تأكدت الدول الغربية التي تورطت في المستنقع الليبي شهرين منذ إقرار الأممالمتحدة تدخلها في ليبيا أنها أخطأت التقدير في قدرة اللائحة الأممية 1973 على حسم الأمر الميداني وإرغام النظام الليبي على التنحي. وتأكّد لفرنسا وبريطانيا أكبر الدول المتحمسة لرحيل العقيد الليبي معمر القذافي ونظامه أن عمليات القصف الجوي التي أقرتها اللائحة الأممية لن تتمكن من تحقيق مثل هذا الهدف وتأكد لها أيضا محدودية الضربات الجوية في تحييد القوة العسكرية للوحدات الموالية للنظام الليبي. وازدادت هاتان الدولتان اقتناعا بمثل هذا الأمر بعد أن تيقنت من عدم قدرة المعارضة المسلحة وعجزها على مقارعة عناصر الجيش النظامي الليبي التي بقت على ولائها للعقيد معمر القذافي على ارض المعركة وجعلها تخسر مواقعها الواحد تلوى الآخر في عملية تراجع غير مسبوقة جعلها تطالب بتكييف نص اللائحة المذكورة من اجل إرسال قوات برية غربية لمواجهة قوات الجيش الليبي. وهو ما يفسر القرار المفاجئ الذي اتخذته باريس وقبلها لندن بإرسال مدربين عسكريين إلى بنغازي تحت ذريعة تدريب عناصر المعارضة المسلحة على تقنيات المواجهة المفتوحة في ميادين القتال وحرب المدن وأيضا استخدام مختلف الأسلحة. وبنظر العديد من المتتبعين لتطورات الأوضاع الميدانية في ليبيا فإن مثل هذا الإجراء قد يكون غطاء ستستعمله فرنسا وبريطانيا من اجل إرسال قوات برية حقيقية للقتال إلى جانب المعارضة المسلحة التي أثبتت فشلها في مواجهة الوحدات النظامية. وهو الأمر الذي حذر منه وزير الخارجية الليبي عبد العاطي العبيدي وقال أن ذلك سيطيل القتال ويؤثر على فرص السلام في ليبيا كونه سيكون خطوة إلى الوراء. واضاف العبيدي اننا على يقين أنه إذا توقف قصف طائرات منظمة حلف الناتو سيكون هناك وقف حقيقي لإطلاق النار وإمكانية فتح حوار بين كل الليبيين حول ما يريدون مثل الديمقراطية والإصلاح السياسي والدستور والانتخابات''. وقال المسؤول الليبي ''أن الانتخابات ستغطي كل قضية يثيرها الليبيون كما يمكن وضع أي شيء على طاولة الحوار بما في ذلك مستقبل العقيد معمر القذافي''. واقترح اعتماد وقف لإطلاق النار تليه فترة انتقالية مدتها ستة أشهر للتحضير لانتخابات تحت إشراف الأممالمتحدة وعلى النحو الذي اقترحته خطة خارطة الطريق التي اقترحها الاتحاد الإفريقي. ومن جهته جدد سيف الإسلام نجل العقيد الليبي معمر القذافي تفاؤله بأن القوات الموالية لوالده ستحسم المعركة لصالحها وقال أن النصر سيكون حليفنا انطلاقا من كون الوضع سير من يوم لآخر لصالحنا. وتتواصل مخاوف المعارضة الليبية وتفاؤل النظام الليبي في وقت حذرت فيه الصحف البريطانية من وقوع الحكومة البريطانية في ''فيتنام جديد'' بعد قرارها إرسال مدربين عسكريين إلى ليبيا. وكتبت صحيفة الغارديان الصادرة امس أن الحكومة البريطانية تفعل وفي وضح النهار ما تعهدت به بعدم وضع أرجل قواتها فوق الأرض الليبية. وأشارت إلى أن اللائحة 1973 اذا كانت قد سمحت بتقديم الدعم للمعارضة المسلحة لمواجهة القوات الليبية فإنها في المقابل لم ترخص للدول القيام باحتلال للأرض كما حصل في العراق. ولكننا اليوم نقف على مثل هذا الأمر ولا احد بإمكانه أن يوهمنا عكس ذلك على اعتبار أن الخطوة الأولى قد تمت فعلا في هذا الاتجاه وخاصة إذا علمنا أن تورط الولاياتالمتحدة في المستنقع الفيتنامي بدأت بإرسال خبراء عسكريين أمريكيين قبل أن تتحول إلى كابوس حقيقي للقوات الامريكية وانتهت بهزيمة نكراء لها.