الجزائر اعتمدت عدة استراتيجيات لتحقيق الامن الغذائي ومواجهة آثار تغير المناخ    العدوان الصهيوني على غزة: واحد من كل ثلاث فلسطينيين لم يأكل منذ أيام    الألعاب الإفريقية المدرسية /الجزائر2025/: دخول المصارعة الجزائرية ب 20 رياضيا وكرة السلة والملاكمة يواصلان السباق في اليوم الثاني بعنابة    ضبط أزيد من قنطار من الكيف المعالج بالبليدة وبشار مصدره المغرب    مكافحة التقليد والقرصنة: توقيع اتفاقية بين المديرية العامة للأمن الوطني والديوان الوطني لحقوق المؤلف    الألعاب الإفريقية المدرسية-2025: تألق منتخبات مصر، تونس، السودان ومدغشقر في كرة الطاولة فردي (ذكور وإناث)    اقتصاد المعرفة: السيد واضح يبرز بشنغهاي جهود الجزائر في مجال الرقمنة وتطوير الذكاء الاصطناعي    تواصل موجة الحر عبر عدة ولايات من جنوب البلاد    بطولة إفريقيا لكرة القدم للاعبين المحليين 2024 /المؤجلة الى 2025/: المنتخب الوطني يواصل تحضيراته بسيدي موسى    اختتام المهرجان المحلي للموسيقى والأغنية الوهرانية : تكريم الفائزين الثلاث الأوائل    جثمان الفقيد يوارى بمقبرة القطار.. بللو: سيد علي فتار ترك ارثا إبداعيا غنيا في مجال السينما والتلفزيون    تمتد إلى غاية 30 جويلية.. تظاهرة بانوراما مسرح بومرداس .. منصة للموهوبين والمبدعين    السيد حيداوي يستقبل مديرة قسم المرأة والجندر والشباب بمفوضية الاتحاد الإفريقي    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: 73 شاحنة فقط دخلت إلى القطاع رغم الوعود والمجاعة تزداد شراسة    الهواتف الذكية تهدّد الصحة النفسية للأطفال    غوارديولا.. من صناعة النجوم إلى المدربين    وفود إفريقية تعبر عن ارتياحها لظروف الإقامة والتنظيم الجيد    يوميات القهر العادي    هذا موعد صبّ المنحة المدرسية الخاصّة    الوكالة تشرع في الرد على طلبات المكتتبين    العملية "تضع أسسا للدفع بالمناولة في مجال إنتاج قطع الغيار    تحقيق صافي أرباح بقيمة مليار دج    إقامة شراكة اقتصادية جزائرية سعودية متينة    تدابير جديدة لتسوية نهائية لملف العقار الفلاحي    ضمان اجتماعي: لقاء جزائري-صيني لتعزيز التعاون الثنائي    إشادة بالحوار الاستراتيجي القائم بين الجزائر والولايات المتحدة    رئيس الجمهورية يعزي نظيره الروسي    وهران.. استقبال الفوج الثاني من أبناء الجالية الوطنية المقيمة بالخارج    خاصة بالموسم الدراسي المقبل..الشروع في صب المنحة المدرسية    الاتحاد البرلماني العربي : قرار ضم الضفة والأغوار الفلسطينية انتهاك صارخ للقانون الدولي    رغم الاقتراح الأمريكي لوقف إطلاق النار.. استمرار القتال بين كمبوديا وتايلاند    نيجيريا : الجيش يصد هجوماً شنته «بوكو حرام» و«داعش»    إستشهاد 12 فلسطينيا في قصف على خانيونس ودير البلح    الابتلاء.. رفعةٌ للدرجات وتبوُّؤ لمنازل الجنات    ثواب الاستغفار ومقدار مضاعفته    من أسماء الله الحسنى.. "الناصر، النصير"    عندما تجتمع السياحة بألوان الطبيعة    لا يوجد خاسر..الجميع فائزون ولنصنع معا تاريخا جديدا    تزويد 247 مدرسة ابتدائية بالألواح الرقمية    حملة لمكافحة الاستغلال غير القانوني لمواقف السيارات    المخزن يستخدم الهجرة للضّغط السياسي    عنابة تفتتح العرس بروح الوحدة والانتماء    بداري يهنئ الطالبة البطلة دحلب نريمان    هدفنا تكوين فريق تنافسي ومشروعنا واحد    إنجاز مشاريع تنموية هامة ببلديات بومرداس    "المادة" في إقامة لوكارنو السينمائية    تحذيرات تُهمَل ومآس تتكرّر    منصّة لصقل مواهب الشباب    جثمان المخرج سيد علي فطار يوارى الثرى بالجزائر العاصمة    الجزائر