يعتبر الخبز أهم مادة غذائية يسعى الإنسان لتوفيرها، على اعتبار أنه المادة الأكثر استهلاكا بالنظر لحتمية وجوده على مائدة الطعام، أصبح التلاعب بهذه المادة الغذائية ببلديات ولاية تبسة ظاهرة واضحة للعيان، إذ تطرح أحجامه وأثمانه وطرق عرضه للبيع أكثر من سؤال، وهو ما شكل مصدر قلق للمواطنين الذين يضطرون لاقتنائه من المخابز والمحلات وحتى من الشوارع والأزقة، وفي هذا الموضوع ذهب "المساء" نحو البحث في الظروف التي يصنع ويباع فيها "قوت الزوالي". يطرح المستهلك الجزائري لاسيما التبسي، أسئلة كثيرة عن المعايير الحقيقية للخبز وعلى خلفية ما يلاحظ في جميع الأسواق والمخابز من وجود أحجام دون الوزن المعمول به تباع بنفس الثمن، الى جانب عرض الخبز الذي يعد المادة الأساسية ذات الاستهلاك المباشر في أوضاع غير صحية بل حتى صنعه في ظروف غير صحية تماما، فالسوق الأساسية على سبيل المثال الكائنة بوسط مدينة تبسة، أو ما يطلق عليها ب«زنقة الشواية" بعاصمة الولاية، تعج بباعة الخبز الذي يعرض في ظروف غير صحية تطرح أكثر من سؤال حول حماية صحة المستهلك، ومدى خطورة هذا الأمر المخالف للقانون، والذي صار مألوفا لدى المواطن في ظل الغياب التام للجهات المسؤولة عن حماية المستهلك أو بالأحرى الجهات الرقابية، وغياب أي دور للمسؤولين المحليين، وهو ما يجعلنا نفكر في أن حماية المستهلك هي آخر الاهتمامات مما يجبرنا على طرح أسئلة عديدة أهمها أين دور المسؤولين... ودور الجهات الرقابية المخول لها قانونا ردع مثل هذه المخالفات... وماذا عن دور جمعيات حماية المستهلك التي تلعب دور المتفرج وأصبح نشاطها في هذه المخالفات يقتصر فقط على الإحتفال باليوم العالمي لحماية المستهلك؟. تلاعب كبير في وزن الرغيف "المساء" زارت المخابز بمختلف بلديات ولاية تبسة، ورصدت نفس الوضعية فرغم الأهمية القصوى لمادة الخبز في حياة مواطني ولاية تبسة عموما ليس فقط لدى ربّة البيت العاملة بل حتى الماكثة بالبيت، إلا أنها أضحت آخر اهتمامات أصحاب المخابز، حيث اكتشفنا الواقع المزري لعشرات المخابز التي تشهد انتشارا كبيرا للأوساخ والحشرات والفئران وانعدام النظافة كليا، كما يحتال بعضهم على جيوب المواطنين من خلال إنقاص وزن الخبزة المحدد قانونا ب250 غ إلى ما بين 200 و180غ، ورغم دراية العديد من الخبازين بذلك إلا أنهم يتعمّدون عدم تطبيق المعايير اللازمة في صناعة الخبز، للظفر ببعض الدنانير الزائدة ولو كان ذلك على حساب صحة المواطن. خبازون يتحججون بارتفاع تكاليف نشاطهم تجاوزات عديدة وتهاون كبير بصحة وسلامة المواطن، تحدث في ظل انعدام الرقابة التي يفترض بها القيام بمراقبة طرق صنع الخبز بالمخابز، وظروف بيعه بالمحلات التجارية أو بالأحرى بمحلات بيع المواد الغذائية التي تبيعه في ظروف أقل ما يقال عنها إنها غير صحية بالمرة، وهو ما أكده سكان العديد من المناطق على مستوى ولاية تبسة، الذين اشتكوا من وزن الرغيف إلى جانب فقدانه للجودة وسعره أيضا، حيث لم يعد يكفي في بعض الأحيان حتى لوجبة الطعام، فبعض المخابز تبيع خبزا طويل الشكل لكنه فارغ من الداخل، وأخرى تتعمّد عدم طهيه بالشكل الصحيح ليكون ثقيلا، وبالتالي يكون الوزن زائدا دون انتباه الجهات الرقابية إن