52 سنة عن ميلاد الشرطة الجزائرية، انتقل تعداد هذه المؤسسة الأمنية من 11 ألف شرطي إلى ما يزيد عن 190 ألف فرد من جميع الأصناف والرتب، وسمح هذا التعداد الهام الذي يحتكم إلى قانون أساسي ارتقى بأفراده إلى مصف الدول المتقدمة، من ضمان تغطية أمنية واسعة مست أكثر من 97 بالمائة من مناطق البلاد بعدما كانت تقتصر على بعض الولايات والمناطق غداة الاستقلال. وقررت المديرية العامة للأمن الوطني إيلاء أهمية بالغة للظروف الاجتماعية لمنتسبيها سواء تعلق الأمر بالتكفل الصحي أو المادي وخاصة ما تعلق منها بالسكن، حيث تقرر منح قروض بدون فائدة لصالح موظفيها وذلك بغية تسديد المستحقات المالية المتعلقة بالسكن العمومي الايجاري "عدل"، وستمكن هذه القروض جميع المكتتبين المنتسبين إلى جهاز الشرطة سواء العاملين أوالمتقاعدين وحتى ذوي الحقوق من تسديد الشطر الأول من قيمة السكن في آجالها المحددة، إلى جانب التكفل بالشطر الثاني. وستتكفل مصالح الشؤون الاجتماعية بصب القيمة المالية مباشرة في الرصيد المخصص لذلك.. وتندرج هذه المبادرة الايجابية ضمن البرنامج الإجمالي المخصص للمديرية العامة للأمن الوطني، والمقدر ب25534 وحدة سكنية عبر كافة التراب الوطني، والتي سعى المسؤول الاول على جهاز الشرطة اللواء، عبد الغني هامل إلى اقتطاعها لدى السلطات لاسيما وزارة السكن والعمران والمدينة عبر مفاوضات استمرت أشهر طويلة، في خطوة لتخفيف معاناة رجال الأمن مع أزمة السكن.