رافعة استراتيجية للاندماج الاقتصادي الإفريقي: معرض التجارة البينية 2025 فرصة لترسيخ الدور الريادي    دعوة مفتوحة للمساهمة في مؤلّف جماعي حول يوسف مراحي    شبكة ولائية متخصصة في معالجة القدم السكري    منظمة الصحة العالمية تحذر من انتشار فيروس شيكونغونيا عالميا    وهران: افتتاح معرض الحرمين الدولي للحج والعمرة والسياحة    النمّام الصادق خائن والنمّام الكاذب أشد شرًا    إجراءات إلكترونية جديدة لمتابعة ملفات الاستيراد    استكمال الإطار التنظيمي لتطبيق جهاز الدولة    رموز الاستجابة السريعة ب58 ولاية لجمع الزكاة عبر "بريدي موب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تواصل معرض إسياخم بمتحف الفن المعاصر والحديث
المرأة عنوان الحياة
نشر في المساء يوم 07 - 12 - 2010

أيّنما تمر وحيثما تتحرك في المعرض المخصص لإسياخم، تجد قبالتك ألف عين وعين لنساء يحدقن بك، قد ترعبك نظراتهن ولكنها حتما تدفعك إلى طرح ألف سؤال وسؤال عن سبب حزنهن وخوفهن وقلقهن، وقد ترغب في الهرب منهن لأنك تشعر بقدرة ريشة إسياخم، أنك أصبحت أيضا تقاسم مشاعرهن، ولكن قوة نظراتهن تمنعك من ذلك، إنها المرأة وإن كانت ضعيفة وتعاني من الهموم، فإنها بمجرد نظرة منها تجعلك تتوقف وتتساءل وتحاول أن تكتشف خباياها، فهل هي حقا كائن ضعيف وهي بكل هذا التأثير؟
تتواصل بالمتحف الوطني للفن الحديث والمعاصر، فعاليات معرض اسياخم الذي يضم 122 لوحة أغلبها من مجموعات خاصة، وهذا بمناسبة مرور 25 سنة على رحيل هذا الفنان القدير، الذي اختار المرأة كشخصية رئيسية لأعماله، حيث أكد في لقاء صحفي عن وفائه للمرأة التي تعيش في معاناة لأنها امرأة بالدرجة الأولى. مضيفا أن المرأة بالنسبة له هي المنبع وموضوع لا متناه وأنها كائن يضم في طياته كل التناقضات... أي أنه الحياة بنفسها.
لننطلق في جولة مع أعمال الفنان إسياخم والبداية بالطابق السفلي للمتحف، حيث تعرض لوحات الفنان من الحجم الكبير، وها هي لوحة ''اتركونا كالملائكة'' التي رسمها الفنان سنة 1978وتمثل امرأة تركب حيوانا وبالقرب منها امرأة ثانية تظهر على ملامحها علامات القلق، لوحة أخرى بعنوان ''المتسولة'' وتبرز هي الأخرى امرأتين حزينتين ترتديان ثوبين مزركشين يّعبران عن أصالة الجزائريين، وكأن إسياخم في أشد لحظات المأساة لا ينسى أبدا أن يجعل من المرأة رمزا للتراث وحافظة له.
لوحة أخرى في نفس السياق، تبرز ملامح ثلاث نساء واحدة منهن مطأطئة الرأس والثانية تعيسة والثالثة تنظر إليك ولو أن ملامحها غير واضحة إلا أن نظرتها الثاقبة أكيدة حتما، أما لوحة ''الشهداء ''فهي بحق معبرّة جدا وتضم رسومات عن نساء يصرخن ويبكين ويتحسرن عن رجالهن الساقطين أرضا، كما انه لقوة تعبير هذه اللوحة يخيّل لك وكأنك تسمع نحيبهن حتى أنك تفزع لمنظرهن فيا له من منظر!
ورسم إسياخم أيضا لوحة بعنوان ''الأمومة''، حيث وعكس المعتاد، نرى المرأة واقفة بفخر وهي مرتدية لباسها المزركش والمليء بالرموز البربرية، وهو رمز أيضا عن تأثر إسياخم بهبة الأمومة وتعلقه بها، خاصة انه فارق والدته وهو في سن الثالثة، حيث أخذه والده إلى غليزان وأسكنه في الحمام الذي كان يمتلكه ولم ير والدته إلا في سن العاشرة.
كما عرضت في هذا الطابق أيضا، لوحات أخرى من بينها: ''المكفوفون'' والتي عبرّ فيها الفنان عن مأساة هذه الشريحة، فرسم هيئتين وكأنهما هيكلين عظميين من شدة الحياة القاسية التي يعيشونها، وكذا ''لوحة الماضي والحاضر والمستقبل'' والتي رسم فيها شيخ كبير وامرأة شابة وطفل رضيع. وقبل أن نغادر هذا الطابق، يستوقفنا بورتريه عن الفنان نفسه وهو يحدق بنا مثل ما تفعله نساؤه تماما!
