بن دودة تفتتح المهرجان الوطني للمسرح المحترف وتؤكد:"المسرح رسالة ومسؤولية وطنية قبل أن يكون فرجة ممتعة"    ينظم اليوم بقصر الثقافة..حفل جائزة أشبال الثقافة    الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار تسجل أكثر من 19 ألف مشروع منذ نوفمبر 2022 بقيمة 8242 مليار دج    مجمع "جيبلي" يحقق استقرار سوق الحليب ويستعد لإطلاق منصة رقمية مطلع 2026    وزارة التضامن تطلق منصة إلكترونية لتعزيز مرافقة المسنين وتحسين جودة حياتهم    افتتاح المخيم الشتوي "فنون الشباب" بولاية بشار بمشاركة مائة شاب من مختلف الولايات    تنصيب آمنة لقرين رئيسة لأول برلمان للطفل الجزائري (2025-2027)    وزارة العدل تنظم لقاء تكوينيا لتعزيز التعاون القضائي الجزائي الدولي    انهيار جزء من مئذنة مسجد سيدي محمد الشريف بالقصبة دون تسجيل خسائر بشرية    افتتاح مشاريع ومعدّات جديدة لسوناطراك    مئات الصهاينة يستبيحون الأقصى    جهود مضنية للدفاع عن حق الشعب الصحراوي    حروب إسرائيل غير المنتهية    نهاية قصة مبولحي الترجي    لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للشفافية ومكافحة الفساد    شايب يشرف على استقبال عدد من أطفال الجالية    مولوجي تُحضّر لرمضان    نهاية فيفري القادم.. آخر أجل لاستلام المشروع    نسوة يُحضّرن مبكّرا لشهر رمضان    المحكمة الدستورية تنظّم ندوة تاريخية    سايحي يترأس جلسة عمل    مجمع أنتون الصيني يبدي اهتمامه    صحيح البخاري بجامع الجزائر    فيلم الأمير عبد القادر أفضل ترويج للجزائر سينمائيًا    التقوى وحسن الخلق بينهما رباط وثيق    تسهيلات هامة للمواطنين المتخلّفين عن تسديد فواتيرهم    تقييم الاستراتيجية الوطنية لرقمنة قطاع الأشغال العمومية    فتح باب الطعون في عدد الغرف للمقبولين في برنامج "عدل 3"    لا بديل عن الحلول السلمية للأزمة الليبية بالنسبة للجزائر    مناورة تقنية للحماية المدنية بمنارة جامع الجزائر    الرئيس تبون قدّم لي توجيهات سامية لترقية الأمازيغية بكل متغيراتها    الجزائر فاعل محوري في ترقية الشراكات الإفريقية-الدولية    الجزائر ماضية في ترسيخ المرجعية الدينية الوطنية    اتفاقيات لتصنيع أدوية لفائدة شركات إفريقية قريبا    التكفل بمخلفات المستحقات المالية للصيادلة الخواص المتعاقدين    الجزائر مستعدة لتصدير منتجاتها الصيدلانية لكازاخستان    "قضمة الصقيع".. عرض مرضي لا يجب الاستخفاف به    الرائد في مهمة التدارك    "الخضر" يضبطون ساعتهم الإفريقية على مواجهة السودان    بلايلي يتمنى تتويج الجزائر بكأس إفريقيا 2025    المشروبات الطاقوية خطر وتقنين تداولها في السوق ضرورة    حملة تحسيسية من حوادث المرور    فوز مثير لبلوزداد    مهرجان المسرح المحترف ينطلق اليوم    صحيح البخاري بمساجد الجزائر    صناعة صيدلانية: تسهيلات جديدة للمتعاملين    عهدة الجزائر بمجلس الأمن.. أداء ومكاسب ترفع الرأس    سيغولان روايال على رأس جمعية فرنسا – الجزائر    المهرجان الدولي للمنودرام النسائي في طبعته الرابعة    أنباء عن قتيلين في عملية إنزال جوي للتحالف الدولي : تفكيك خلية ل "داعش" بريف دمشق    كأس إفريقيا كل 4 سنوات مستقبلاً    غرة رجب 1447ه هذا الأحد والشروع في قراءة صحيح البخاري بالمساجد ابتداءً من الاثنين    "عش رجبا تر عجبا".. فضل رجب وأهميته في الإسلام    غزّة تحت الشتاء القاسي والدمار    مجلس الأمن يدين بشدة الهجمات على قاعدة بجنوب    انطلاق المرحلة الثانية للأيام الوطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال    كرة القدم / الرابطة الثانية /الجولة ال13 : مواجهات حاسمة على مستوى الصدارة وتنافس كبير في ذيل الترتيب    شبيبة القبائل توقع عقد شراكة مع مستثمر جديد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ضغائن الماضي... وحسابات المصالح
القمة الكورية الشمالية / الأمريكية
نشر في المساء يوم 11 - 03 - 2018

بقدر ما كانت المفاجأة كبيرة لكل العالم بعد قرار الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، عقد قمة بينهما شهر ماي القادم، بقدر ما كان سيل التساؤلات أكبر بالنظر إلى تطورات «سعيدة» لم يكن أي من المتتبعين يتوقعها بعد عداء مطلق، بلغ قبل أسابيع فقط، حد التهديد بتدمير الآخر.
