ووري، أمس، جثمان السيناريست والكاتب المسرحي المصري الشهير، محفوظ عبد الرحمن، الذي توفي عن عمر ناهز 76 عاما بعد معاناة مع المرض، وقد سبق ل«المساء» أن حاورت الفقيد خلال زيارة له إلى الجزائر على هامش مشاركته في جائزة الفنك الذهبي التي كان ينظمها التلفزيون الجزائري. تطرق محفوظ عبد الرحمن عبر منبر «المساء» إلى حياته ومسيرته الفنية التي تكللت بكتابته لعدة أعمال شهيرة، يأتي في مقدمتها، فيلم «ناصر 56» وفيلم» عبد الحليم». ولد عبد الرحمن في قرية التوفيقية بمركز إيتاي البارود بمحافظة البحيرة بشمال مصر في 11 جوان 1941، والتحق في شبابه بقسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة القاهرة، حيث كتب القصة القصيرة وهو طالب وسط رفاق الإبداع في الجامعة ومنهم الناقد المصري رجاء النقاش والروائي المصري بهاء طاهر والشاعر السوداني جيلي عبد الرحمن. وبعد تخرجه عام 1960 عمل صحفيا في مؤسسة دار الهلال ونشر قصصا قصيرة ومقالات نقدية في صحف ومجلات. كما عمل سكرتير تحرير لثلاث مجلات مصرية هي «السينما» و»المسرح والسينما» و»الفنون». وعبد الرحمن الذي نشر أولى قصصه القصيرة عام 1955، صدرت أولى مجموعاته القصصية «البحث عن المجهول» عام 1967 وتلتها رواية «اليوم الثامن» ومجموعة «أربعة فصول شتاء» ولكن المسرح كان يشغل النصيب الأكبر من وقته وجهده حيث كتب أولى مسرحياته «اللبلاب» عام 1963. إلا وبسبب حظر عرضها، توقف عبد الرحمن عن الكتابة للمسرح لمدة، 12 عاما واعتبر تلك الفترة مراجعة لأسلوب الكتابة المسرحية. وانتبه عبد الرحمن مبكرا إلى دور الدراما فكتب عام 1965 أول تمثيلية تلفزيونية وهي سهرة عنوانها «ليس غدا» واكتشف أن متابعي الوسيط الجديد أكبر عددا بما لا يقارن بقراء الأدب المكتوب وجمهور المسرح، فكتب عام 1971 المسلسل التلفزيوني «العودة إلى المنفى» عن رواية بالعنوان نفسه للكاتب المصري أبو المعاطي أبو النجا. وكان عبد الرحمن من أبرز رموز ما يطلق عليه بعض النقاد أدب الشاشة الصغيرة، حيث كتب مسلسلات يغلب عليها الطابع التاريخي، من أبرزها «سليمان الحلبي» و»عنترة» و»ليلة سقوط غرناطة» و»مصرع المتنبي» و»أم كلثوم» و»بوابة الحلواني» وهو مسلسل من عدة أجزاء يؤرخ لحفر قناة السويس الذي بدأ عام 1859 وصولا إلى نهاية عصر الخديوي إسماعيل عام 1879. كما كتب مسرحيات منها «حفلة على الخازوق» و»عريس لبنت السلطان» و»السلطان يلهو» و»الفخ» و»الحامي والحرامي» و»بلقيس» التي عرضت في القاهرة عام 2011. كما عرضت لعبد الرحمن مسرحيات في ليبيا والكويت وقطر ومصر. كتب عبد الرحمن ثلاثة أفلام سينمائية هي»ناصر 56» الذي عرض عام 1996 و»حليم» الذي عرض عام 2006 وبينهما أنتجت له السينما العراقية عام 1981 فيلم «القادسية» للمخرج المصري صلاح أبو سيف وبطولة المصريين سعاد حسني وعزت العلايلي وليلى طاهر والعراقيين شذى سالم وطعمة التميمي وحسن الجندي والسورية هالة شوكت. وكتب أيضا للإذاعة مسلسلات منها «طلعت حرب» عن حياة رائد الاقتصاد المصري الذي أسس «بنك مصر» عام 1920. وحظي عبدالرحمن بتقدير كبير جسدته عمليات تكريم وجوائز في مصر ومنها جائزة الدولة التشجيعية عام 1972 وجائزة الدولة التقديرية في الفنون عام 2002 وجائزة النيل في الفنون عام 2013 وهي أرفع الجوائز المصرية. وصدرت عن زوج الفنانة سميرة عبد العزيز، دراسات وكتب منها «عاشق المسرح والتاريخ. محفوظ عبد الرحمن في محاورات النقاد»، والذي أعدته عام 2014 الباحثة المصرية سميرة أبو طالب وجمعت فيه دراسات لنحو 30 ناقدا عربيا قدموا رؤى مختلفة لعشر مسرحيات عرضت لعبد الرحمن في كل من مصر والكويت وسوريا وليبيا.