تشكل الصناعات التقليدية، واحدا من عوامل الجذب السياحي التي يعول عليها خلال موسم الصيف، لاستقطاب السياح، لذا يسارع الحرفيون على مستوى ولاية البليدة، للمشاركة في مختلف المعارض التي تقام على مستوى المرافق والمناطق السياحية، بهدف التعريف بما تزخر به الولاية من موروث وتقاليد، تعكس أصالتها وعراقتها التي تحتاج، حسب ما رصدته "المساء"، على ألسنة بعض الحرفيين، إلى الاهتمام بها أكثر، بعدما تحولت السياحة في السنوات الأخيرة، إلى محرك داعم للاقتصاد الوطني. الزائر لمنطقة حمام ملوان، الواقعة شرق ولاية البليدة، أو كما تسمى "عروس الأطلس البليدي"، بالنظر إلى شساعة المساحة التي تمتد إليها، يقف على التنوع الكبير في الصناعة التقليدية التي تتميز بها المنطقة، حيث سعى الحرفيون وبعض التجار إلى عرض كل ما تزخر به الولاية من تنوع في موروثها، وفي مختلف أنواع الأطباق التقليدية التي يتم تحضيرها وبيعها للزوار، الذين يقصدون المنطقة من أجل الاستمتاع بمياه الوادي الجارية، إلى جانب اكتشاف مجموعة من الأعشاب العطرية والطبية، التي يجتهد سكان المنطقة في قطفها من أعالي جبال حمام ملوان، على غرار "الزعتر". صناعة تقليدية متجذرة في حمام ملوان أهم الصناعات التقليدية التي أولاها الحرفيون، وحتى التجار من أبناء المنطقة، اهتماما كبيرا؛ الأواني الفخارية التي حازت حصة الأسد من العرض على حافتي الطريق المؤدية إلى حمام ملوان، حيث نجد الأواني والطواجين بمختلف الأحجام والأشكال، التي لا تزال، حسب ما أكده بعض الحرفيين، تعد بالطريقة التقليدية، حتى لا تفقد عراقتها، إلى جانب قوارير الماء الفخارية المغطاة بقطع من الخيش، والتي تحمل رسومات ورموز تعكس تراث المنطقة الأمازيغي، وتعد حسب البعض، من أكثر الأواني التي تباع، كونها تساعد على إبقاء الماء بداخلها باردا، وتحافظ على خواصه المعدنية، إلى جانب قدور تحضير الكسكسي والشوربة، التي تلقى هي الأخرى طلبا كبيرا عليها من الزوار، ناهيك عن بعض الأدوات الأخرى الموجهة لتزين المنازل، مثل "الدربوكة" أو الشمعدانات المصنوعة من الفخار. ..."المطلوع سخون" تأتي الأكلات التقليدية، هي الأخرى، لتنال نصيبها من الترويج لتراث المنطقة، حيث يجتهد الباعة، وهم من سكان المنطقة، في التحضير لعدد من الأكلات التقليدية، التي عادة ما يكثر عليها الطلب من الزوار، خاصة ما تعلق منها ب«خبز المطلوع"، الذي لا يزال يعد بطريقة تقليدية في فرن الحطب، ويكون ذوقه مميزا، وعادة ما يختص في بيعه الأطفال الذين يتنافسون فيما بينهم لجلب الزبائن إليهم، وبيع ما لديهم من خبز تتباين أثمانه بين 30 و50 دج، حيث يحملون أطباقا مغطاة بقماش ويتجولون بين السيارات المتوقفة على حافتي الطريق المؤدي إلى منطقة حمام ملوان، من أجل الترويج لمنتجهم منادين... "مطلوع سخون". الجبن بأوراق التين... متعة التذوق يأتي الجبن، الذي تحضره النسوة في المنازل، كواحد أيضا من أهم الأكلات التقليدية في المنطقة، حيث يعد من الصناعات التقليدية التي لا تزال الأسر على مستوى منطقة