فهل كان يكفي أن يلتقي وفدان عن البلدين بمناسبة الألعاب الشتوية بمدينة كوريا الجنوبية الشهر الماضي، لأن يذيب جليد علاقات تكلست منذ الحرب العالمية الثانية؟ فلم يكن متوقعا أن تعرف علاقات البلدين ليونة في عهد الرئيس الكوري الشمالي الحالي، ولا والده، ولا حتى جده الذين تداولوا على النظام في بيونغ يونغ وبقوا متشبثين بمواقفهم المناهضة ل «الأمبريالية الأمريكية»، رافضين التخلي عن قناعاتهم الإيديولوجية في مقابل مواقف إدارات أمريكية متعاقبة، عملت جميعها على تشديد قبضة عقوباتها ضد آخر الأنظمة الشيوعية في العالم؛ بهدف خنقه وجعله يستسلم للأمر الواقع.
فما الذي حدث حتى يغير الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب موقفه من النقيض إلى النقيض وهو الذي لم يُعرف عنه سوى عدائه المطلق ضد النظام الكوري الشمالي؟ وما الذي جعل الرئيس كيم جونغ إن يوافق هو الآخر على الجلوس إلى طاولة مفاوضات مع رئيس كان يلقبه قبل أسابيع ب «الرئيس المجنون»؟
وإذا سلّمنا بقاعدة أن العداء المطلق أو الأخوة المطلقة في العلاقات الدبلوماسية ليست مسلَّمة قائمة بحد ذاتها، إلا أن ذلك لا يمنع من القول إن قنوات الدبلوماسية السرية لعبت دورا محوريا في هذا التقارب، الذي كان إلى وقت قريب، يبدو مستحيلا.
وتكون كوريا الجنوبية لعبت مثل هذا الدور بمناسبة حضور إيفانكا ترامب، نجلة الرئيس الأمريكي الحالي، إلى مدينة بيونغ تشانغ، التي احتضنت الألعاب الأولمبية الشتوية في كوريا الجنوبية في نفس الوقت الذي حضر وفد سام كوري شمالي، فعاليات هذه الألعاب.
والمؤكد أن هذا الحضور النوعي لم يكن بمحض الصدفة، حيث حظي الوفد الشمالي بلقاء مع الرئيس الكوري الجنوبي، الذي قرر يومين بعد ذلك إرسال وفد رفيع، قاده مستشاره للشؤون الأمنية إلى بيونغ يونغ؛ حيث التقى بالرئيس جونغ إن، لتتسارع الأحداث بعد ذلك، وتختتم بإعلان قمة أمريكية كورية شمالية لم تكن في مخيلة أكثر المتتبعين تفاؤلا.
ويمكن القول إن الآلة الدبلوماسية الجنوبية تحركت بالسرعة القصوى لنزع فتيل مواجهة كانت متوقعة وبعد أن وُجدت سيول نفسها في قلب صراع أصبح يهدد أمنها القومي بسبب وعيد أمريكي مصرّ على ضرب جارتها الشمالية، وفي وقت لم يسبق لهذه الأخيرة أن نفّذت تجارب نووية بمثل التي قامت بها منذ سنة 2015 ضمن سياسة تحدّ، جعلت كل العالم يخشى من احتمال ضغط هذا الرئيس أو ذاك على زر ترسانته النووية في أي لحظة.
