شهدت العاصمة وضواحيها انتشارا واسعا لمحلات بيع الشاي، حملت أسماء مختلفة، منها "شاي تمنراست"، "شاي أدرار" و«شاي تميمون"، وقد أشرف عليها أبناء الجنوب الذين عملوا بدورهم على تقديم أجود الأنواع والأذواق التي اختلفت بين الشاي الثقيل والخفيف، إلى جانب الملكي المحلى بالعسل الصافي الذي يبلغ ثمن الكوب الواحد منه 200 دج، إذ كلما ازدادت السعة زاد السعر. والملاحظ أن حرارة الجو التي غالبا ما تدفع الأشخاص إلى تناول المثلجات لترطيب الجسم، قد كسرها سحر الشاي الذي بات مطلوبا في كل الأوقات. خلال الجولة التي قادتنا إلى بعض محلات بيع الشاي بالعاصمة وضواحيها، لاحظنا التأثير الكبير للشاي على من تعودوا على ذوقه، خاصة بعدما صار الشاي الصحراوي الأصيل في المتناول ويتم تحضيره بأيادي أهل الاختصاص على الجمر وبالنعناع المجفف تحت شمس الصحراء الجزائرية، لأنه كما أكد لنا الكثير من الباعة، فإن لطريقة تجفيف النعناع ومدى تشبعه بأشعة المشمس تأثير كبير على الذوق المحصل عليه، إلى جانب طريقة التحضير التي قال محمد، صاحب محل بيع الشاي بعين النعجة، بأنها سر من أسرار المهنة. مضيفا في السياق أن الكثير من السيدات يطلبن منه الكشف عن كيفية تحضيره في البيوت والأعراس، على أن لا يُطْلعن أحدا على الوصفة؛ "السر الكبير في تحضير الشاي يكمن في الصبر الذي يتميز به من يحضره من أبناء الصحراء، فنحن نأخد وقتا كبيرا لتحضير إبريق منه، لكن ما يهمنا هو النتيجة، أي أن يكون الشاي مضبوطا وبنكهة خاصة، تفوح منه رائحة النعناع وتوجد به رغوة لها "بنة"، لا يمكن لأيّ كان أن يخرجها منه، فهي نتاج الخبرة أيضا". فيما يخص الطلب على الشاي خلال هذه الأيام الحارة، قال محدثتنا "مازلت أحضر منه الكثير، كما كنت أفعل خلال أيام الشتاء، بل توجد زيادة في الطلب، فهناك من يطلبه مسبقا في حالة ما إذا كان طالبه صاحب وليمة، حيث أحضر الأباريق الكبيرة التي أغلقها بإحكام وأنصح بطريقة التسخين لتقديمه في الصالة عندما يحين موعده، وهناك عائلات تطلب مني ملء حافظات الحرارة "الترموسات" التي تأخدها معها إلى البحر". يجد باعة الشاي المتنقلون عبر الشواطئ، فضاء خصبا للتجارة فيها، حيث يعد تناول الشاي على الشاطئ من الأبجديات التي دأب عليها المصطافون ومن كل الأعمار، حسبما أكده لنا عمار الذي يجوب شاطئ "كتاني" بباب الوادي بإبريقه الكبير وقفته التي يوجد بها أبواق المكسرات وربطات من النعناع والأكواب الكارتونية، يقول: "منذ بداية موسم الاصطياف وأنا أجوب المكان لخدمة المصطافين وكسب قوتي، وقد حققت المراد، حيث يزداد الطلب على الشاي خلال الفترة المسائية وفي الليل أيضا سواء في البحر أو على مستوى الساحة، حيث تجلس العائلات لتنفس الهواء العليل". وقد أجمع المصطافون الذين قدموا من العاصمة ومختلف ولايات الوطن ممن تحدثنا إليهم، على أن وجود الشاي خلال جلسات الاستجمام على البحر ضرورة، خاصة الشاي الصحراوي الأصيل الذي يمتاز بمذاقه الفريد ونكهته التي يطبعها النعناع، تقول السيدة صورية: " لقد تعودت مند سنوات خلت على تحضير الشاي في البيت، لكن بوجود الباعة المتجولين ومحلات بيع الشاي الصحراوي، لم أعد مضطرة لتحضيره في البيت، فأحيانا اقتنيه لدى بائع الشاي في المنطقة التي أسكن بها ب«1 ماي" أو أتناوله رفقة أبنائي ساخنا على الشاطئ". إذا كان هناك أشخاص يفضلون ترطيب أجسامهم خلال السهرة، بتناول المثلجات التي بات يتفنن أصحابها في إعدادها، لاستقطاب عشاقها من خلال الاعتماد على أجود المكونات، بداية من الحليب، وصولا إلى النكهات، مع اختيار الفواكه بالنسبة لمن يحضرون "الصوربي"، فإن باعة الشاي أيضا باتوا ينافسون وبقوة، لتقديم الأفضل والمحافظة على الزبائن الأوفياء الذين أصبح كأس الشاي بالنسبة لهم جرعة يومية أكيدة.