الجيش الصحراوي يستهدف قواعد جنود الاحتلال المغربي بقطاع المحبس    بطولة افريقيا لرفع الاثقال (اشبال وأواسط): الجزائر تحصد 22 ميدالية منها 6 ذهبيات بعد يومين من المنافسة    عرقاب يستقبل الأمين العام لمنتدى الدول المُصدّرة للغاز    حملاوي تبرز أهمية التكوين    ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين في غزّة    سكيكدة: عرض الفيلم التاريخي حول مسيرة الشهيد البطل زيغود يوسف    المخزن وخيانة فلسطين    خريطة جديدة؟    دخول جامعي: السيد بداري يجتمع برؤساء الندوات الجهوية للجامعات    تأهّل غير مُقنع    تفاصيل جديدة عن فاجعة الحرّاش    الجيش الوطني يساهم في إخماد النيران    الدولة ملتزمة بالمضي في مسار الاستدراك التنموي    فرق الزرنة النسوية تقتحم الأعراس    الإسلام يدعو إلى البناء الجماعي الهادئ    موقع تيمقاد يستقطب 50 ألف زائر    وهران: افتتاح الجولة الثانية لمهرجان الراي بحضور جمهور لافت    إكسبو أوساكا 2025: إطلاق "أيام الطوابع البريدية" للتعريف بالثقافة والتراث والهوية الجزائرية    هذه الحكمة من جعل الصلوات خمسا في اليوم    الانتقال من ثورة أفراد إلى ثورة شعبية بقواعد متينة    رصيد وطني يلهم الأجيال للاستمرار في تعزيز مكانة الجزائر    حريصون على بناء جزائر قوية مستقلة بقرارها    "شان-2024": المنتخب الجزائري يواجه نظيره السوداني في الدور ربع النهائي    سوناطراك: حشيشي يستعرض مع الأمين العام لمنتدى الدول المصدرة للغاز سبل تعزيز التعاون الثنائي    الشريط الساحلي بتلمسان قِبلة واعدة للمصطافين    الحملات التحسيسية تدفع إلى تخفيض أسعار الكراريس    مجيد بوقرة يبرر تراجع أداء لاعبيه في "الشان"    بنفيكا البرتغالي يصر على حسم صفقة عمورة    بن ناصر يقترب من العودة إلى أولمبيك مرسيليا    مناطق لجذب الأجانب وتعزيز الوجهة المتوسطية    الكاتبان عزيز موات وخيدر وهاب يستحضران الذكرى    عملان جزائريان في فئة روايات الفتيان    ذاكرة الثورة تروى في مكتبة المطالعة    بحث عن الخصوصية شكلا ومضمونا وحنين لأبطال رافقوا يوميات الجزائريين    إدانة استيلاء الكيان الصهيوني على التراث الفلسطيني    توقف الدفع الإلكتروني عبر منصّة فرع "عدل" مؤقتا    تأجيل دخول الأساتذة وموظفي التكوين المهني    خرجات ميدانية لحماية المستهلك    برنامج "عدل 3" : تمديد آجال تحميل الطعون إلى غاية 6 سبتمبر    رئيس الجمهورية يوجه رسالة بمناسبة اليوم الوطني للمجاهد    البارا-جودو (الجائزة الكبرى -الجيزة 2025): ميداليتان برونزيتان للجزائريين ولد قويدر وشتوان    حادث سقوط حافلة بوادي الحراش..وكيل الجمهورية لدى محكمة الدار البيضاء يعقد ندوة صحفية    لن يجري تغييرات جوهرية..بيتكوفيتش يحسم قائمة "الخضر" لقمة بوتسوانا وغينيا    مراد يزور عائلات ضحايا ببسكرة وأولاد جلال    سيشكل منصة لا مثيل لها أمام المؤسسات الافريقية والمبتكرين    وفد برلماني يقف على أوضاع مصابي حادث بوادي الحراش    الدولة تولي أهمية خاصة لتشجيع الكفاءات الوطنية    عرض تدقيق النتائج لضمان دقة المعطيات    بداية التجسيد الفعلي للمشروع بعد رفع العراقيل    قتلة الأنبياء وورَثتُهم قتلة المراسلين الشهود    فتاوى : هل تبقى بَرَكة ماء زمزم وإن خلط بغيره؟    