شهت الاحتفالات المخلدة لذكرى 8 ماي 1945، بولاية قسنطينة، افتتاح قاعة سينما الفنان الطاهر حناش، بدار الثقافة محمد مالك حداد، التي احتضنت جزءا من الاحتفالات الرسمية بحضور السلطات المحلية، المدنية والعسكرية، الأسرة الثورة والعائلة الفنية وعلى رأسهم جمعية أضواء للفنون والسينما التي نظمت معرضا خاصا بالمخرج الراحل عمار العسكري، بمناسبة انطلاق فعاليات أيام السينما والذاكرة. افتتح والي قسنطينة السيد عبد الخالق صيودة، يوم الخميس، قاعة سينما الفنان الراحل الطاهر حناش، التي تم ترميمها وإعادة وضعها حيز الخدمة، لتكون في خدمة أهل الفن والسنيما مستقبلا، حيث تم عرض أول عمل سنيمائي بها وهو شريط وثائقي حول المخرج الراحل عمار العسكري، بحضور زوجته السيدة حسينة، التي حظيت بتكريم من السلطات الولائية بعاصمة الشرق. وعرفت الساحة الكبرى لدار الثقافة مالك حداد، استعراضا فنيا بمشاركة جمعيات ثقافية وفنية من الخيالة وأصحاب السيارات العتيقة وكذا عدد من المديريات على غرار الشباب والرياضة، التربية والكشافة الإسلامية، تم من خلالها محاكاة وقائع أحداث 8 ماي 45، بعدما خرج الجزائريون في مظاهرات سلمية للمطالبة بالاستقلال، خاصة الذين شاركوا في تحرير فرنسا من النازية الألمانية وكان الجزاء مجازر خلفت أكثر من 45 ألف شهيد وعشرات الآلاف من المعتقلين والمهجرين قصرا. ممثل الأسرة الثورية: تاريخ الجزائر حافل بالأحداث البارزة التي يشهد لها أحرار العالم خلال الكلمة التي ألقاها بالمناسبة، أكد السيد جمال عساس، ممثل الأسرة الثورية والأمين الولائي لمنظمة أبناء الشهداء، أن تاريخ الجزائر المجيد حافل بالأحداث التاريخية البارزة التي يشهد لها كل أحرار العالم، معتبرا أن الشعب الجزائري رفض رفضا مطلقا تواجد الاستعمار الفرنسي مند أن وطئت أرجله هذه البلاد الطاهرة وقدم تضحيات جسام في محطات خلدها التاريخ، وما تاريخ 8 ماي 1945 إلا محطة من هذه المحطات. وأكد السيد جمال عساس، أن المجازر التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في 8 ماي 45، ستبقى تلطخ تاريخها وسجلها الأسود، بإبادة لم ترحم فيها لا الشيخ المسن ولا المرأة ولا الطفل الصغير، مضيفا أن فرنسا الاستعمارية استخدمت أفران الجير من أجل التخلص من جثث الضحايا وقال إن كل هذا لم يثن الشعب الجزائري عن استرجاع حريته ونيل استقلاله رغم الثمن الباهض الذي دفعه من دماء وأرواح خيرة أبنائه. أوضح الأمين الولائي لمنظمة أبناء الشهداء بقسنطينة، أن مجازر 8 ماي 45، سلكت منعرجا حاسما في تغيير فكر المقاومة الجزائرية، التي باتت على يقين أن ما أخذ بالقوة لا يمكن استرجاعه إلا بالقوة، ما مهد للتحضير الجدي للثورة المسلحة في الفاتح نوفمبر 54، مضيفا أن الجزائر تتطلع إلى عهد جديد لتخطي الصعاب وتحدي الظروف والتوجه نحو البناء والتشييد لجزائر سيدة في مواقفها وقراراتها. مديرة دار الثقافة مالك حداد أميرة دليو: السينما سلاح ناعم لصون الذاكرة أكدت السيدة أميرة دليو، مديرة دار الثقافة مالك حداد، أن مديرية الثقافة بقسنطينة، أبت إلا أن تواكب الحدث من خلال عديد النشاطات التي برمجتها ومن بينها المسيرة الشعبية التي جاءت تحت شعار " في كل شاب نبض شهيد" والتي