المؤرخ اينودي يبرز مساهمة الهجرة الجزائرية في الحركة الوطنية نوّه المؤرخ الفرنسي جان لوك اينودي بما قدمته الجالية الجزائرية "دون منازع" للحركة الوطنية، متأسفا في نفس الوقت لكون عمليات الإعدام التي نفذت في حق مناضلين جزائريين وحشد جزائريين في مراكز اعتقال تجاهلتها السلطات الفرنسية وأخفتها عن الرأي العام. وأكد السيد اينودي في مناقشة متبوعة بحوار، مساء أول أمس الجمعة، بمقر سفارة الجزائر في بوبيني، بمناسبة الذكري 50 لاستقلال الجزائر، "أن دور الهجرة الجزائرية كان أساسيا في فرنسا ابتداء من العشرينيات، حيث كانت تنمو حركة مناهضة للاستعمار". ويري المؤرخ الفرنسي انه يستحيل فهم الثورة الجزائرية "إذا لم ندرك وقائع هذه المرحلة التي كانت مجهولة وخاصة من قبل الفرنسيين"، مشيرا إلى المراحل الحاسمة التي شهدت ابتداء من 1924 في باريس ميلاد الحركة الوطنية للأمير خالد حفيد الأمير عبد القادر وتأسيس نجم شمال افريقيا من قبل مصالي الحاج (الامين العام) في 1926 وحاج علي عبد القادر (رئيس)، وميلاد حزب الشعب الجزائري في مارس 1937 في نانتير (فرنسا) بعد حل نجم شمال إفريقيا في جانفي من نفس السنة. ثم يشير المؤرخ الفرنسي بعد ذلك إلى تطور نضال حزب الشعب الجزائري بعد مجازر 8 ماي 1945 تحت تسمية حركة الانتصار من أجل الحريات الديمقراطية الذي كان صورة طبق الاصل لحزب الشعب الجزائري للمشاركة في الانتخابات المحلية وانتقال المنظمة الخاصة إلى فرنسا لقيادة فدرالية فرنسا لحركة انتصار الحريات التي تولاها الراحل محمد بوضياف ليلتحق به بعد ذلك ديدوش مراد. وأضاف مؤلف الكتاب "مقتطفات من حرب الجزائر في فرنسا: خريف 1961" "يغادر بوضياف باريس في مارس 1954 في اتجاه الجزائر لتاسيس اللجنة الثورية للوحدة والعمل ليضع حدا للانقسام الذي تعرض له "حزب الشعب-حركة الانتصار" في صيف 1953 ويقرر الدخول في العمل المسلح في نوفمبر 1954". وأشار المؤرخ الفرنسي انه علاوة على الكفاح المسلح الذي نقل لاول مرة إلى فرنسا عقر دار العدو ابتداء من اوت 1958 والحرائق التي دمرت مصانع التكرير في موربيان (مارسيليا) قدمت الهجرة الجزائرية في فرنسا مساعدة لوجستية للثورة الجزائرية مؤكدا أن اشتراكات العمال المهاجرين كانت "المصدر الرئيسي لتمويل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية". ويعيد إلى الأذهان بهذه المناسبة "الأعمال الانتقامية" التي ذهب ضحيتها الجزائريون إبان حرب التحرير وخاصة التعذيب الذي كان يمارس بكثافة في الجزائر وفي فرنسا ايضا". وقال "لقد اطلعت على الحالات الأولى للتعذيب في 1957 الذي لم يكن من اختصاص المخابرات فحسب"، مشيرا إلى أن معتقلات ضخمة قد أنشئت ابتداء من 1959 حشد فيها آلاف المهاجرين. وقال المؤرخ "قليلون هم الذين يعلمون أنه كانت هناك معتقلات في فرنسا في منطقة لارزاك (الجنوب) وفي سان موريس لاردواز (لو جار). "انها سجون أصبحت فيما بعد أماكن للتربية السياسية". وكانت هناك اغتيالات ومفقودون من بين المناضلين وإطارات جبهة التحرير الوطني . كما أدلى المؤرخ الفرنسي بشهادته كمواطن فرنسي تتعلق بتنفيذ حكم الاعدام في حق مناضلين جزائريين. «كمواطن فرنسي أريد القول أنني لم أقبل ولن أقبل أبدا أن نجعل ونظل نجعل من فرنسوا ميتران (وزير العدل انذاك) الشخصية الابرز في اليسار الفرنسي". وذكر المؤرخ أنه كان هناك من بين المحكوم عليهم بالاعدام ونفذ فيهم الحكم بالمقصلة بأمر من ميتران "سجناء حرب رفضت الدولة الفرنسية الاعتراف بذلك معتبرة إياهم خارجين عن القانون، حيث لم تكن هناك حرب حسب المفهوم الاستعماري". «كما وقعت إعدامات في فرنسا في حق مناضلي فدرالية جبهة التحرير الوطني. وقد جرت في سجون لاسانتي ومونلوك في ليون وفي ديجون وربما في أماكن أخرى. ولم يسمع عنها أي أحد. ونوه المؤرخ اينودي بمساهمة الهجرة الجزائرية في الحركة الوطنية، مذكرا بمشاركتها في مظاهرات 17 أكتوبر1961 في باريس وتم قمعها بالدم وجاءت احتجاجا على حظر التجول العنصري الذي فرضه قبل أيام المحافظ موريس بابون علي الجزائريين. وتأسف المؤرخ لكون فرنسا إلى يومنا هذا ترفض الاعتراف بهذه المجزرة وكل المجازر الأخرى التي اقترفتها وتمنى أن يفي فرنسوا هولاند بالعهد الذي قطعه على نفسه عندما كان مترشحا أن يتحول هذا الوعد إلى اعتراف بعد أن أصبح رئيسا.