تمكّنت النجمة اللبنانية مريم فارس في أول ظهور لها على خشبة المسرح الروماني بالمدينة الأثرية ثاموقادي من تأكيد التواصل بجمهورها بتيمقاد، الذي غزا مدرجات ركح المسرح الروماني في السهرة السادسة لهذا المهرجان الفني الدولي. وتفاعل الجمهور الأوراسي الذي توافد بقوة على المسرح الروماني مع طريقة أداء الفنانة اللبنانية التي ألهبت بحنجرتها الدافئة المدرجات على أنغام "وان تو ثري فيفا لالجيري"التي استدرجت بها الجمهور الذي لم يتوان في إبراز الوطنية، فعلى مدار أزيد من ساعتين من الزمن عرفت مريم فارس كيف تمزج بين طبيعة سحر المدينة الرومانية وشغف محبيها من جمهور ذواق لفنها. من شموخ شجرة الأرز استحضرت ذكريات لبنان الجميلة التي يعشعش فيها الفن لونا وأداء بدعائم قائمة ترسم الحضور العربي بالتزام يجعل دور الفن كوسيلة قائمة في حد ذاته في دور اجتماعي سياسي باعتباره أداة من أدوات التوصيل الممدودة للظهور الإعلامي للفنان، اعتلت المنصة دون بروتوكولات تحمل في بسمتها بصمة فنية سترسخ في تاريخ مشوارها الفني على حجارة المسرح الروماني الجديد. وأجمع المتتبعون للحفل المميز الذي بصمت فيه بامتياز، حيث جسدت التواصل وكانت ضيفة الجزائر لأول مرة قد صرّحت بأن سعادتها لا توصف وهي في غمرة النشوة بملاقاة جمهور في أجواء لا تختلف عن سهرتها التي نشطتها عبر العديد من الدول العربية وفي نشوة أفراح خمسينية الاستقلال قالت إنها تشاطر الجزائريين هذه الأعياد المميزة. ويبدو أنها خرجت بانطباع جيد عن جمهور آنسها طيلة الحفل أمتعته وأمتعها، لاسيما عندما ردد الجمهور أغانيها عن ظهر قلب؛ فتمكنت في هذه السهرة من استدراج الحضور للغوص في أسرار النغمة العربية بما جادت به قريحتها على ركح المسرح الروماني الجديد، الذي كان منبرا لصدى أغانيها القديمة والجديدة التي اقترحتها في هذه السهرة والتي امتزجت بالصورة التي صنعها الجمهور الجزائري الذي ردد روائعها ورقص لإيقاعاتها مطولا، فمزجت وأبدعت في الألوان العربية التي استحضرتها في هذه السهرة بما فيها روائع الراحلة وردة الجزائرية. وكانت المطربة اللبنانية، التي حظيت باستقبال رائع بمدينة أعربت عن سعادتها بوجودها في الجزائر لتمثيل الحضور في مثل هذه المهرجانات، التي تعد إحدى أهم عوامل التواصل بين الشعوب والثقافات، فكسرت كل الحواجز وتحدت الطبيعة ولم تأبه بعناء السفر في جو لا تمثل حرارته شيئا بالنسبة إليها مقارنة بحرارة ملاقاة الجمهور الذي يزيدها ثقة في النفس لربط أواصر الصداقة بين الشعبين اللبناني والجزائري.الفنانة اللبنانية التي يتأصل فيها البعد العربي وتقدر وظيفة الفن النبيل ثمنت دور المهرجان الذي توقعت له نجاحا باهرا اعتمادا على زمن عمره الفني.وبالعودة إلى السهرة التي أبدعت فيها وجالت وصالت فوق المنصة دون عناء صنعت فيها دفء الحنان وهي تسترسل في أغانيها نزولا عند رغبة الجمهور، التي تكون مجبرة بالضرورة للبحث في سر ارتباطه بها نظرا للروابط التاريخية التي تربط الشعبين الجزائري وشقيقه اللبناني، الذي عانى ويلات الحرب على مر أزيد من عشريتين، لتودع الركح آملة في تكرار تجارب أخرى بعدما تأكدت من قيمة جمهور ذواق يثمن قيمة الفن العربي وينصهر فيه فنيا ثقافيا، حضاريا وتاريخيا. وبهذا الانطباع الجيد الذي تركته الفنانة اللبنانية في هذه السهرة التي تحاكي فيها شجرة الأرز الأوراسية نظيرتها اللبنانية في مضامين السهرة الفنية التي تستحضر التاريخ وتعمق الشعور العربي من خلال شموخ الشجرتين بجبال الأوراس والبلد الذي ولد فيه الفن لبنان الشقيق.وللشق الثاني من السهرة ما يؤكد التواصل وما اقترحه المنظمون لا يغدو سوى جهدا إضافيا للمنظمين والسلطات الولائية التي حرصت على إنجاح المهرجان من خلال توفير كل الشروط، حيث تداول على المنصة تكملة للحفل كل من رضا دوماز ليبدع في طابع الشعبي وأطرب محبيه فضلا عن النايلي الذي حضر بقوة واللون السطايفي من خلال صالح العلمي وعبد الله مناعي والشابة يمينة بنت المنطقة التي استرجعت خوالي الأيام التي صنعت مجد الأغنية الشاوية العصرية فكانت السهرة للمتعة والتأمل وسط تنظيم محكم وحضور قياسي للجمهور الذي انصهر في بوتقة الفن وخرج راض. يذكر أن السهرة الخامسة أبدعت فيها الفرقة البرازيلية من خلال نماذج تروي طقوس الرقص البرازيلي جسّده جوق نسوي يتكون من 26 عضوا للفرقة التي تقودها كلوي دام التي انبهرت لسحر المدينة الأثرية التي شغلتها عن رؤيتها تحضيرات الحفل وأعربت عن اشتياقها لزيارة الصحراء الجزائرية بعدما عبرت عن منطقة الأوراس بالفضاء السياحي المتحرك في الفضاء.