انطلقت من دار الثقافة نحو ساحة الفاتح نوفمبر بوسط المدينة عبر شارع عواطي مصطفى، مضيفة أن المدينة تدعمت على مستوى دار الثقافة مالك حداد بقاعة سينما ستكون في خدمة الجمهور العريض وعشاق الفن السابع. وحسب السيدة أميرة ديلو، فإن دار الثقافة مالك حداد، بالتنسيق مع جمعية نوميديا فنون، تشهد على مدار أسبوع عرض أفلام خالدة في ذاكرة السنيما الجزائرية التي سلطت الضوء على أحداث وأبطال الثورة التحريرية، مضيفة أن قاعة السينما الطاهر حناش، التي تم وضعها في الخدمة، ستعرف عرض 10 أفلام ثورية ووطنية، في الفترة الصباحية والمسائية، ضمن تظاهرة أيام سينما الذاكرة والمقاومة في طبعتها الأولى والتي حملت اسم الراحل المخرج والسنيمائي عمار العسكري بمشاركة أسماء بارزة على غرار عبد النور شلوش، نور الدين بشكري، محمد حازورلي، مصطفى عياد، عبد الباسط خليفة ورابية حميد. ترى مديرة دار الثقافة مالك حداد، أن السينما حاضرة في تخليد ذكرى 8 ماي 45 لأنها السلاح الناعم الذي باتت تعتمد عليه الدولة الجزائرية لصون الذاكرة الوطنية والولاء للتاريخ الأبي وللشهداء الأبرار، مضيفة أن التظاهرة ستعرف مساهمة شاحنة المركز الوطني للسينما والسمعي البصري "حافلة السنيما"، التي ستقدم عروضا سينمائية في الفترة المسائية بساحة أحمد باي بوسط المدينة، من الذاكرة السينمائية، للجمهور العريض. رئيس جمعية أضواء رابية عمر: عمار العسكري قدم الكثير للفن السابع والثورة الجزائرية اعتبر السيد رابية عمر، رئيس جمعية أضواء التي ظهرت إلى الوجود سنة 1998، من أجل الحفاظ على التراث السنيمائي، أن الثورة الجزائرية لم تأخذ نصيبها بعد من الأعمال السينمائية وقال إن الأفلام التي تم إنتاجها حول تاريخ الثورة الجزائرية لم يمثل أقل من 5 %، من الأحداث التي عاشها الشعب الجزائري والمجاهدون في تلك الفترة، مضيفا أن المستقبل يبشر بالخير بعد الإرادة الكبيرة والعزيمة القوية التي أبدتها السلطات العليا في البلاد من أجل النهوض بالفن السابع وظهور وجوه من الجيل الجديد التي تبشر بالخير. وحسب رئيس جمعية أضواء، فإن رئيس الجمهورية وخلال الجلسات المخصصة لقطاع السنيما، أقنع مختلف الفاعلين، خاصة عندما تعهد بدعم الإنتاج السينمائي، مضيفا أن وزير الثقافة الحالي أبدى استعدادا كبيرا لبعث القطاع السنيمائي وقال إن لجنة قراءة السناريوهات سيتم تنصيبها في القريب قبل إطلاق الأعمال السنيمائية. وبخصوص شهادته حول المخرج الراحل عمار عسكري، أكد عمر رابية، أن هذا الرجل كان دوما يشجع الشباب وكان يقدم تجاربه الميدانية للطلبة في سنة التخرج وكان يحب الثقافة والسنيما، مضيفا أن الرجل كان دقيقا في وصف حال السنيما الجزائرية وقال إنه عمل مع المرحوم في عديد الأفلام على غرار زهرة اللوتس وأبواب الصمت وشهد على عبقرية الرجل وتواضعه الكبير. محمد حازورلي: الثورة صنعت السنيما ويجب الافتخار برموز النضال السنيمائي عاد المخرج السنيمائي محمد حازورلي إلى الفيلم الذي أخرجه حول مجازر 8 ماي 45، حيث وصف هذا اليوم باليوم الكبير في تاريخ الشعب الجزائري، مضيفا خلال الكلمة التي ألقاها بمناسبة افتتاح تظاهرة أيام سينما الذاكرة والمقاومة في طبعتها الأولى، أن الفيلم تم