الرابطة الأولى موبيليس (الجولة ال 28): النتائج الكاملة والترتيب    حبوب: انطلاق حملة الحصاد و الدرس عبر الولايات الشمالية و مؤشرات تبشر بمحصول وفير    لجنة ال24 الأممية: دول أفريقية وآسيوية تطالب باحترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال    رئيس مجلس الأمة يستقبل سفير المملكة العربية السعودية لدى الجزائر    مؤسسة "اتصالات الجزائر" تنظم حملة وطنية للتبرع بالدم    كتاب "الكسكسي, جذور وألوان الجزائر" في نهائي نسخة 2025 لجوائز مسابقة "غورموند وورلد كوكبوك"    الإعلام الوطني سيواصل العمل لحماية الموروث الحضاري والثقافي الوطني    الجزائر تواصل التزامها بحماية حقوق الطفل    رقمنة قطاع التعليم العالي ساهم في تحسين الخدمات الجامعية    مداحي: الرقمنة والعصرنة خيار استراتيجي لتسيير المرافق السياحية    المعرض العالمي بأوساكا: عروض فرقة "أروقاس" من جانت تستقطب اهتمام الجمهور الياباني    مراد: تنمية المناطق الحدودية على رأس أولويات الدولة    موسم الاصطياف 2025 والاحتفالات بالذكرى 63 لعيد الاستقلال محور اجتماع للمجلس التنفيذي لولاية الجزائر    شراع/المنتخب الوطني: ثمانية عناصر وطنية تجري تربصا اعداديا بالجزائر الشاطئ    مؤسسة صناعات الكوابل ببسكرة: إنتاج 2000 طن سنويا من الكوابل الخاصة بالسكة الحديدية    جامعة "جيلالي اليابس" لسيدي بلعباس: مخبر التصنيع, فضاء جامعي واعد لدعم الابتكار    الرابطة الأولى موبيليس: مولودية وهران تضمن بقاءها وأولمبي أقبو وإتحاد خنشلة يقتربان من النجاة    قافلة الصمود تعكس موقف الجزائر    قافلة الصمود تتحدّى بني صهيون    الاختبارات الشفوية ابتداء من 6 جويلية    الجيش يواصل تجفيف منابع الإرهاب    منصوري تشارك في أشغال الاجتماع الوزاري    اختبار مفيد رغم الخسارة    رانييري يرفض تدريب إيطاليا    الأسطول الوطني جاهز للإسهام في دعم التجارة الخارجية    رفعنا تحدي ضمان التوزيع المنتظم للماء خلال عيد الأضحى    الفواكه الموسمية.. لمن استطاع إليها سبيلاً    غزة: استشهاد أكثر من 24 فلسطينيا وإصابة العشرات    ولاية الجزائر : مخطط خاص لتأمين امتحان شهادة البكالوريا    الجزائر نموذج للاستدامة الخارجية قاريا    بنك بريدي قريبا والبرامج التكميلية للولايات في الميزان    الاحتلال الصهيوني يتعمّد خلق فوضى شاملة في غزّة    تطوير شعبة التمور يسمح ببلوغ 500 مليون دولار صادرات    الرباط تحاول فرض الدبلوماسية الصفقاتية    ميسي أراح نفسه وبرشلونة    إنجاز مقبرة بحي "رابح سناجقي" نهاية جوان الجاري    تأجيل النهائي بين ناصرية بجاية واتحاد بن عكنون إلى السبت    استقبال مميز لمنتخب كرة السلة 3*×3 لأقل من 21 سنة    "الطيارة الصفراء" في مهرجان سينلا للسينما الإفريقية    تأكيد على دور الفنانين في بناء الذاكرة    برنامج نوعي وواعد في الدورة الثالثة    "كازنوص" يفتح أبوابه للمشتركين من السبت إلى الخميس    تحسين ظروف استقبال أبناء الجالية في موسم الاصطياف    رحيل الكاتب الفلسطيني علي بدوان    عنابة: عودة أول فوج من الحجاج عبر مطار رابح بيطاط