تستقطب محطة القطار بعنابة، اليوم، اهتمام الزوار والسياح بفضل تصنيفها مؤخرا، "مَعلماً وطنياً محمياً"، ما جعلها مقصدا سياحيا، يجمع بين التراث الثقافي الغني والمعمار الفريد، ويحوّل زيارتها إلى تجربة متكاملة في قلب المدينة. تقع محطة القطار وسط عنابة بمحاذاة الميناء، وقريبة من ساحة الثورة، ما يجعلها نقطة ارتكاز حيوية للزوار والسكان المحليين على حد سواء. هذا الموقع المميز يسهل الوصول إليها سيرا على الأقدام، أو باستخدام وسائل النقل العامة. ويمنح الزائرين فرصة التمتع بمشهد المدينة النابض بالحياة، إضافة إلى إمكانية الربط بين زيارة المحطة ومعالم أخرى قريبة في قلب عنابة. العمارة والتصميم الفريد يعود تشييد محطة القطار إلى سنة 1933، لتصبح رمزا تاريخيا، يعكس الطراز المعماري المغاربي الممزوج باللمسات الأوروبية، حيث تتوسط الواجهة الرئيسة، منارة بارتفاع 30 مترا، تتصدر المدخل الكبير الذي يضم خمسة أبواب لتسهيل حركة المسافرين والزوار. كما تضفي الساعة الكبيرة على الواجهة، طابعا عمليا وجماليا، إذ يمكن المارةَ معرفة الوقت بسهولة، لتصبح المحطة مَعلما محوريا، ومقصدا سياحيا في قلب المدينة. الساحات والممرات المحيطة تضم المحطة مساحة إجمالية تصل إلى 5 آلاف متر مربع، تشمل فضاءات مفتوحة للزوار والسياح. وتطل على ساحة مركزية وسط المدينة، ما يجعلها مكانا مثاليا للتنزه، والتصوير، والاستمتاع بأجواء المدينة. كما تحيط بالمحطة حدائق ومسارات مشاة. وتطل على الطريق الوطني رقم 44 جنوبا الممتد نحو ولايات الجزائر، وسوق أهراس، وتبسة، ما يعزز موقعها الاستراتيجي كساحة للزوار والسياح على حد سواء. الفن والتاريخ الصناعي تعكس الجداريات الفنية داخل المبنى الرئيس، النشاط الاقتصادي والصناعي للمنطقة، مثل صناعة الحديد والصلب، مع لوحات لمنجم الحديد بالونزة ومركّب الحجار، ما يجعل زيارة المحطة تجربة تعليمية مصغرة، تجمع بين الفن والتاريخ والصناعة المحلية. كما تشمل التجربة أيضا، الملحقات الفرعية التي كانت مخصصة سابقا لخدمة المسافرين، مثل مكاتب التذاكر، وغرف الانتظار، والتي أصبحت اليوم جزءا من الرحلة السياحية والتراثية، ما يمكّن الزائر من التعرف على آلية سير المحطة في الماضي. دعم الحماية القانونية للتراث أكدت مديرة الثقافة والفنون المحلية صليحة برقوق، أن تصنيف محطة القطار كمعلم وطني محمي، يمثل دعما قانونيا لتعزيز حماية التراث الثقافي المادي واللامادي في ولاية عنابة. ويأتي ضمن استراتيجية لحماية المعالم التاريخية، وربطها بالقطاع السياحي، إلى جانب مواقع أخرى؛ مثل كنيسة "القديس أوغستين" بالمدينة الأثرية "هيبون". وتمنح زيارة محطة القطار بعنابة، السائح، تجربة متكاملة، تنطلق من موقعها الاستراتيجي القريب من الميناء وساحة الثورة، مرورا بجولة داخل مبناها التاريخي المزيَّن بالجداريات والرموز الصناعية، وصولًا إلى التنزه في ساحاتها وحدائقها المحيطة، مع فرصة التقاط صور تذكارية أمام منارتها العالية، وساعتها المميزة. كما يمكن الزائر أن يعيش أجواء الماضي في مكاتب التذاكر وقاعات الانتظار القديمة، ليغادر وفي ذاكرته مزيج حي من التاريخ، والمعمار، والثقافة، والحياة الحضرية لمدينة عنابة.