تشكّل شواطئ ولاية تلمسان وجهة سياحية استثنائية، تجذب الآلاف سنوياً؛ بفضل سحرها الطبيعي الفريد، حيث تلتقي زرقة مياه البحر الأبيض المتوسط مع رمالها الذهبية، ومحيطها الأخضر الغنّي، لترسم فسيفساء طبيعية آسرة تخطف الأنظار، وتستقطب عشاق الاستجمام موسماً بعد موسم. اعتمدت السلطات الولائية بتلمسان عددا من الشواطئ على طول شريطها الساحلي، بعد قيام لجان بعمليات المعاينة، والإقرار بصلاحية الاستثمار السياحي بها، بتوفرها على كل الضروريات المطلوبة، ما جعلها قِبلة للمصطافين من مختلف ولايات الوطن وزواره من الخارج، حيث يتوافدون على شواطئها بحثا عن متنفس استثنائي، يزاوج بين هدوء الطبيعة وجمال البحر. شاطئ "سيدي يوشع" بتلمسان.. ينبوع سياحي وتاريخي ومن بين الشواطئ الساحرة التي تزخر بها ولاية تلمسان وذات المناظر الخلاّبة، شاطئ "سيدي يوشع" ببلدية يغموراسن بدائرة الغزوات. هذا الشاطئ الذي يبعد عن مقر الدائرة بحوالي 15 كلم. وأصبح يستقطب عشرات الآلاف من المصطافين، الذين وجدوا راحتهم فيه؛ لتميُّزه بمناظر جمالية رائعة. وكان هذا الشاطئ في أوقات وفترات سابقة، مقتصرا على عائلات محدودة وأبناء المنطقة فقط، إلا أنه بعد ذلك أصبح قِبلة لآلاف المصطافين من ولاية تلمسان والولايات المجاورة، وخاصة العائلات المغتربة التي تقصده؛ لما تمتاز به المنطقة من مناظر طبيعية ساحرة، وأهلها المضيافين، حيث يوفر كل شروط الراحة للمصطاف الذي يبحث عن السكينة والأمان، وهما عاملان متوفران بهذا الموقع البحري المميز. وما زاد من أهميته أيضا، أنه يتوسط جبلين من جهتي الساحل، تمتزج فيهما خضرة الأشجار التي تغطي الغابات المواجهة للبحر بزرقة الماء الصافي النقي المصطدم بكتل الصخور، والبساط الرملي ليشكل الكل ثلاثيا؛ سياحة واستجماما بامتياز، وهي من بين العوامل التي عجلت بتصنيفه كشاطئ مسموحة فيه السباحة من بين الشواطئ 12 التي تمت الموافقة عليها. كما ساهمت عوامل أخرى في التعجيل بتصنيفه، ومنها تواجده في منطقة تاريخية وفنية بامتياز، حيث لا يبعد عن مدينة ندرومة العريقة سوى بنحو 5 كيلومترات، ما يساهم في إنعاش الحركة السياحية بها. كما لا يبعد عن ميناء الغزوات الدولي لنقل المسافرين سوى بكيلومترات معدودات أيضا، ما يساهم في جلب السياح من خارج الوطن، خاصة أن الميناء يشهد خلال كل موسم اصطياف، توافدا كبيرا من المغتربين من أوروبا. وأوضح بعض المصطافين بخصوص هذا الشاطئ المحاط بالمنازل والبانقالوهات والمقاهي ومحلات بيع المثلجات ومياه البحر الزرقاء الصافية، خاصة عند غروب الشمس، أنه يشكل لوحة فنية ساحرة يعزّ عليهم تركها، قائلين : " أما إذا جلست على صخورها الواقعة على أطراف الشاطئ الموشحة بأعشاب البحر، فينتابك شعور خاص لا مثيل له، يبعث فيك الهدوء والطمأنينة، وينسيك هموم وأعباء وشقاء العمل. وما زاد من التوجه إلى هذا الشاطئ، توفُّر الأمن بفضل رجال يسهرون على راحة المصطافين، الى جانب النقل". ويقضي جل المصطافين ليالي شاطئ "سيدي يوشع"، على طاولات بيضاء وزرقاء متناثرة أمام مياه الشاطئ، أو بزرابي على رماله الذهبية. وحسب العائلات المصطافة، فإنهم يفضلون هذا الشاطئ على عدة شواطئ أخرى زاروها من قبل، لأنه يجمع عدة عائلات تعيش الهدوء، وتعرف قيمة البحر والاصطياف. كما زادت بساطة أهل البلدة من روعة المكان. شاطئا البحيرة وأقلا.. سحر وجمال يُعد شاطئ البحيرة أو كما يدعى أيضا بشاطئ "أولاد بن عايد"، واحدا من بين هذه الشواطئ التي تمتاز بها ولاية تلمسان، حيث يقع ببلدية سوق الثلاثاء، ويبعد بحوالي 90 كلم شمال غرب مدينة تلمسان، بين سلسلة من الجبال والغابات. ويتميز بجمال أخاذ. ويطلَق عليه هذا الاسم؛ لأن شكله يشبه البحيرة مع وجود فتحة تربطه بباقي البحر الكبير. كما يستقطب آلاف المصطافين؛ بحثا عن الراحة، والهدوء، والاستمتاع بنغمات الطبيعة، والمناظر الساحرة، ناهيك عن الهواء المنعش طوال الساعات. ويعرف هذا الشاطئ في السنوات الأخيرة، تطورا ملحوظا من حيث المنازل