الدولي    فتاوى : أحكام البيع إلى أجل وشروط صحته    اللهم نسألك الثبات على الطاعات    القرآن الكريم…حياة القلوب من الظلمات الى النور    جريمة فرنسية ضد الفكر والإنسانية    قِطاف من بساتين الشعر العربي    صور من مسارعة الصحابة لطاعة المصطفى    الشروع في إلغاء مقررات الاستفادة من العقار    معرض أوساكا العالمي : تسليط الضوء على قصر "تافيلالت" بغرداية كنموذج عمراني بيئي متميز    صحة: اجتماع تنسيقي للوقوف على جاهزية القطاع تحسبا لموسم الاصطياف    الاستفادة من تجربة هيئة الدواء المصرية في مجال التنظيم    الجزائر تودع ملف رفع حصة حجاجها وتنتظر الرد    تحديد وزن الأمتعة المسموح به للحجاج خلال العودة    لماذا سميت أيام التشريق بهذا الاسم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بو مدين بوزيدي مدير الثقافة الإسلامية بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف ل''المساء'':‏
نشر في المساء يوم 03 - 02 - 2012

التغيرات الاجتماعية وراء تراجع الروحانية الاحتفالية بالولد النبوي

بومدين بوزيدي مدير الثقافة الإسلامية بوزارة الشؤون الدينية و الأوقاف، وأستاذ جامعي في الفلسفة الإسلامية بجامعة وهران، اِلتقته ''المساء'' بمقر وزارة الشؤون الدينية وقال حول ثقافة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بين الأمس واليوم: الإحتفالات عموما سواء أكانت دينية أو شعبية، تتحول تدريجيا إلى احتفالات ذات طابع اجتماعي، بمعنى أنها تأخذ الطابع المظهري الذي يطغى على الجانب الروحي.
والاحتفالات الدينية عموما بدأها الشعب الجزائري في القرن التاسع هجري، أي في القرن 14 ميلادي، هذه الأخيرة ارتبطت بشخصيات دينية تسمى الأولياء، حيث كانت في بدايتها بسيطة، ترمز إلى علاقة الطلاب بشيخهم المتوفى، الذي اعتبر ''وليا صالحا'' وبات الناس يزورونه، هذه الزيارة هي نوع من الاعتراف لهذه الشخصية الدينية، ومن مظاهر الاحتفال، كانت مثلا تتميز بقراءة جماعية للقرآن الكريم، والإكثار من الأذكار، لكن مع تطور المجتمع، يضيف المتحدث: ''بدأ الجانب الاجتماعي يأخذ طابع المظهرية الاحتفالية؛ كالموسيقي، وهذه المظاهر هي التي سيطرت أكثر فيما بعد، بمعنى أن كل حفل ديني بالعالم كله سواء بالمجتمعات العربية أو الأوروبية، يكون له طابع ديني بحت، ولكن سرعان ما يتغلب عليه الجانب المظهري والمادي حسب طبيعة كل مجتمع طبعا.
أما بالنسبة للاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، فقال المتحدث: ''إن المجتمع الجزائري تاريخيا ارتبط فيه الاحتفال بالعهد الزياني، أي قبل دخول الأتراك لتلمسان بالخصوص، حيث تم ترسيم هذه الاحتفالات من طرف ''أبوحمو الزياني''، غير أن البعض يرجع الاحتفال بالمولد النبوي الشريف إلى الأندلس، ولكن ما ورد إلينا إلى غاية اليوم هو أن الزيانيين هم من أعطوا الإحتفال طابعا ترسيميا، حيث كان عبارة عن قراءة للأشعار بالمساجد الكبرى بتلمسان، ولذلك، فإن وزارة الشؤون الدينية من خلال تنظيمها للاحتفال بمولد النبي بتلمسان، تسعى إلى إعادة إحياء التاريخ للإحتفال في جانبه الروحاني الصحيح والسليم.