أما الطابق الأرضي للمتحف، فيضم لوحات الفنان من الحجم المتوسط بمواضيع مختلفة وإن كانت اغلبها تعبرّ عن المرأة طبعا، والبداية بلوحة تجريدية يغلب عليها اللون الأخضر وترمز إلى طبيعة منطقة القبائل، مسقط رأس الفنان، وفي هذا السياق قال إسياخم في أحد الحوارات التي أجريت معه أنه يفضل التعبير بواسطة الفن التصويري لأنه يّعبر أكثر عن المأساة، كما أنه يكون مقرّبا بصفة أكثر إلى الجمهور عكس الفن التجريدي.
ورسم إسياخم لوحة أخرى وتظهر فيها امرأة واقفة بصمود لكن لا تظهر ملامحها، فهل هي حزينة مثل قرينتها بطلة لوحة ''الشمس السوداء'' والتي تنظر فيك بأسى حتى أنها تصيبك بعدوى الحزن؟ حتى المرأة التي تطلّ علينا من لوحة ''المطالعة'' تبدو تعيسة رغم أنها تقرأ كتابا في خلوتها، أبعد من ذلك رسم الفنان طفلة صغيرة في لوحة ''طفلة'' وهي الأخرى تظهر مهمومة رغم عمرها الفتيّ... فيا إلهي من كل هذا الحزن الذي تعكسه لوحات اسياخم!
والأرامل في عالم إسياخم تعيسات، وها هما أرملتان تبدوان حزينتين في لوحة ''زواج أرامل''، ربما تتساءلان عن مستقبل زواجهما الجديد وهل سيكون له حظ القران الأول؟ وفي نفس السياق نجد نفس التساؤل عن الغد المجهول من طرف عروس في لوحة أخرى للفنان.
''نظرة امرأة '' هو عنوان لوحة تنظر فيها المرأة بريب شديد، أما لوحة ''البحث عن الحرية'' التي رسمها الفنان سنة 1977 فالمرأة فيها خائفة أيضا وهي تشد على لحافها، بالمقابل رسم الفنان لوحة ''الشيخوخة''، حيث أبرز فيها هيئة بيضاء تخالطها الزرقة وهي في حال انكماش، بينما اختار صاحبنا لوحات بالعرض، ليتناول فيها العديد من المواضيع نذكر لوحة ''المجد لأبطالنا'' التي رسم فيها الكثير من الأشكال الهندسية وكأنها زربية مزركشة مستعملا في هذا الإطار العديد من الألوان.
ولكن ما بها هذه المرأة التي تزيّن لوحة ''نساء تحمل زخارف بربرية'' تضحك؟ كيف لها أن تضحك في محيط كئيب كهذا؟ ربما لأنها تحمل رموزا من تراث البلد، وكأن إسياخم يريد أن يؤكد لنا بأن المرأة سعيدة هذه المرة لأنها رمز حقيقي للمحافظة على التراث.
ودائما قبل ترك هذا الطابق، نجد أنفسنا قبالة لوحة أخرى عن بورتريه الفنان، حيث تستوقفنا نظرته الثاقبة والتي تخفي وراءها الكثير من الحديث، إلا أن اسياخم رسام وليس محبا للكلام فلنواصل جولتنا في ضيافة نساء الفنان.
نصل الآن إلى الطابق العلوي للمتحف والذي يضم غالبا، بعض أعمال الفنان التي أنجزها سنة 1985وهو يعالج من السرطان وتميل هذه اللوحات إلى الفن التجريدي، كما أنها تعتمد على ألوان فاتحة مثل الأبيض والأزرق عكس ما كان يعتمد عليه الفنان في السابق، أما عن نظرة النسوة فهي دائما عميقة وان لم تكن واضحة.
وتبقى لوحة ''امرأة في شعر'' المثال الأصدق تعبيرا عن حال اسياخم في أواخر عمره، وكذا عن صداقته الحميمة للأديب كاتب ياسين الذي كتب أبياتا شعرية في هذه اللوحة من بينها بيت شعري يقول فيه : ''من أين لي هذه القوة التي تجعلني أتمسك بهذه الحياة إلى هذه الدرجة؟''.
وفي هذا الطابق، نجد أيضا نساء حزينات كالعادة، نذكر لوحات : ''شجرة جافة''، ''اكتئاب''، ''العذراء السوداء''، ولكن هناك أيضا امرأة سعيدة أو على الأقل تعيش استقرارا نفسيا في لوحتي ''الأمومة واحد'' و''الأمومة اثنين''، وكالعادة نجد أيضا بورتريه للفنان هذه المرة وهو في أواخر عمره.
بالمقابل، تم في هذا المعرض، تقديم فيلمين عن اسياخم الأول من إخراج فوزي صحراوي ويتناول السيرة الذاتية لإسياخم قبل وفاته بمدة قصيرة، وكذا فيلم حسان بو عبد الله الذي يتطرق إلى أعمال الفنان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.