وجه الوزير الأول الإسرائيلي بنيامين نتانياهو صفعة أخرى للعرب ولكل المجموعة الدولية المؤمنة بخيار حل الدولتين لإنهاء النزاع في فلسطينالمحتلة عندما احتفل أمس بما تسميه الدعاية الإسرائيلية بذكرى توحيد القدس الشريف في إشارة إلى سيطرة القوات الإسرائيلية عليها في حرب جوان .1967 وفي سياق هذا التحدي قال نتانياهو انه سيواصل البناء الاستيطاني في القدس التي سماها ب''قلب الأمة'' غير مكترث بكل النداءات الدولية لوقف هذا الاستيطان الذي أصبح فعلا اكبر عائق أمام تقدم عملية السلام المتعثرة. وفي تزييف متكرر للتاريخ زعم نتانياهو أن ''اليهود عادوا الآن إلى ارض أسلافهم وان توحيد المدينة هو أساس وحدة شعب إسرائيل'' وهو تزييف لحقائق التاريخ أراد من خلاله تمرير رسالة واضحة باتجاه الفلسطينيين أن حكومة الاحتلال لن تقبل أبدا بالانسحاب من المدينة المقدسة لصالح قيام الدولة الفلسطينية المستقلة. وتأكيد نتانياهو على مثل هذه المزاعم مقصود ويكرس لأمر واقع ما انفكت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجسده على الأرض لإفراغ عملية السلام من كل معنى وتحقيق السلام الذي تريده على مقاسها. وأراد الوزير الأول الإسرائيلي من خلال هذه التصريحات الاستفزازية أن يستكمل تلك التي جاهر بها أمام الكونغرس الأمريكي قبل أسبوع عندما راح يؤكد على معارضته المطلقة لكل فكرة للانسحاب من القدسالشرقية أو أية صفقة بشأنها وسط تصفيقات نواب أمريكيين افتقدوا لأدنى درجة حياد في نزاع حساس بمثل نزاع منطقة الشرق الاوسط. وهو دور متصل مع ذلك الذي تقمصه الرئيس الأمريكي باراك اوباما أمام أعضاء اللوبي الصهيوني في الولاياتالمتحدة في مؤتمرهم السنوي الأسبوع الماضي عندما فضح حقيقة موقفه من النزاع الإسرائيلي وراح يستكين للوزير الأول الإسرائيلي معتذرا على ما نجم عنه من تصريحات بخصوص إقامة دولة فلسطين على حدود جوان .1967 واضطر اوباما أمام انتقادات نتانياهو إلى القول أن تصريحاته أسيء فهمها وانه كان يقصد الحدود التي توافق عليها إسرائيل. ويكون هذا الإذعان الأمريكي للأمر الواقع الإسرائيلي هو الذي جعل نتانياهو يؤكد أمس أن ''العالم اجمع وكل أصدقائنا يدركون أن شعب إسرائيل وفي للقدس وأنهم أدركوا اليوم ذلك بشكل أكثر وضوحا'' وهي لغة فيها الكثير من الاستعلاء والتحدي. ويطرح مثل هذا الموقف الرافض لكل شرعية دولية السؤال عن حقيقة الدور الأمريكي الذي يدعي رعايته لعملية السلام وبرغبته في إنهاء النزاع وهو لا يتحرك بالشكل المطلوب من اجل تأكيد ذلك؟ والمؤكد أن السؤال لن يجد إجابة شافية عندما ندرك خطورة الموقف الإسرائيلي الذي تكرس بفعل عمليات استيطان غير مسبوقة ولكن بتواطؤ أمريكي واضح وبصمت مطبق من مجموعة دولية فضلت البقاء على الهامش. بل ويمكن القول أن هذا الصمت يعد تواطؤا إذا سلمنا أن دول العالم لم تتحرك الأسبوع الماضي أمام قرار إسرائيل بإقامة 1520 وحدة استيطانية في قلب القدسالشرقية رغم خطورة القرار وإجهاضه لكل محاولة لإعادة بعث الروح في مسار سلام فاشل من أساسه. ورغم تسارع الأحداث بالنسبة لواقع الحال في الأراضي الفلسطينية فإن اللجنة الوزارية لمبادرة السلام العربية مازالت تعالج مضمون خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام أعضاء الكونغرس الأمريكي مع أن نتانياهو أضاف رصاصة رحمة أخرى لعملية السلام بحديثه عن القدس الشريف. وذكرت اللجنة العربية في بيان اجتماعها المنعقد بالعاصمة القطرية أن خطاب نتانياهو العنصري أغلق الطريق أمام إحراز أي تقدم نحو تحقيق السلام وفق قرارات الشرعية الدولية. وحملت إسرائيل وحدها المسؤولية الكاملة عن فشل عملية السلام مع الفلسطينيين بسبب استمرارها في العدوان على الشعب الفلسطيني وإصرارها على رفض مبدأ الدولتين على خطوط عام 1967 والاستمرار في نشاطها الاستيطاني خاصة في القدسالشرقية بديلا عن السلام. وطالب البيان الكونغرس الأمريكي بمراجعة مواقفه خاصة وان استقبل بابتهاج وترحيب الأفكار العنصرية التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي في خطابه الأخير.