صون الذّاكرة الوطنية أولوية وجب تحصينها    القضاء على إرهابيين اثنين بخنشلة    منظومة الضمان الاجتماعي بالجزائر متكاملة    900 مستثمرة فلاحية معنية بالإحصاء البعدي ببومرداس    الجزائر قادرة على قيادة التحوّل الطاقوي بالحوض المتوسطي    بحث فرص الشراكة مع الهيئة العربية للاستثمار والإنماء الزراعي    "حماس" تطالب بالتحرك الفوري والفاعل    سيدي عمار يفند الادعاءات المغربية الكاذبة والمضللة    المجلس الإسلامي الأعلى حاضر في منتدى روسيا العالم الإسلامي    في الذكرى ال77 للنكبة : مسيرات حاشدة في المغرب لتجديد الرفض الشعبي للتطبيع ودعما لفلسطين    مجلس الأمن: جبهة البوليساريو تفند بالأدلة أكاذيب ممثل دولة الاحتلال المغربي حول الصحراء الغربية    ودية عالمية أمام "لاروخا" واتفاق للاستفادة من الخبرة الإسبانية    مازة: أتطلع للتقدم مع ليفركوزن والمنافسة ستكون أقوى    حاج موسى: أحلم بالتتويج ب"الكان" والمشاركة في المونديال    الشروع في إنجاز قرية سياحية برشقون    إحصاء 113 ألف طلب عمل خلال 2024    الإطاحة بمروج خطير للمخدرات بتمالوس    الطاووس يتجول بكبرياء بين ضفتي الألوان والأكوان    عكاظية شعرية من أجل غزّة    ندوة فكرية تسلط الضوء على التحديات والفرص    ترقية علاقات التعاون البرلماني مع كوت ديفوار    توجه 250 حاج نحو البقاع المقدسة    بداية تسجيل الوكالات الراغبة في تنظيم العمرة    برشلونة بطلاً.. والريال يُهنّئ    مزيان في باتنة    حملة تحسيس من الاحتيال عبر الأنترنت    قائد شرطة الكونغو في ضيافة متحف الشرطة    الخضر قد يواجهون إسبانيا    قوجيل: العيش في سلام مسؤولية جماعية والتزام الأحرار    بلعريبي يشدّد على دعم الاستثمار وتسريع وتيرة الإنجاز في المدن الجديدة    ابتسام حملاوي تستقبل أحمد نوح المتوج بجائزة "ENERGY GLOBE" العالمية    التقلبات الجوية تخلف 7 وفيات و282 شخصاً تم إنقاذهم خلال 48 ساعة    الجيش الوطني الشعبي يقضي على إرهابي ثان ويسترجع أسلحة وذخيرة بخنشلة    عطاف يُجري سلسلة لقاءات دبلوماسية عشية القمة العربية ببغداد    دراجات على المضمار/ البطولة الافريقية-2025 : أربع ميداليات جديدة للجزائر منها واحدة ذهبية في اليوم الرابع من المنافسة    السيد عرقاب يبرز بإيطاليا أهم محاور الاستراتيجية الطاقوية الوطنية    الشلف: وصول باخرة ثالثة محملة بقرابة 12 ألف رأس من المواشي إلى ميناء تنس قادمة من إسبانيا    حج 1446ه: كل الظروف مهيأة لاستقبال الحجاج الجزائريين بمكة المكرمة    رياضة وعمل (الطبعة الثانية): مشاركة أكثر من 1300 متسابق في السباق الاحتفالي للعمال بالجزائر العاصمة    السيد سعداوي يدعو لضرورة "الالتزام التام " بالتواريخ التي تحددها الوزارة للفروض والاختبارات الفصلية    الدورة ال75 لكونغرس الفيفا : وليد صادي يجري لقاءات مع نظرائه    ورقلة: مغادرة أول فوج من الحجاج باتجاه البقاع المقدسة    الديوان الوطني للخضر واللحوم يطمئن منتجي البطاطس ويؤكد التكفل بانشغالاتهم    ركاش يبحث آفاق الاستثمار في الزراعات الاستراتيجية عربياً    ما يفعله الاحتلال الصهيوني في غزة تعد محاولة بائسة تستحق الإدانة    انتخاب أعضاء لجنة الخدمات