الذاكرة.. ركيزة بناء الجزائر    الجزائر تُرحّب باتفاق وقف إطلاق النار    رخروخ: الجزائر مستعدة لتقاسم خبراتها    نحو تراجع سعر الموز    ركاش وحتمية التصنيع المحلي    بوغالي يحلّ بجاكرتا    الجزائر تتصدّى للتجاوزات الفرنسية    ورشة مرورية للكشافة الإسلامية    ضبط كمية كبيرة من الكيف المغربي    هذه رسالة الرئيس للحجّاج    كرة القدم/الرابطة الأولى "موبيليس" : و.سطيف يعزز مركزه الرابع و ا.الجزائر يضع حدا لسلسلة النتائج السلبية    فلسطين: 14 مسنا توفوا خلال أسبوع في غزة    غوتيريش : نرحب باتفاق وقف إطلاق النار    يجب الضغط على الدول العربية لحسم مسألة التطبيع ورفضها نهائيا    البنك الجزائري السنغالي مسيرة واعدة وخطة تطوير طموحة    ترشيح 7مشاريع للتنافس في مسابقة "جوائز الطاقة في الجزائر"    ناقشنا سبل تعزيز التعاون المؤسساتي وتبادل الخبرات بين البلدين    أمطار رعدية ورياح قوية على العديد من ولايات الوطن    في يوم حرية التعبير... في أحضان الطبيعة والإنسانية بالطارف    نتطلع في أن يتم تثبيت أسس سلام دائم بين إسلام آباد ونيودلهي    وصول أول فوج من الحجاج الجزائريين    الوصاية اعتمدت 50 وكالة للسياحة لرعاية شؤون الحجاج    البنكان الجزائريان بموريتانيا والسنغال إضافة للاندماج الاقتصادي الافريقي    الجزائر تطالب بترحيل فوري لموظّفين فرنسيين    منتدى الشباب الأوروبي يدعو لحل عادل للقضية الصحراوية    إهانة للمؤسسات الأممية ولكل القيم الإنسانية    الجزائر ترحّب باتفاق وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان    استنفار حكومي لإنجاح موسم الحج    كونوا خير سفراء للجزائر في بيت الله الحرام    تسيير تعاونيات الصيد البحري في دورة تكوينية    انطلاق حملة الحصاد والدّرس ببسكرة    غويري: سعيد بالتأهل لدوري الأبطال وهذه أهدافي    "شولوس" أو القل.. جنّة فوق الأرض    أشغال تهيئة واسعة بالمدن الساحلية والشواطئ    يوم الذاكرة بتلمسان محطة لمواصلة البناء    تهم متبادَلة بين اتحاد الحراش ومستقبل الرويسات    "الموب" يضمن الصعود على حساب شبيبة بجاية    دراجة المضمار/ البطولة الأفريقية 2025 : مشاركة 12 بلدا في موعد القاهرة    سوناطراك/الاتحادية الجزائرية لكرة القدم: تجديد اتفاقية الرعاية لثلاث سنوات    1475 مترشح ل"البيام" و1569 للبكالوريا    موعد محلي بأبعاد اجتماعية ودينية    المفكر اللغز ومنظر الاستيطان    شهر جويلية المقبل.. الملتقى العلمي الثالث حول راهن الشعرية الجزائرية    للمخرج لطفي بوشوشي.. تقديم العرض الأولي لفيلم "محطة عين الحجر"    الخضر يقتطعون التأشيرة    موسم الاصطياف 2025: والي ولاية الجزائر يتفقد جاهزية شواطئ الجهة الغربية    يوم تصرخ الحجارة كالنساء    هل على المسلم أن يضحي كل عام أم تكفيه مرة واحدة؟    