في الجزائر مناطق سياحية عديدة، قد تكون مختلفة في مناظرها لكنها مشتركة في كونها مميزة وخلابة. وتعد منطقة المنبع بالشفة، المعروفة عند العامة باسمها الفرنسي''الرويسو''، من الأماكن السياحية التي تجلب المئات من الباحثين عن الاستجمام والراحة. يخطئ من يعتقد بأن كل الجزائريين يحبون البحر، فالكثير من العائلات تفضل الابتعاد عن أجواء الشواطئ بهرجها ومرجها ورطوبتها وحرارتها الشديدة،إلى حيث الظلال والمياه العذبة والأشجار والمناظر الخلابة والحيوانات البرية. وتعد منطقة ''المنبع'' بالشفة في ولاية المدية مقصدا لمثل هؤلاء، حيث يفتح هذا الفضاء الرحب أحضانه للعائلات صيفا ليوفر لهم جوا إستجماميا مميزا، كما يوفر لهم خدمات متكاملة تجعل منه المكان المناسب لقضاء يوم عطلة يضمن المتعة للجميع كبارا وصغارا، زوار هذه المنطقة التي احتفظت عند أغلب الناس باسمها الفرنسي ''الرويسو'' ممن اِلتقينا بهم، أكدوا لنا أن المنبع يعني بالنسبة لهم ''الراحة'' و''الجو البارد'' لاسيما إذا ما قورِن بالبحر، إضافة إلى عامل هام وهو ''الجو العائلي'' الذي قد لايتوفر في مناطق سياحية أخرى. وقالت نورة أنها تفضل هذا المكان وهي لاتتردد في زيارته عدة مرات خلال الصيف و''لاتشبع من جوه الرائع''. وبالنسبة لها، فإن خصوصية المكان تتمثل في كونه متكاملا، فإضافة إلى الوادي الذي يوفر الإنتعاش وراحة البال توجد حديقة للحيوانات والتسلية يمكن أن يجد الأطفال وحتى الكبار فيها مبتغاهم، حيث يستمتعون باكتشاف والتقرب من الحيوانات هناك؛ كالقردة والأفناك والطيور...الخ، إضافة إلى استمتاعهم بالألعاب المختلفة التي تتيحها لهم الحديقة، ''صحيح أنها قليلة، لكنها رغم ذلك تصنع فرحتهم''، كما تضيف، وغير بعيد عن هذه الحديقة، تتواجد مطاعم كثيرة تقدم أكلات شهية لمرتادي المكان أشهرها الشواء بكل أنواعه، وقد أصبحت ''الرويسو'' مرجعا للشواء لدرجة أن البعض يزورها فقط للاستمتاع بهذه الأكلة. ميزة أخرى يتحدث عنها زائرو المنطقة هي توقف مواكب الأعراس المارة من هناك لأخذ صور تذكارية وكذا لتقاسم فرحة الزفاف مع زائري المكان ولو للحظات. فبالنسبة لسكان المنطقة، يبدو هذا التوقف وكأنه طقسا من طقوس الزواج،أما الحكمة من ذلك فلايدركها إلا القليلون...ربما هي البركة التي يبحث عنها هؤلاء، لاسيما وأن مياه المنبع مشهورة لدى الكثيرين بخصائصها العلاجية، والبعض يؤكد أنها تشفي من أمراض الكلى وتخلص من الحصى المتراكمة بها. وبالفعل، فإن قاصدي المكان من ولايات بعيدة لايترددون في الجزم بأن مياه الوادي المعدنية بإمكانها علاج العديد من الأمراض، دون أن يكون لهذا الكلام أي تفسير طبي مقنع....إنها ''التجربة التي تغني عن الطبيب'' كما يقال، ولايمكن بأي حال من الأحوال التشكيك فيما يقال والمهم هو ''النية'' بالنسبة لهؤلاء. وبعيدا عن الأمراض والمعتقدات الشعبية، يحط الحرفيون رحالهم في المكان لعرض ماجادت به أناملهم من منتجات تقليدية تعكس تراث العديد من ولايات الوطن وتتنوع بين الخزف والنسيج والحلي الفضية...الخ. فالفرصة مواتية هنا بالذات لهؤلاء من أجل التعريف ب''حنة أيديهم''، كما يقال في أمثالنا الشعبية، وبالنسبة للزوار فإنها فرصة لاقتناء الهدايا لهم ولأقربائهم الذين سيعشقون المنطقة حتما حتى دون زيارتها.