الاجتماعية في ال 24 وال 25 ماي الجاري    سونلغاز: تدخلات ميدانية سريعة لضمان استمرارية التزويد بالكهرباء والغاز رغم التقلبات الجوية    سايحي : جهود الدولة تتجه نحو إنشاء مراكز صحية متخصصة في جميع أنحاء الوطن    القفطان الجزائري, زي تقليدي عريق يعكس الأصالة المتوارثة عبر الأجيال    محمود عباس : آن الأوان لتحرك دولي حقيقي لوقف الظلم التاريخي بحق الشعب الفلسطيني    فلسطين في الشعر العربي والعالمي" محور ندوة أدبية بالجزائر العاصمة    شهر التراث: تأهيل المعلم الأثري "مصلى الشيخ إبراهيم بن مناد الزناتي" محور ملتقى بغرداية    بلمهدي يستقبل مفتي تونس    الحجاج الجزائريون في مزارات المدينة المنورة    هذه رسالة الرئيس للحجّاج    هل على المسلم أن يضحي كل عام أم تكفيه مرة واحدة؟    يوم تصرخ الحجارة كالنساء    أخي المسلم…من صلاة الفجر نبدأ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



..عندما تغلب الهمّة الفنية العجز
بن يكوس يقدّم "الحياة" برواق "عائشة حداد"
نشر في المساء يوم 12 - 11 - 2023

يرسم الفنان منير بن يكوس بوجدانه وبصيرته قبل أن يرسم بريشته، فهو الذي حُرِم من نعمة الكلام، ثم البصر، واستطاع مع السنين، أن يسترجع حواسه ولو بشكل نسبي، لينطلق نحو الألوان والتشاكيل التي لا يصدق أحد أنها من وحي إبداعه، تفوَّق بها على بني فنه، وأهداها لجمهوره بعد أن وضع فيها عصارة تجربته وخبرته، التي لا يرضى إلا أن تكون متقنة ولو كلّفه ذلك المزيد من الجهد، والسهر، والإمكانيات المادية.
يحتضن رواق "عائشة حداد" إلى غاية 14 نوفمبر الجاري، معرضا تشكيليا للفنان منير بن يكوس بعنوان "الحياة "، يعكس كل ما هو جميل وبهي ومتفائل، حيث يجد الداخل إلى الرواق راحة واسترخاء تحيط به وتزرع في داخله البهجة. ويزداد هذا الإحساس ليتحوّل إلى إعجاب بهذه الموهبة التي قهرت ظروفها الصحية بالتحدي والنجاح.
"مهلا".. فأنا لا أسمع ولا أرى جيدا
دخلت "المساء" المعرض لتجد الفنان في استقبالها. وقبل أن تلقي التحية سبق منير بالقول: "مهلا، أودّ أن أوضح بداية، أنني لا أسمع ولا أرى جيدا. وأكثر من هذا، فقد كنت في طفولتي أصم، وحينها سافرت إلى فرنسا كي أعالج، وتعلّمت النطق الذي لا أتقنه إلا باللغة الفرنسية إلى حد اليوم؛ حيث أعيش مع عائلتي بمرتفعات الجزائر العاصمة، لكني اليوم أعاني تراجعا كبيرا في بصري، وأحيانا ينزل إلى أقل مستوى، لكنني مصرّ على الحياة رغم كل ذلك".
امتلأ المكان بأعمال الفنان منير، حيث تُعرض أعماله في كل مساحة وركن، وهي غاية في الجمال والإبداع؛ فمثلا عرض الزخرفة على الخشب من صناديق بمختلف الأحجام، منها صندوق جهاز العروس، وصندوق الأغراض المنزلية، وصندوق المجوهرات وغيرها، وكذلك الطاولات، والكراسي، والمرايا، والتحف، وحتى أدوات الطعام الباهرة التي، كما قال، خطفت عقل الزائرات كالعادة، وغالبا ما يقتنينها؛ مثل صحون، وبلاتوهات التقديم الخاصة بالضيوف، وكلّها، مثل ما أشار، تحمل روح الجزائر القديمة، وتراثها الزاخر مع الاستعانة بطابع "الأربسك "، خاصة في الزخرفة والمنمنمات والتزهير، علما أنه أكد ل "المساء "، أن الزهور الكثيرة لا تستهويه في الرسم لأنها ستكون حشوا ثقيلا.