حمام ملوان، تحرص على امتهانها، إذ يتم تحويل حليب الأبقار والماعز إلى أجبان طبيعية خالية من أي شكل من أشكال المحسنات أو الإضافات، كما أن طريقة البيع يراعى فيها الجانب الطبيعي، حيث تباع قطع الجبن الدائرية على أوراق شجرة التين، والتي يؤكد بعض الباعة، أن الطلب عليها كبير، حتى أن البعض منهم يأخذ كمية معتبرة معه في طريق العودة، دون أن ننسى "كسكسي الحمامة"، الذي يعتبر هو الآخر واحدا من أعرق الأطباق التقليدية لسكان الولاية، يتم تحضيره بأكثر من 100 عشبة بين الأعشاب الطبية والعطرية، وبيعه في أكياس، مع تقديم طريقة التحضير للزوار الذين يبحثون عن بعض أنواع الكسكسي التقليدي المعد بالأعشاب، كما يتم أيضا الترويج لكسكسى البلوط والشعير. للأعشاب العطرية سر يخفيه سكان المنطقة إذا كانت الأواني الفخارية والأكلات التقليدية حازت على نصيب وافر من الطلب عليها، من زوار المنطقة، فإن الأعشاب العطرية والطبية، كان لها نصيبها من الطلب، إذ يمتهنها بعض الأطفال الصغار في السن، حيث يجلسون وراء طاولات من الخشب على حافتي الطريق، وبالقرب من منازلهم، ويعرضون أنواعا مختلفة من الأعشاب التي يتم جلبها من جبال المنطقة، وحسبهم، فإن العمل، رغم أنه صعب، إلا أنهم تعودوا عليه، وأصبحت لديهم معرفة بالخواص العلاجية لمختلف أنواع الأعشاب العطرية والطبية، مثل الزعتر الذي يكثر عليه الطلب، وحسبهم، فإن الحشائش التي يتم بيعها، تقطف وتحضر في رزم وتباع بأثمان زهيدة، حتى يعيلوا بها أسرهم، وهي واحدة من الأنشطة الموسمية التي يمارسونها في الصيف فقط. كما أخذت الملابس التقليدية حيزا هاما من العرض، حيث يتم، حسب بعض التجار، الترويج للباس التقليدي الذي يميز المرأة البليدية الأمازيغية، والذي عادة ما يلبس في الصيف، إلى جانب بعض الأنواع الأخرى التي تلقى اهتماما كبيرا، مثل الجبة القبائلية التي يجري أيضا الترويج لها، وتعكس التواجد الأمازيغي بالولاية. تجار المنطقة ينعشون السياحة بالترويج للموروث الحرفي يرى مدير السياحة والصناعات التقليدية لولاية البليدة، عبد الوهاب مومو، بأن الصناعات التقليدية تحولت في السنوات الأخيرة، إلى محرك أساسي للسياحة، لذا تم وفق الاستراتيجية المسطرة من طرف الوزارة، دعم الحرفين، وأنه لا مجال مطلقا للتداخل بين التاجر الذي يقوم بإعادة بيع المنتجات الحرفية، والحرفي الذي يجد في بعض الأحيان نفسه عاجزا عن بيع ما يقوم بإنجازه، فيتكفل التاجر ببيعه، بالتالي فإن التاجر بطريقته الخاصة، يروج للسياحة ويساعد على التعريف بما تزخر به الولاية من تراث، وهو ما يحدث على مستوى حمام ملوان، حيث يقوم التجار ببيع الحرف اليدوية بالترويج للسياحة المحلية، وهو أمر لا يتعارض مطلقا مع الأهداف المسطرة، حسب نفس المسؤول، لافتا إلى أن الحرفي يملك إمكانية التعامل مع أي متعامل تجاري، من أجل تصريف منتجه، وبهذه الطريقة، يسمح أيضا بتنقل منتج من ولاية إلى أخرى، مشيرا إلى أن التجار يخضعون للقانون التجاري والسجل التجاري، ويساهم في الترويج للسياحة المحلية.