الشعب الفلاحية الاستراتيجية موضوع لقاء جهوي بقسنطينة    تيسمسيلت: ملتقى دولي حول شخصية أحمد بن يحيى الونشريسي بدءا من الإثنين    انطلاق عملية تقييم المكتسبات والاختبارات التجريبية لشهادتي المتوسط والبكالوريا    وصول أول فوج للحجاج الجزائريين إلى المدينة المنورة    الأيام المسرحية الجامعية بوهران وعنابة بدءا من 19 مايو    صادي يؤكّد تبنّي نظرة واقعية    إبراز أهمية المرجعية الدينية للجزائر    استرجاع 6 دراجات نارية مسروقة    أشهر الله الحُرُمٌ مستهل الخير والبركات    أخي المسلم…من صلاة الفجر نبدأ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر اللغز ومنظر الاستيطان
البروفيسور علي زيكي يقرأ نصوص طوكفيل عن الجزائر
نشر في المساء يوم 12 - 05 - 2025

استضاف الموعد الثقافي الأسبوعي بمكتبة الاجتهاد بالعاصمة أول أمس المؤرخ المعروف البروفيسور علي زيكي لتقديم كتابه "كتابات طوكفيل عن الجزائر، 1837 – 1847 (طوكفيل بين الديمقراطية والاستبداد)"، حيث يعتبر الكتاب شاهد حي على ازدواجية المعايير في الذهنية الغربية، وهو أيضا وثيقة مرجعية تفسر الخلفية الثقافية والفكرية للمستعمر الفرنسي عبر مراحله وأجياله المتعاقبة، وبالتالي فالمؤلف دليل ومرافق للقارئ للوقوف على مدى تناقض الفكر العقلاني الأوروبي في تعامله مع الآخر.
أشار البروفيسور زيكي إلى أن الماضي لا يمضي بل يستمر في الحاضر ويصنع المستقبل، وقد اختار في كتابه المقترح شخصية طوكفيل باعتباره من كبار المنظرين للمستعمر الفرنسي في الجزائر، معتبرا أنه لعب دورا مزدوجا ومتناقضا. قال الكاتب إن طوكفيل كان كغيره من الأوروبيين معجبا بطبيعة الجزائر وبتراثها لكن بطولات الجزائريين كانت تزعجه، وكان يتمنى أن لا يفكر الجزائريون مطلقا لأن ذلك يعني أنهم سيواجهون فرنسا بكلمة "لا".
في حديثه ل"المساء" قال البروفيسور زيكي بأن طوكفيل طبّق منهج العلوم المتداخلة والمتقاطعة ووظفها لمعرفة خصوصية الجزائر وكل ما يتعلق بها من تاريخ وحاضر، عكس بعض معاصريه الذين كانوا يقيمون لأيام بالجزائر وعند عودتهم لباريس يكتبون عنها(سطحيا).
طوكفيل –حسب البروفيسور زيكي- كتب 4 نصوص ذات قيمة معرفية عالية عن الجزائر، واصفا فيها الجزائر كما هي في ظرفها المأساوي، وطبعا كان في كل ذلك ملتزما بفكرته الاستعمارية على اعتبار أنه كان مهندسا للوجود الاستعماري الفرنسي بالجزائر مقترحا وصفاته وخدماته المعرفية التي رآها مهمة وملازمة لهذا الوجود وفي أولها مسألة الاستيطان، علما أنه أحيانا غض الطرف عن العنف والتدمير المسلط ضد الجزائريين معتبرا ذلك ضرورة لابد منها.
قال البروفيسور زيكي ل"المساء" أيضا: "علينا أن نعرف طوكفيل أولا كي نستطيع كجزائريين الرد عليه، وللأسف حاليا لازلنا لم نصل بعد إلى تأسيس مدرستنا الجزائرية التاريخية التي تجابه المدرسة الفرنسية الاستعمارية وبالتالي بقينا ندور في فلك ردة الفعل فقط ".
كما أضاف المتحدث أن المدرسة الغربية في التاريخ اتكأت على 3 أعمدة وهي "فلسفة الأنوار" و"القانون" و"القوة العسكرية" معتبرا التأريخ الذي لا يعتمد على تلك الأعمدة ليس بتأريخ وبالتالي رد على سؤال "المساء" "هل من الضروري أن يكون المؤرخ مفكرا" "بالطبع على المؤرخ أن يكون مفكرا".