جانب آخر من المعرض مهم جدا، وهو اللوحات التي تسبي النظر من فرط إبداعها، أغلبها من الحجم الكبير؛ منها لوحة "السلام" ذات الألوان الصاخبة والتشاكيل الحية من رموز وأشكال هندسية تبدو متحرّكة، ومن الإضاءة والأنوار المسلّطة على كل قطعة فيها، تماما كدفء الشمس الذي يتغلغل في كل مكان، علما أن البعض رآها تنتمي لمدرسة بيكاسو. لوحات أخرى أقل حجما جاءت متسلسلة، فيها الكثير من الألوان والطقوس الإفريقية الممتعة والمتنوعة ذات الإيقاع المتناغم، وقد أُعجب بها بعض الزوار الأجانب.
الطاووس رمز الحياة
لوحة "حياة جديدة" هي باختصار مشهد حيّ لأجمل المخلوقات، وهو الطاووس؛ وكأنّ ريشه المزركش فستان ملكة يتباهى به في وقفة كبرياء وشموخ. كما أكد الفنان أنه رسم هذا الجمال لأنه كان يعيش في قصور قصبة الجزائر في فترات عزّها ومجدها، وكان يرمز للبذخ، وأيضا لتقدير الجمال حيثما وُجِد.
وعلى ذكر قصور القصبة، فقد رسم منير بعضها؛ منها دار مصطفى باشا مثلا في لوحة تبرز جمال العمارة، خاصة أنه لايزال يحفظ بعض المعالم في القصبة من أيام طفولته. لوحة "الزوجان" قال إنها موجهة أكثر لجيل الشباب، تجلس فيها شابة وشاب متقابلان يتحاوران، وباقي اللوحة بها أشكال هندسية متنوعة، تبدو كقطع لعب الأطفال بألوان زاهية، وتبدو متحركة خفيفة، تتناسب وروح الشباب.
في الجهة المقابلة، تتراءى لوحة "الأمير" حيث تجري معركة طاحنة مع قوات الاحتلال الفرنسي الغزاة وجيش الأمير عبد القادر؛ كرمز للهوية والبطولة ولجزائر المقاومة. ثم تأتي البيئة القبائلية ذات الهواء العليل والثقافة الأصيلة، حيث خصص لها الفنان عدة لوحات منها تلك التي تحمل الرموز الأمازيغية، وأخرى متعلقة بالأواني الفخارية. كما إن هناك لوحة لقطعة حلي شاوية لاتزال النسوة إلى اليوم يتباهين بها.
تحية للجزائر البيضاء
لوحة تكاد تكون جدارية ضخمة هي "تحية للجزائر العاصمة ". وعنها قال صاحبها: "أردت من خلال هذه المساحة أن أبرز ميناء الجزائر والأحياء الممتدة بعده؛ من ساحة الشهداء إلى السيدة الإفريقية، بل وكلّ خليج الجزائر؛ كي يكتشف الناظر هذا الجمال الرباني الذي يمتزج فيه البياض في العمران مع زرقة البحر ".
وعن الألوان المستعملة قال إنه هو من يختارها ويضعها بمساعدة رفيق له، وذلك بسبب مشكل النظر عنده خاصة في الإضاءة القوية أو في العتمة، وغالبا ما يشترط أن يكون اللون الموضوع على اللوحة ب 4 طبقات على الأقل. كما أضاف أن لوحاته تكلفه الكثير ماديا، لذلك تبدو بهذا الشكل الجذّاب؛ فالموهبة وحدها لا تكفي إذا لم تتوفر الوسائل، ناهيك عن استعماله الخشب الأصلي الذي "لا يحول ولا يزول "، كما يحدث مع بعضهم؛ يرسمون على خشب قليل النوعية وسرعان ما يتلف الرسم وينتفخ الخشب. كما يحرص على طلاء القطعة الخشبية عدة مرات ليثبّت اللون، ولا يتغيّر. يستحق هذا المبدع العرفان والتحية؛ فقد غلبت همّته الفنية عجز بصره وسمعه، بل وجعلته أكثر حرصا على تقديم المزيد من التحف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.