أرادت الكاتبة مريم سكندر كتابة رواية حول قضية مجهولي النسب، فوجدت نفسها أمام قصة أكبر مما كانت تريد خطه في كتابها الثاني، بعد أن أفصحت عن نيتها في صفحة فايسبوك عنوانها "مجهولو النسب"؛ حيث تواصلت معها "أناييس"، وقصّت لها مسارها الشائك في البحث عن والديها البيولوجيين. قصة أناييس أبهرت سكندر التي كشفت ل"المساء" عن تضامنها المطلق مع هذه الشابة التي تعرضت للخذلان والهجر، إلاّ أنّها قاومت القدر، ونظرة المجتمع، والإجراءات الرسمية، والكثير من الصعاب الأخرى؛ لكي تنطلق في رحلة البحث عن والديها البيولوجيين. رحلة كانت، بالفعل، شاقة، بل شاقة جدّا. وأضافت أنّ موضوع روايتها الثانية "في ملاقاة أناييس" الصادرة حديثا عن دار النشر "بابيروس" بعد أن صدرت لها سابقا رواية "ليبرتا" عن المؤسسة الوطنية للاتصال والنشر والاشهار، حسّاس جدا؛ لهذا أضفت عليه شيئا من الفنية، والخفة، من بينها محطات خيالية في رحلة بحث أناييس عن والديها البيولوجيين، تتمثّل في إيطاليا وإيريتيريا، بغية التأكيد على عالمية موضوع الهجران، والتخلي؛ فهو لا يقتصر على ثقافة معيّنة، بل يمسّ الجميع. وقالت مريم إنّ هذا موضوع صعب جدا، ومحنة كبيرة يتعرّض لها الأطفال الذين يشبّون وهم لا يعرفون أصولهم، لتقرّر الكتابة عنهم من خلال قصة أناييس، التي تُعد صوتا لهؤلاء الضحايا في مجتمعات قد لا ترحمهم، وكذا قدوة لهم؛ لأنّ العديد منهم سلك الطريق الخطأ، إلاّ أنّ صاحبتنا تحلّت بالشجاعة والمثابرة، وانطلقت في مسيرة تحقيق هدفها دون تردّد، رافعة راية التحدي، وعدم الاستسلام. وفي هذا قالت سكندر في حديثها: "هل نجحتُ في سرد قصة أناييس؟ أتمنى ذلك فعلا. لقد عانت هذه الشابة الكثير في رحلة البحث عن أصولها. وهي، بالفعل، قدوة لكلّ من يبتغي الوصول الى أجوبة عن أسئلة حول نسبه". وعادت مريم سكندر الى اللحظة التي تواصلت فيها مع صفحة فايسبوك "مجهول النسب" . وطلبت معلومات لكتابة روايتها حول هذا الموضوع الحسّاس، فتواصل معها العديد من أعضاء الصفحة، ومن بينهم أناييس التي تجاوزت أحداث قصتها ما كتبته مريم في بداية روايتها. أبعد من ذلك، فقد سمحت أناييس لها بالكتابة عن حياتها، لتبدأ مغامرة هذه الرواية التي أضافت عليها سكندر بعض الأحداث الخفيفة؛ علّها تخفّف من ثقل هذا الموضوع. وقالت الروائية ل"المساء" إن كمّاً هائلا من المشاعر غمرها أثناء كتابتها روايتها هذه، فقد بحثت في السياق نفسه، عن معلومات حول هذا الموضوع حتى من الجانب التشريعي، مشيرة إلى أنّ مثل هذه المواضيع ليس من السهل الكتابة عنها، لهذا زوّدتها بمواقف أقلّ حدّة في رحلة كانت صعبة ومشوّقة في آن واحد.