ليس ذلك فقط، فقد أدركت الولايات المتحدة رغم تفوقها النووي وميل كفة ميزان هذه القوة الفتاكة لصالحها، أن الدخول في حرب نووية مع بيونغ يونغ ستكون نتيجتها صفرية، الرابح فيها خاسر بالنظر إلى الكوارث التي ستنجم عن خيار كارثي، ومعها احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة إذا سلّمنا بأن روسيا والصين أكبر حليفين لكوريا الشمالية، لن يبقيا مكتوفي الأيدي أمام نزاع على حدودهما المباشرة.
وفي مقابل ذلك، فإن بيونغ يونغ تكون اقتنعت من جهتها، بأن مواصلة قبضتها النووية ومقارعة قوة عالمية بحجم الولايات المتحدة، لن تكون في مصلحتها بحكم تكلفة السباق نحو التسلح النووي، وعجز الاقتصاد الكوري الشمالي عن توفير أموال ضخمة للبقاء في سباق، أكدت تجارب الحرب الباردة أنها معركة لا نهاية لها، ولن يصمد فيها إلا من كان له القدرات المالية التي تؤهله لفعل ذلك.
كما أن سيل العقوبات الاقتصادية التي ما انفك الرئيس ترامب يفرضها على النظام الكوري الشمالي ضمن خطة لخنقه اقتصاديا، بدأ يؤتي ثماره على اقتصاد كوري شمالي لم يعد يقوى على الصمود أكثر.
وإلى جانب كل هذه العوامل فإنه لا يستبعد أن تكون السلطات الكورية الشمالية استشعرت تغيرا في مواقف حلفائها التقليديين في بكين وموسكو خاصة منذ تجاربها النووية والصاروخية الأخيرة، وهو ما جعلها تستبق الأحداث بقبولها الجلوس وجها لوجه مع الولايات المتحدة، ونيتها في ذلك المحافظة على مكاسب لا تريد التضحية بها، وهو ما يفسر تنفيذها تلك التجارب الصاروخية بهدف الجلوس إلى طاولة التفاوض من موقع قوة مع الولايات المتحدة.
ومهما كانت المبررات وحسابات كل طرف من هذا التقارب، فإن التساؤل الجوهري الذي يبقى مطروحا إلى غاية قمة ماي القادم: هل ستقبل بيونغ يونغ بتدمير ترسانتها النووية وهي التي حددت على أساسها الخطوط العريضة لسياستها الخارجية، وجعلت منها ورقة ردع في وجه جيرانها وفي وجه الولايات المتحدة الأمريكية؟
وقد زادت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس، من درجة الترقب لمعرفة ما ستسفر عنه هذه القمة، عندما راح يؤكد أنها ستحمل خبرا سارا لكل العالم.
وهي كلها عوامل، ستجعل من هذا التقارب الحدث الطاغي على الأحداث العالمية إلى غاية موعد عقد هذه القمة التي لم يتم تحديد موعدها ولا مكان عقدها، وستجعل كل مهتم بالعلاقات الأمريكية الكورية الشمالية، يضبط عقارب ساعته الدبلوماسية على كل تصريح من هذا البلد أو ذاك، لتحديد كيفية التعاطي مع التطورات التي تفرزها مواقف البلدين.
وبغض النظر عن حسابات الجانبين فإن تجريد كوريا الشمالية من أسلحتها النووية بكيفية تجعل شبه الجزيرة الكورية منزوعة السلاح، يبقى أمرا مستحيلا من وجهة نظر براغماتية بالنسبة لنظام بيونغ يونغ.
كما أن الولايات المتحدة لن تقبل ببرنامج نووي متنام في منطقة تعتبرها ضمن مناطق أمنها القومي ذات أولوية، وهو ما يحتّم على الرئيسين دونالد ترامب وكيم جونغ إن، البحث عن حل وسط يحفظ ماء وجه كل واحد منهما، ضمن معادلة ترجح احتمال الأخذ بالاتفاق النووي الإيراني نموذجا لإنهاء صراع قد يُخرج كوريا الشمالية من قائمة دول محور الشر، ويحوّل الولايات المتحدة من دولة أمبريالية إلى دولة «صديقة»؛ ضمن خطوة ستمهّد، بدون شك، لإزالة خط عرض 38، الذي قسم سنة 1953 شعبا وبلدا واحدا، لتصبح حينها كوريا واحدة، لا شمالية ولا جنوبية، تماما كما حدث في ألمانيا بسقوط جدرا برلين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.