أكد الأستاذ أحميدة نعاس أهمية المسرح المدرسي في التعبير عن حاجات الطفل وتنمية ذكائه وخياله وتحفيز فكره وتعزيزه، معتبرا أنّ هذا النوع من الفن الرابع عبارة عن شكل متطوّر للمسرح وصورة لارتقاء التربية السوسيولوجية في المدرسة. قدم الأستاذ أحميدة نعاس نهاية الأسبوع الماضي بالمسرح الوطني الجزائري، ندوة بعنوان"أهمية المسرح في بناء شخصية الطفل" احتفاء باليوم الوطني للعلم. واعتبر أنّ المسرح بصفة عامة يشكّل مرآة عاكسة لأحوال الشعوب، لهذا فقد عرف تطوّرا منذ نشأته في القرن السادس قبل الميلاد إلاّ أنّ المسرح الموّجه للطفل ظهر بشكل محتشم في وقت متأخر جدا من تاريخ ظهوره، تحديدا عام 1657 باسبانيا، بمسرحية عن نص للكاتب بادرو، ثم توالت العروض المسرحية في العديد من الدول مثل روسيا والولايات المتحدةالأمريكية وبريطانيا وألمانيا التي ركّزت بعد الحرب العالمية الثانية على تقديم مسرحيات علاجية لصالح الأطفال الذين تعرضوا لأزمات وصدمات نفسية بفعل الحرب. وتابع المحاضر أنه تم عرض مسرحيات خاصة بالطفل في مصر لينتعش هذا النوع من العروض خاصة بعد اعتراف منظمة الأممالمتحدة بحقوق هذه الفئة الغضة من المجتمع، أما في الجزائر فقد تم تنظيم الطبعة الأولى لمهرجان المسرح المدرسي عام 1992 بمستغانم وواصل مجددا أنّ قاموس أكسفورد عرّف مسرح الطفل بأنه عبارة عن عروض للممثلين المحترفين أو الهواة الصغار على خشبة المسرح أو قاعة معدة لذلك، مضيفا أن الطفل في هذا الحال يكون فاعلا أو مجرد متلق للعروض المسرحية الخاصة به. لينتقل في حديثه عن التأثير الإيجابي الكبير لهذا المسرح على الأطفال في الجزائر خاصة في السبعينات مع برنامج "الحديقة الساحرة" لماما نجوى وعروض حديدوان وماما مسعودة. وكذا دور الاعلام في ترشيد عقل ومخيلة الطفل . كما أشار نعاس إلى دور مسرح الطفل في غرس القيم النبيلة لدى الأطفال وتزويدهم بالمعلومات والخبرات الجديدة وتنمية قدراتهم، بالإضافة الى تنمية إحساسهم بالجمال وتأكيدهم لذاتهم وتقبلهم للآخرين. أما عن أنواع مسرح الطفل، فقال إنّها تتفرّع إلى مسرح مدرسي ومسرح الدمى والعرائس ومسرح الفرق المتخصصة، ليقدم المزيد من التفاصيل حول المسرح المدرسي الذي يدور في محيط المدرسة، ينقسم بدوره الى ارتجالي إبداعي وتعليمي. في هذا السياق، ذكر المحاضر أنّ المسرح الارتجالي يرتبط بالمناسبات حيث يتجلى إبداع الأطفال، أما التعليمي فيُقصد منه تقديم معلومة معيّنة فمثلا يؤدي الأطفال دور أدوات مدرسية بغرض التعريف بها وكيفية الحفاظ عليها، ليشكل المسرح آلية من آليات التعلم باعتبار أن المسرح المدرسي بصفة عامة يعبرّ عن حاجات الطفل ويساهم في تنمية ذكائه وخياله. وأضاف نعاس أنّ المسرح المدرسي يعتبر أداة تعليمية بشكل غير مباشر لتحقيق أهداف ضمنية، علاوة على كونه وسيلة لتحقيق معرفة معيّنة وتنمية المهارات اللغوية وتطوير القدرة على التعبير، وكذا تعزيز الذاكرة والانتباه والحفظ والتذكير وتطوير التفكير وتعزيز تقييم وجهات النظر. كما يساهم المسرح المدرسي في تحفيز الإبداع والجمع بين الخيال والواقع وهو أيضا عبارة عن وسيلة لرفع التحديات ونقد الممارسات السلبية، ويصبو أيضا إلى التعريف بالنصوص الأدبية بطريقة مشوقة، علما أنه يجب اختيار النصوص حسب المرحلة العمرية للطفل. أكّد نعاس أيضا أهمية اتّخاذ المسرح المدرسي علاجا لبعض العلل مثل تخفيف الضغوط النفسية ورفع الثقة بالنفس خاصة للخجولين وتمكنهم من التحكم في عواطفهم، بالإضافة الى دوره في غرس الروح الجماعية والتخلص من الفردنة وإبعاد الطفل عن ضغوط الاستعمال المفرط لوسائل التواصل مثل الهاتف النقا.