أكد المتحدث أيضا أننا نعاني في مجال البحث التاريخي بعدم الاستمرارية والخضوع للظرفية والمناسباتية، وبالتالي نحتاج اليوم إلى تفكير جديد قادر على أن يفكك المنظومة الفكرية الاستعمارية القائمة.
للإشارة فقد رأى بعض المؤرخين حين صدور الكتاب أن ترجمة علي زيكي لنصوص طوكفيل، اكتسبت قيمتها التوثيقية وعرضها التاريخي، "كونها نتيجة عمل متأنّ وثمرة تفاعل ثقافي أساسه اختصاصه المعمق في الفلسفة وتعامله مع التراث العربي واطلاعه على الإنتاج الفكري الأوروبي".
حرص البروفيسور علي زيكي على عرض أفكار الفيلسوف طوكفيل وعلاقتها بالجزائر، مجتهدا في تقديم ما كتبه هذا المفكر اللغز وما نظّر له كداع ومبشر لاستعمار الجزائر التي وصفها بأرض الميعاد، كما ظل طوكفيل متمسكا بفكرة الاستيطان وظل يبرر ما يجري من جرائم في سبيل المصلحة العليا لفرنسا، ما جعله تائها بين الديمقراطية والاستبداد، ليصبح وجها مفضوحا لتناقضاته وأفكاره المتنافرة في طبيعتها لا تقبل أي تركيب .
من ضمن النصوص التي راجعها طوكفيل تلك النصوص الخاصة بحملة انتخابية فرنسية متعلقة بالتشريعيات لدورة 1829، قدم فيها طوكفيل للشعب الفرنسي مشروعا، هو بمثابة حل لورطة فرنسا التي كانت حينها تعاني من هزات داخلية، وكانت بحاجة إلى استرجاع الهدوء للجبهة الداخلية، ناهيك عن المشاكل الاقتصادية والاجتماعية غير المريحة.
فرنسا خسرت كل الحروب، منها حملتها على مصر، كما أن كل حملات نابليون، فشلت فشلا ذريعا فأصبحت فرنسا دولة منكسرة، بالتالي دعا طوكفيل إلى ضرورة تنصيع صفحة فرنسا المخدوشة ولن يتأتى ذلك حسبه إلا بغزو الجزائر، ومن ثمة تصدير كل هذه المشاكل الداخلية إليها، بتحويل نظر الفرنسيين إلى هذه الأرض، وهذه المهمة التي ستكون مخرجا آمنا لفرنسا من ورطتها في الداخل والخارج.
من النصوص التي اعتمدها البروفيسور زيكي أيضا الوصف الجغرافي ويخص كل ما هو بشري واجتماعي واقتصادي وغيره، أي هو بمثابة تقرير عن الجزائر، وهناك أيضا يوميات طوكفيل في الجزائر، حيث زار بها عدة مناطق، وخلال هذه الزيارات كتب كل ما رأى وعاين، وقدم وصفا إثنولوجيا بأسلوب بليغ، ومما وصفه أيضا خصوصية الإنسان الجزائري، خاصة الفلاح ذا الذكاء الحاد المتفوق .
نص آخر يترجم النظرة الشخصية والموقف من مسألة الاستعمار الذي يسبق عملية الهيمنة، ثم الاستيطان، بمعنى أنه يتبع عملية منهجية تبدأ بالاستيلاء على الأرض، وبعدها الهيمنة، ففرض استتباب الأمن كي يترسخ الاستيطان كمرحلة أخيرة في عملية الاستعمار، ونص آخر يتناول الوضعية الثقافية للجزائر.
قدم الكاتب صورة موضوعية وباردة عن هذه الشخصية اللغز التي جمعت جمعا ديالكتيا بين المصطلحات المتدافعات، التي لا تقبل التقارب ومن باب أولى التجاذب والتصالح، ومن هذه المصطلحات نجد الديمقراطية والاستعمار والاستيطان والهيمنة، ثم الاسترقاق، وهي تركيبة فكرية تخدم فرنسا وحدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.