كانت موجودة كما لاحظنا بأن اللافتات المتواجدة ببعض المخابز والمحلات بعاصمة الولاية، والتي تحمل أسعار الخبز تكون غير مطابقة لسعر البيع، حيث يبيع الجميع الخبزة الواحدة ب15 دج لكن عند طرحنا سؤال لأحد أصحاب المخابز حول السعر الحقيقي أو القانوني للخبزة، الذي هو في الأصل 7.50 دج، أجابوا بأن السعر المطبق لدى كافة المخابز يقدر ب10 دج و15 دج، مرجعا ذلك إلى التكاليف الباهظة للمواد الأولية التي يصنع منها الخبز، وأجور العمال ومصاريف أخرى يتكبدها أصحاب المخابز منها الكهرباء والمياه والضريبة، مما يجعلهم في وضع صعب وغير مناسب، مضيفين أن ذلك يجعل السعر الحقيقي للخبز حسبه هو 15 دج للخبز العادي و25 دج للخبز الممتاز أو المحسّن، لكننا وجدنا خلال جولتنا ببعض البلديات أن الأسعار فاقت كل التوقعات، ففي بلدية بكارية تبيع المخابز الخبز العادي الذي حدد سعره ب7.50 للخبزة الواحدة ب 15 دج للخبزة العادية دون رقابة تذكر، أما ببلديات بئر العاتر، أو نقرين وفركان بأقصى جنوب الولاية، فإن السعر المتفق عليه بجميع المخابز يتراوح بين 20 و25 دج للخبزة الواحدة، دون أن تكترث الجهات الرقابية أو المسؤولة لذلك. إلى جانب ذلك امتدت ظاهرة الغش في صناعة الخبز خاصة بمدينة تبسة، إلى عدم استعمال الملح الضروري في بعض المخابز، إذ يلجأ هؤلاء لإضافة ملح آخر غير المعالج بمادة اليود، باعتبار أن سعر هذا الأخير أرخص من الملح المتوفر بالأسواق، الأمر الذي يشكل خطرا كبيرا على صحة المستهلك، وتحديدا على مستوى الغدة الدرقية التي تصاب بالتضخم في حال فقدان أو نقص في ملح اليود. ويضاف الى هذا التلاعب والغش الواضح في النوعية، وكذا الأسعار المطبقة التي بات يعتبرها أصحاب المخابز حرية خاصة يتصرفون فيها كما يحلو لهم، قيام أصحاب المخابز بولاية تبسة والبلديات الأخرى التابعة لها، خلال الفترات الصباحية، ببيع الخبز العادي وفقا للطلب نحو متاجر المواد الغذائية أو المطاعم.... الخ، لكن بعد الظهيرة قد لا تجد الخبز العادي وتكون مجبرا على شراء الخبز المحسّن بداية من سعر 20 دج فما فوق، وهي كلها مخالفات دفعت بالمواطنين إلى طرح تساؤلات عديدة حول دور المصالح المعنية بوضع حد للتلاعبات التي يمارسها بعض أصحاب المخابز للتحايل على المواطن، فأسعار مختلف أنواع الخبز ارتفعت تدريجيا لتصل في بعض الأحيان إلى 50 دج، وذلك بحجة أن هذه النوعية من الخبز جد محسّنة وجيدة أو أنها من السميد الممتاز. "خبز السميد" حجة واهية لتسويق المنتوج وأكد أحد أصحاب المخابز ل«المساء" بكل صدق، أن عبارة خبز السميد ما هي إلا حجة واهية إذ يتم وضع ثلث الوزن فقط من مادة السميد، والبقية من مادة الفرينة ويباع للمواطن على أنه خبز سميد، أما السعر الرسمي -حسبه- فلم يعد سوى حبرا على ورق أو في أذهان مصالح الرقابة، فالكثير من المواطنين أكدوا لنا أن أغلب المخابز تقوم بإنتاج كميات قليلة من الخبز العادي وبسعر 10 دج وبنوعية ليست جيدة، ومن ثم الشروع في بيع الخبز الذي يوصف بالمحسّن أو خبز السميد إنطلاقا من سعر 15 دج فما فوق، وإذا تعلق الأمر بالخبز الصحي كخبز الشعير، فيتعمد بعض الخبازين بيعه ب50 دج للخبزة الواحدة بالنظر لحاجة المواطنين إليه وفوائده الصحية على المعدة