خالد بن الوليد..سيف الله المسنون    مناقصة لتقديم خدمات المشاعر المقدسة في حج 2027    منصة لاستقبال انشغالات المؤسّسات الصحية في أكتوبر المقبل    الوضوء.. كنز المؤمن في الدنيا والآخرة    دعم المراقبة الوبائية للملاريا المستوردة بالولايات الحدودية    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    حج 2026: وكالات السياحة والأسفار مدعوة للتسجيل وسحب دفتر الشروط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفصيل مهم في يوميات مثقلة بالمشاغل
المقاهي بسكيكدة مكان للبوح
نشر في المساء يوم 18 - 08 - 2025

تحتل المقاهي عند السكيكديين مكانة خاصة ومتميزة، فهي تشكل أو تكاد تكون جزءا من حياتهم اليومية بكل تفاصيلها الحلوة والمرة، السعيدة والحزينة والمؤلمة والمفرحة، وذلك منذ غابر الأزمنة، إذ لا يخلو حي من أحياء سكيكدة العتيقة من مقهى أو أكثر، يقصده ساكنها بمختلف شرائحها بمن فيهم الأطفال، الذين في كثير من الأحيان يُصطحبون من قبل آبائهم؛ سواء لارتشاف فنجان قهوة محضّرة على الفحم ومقطرة بماء الزهر، أو شاي بالنعناع على طريقة الأجداد، أو حتى تناول عصير طبيعي أو مشروب غازي، فما تقدَّم للأطفال إما قارورة مشروبات غازية أو كوب عصير فقط.
لكل مقهى في سكيكدة قصة أو حكاية ظلّت راسخة في الذاكرة الجماعية لأهل المدينة، الذين مازالوا يحفظون العديد من أسماء تلك المقاهي التي ظلّت لحقب، تصنع قعدات أبناء المدينة في كلّ المناسبات، كمقهى "النجمة بلوكيل"، ومقهى "الضيق" و"السويقة" ، ومقهى "المجاهد" ، ومقهى "المحطة" ، ومقهى "طبوش" ، وغيرها من الأسماء التي صارت بمرور الوقت، وتشكل جزءا من الذاكرة الجماعية لأهالي المنطقة. ومع كل هذا فالمقهى عند السكيكديين تُعد مكانا للالتقاء؛ بغية تسوية مشاكل الدنيا ومشاغلها، أو للاستماع بالقصص والحكايات التي تتسرب خلسة من أسوار المنازل والحمّامات والمحاكم، لتستقر هكذا دون استئذان داخل المقهى. وتُروى على مسامع روادها، الذين يتتبعون تفاصيلها الدقيقة بإمعان، أو للدردشة في أمر السياسة والرياضة والفن والثقافة، أو لعب "الدومينو" أو الورق، التي يبقى هواتها الشيوخ المتقاعدون، حيث تمتزج أصواتهم بأصوات الموسيقى الجزائرية؛ كالشعبي، والمالوف، وحتى الطرب العربي الشرقي، كأغاني عبد الحليم، وفريد الأطرش، وأم كلثوم المنبعثة من المذياع أو من تلفاز قديم لا يلتقط إلا القناة الجزائرية الأرضية، دون أن تسمع من ذلك الصخب المنبعث، كلاما خادشا للحياء.
كما تتميز مقاهي سكيكدة بأنها المكان المفضل لإقامة عقود الزواج أو ما يُعرف بالفاتحة، وهي، أيضا، المكان المفضل لمعرفة كل تفاصيل وأحوال سكان الحي. كما إنّها المكان المفضل لتوجيه الدعوات؛ من أجل حضور الأفراح والولائم التي كانت تعلَّق على جدرانها.