ومع التاريخ العثماني، قال الأستاذ بوزيدي: بدأ يتغير وجه الاحتفال بهذه المناسبة الدينية، حيث أخذ طابعا اجتماعيا أكثر، وارتبط بالأكلات والموسيقى. هذا من جهة، ومن ناحية أخرى، لابد أن نشير إلى جانب مثير من الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف، وهو ما يتعلق بالمفرقعات، فبالرجوع إلى التاريخ الجزائري، نجد تقريبا أن كل الاحتفالات بما في ذلك ختم القرآن الكريم، كان يصحب، خاصة بالغرب الجزائري بالبارود، حيث كان الطالب الذي حفظ القرآن يركب الحصان ويتم إطلاق البارود مع الزغاريد، وبالتالي الجانب الحربي والفروسي كان حاضرا في الاحتفالات الدينية. ولذلك، فإن التركيز على المفرقعات والرغبة في إحداث الإنفجارات بدوي كبير رغم سلبيتها، مرتبطة بذهنية شعبية معينة كانت سائدة منذ القدم، مما يعني الإستمرار في الاهتمام بالجانب الحربي.
من جهة أخرى، جاء على لسان محدثنا أنه رغم كل المظاهر الاجتماعية للاحتفال بالمولد النبوي الشريف، يمكن أن نعيد إليه الوهج الثقافي والديني، كأن نكثر من قراءة قصيدة البصيري في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ، أو يبرمج الاحتفال بمولده طيلة شهر كامل بالمساجد، وقراءة كتب تتحدث عن سيرة النبي وشمائله وخصاله، على غرار قراءة كتاب الشفاء، ربما من خلال محاولة تعميم مثل هذه الاحتفالات نؤثر نوعا ما على بعض المواطنين ونغير بذلك العقلية الاحتفالية، وبالتالي أعتقد -يقول الأستاذ بوزيدي- أنه يمكن أن نعيد للجانب الروحي حضوره في الاحتفالات بمولد الرسول الكريم.
وفي السياق وعند الحديث عن الجانب الروحي اليوم في الاحتفالات بالمجتمع الجزائري، يقول محدثنا: ''يضيق الجانب الروحاني على خلاف الجانب الاجتماعي المظهري الذي أخذ في الاتساع، بينما يمكن أن يتوسع الجانب الروحي ويضيّق الجانب الاجتماعي على أساس أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف هو تلك التصرفات الإيجابية التي يقوم بها بعض الناس، على غرار تذكر المساكين والفقراء، التضامن الاجتماعي واعتبار حياة الرسول صلى الله عليه وسلم رمزا للتغير، هذه المعاني موجودة ولكن طغى عليها الجانب الاجتماعي، ناهيك عن أن الوعي الديني أيضا بالجزائر اليوم يطغى عليه أيضا الجانب المظهري، فمثلا المجتمع عموما في علاقته بالعبادات يهتم ربما بالمظهر أكثر، كان يكتب صاحب محل على باب محله مغلق للصلاة، فهو بذاك سواء عن قصد أو غير قصد، يرغب في أن يقول لمن يقصد المحل إنه ملتزم بأداء العبادات، وذلك لتعزيز الثقة بزوار المحل، وهذا مظهر غير مقبول، وهو ما جعل العبادة المظهرية هي الأخرى تطغى على سلوك البعض.
وبالتالي ما يمكن قوله فيما يتعلق بالاحتفالات بالمولد النبوي بالجزائر اليوم، أنه لا يمكن التحكم في الجانب الاجتماعي، لأنها حركية متغيرة وطبيعة بالمجتمع، وتتطلب أن المعاني الدينية والروحانية أحيانا تتحول إلى مظاهر اجتماعية، أي جزء مادي بالنظر إلى طبيعة التغيرات التي تحدث في المجتمع، ففي تاريخ التوحيد مثلا، نجد أن قريش كانوا يؤمنون بالله أصلا، ولكن مشكلتهم أنهم احتاجوا إلى واسطة مادية للتقرب إلى الله، وبالتالي المسألة بحاجة إلى أن يتوعى العقل البشري للحفاظ على روحانية الاحتفال، من خلال شحذ الجهود ومن ثم نحن بحاجة إلى تنظيم هذه الاحتفالات الدينية أكثر، وما يمكننا قوله هو أنه ينبغي البحث عن المعاني الاجتماعية من الاحتفال، كتذكر الفقراء، التضامن الاجتماعي، وتوجيه الناس إلى ثقافة إسلامية صحيحة سليمة، ونحو إحياء التراث الاحتفالي القديم في محاولة لحفظ الروحانية الاحتفالية بالمولد النبوي الشريف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.