إنتاجه بإمكانات ضئيلة جدا ولكنه رأى النور. كما عاد محمد حازورلي بالحضور إلى النصائح التي استفاد منها من المخرج الراحل عمار العسكري وعلى رأسها حثه على التفاني في العمل والنضال من أجل تحقيق الهدف وقال إن عمار العسكري رحل في الوقت الذي احتاجته فيه السينما الجزائرية، مثنيا على العمل الذي قامت به جمعية أضواء في الحفاظ على ذاكرة السنيما لاسيما على رئيسها السابق عمار العسكري. محمد حازورلي اعتبر أن الصورة في كتابة التاريخ أفضل من ألف كلمة، مضيفا أن الممثلين والمخرجين والتقنيين الذين سطروا التاريخ على غرار لخضر حمينة وعمار العسكري، سمحوا للجزائر بافتكاك جوائز عالمية، مضيفا أن الجزائر هي بلد للفن والسنيما وقال إن الثورة هي التي صنعت السينما الجزائرية ويجب الافتخار برموز النضال السنيمائي، معتبرا أن الجزائر لم تنتج أفلاما كثيرة عن الثورة التحريرية مقارنة بفرنسا التي انتجت بين 2000 و3000 فليم عن الحرب العالمية الثانية والتي شارك فيها الجزائريون، حسب حازورلي، وكانوا وقتها أبطالا عندما دافعوا عن حرية فرنسا قبل أن يتحولوا إلى إرهابيين عندما طالبوا بحقهم في الاستقلال. الفنان عبد النور شلوش: لن أنسى فظاعة الاستعمار الفرنسي الذي أعدم أهلي أمامي استرجع الفنان عبد النور شلوش الذكريات الأليمة التي تركها الاستعمار الفرنسي محفورة في ذاكرته وهو طفل لم يتجاوز السبع سنوات، عندما تم بوشاية توقيف وتعذيب والده المجاهد أمامه بإحدى القرى بمنطقة مورغان بتاكسانة بجيجل، يضاف لها مشهد رمي ابن عمه ذي ال20 سنة، من الطائرة المروحية عند انتفاضته وشتم عساكر الاستعمار، حيث تناثرت أجزاءه فوق صخور الجبل وقال أن منظر بقر بطن ابنة عمه صاحبة ال12 سنة وأمعاءها التي تناثرت على الأرض تبقى خالدة في ذهنه، مضيفا أن هذه المناظر جعلته يكره الاستعمار الفرنسي وكل ما له علاقة بفرنسا إلى يومنا الحالي، معتبرا أن الشهداء تاج فوق رأسه وشرف كبير للجزائر. وحسب عبد النور شلوش، الذي قدم مداخلة على هامش افتتاح الطبعة الأولى لتظاهرة أيام سينما الذاكرة والمقاومة، فإن عمار العسكري كان له الشرف أن يكون مجاهدا إبان الثورة وكان له الشرف أن يكون فنانا، مثنيا على العمل الذي يقوم به المخرج محمد حازورلي "حمة"، الذي عمل معه في فيلم "الهجرة" ووصفه بالفنان الممتع، ليقدم وصية إلى الجيل الجديد من الشباب بحب الجزائر والتعلق بها وحب بعضهم البعض. الفنان نور الدين بشكري: الفن لعب دورا كبيرا في مرحلة الثورة وربط جيل الثورة بجيل الاستقلال اعتبر الفنان نور الدين بشكري أن تاريخ 8 ماي 45، يبقى من الأحداث السوداء التي عاشها الشعب الجزائري والتي مهدت للثورة المجيدة التي أتت بالاستقلال، مضيفا أن استمرار الجزائر كان بفضل تضحيات الشهداء وأبناء هذا البلد، الذين رفضوا العيش تحت وطأة الاستعمار الغاشم، مضيفا أن المناسبة كانت فرصة سانحة من أجل تذكر أحد الرجال الذين صنعوا مجد السينما الثورية، المناضل والمجاهد عمار العسكري، الذي عمل من أجل الذاكرة عبر الفيلم والوثائق السمعية البصرية وقال إن جمعية أضواء تعمل على نقل هذه الذاكرة الخام إلى الجيل القادم، حتى يمكن للشباب الاطلاع على تاريخ أجداده لبناء مستقبل البلاد.