رغم أن مختلف شواطئ الوطن تستقطب أعدادا كبيرة من المصطافين منذ بداية العطلة الصيفية، إلا أن الوعي بضرورة الحفاظ على نظافتها، لايزال ضعيفا إن لم نقل منعدما في بعض الشواطئ، وهو ما تعكسه المشاهد التي تخلفها بعض العائلات بعد مغادرتها المكان، حيث تنتشر النفايات البلاستيكية وبقايا المأكولات، في صورة تُسيء لجمال هذه الفضاءات الطبيعية. يقف الزائر على حالة من الفوضى يخلفها المصطافون، خاصة في الشواطئ غير المؤجرة للمستثمرين الخواص، حيث يجد المصطاف صعوبة في إيجاد مكان نظيف للجلوس بسبب تراكم العلب الفارغة، والقارورات البلاستيكية، وأغلفة الحلوى، ورقائق الشيبس، وحتى حفاظات الأطفال. مشاهد سلبية على رمال البحر خلال زيارة ميدانية ل"المساء" إلى أحد شواطئ ولاية تيبازة، وهو شاطئ سعايدية ببلدية بوهارون الواقع أسفل منحدر جبلي تزين أطرافه بعض الصخور التي تمتد على طول الشاطئ، تبيّن أن مستوى النظافة يكاد يكون غائبا تماما، إذ شوهت العائلات الوافدة خاصة تلك التي تأتي في إطار رحلة منظمة في حافلات جماعية، المنظرَ العام للشاطئ، إذ تعمد إلى التخلص من كميات كبيرة من النفايات، ممثلة في قارورات المشروبات الغازية، والوجبات السريعة، ومخلفات الفواكه مثل البطيخ الأحمر، لتترك بعد المغادرة، المكان. مناظر تبعث على الاشمئزاز، وقوارير مياه بلاستيكية تعبث بها أمواج البحر بدل أن تُجمع في أكياس، وتُنقل خارج المكان!. ونفايات تُدفن في الرمال الممارسات غير المسؤولة لا تتوقف عند هذا الحد، إذ يعمد بعض المصطافين إلى جمع نفاياتهم، لكنهم يتركونها بالقرب من الشاطئ لغياب حاويات مخصصة، وفي بعض الأحيان لعدم رغبتهم في نقلها معهم، فتتبعثر من جديد، وتنجرف نحو البحر. والأغرب من ذلك إقدام بعض الأمهات على دفن حفاظات الأطفال وبعض مخلفات الطعام خاصة تلك المتعلقة بالفواكه مثل القشور، في الرمال، لتعود أمواج البحر فتقذفها على السطح، ما يُحوّل المكان إلى مشهد مؤسف، يعكس غياب الحس البيئي، وضعف ثقافة المسؤولية الجماعية. حملات تطوعية لإعادة الاعتبار للشواطئ في مقابل هذه السلوكات السلبية، تبادر بعض الجمعيات والمتطوعين بتنظيم حملات تنظيف. وفي هذا الخصوص فقد أطلقت جمعية "الحبايب" بالعفرون وهي جمعية ترفيهية رياضية حملة تنظيف على هامش مخيم نظمته على شاطئ سيدي براهم الشرقي بتيبازة. وقال القائمون عليها إنهم فوجئوا بحجم الفضلات التي خلّفها المصطافون، معتبرين أن الهدف من المبادرة هو غرس ثقافة بيئية في الأطفال والشباب المصطافين. وأشار رئيس الجمعية سفيان بن عودة، إلى أن الحملة لم تقتصر على جمع النفايات فقط بالاعتماد على النشطاء في الجمعية، بل شملت أيضا، التوعية المباشرة للمصطافين والعائلات بضرورة عدم ترك مخلفاتهم، والتأكيد على أن "حب الوطن يبدأ من احترام هذه الفضاءات الطبيعية الخلابة". مؤثرون يشنّون حملات فردية عبر صفحاتهم من جانب آخر، لجأ بعض المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى إطلاق مبادرات فردية للتنظيف، من بينهم المؤثر قاسي جمايكة ابن ولاية تيبازة، الذي اعتاد حمل معداته وقبعته للقيام بجمع النفايات، ثم يوثق العملية بالفيديو والصور لنشرها عبر صفحاته. ويؤكد في معرض حديثه مع "المساء" ، أن هدفه الأساس هو توجيه رسالة تحسيسية، مفادها "من يستمتع بجمال البحر مطالَب بأن لا يُشوِّه صورته عند المغادرة". وإذا كانت المبادرات التطوعية تساهم في لفت الانتباه إلى خطورة الظاهرة، والمؤثرون، فإن السؤال يبقى مطروحا: إلى متى يستمر مشهد الشواطئ المليئة بالنفايات؟ وهل تكفي هذه الحملات الموسمية لتغيير سلوك المصطافين، أم أن الأمر يحتاج إلى استراتيجية وطنية أوسع، تُعيد الاعتبار لثقافة النظافة وحماية البيئة الساحلية، أمام ما تتوفر عليه الجزائر من شواطئ جذابة وأخرى ساحرة؟.