والبنايات الفندقية لكرائها. فضلا عن ذلك، فهو يُعد، أيضا، قِبلة للصيادين الذي يقبلون عليه بصناراتهم التقليدية. وبدوره، يتميّز شاطئ "أقلا" بمنطقة هنين الساحلية، باستضافته قوافل التلاميذ، ووفود الكشافة الإسلامية، وتلاميذ المدارس، وأخرى تابعة لمختلف القطاعات والجمعيات... وغيرها، لإقامة مخيماتهم الصيفية، باعتباره الوجهة المفضلة لهذا النوع من الاستجمام، ناهيك عن قربه من ميناء الصيد التاريخي في هنين. ويجاوره ميناء حديث، ما يجعل السائح يستمتع بين تاريخ وعراقة المنطقة كقطب تجاري اقتصادي منذ قرون من الزمن، وكمركز إنتاج للأسماك حاليا، ناهيك عن قيمة الميناء في الاسترخاء والاستراحة لجميع الفئات من المجتمع. وغير بعيد عن الشاطئين المذكورين، يوجد شاطئ "تافسوت" الذي يُعد هو الآخر، مقصدا للعائلات التلمسانية بشكل كبير. ومن هنا تتجلى أهمية تنوع هذه الشواطئ. ولكل منها دوره الثابت في السياحة بولاية تلمسان. النائب بالبرلمان المهندس سعيداني زين العابدين ل"المساء" : هكذا تتحقق التنمية السياحية أكد النائب بالبرلمان عن ولاية تلمسان والمهندس سعيداني زين العابدين في تصريح خص به "المساء"، أن إعطاء دفعة قوية للتنمية السياحية في الجزائر، يستوجب تنظيم الشواطئ بوضع مخططات مدروسة وممنهجة، مع وضع آليات رقابية تسهر على تطبيقها. وباعتبار ولاية تلمسان الحدودية ساحلية ونظرا لتعدد شواطئها وتنوعها من مرسى بن مهيدي، وعين عجرود، وبيدر1، وبيدر2، والبحيرة، وشاطئ البخاتة بالسواحلية، وشواطئ الغزوات، و"سيدي يوشع" وهنين...وغيرها، فإن ذلك يجعلها مثلا حيا على الإمكانيات الطبيعية التي تزخر بها، وتنتظر حسن استغلالها، والاستثمار بها. ولعل أقصى شاطئ حدودي حسبه هو مرسى بن مهيدي، الذي يستقبل سنويا أكثر من مليون مصطاف، حيث يُعد من أهم الشواطئ، وأجملها في الجزائر، يحتاج إلى استثمار حقيقي وكبير؛ ما يجعله في مصف أجمل شواطئ البحر المتوسط، مثنيا في سياق تصريحه، على المجهودات الكبيرة المبذولة من قبل الوالي يوسف بشلاوي، في تنمية ولاية تلمسان، من خلال تخصيص 20 مليار سنتيم من ميزانية الولاية، خصيصا لتهيئة الشواطئ، وضمان استقبال المصطافين في أفضل الظروف، وهو دليل واضح على وجود إرادة حقيقية للنهوض بالسياحة الساحلية. ووجّه النائب المهندس سعيداني أيضا، عددا من الانشغالات إلى وزيرة السياحة، مبرزا فيها أهم العوائق والانشغالات التي سُجلت على مستوى شاطئ مرسى بن مهيدي، خاصة في ما يتعلق باستغلال الفضاءات الشاطئية، كالمقاهي والمقشدات، والطاولات، الى جانب تحديد مدة الكراء خلال موسم الاصطياف فقط؛ أي ثلاثة أشهر، وهي مدة قصيرة لا تشجع على الاستثمار الجاد، مقترحا إيجاد الصيغة، والقالب القانوني للسماح بتمديد مدة الاستغلال لعدة سنوات، وفق دفتر شروط منظم، حتى يتمكن المستثمر من تحسين الفضاء، وتقديم خدمات بجودة أعلى للمصطافين والسياح، وهو ما يخدم السياحة، والاقتصاد المحلي، متمنيا في نفس السياق، التأسيس لمهرجان المنصورة الثقافي مثلا، أو قصر المشور، باعتبار أن عاصمة الثقافة الإسلامية تحتاج إلى تظاهرات وطنية وحتى دولية، نظرا لما تملكه هذه الولاية الحضارية العريقة من تراث ثقافي وديني غني، مضيفا: "لا ننسى مدينة مغنية عاصمة التوابل ومهرجانها الوطني، الذي يجب تطويره، إلى جانب الصناعات التقليدية كالفخار بمسيردة، إضافة إلى السياحة الحموية". وأضاف: "نشير إلى حمّام الشيقر الذي يحتاج إلى التفاتة جادة؛ نظرا لما وصل إليه من تدنّ كبير في الخدمات، حيث أصبح عبءا كبيرا على بلدية حمام بوغرارة التي لم تستطع تطويره؛ لمحدودية إيراداتها، وبالتالي أصبح الاستثمار فيه أمرا ضروريا لإنقاذه من الزوال، على عكس محطة حمام بوغرارة، التي تعرف إقبالا كبيرا عليها لخدماتها المتميزة... وإننا اليوم أمام فرصة حقيقية لمواصلة التنمية السياحية، بجعلها موردا هاما لاستقطاب المستثمرين، واستحداث مناصب عمل، وجعلها موردا مهمّا للعملة الصعبة، وتطوير الاقتصاد الوطني ".