مقاهي سكيكدة تختلف من حي لآخر
لكل حي من أحياء مدينة سكيكدة العتيقة سواء تلك المتواجدة على امتداد حي السويقة أو الإيطالي العتيق أو حتّى على طول الشارع الرئيس ديدوش مراد المعروف بالأقواس بما فيها تلك المتواجدة بالأحياء الجديدة، مقهى يميزه عن الآخرين؛ سواء في شكله الداخلي، ولون طاولاته وكراسيه، أو في طريقة تقديم القهوة والشاي والمشروبات، حتى وإن كانت لمقاهي المدينة القديمة نكهة متميزة جدا، إلا أن بين الأمس واليوم كل شيء تغير بتغير الزمان وحتى النّاس، فالمقاهي بسكيكدة لم تعد لها تلك المكانة الحميمية التي كانت في الماضي، تجمع بين الناس أكثر من أن تفرقهم، وتؤاخي بين الفرقاء والمتخاصمين أكثر من أن تبعدهم عن بعضهم. ومأوى يلجأ إليه عابرو السبيل، فيجدون فيه كل ما يحتاجون، حتى في طريقة ارتشاف القهوة أو الشاي كل شيء تغيّر.
واليوم لم يعد هناك بسكيكدة مقهى يُعِدّ القهوة على الجمر، ولا مقهى تُروى فيه الحكايات الجميلة عن الزمن الجميل. كما لم يعد هناك مقهى تفض فيه الخصومات، ويرتاح فيه من أراد أن يرتاح على وقع موسيقى الشعبي والمالوف و«القصبة" ، وهمسات رواده التي تختلط بصوت "الدومينو" على الطاولة، وبالكؤوس والأكواب. مقاهي سكيكدة حتّى وإن كانت ماتزال تحتفظ بأسمائها القديمة، إلا أنها لم تعد كما كانت بعد أن تحولت إلى مرتع يقصده الشباب البطّالون من كل الأجناس، يتحدثون، ويتجادلون، ويتناقشون في أي شيء قد يخطر على بالهم بأصوات مرتفعة، فيها كثير من كلام السّباب الخادش للحياء. مقاهي سكيكدة تحولت إلى مقاهٍ يُتعاطى فيها التبغ بشراسة، فنادرا ما تجد أحدا يطالع كتابا أو جريدة أو يرتشف فنجان قهوة في أكواب زجاجية لا ورقية. مقاهي سكيكدة تحولت إلى أماكن تمارَس فيه جهرا، طقوس النميمة، والغيبة، والتحدث عن الأعراض.
إجماع على أنّ مقاهي سكيكدة فقدت "بنّة القعدة"
وعن واقع المقهى بسكيكدة بين الأمس واليوم، "المساء" تحدثت مع بعض مواطني سكيكدة، فكان ردهم كما يلي؛ فحسب السيد حسان متقاعد، أشار إلى أن المقهى، اليوم، لم يعد كمقهى أيام زمان، خاصة في "بنّة القعدة" كما قال وحتّى في الأشخاص الذين يترددون عليه، مضيفا أن المقهى في الماضي كان من بين الأمكنة التي يتعلّم فيها الإنسان الحكمة، وفيها تحل كل المشاكل العائلية والأسرية، وتُعقد فيه مراسيم الزواج، والتكفل باليتامى، وملتقى الأحباب، بعد أن تأسف عن الوضع الذي آلت إليه اليوم المقاهي بعد أن فقدت مكانتها وخصوصياتها.
ونفس الشيء أكده لنا السيد الطاهر مجاهد ومتقاعد، الذي يرى أن المقاهي بسكيكدة تغيرت كليا، إذ لم تعد كما كانت من قبل من حيث حميمية اللقاءات، والدور الذي كانت تلعبه، مضيفا أن من الصعب اليوم، بل من المستحيل اصطحاب الأبناء إلى المقهى، بسبب ما أصبحنا نسمعه ودون حياء، من كلام ساقط، ودخان السجائر التي ساهمت في تعكير الأجواء داخل تلك الأماكن.
أما السيد العيدي عامل بإحدى المؤسسات الاقتصادية، فيرى أنّ المقهى في السابق كان له نكهة خاصة ومتميزة، إلى جانب الدور الاجتماعي والترفيهي الذي كان يؤديه داخل الأحياء، حيث كان المكان الذي يجتمع فيه الشباب لمتابعة مختلف البرامج التلفزيونية، منها المقابلات الرياضية، خاصة في الفترة التي لم يكن العديد من العائلات يملكون جهاز تلفاز، متأسفا عما آل إليه اليوم من وضع، حيث أصبح مكانا لارتشاف القهوة، أو لتصفُّح الجرائد من قبل المتقاعدين لا غير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.