سارعت بعض الأطراف الإعلامية إلى تأويل تصريحات المتحدث باسم الخارجية الفرنسية حول الجزائر لإعطائها قراءة محرفة، توحي بأن فرنسا تتدخل في شؤون الجزائريين، ومن ثمة إشعال فتنة جديدة بين البلدين، في محاولة يائسة لإضعاف موقف الجزائر التي تعيش ظرفا حساسا، يستدعي الحيطة والحذر من محاولات الاستغلال من قبل الجهات المعادية لضرب استقرارها والمساس بوحدة الشعب. سفارة فرنسابالجزائر حرصت على إعادة نقل تصريحات الناطق الرسمي ل«كي دورسي” حول الجزائر التي تم تأويلها وتضخيمها من قبل بعض وسائل الإعلام الأجنبية في محاولة مبيتة لإثارة الفتنة بين البلدين، فيما تحاشت الجهات التي حرفت تصريحات رومان نادال للصحفيين، إبراز المقاطع التي أكد فيها أهمية الموعد الانتخابي المقرر في 17 أفريل القادم، والتي أوضح فيها بأن هذا الموعد يعد فرصة أمام الجزائريين لكتابة صفحة جديدة من تاريخ بلادهم في إطار احترام مؤسساتهم. ويبين النص المنقول عن اللقاء الصحفي اليومي الذي جمع رومان نادال، الناطق باسم الخارجية الفرنسية، أول أمس، بممثلي الصحافة الفرنسية، أن المسؤول الفرنسي لم يخرج عن إطار الأعراف الدبلوماسية في الرد على أسئلة الصحفيين حول موقف فرنسا من منع تنظيم المظاهرات بالجزائر، حيث أجاب بالتأكيد أن “فرنسا تدافع عن الديمقراطية وحرية التعبير واحترام هذه المبادئ، عند تنظيم الانتخابات”، وهي الإجابة التي اعتبرها الصحفيون قصيرة وغير واضحة، مما دفع الناطق الرسمي ل«كي دورسي” إلى الإشارة إلى أنه لا يمكنه إضافة أي تعليق في هذا الخصوص، قبل أن يعقب بأن “فرنسا تأمل في أن تحترم حرية الصحافة وحرية التعبير في الجزائر وفي غيرها من دول العالم..”. الإجابة التي قدمها المتحدث باسم الخارجية الفرنسية والتي أعادت وكالة “رويترز” نقلها في صيغة مغايرة، حيث تم تحريفها وتحويلها بأسلوب يوحي بأن فرنسا تتدخل في شؤون الجزائريين، لم تتردد الأطراف الإعلامية التي اعتادت على تشويه صورة الجزائر في تضخيمها لإثارة التهويل حول المسألة، حيث سعت هذه الأطراف ولا سيما منها وسائل الاعلام المغربية المعروفة بعدائها للجزائر، بسبب الهزائم الدبلوماسية المتكررة التي تكبدتها في ملف القضية الصحراوية واصطدام مخططات المخزن الاستعمارية والتوسعية بجدار المبادئ الثابت للشعب الجزائري ومنها دعمه المستمر والراسخ لحقوق الشعوب المستعمرة في تقرير المصير، إلى تأويلها في محاولة جديدة لاصطناع فتيل أزمة دبلوماسية بين البلدين، ومن ثمة ضرب استقرار الجزائر وإضعافها في ظرف سياسي محوري متميز بحراك ديمقراطي غير مسبوق، مرتبط بانتخابات رئاسة الجمهورية التي ستقبل عليها الجزائر. ويبين هذا التضخيم الإعلامي لتصريحات المسؤول الفرنسي، جدية التحذيرات التي سبق وأن أطلقتها جهات من داخل البلاد وخارجها حول ما يتهدد الجزائر من محاولات مبيتة لضرب استقرارها ووحدتها، واستغلال الظرف السياسي الراهن الذي تعيشه، لإغراقها في الأزمات المفتعلة، الأمر الذي يتطلب مزيدا من الحيطة والحذر في التعامل مع هذه الأحداث، والتحلي بالحكمة لفهمها من كل الجوانب. فلا يعقل أن تقبل الجزائر التي يشهد لها العالم بأسره، سعيها الدائم إلى فرض احترام مبدأ عدم التدخل في شؤون الدول، أن تمس سيادتها من خلال التدخل في شؤونها الداخلية، كما لا تتطابق التأويلات التي سعت الأطراف الإعلامية إلى تغذيتها بسرد خلافات الماضي التاريخي بين الجزائروفرنسا، مع التزام البلدين وجهودهما الحثيثة بتقوية علاقاتهما التاريخية التي كللت خلال السنتين الأخيرتين شراكة استثنائية. كما تتعارض هذه التاويلات مع تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، الأسبوع الماضي، حول الحراك السياسي الذي تشهده الجزائر بمناسبة الموعد الانتخابي المقبل، والتي أكد فيها بأن فرنسا لا تتدخل في خيارات الشعب الجزائري الذي يعد سيدا في خياراته، قائلا في سياق متصل بأن “الجزائر بلد سيد وفرنسا تمتنع عن أي تعليق بشأن رغبة الرئيس بوتفليقة في الترشح إلى عهدة رابعة لانتخابات 17 أفريل المقبل”. فيما كان الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، قد أكد من قبل ذلك في حوار تلفزيوني بأن “الجزائريين لهم كل الحق في تحديد مستقبلهم، وأنه يثق في موعد الانتخابات المقررة في أفريل 2014”، وهو الموقف الذي لم يخرج عن إطاره الناطق باسم ال«كي دورسيه”، أول أمس، عندما أكد بأن الانتخابات الرئاسية في الجزائر تتيح فرصة أمام الجزائريين لكتابة صفحة جديدة من تاريخ بلادهم.