أثار إعلان وزير الثقافة التونسي، السيد مراد الصقلي، إلغاء الدورة القادمة، الحادية والثلاثين للمعرض الدولي للكتاب، ردود فعل غاضبة ومستنكرة من أدباء، كتّاب، ناشرين وموزعين، وحمّلوا وزارة الثقافة المسؤولية. قال وزير الثقافة التونسي، مراد الصقلي، بأنه ليس ضد تنظيم التظاهرة في حد ذاتها، بل تم اتخاذ هذا القرار من أجلها حتى تتحقق الجودة، مؤكدا على أنّه لم يلغ المعرض، بل تم تأجيله إلى السنة القادمة 2015، بطلب من اتحاد الناشرين وموافقة وزارة الثقافة. من جهته، اعتبر الأديب الهادي العثماني، معرض الكتاب أبرز حدث ثقافي وأهم موسم يتطلع إليه القارئ، الناشر والكاتب، وهو سوق توفر العرض والطلب ومناسبة تعيد ربط الصلة بين المثقف والكتاب كمصدر للمعرفة لا غنى عنه ومحطة تنشط فيها دور النشر والتوزيع بعد عقالها وتتحرك بعد ركودها. وأضاف العثماني أنّ القارئ التونسي تعوّد على إيلاء هذا الموعد اهتماما خاصا حتى أن بعض الإحصائيات تذكر أنّ السواد الأعظم من المولعين بالقراءة يقتني من المعرض أكثر مما يشتريه من الكتب على مدار السنة، مشيرا إلى أن إحصائيات أخرى تبرز أن عدد مبيعات الكتب أثناء المعرض يفوق نصف مبيعاتها على مدار السنة، إذا استثنينا من ذلك الكتب المدرسية، ولهذه المؤشرات دلالتها، حيث تعطي لإقامة معرض الكتاب مشروعيته وضرورة أن يحرص الجميع على إنجاحه، غير أن بعض التسريبات ما انفكت تتردد مثيرة موجة من الأسف، الرفض والثورة. وتساءل الأديب العثماني: “هل وصلنا إلى هذه المرحلة الخطيرة من تهميش الكتاب، وضرب الثقافة وإهمال المعرفة أم أنّ ذلك (من إفرازات الثورة)؟ إن الثورة فعل ثقافي بالأساس تمثل الثقافة أبرز أسبابه وأهم مطالبه، أفلا يكفي ما وصل إليه الوضع من التهميش والتردي وانهيار المستوى الثقافي للمواطن التونسي حتى نضيف إلى أسباب ذلك إلغاء المعرض الدولي للكتاب؟ هل هذه هي انتظارات المثقف من الثورة في مرحلة تاريخية مفصلية نروم أن تقوم فيها نهضة فكرية ثقافية واعدة، فإذا هي بؤرة الانتكاسة والردة؟”. وأشار العثماني إلى آثار غياب الكتاب فقال: “كل المؤشرات تؤكد على كارثة الوضع الذي تردى فيه المثقف التونسي والمستوى الضحل الذي وسم التعليم بعد تسعينيات القرن الماضي، حتى أصبح الخطأ الشائع قاضيا على الصواب في كتاباتنا ولغتنا المنطوقة”. من جانبه، أكد رئيس رابطة الناشرين الأحرار وصاحب “دار سحر للنشر”، محمد صالح الرصاع، أنه لا يتعجب من قرار وزير الثقافة، لأنه اتخذ قبل وصوله إلى الوزارة، مشيرا إلى أن الدورة الأخيرة للمعرض الدولي للكتاب بتونس انتظمت في شهر أكتوبر 2013، وكانت غير مناسبة تماما لأنّ المعرض تزامن وقتها مع معرضين هامين وهما؛ معرض الجزائر ومعرض الشارقة، حيث أن عددا كبيرا من الناشرين الأجانب يتحولون إلى الشارقة أو الجزائر، وهو ما يضعف معرض تونس، بالتالي طالب الناشرون بإعادته إلى موعده السابق الذي كان خلال شهر أفريل من كل عام، لكن رغم موافقة وزير الثقافة السابق فإن الوزارة لم تستعد لذلك. وتوجه الرصاع باللوم إلى الناشرين أنفسهم لأنهم لم يستعدوا في متسع من الوقت، خاصة بعد أن فشلت الدورة السابقة في جلب القراء والزوار، كما كان سابقا، وقال بأنه ينشر نحو 40 كتابا جديدا سنويا، لكنها لن تصل إلى القارئ الذي تعود اقتناء الكتب من المعرض أكثر من شرائها من المكتبات. أما الحبيب الرقيقي، مدير المركز التونسي للكتاب وموزع، فأشار إلى أنّ الكتاب يكاد يكون غائبا كل أيام السنة ولم نسجل نجاحا للمعرض الدولي للكتاب في دورته السابقة التي نظمت في غير موعدها الأصلي والمعتاد، فمشاركة الناشرين كانت كبيرة، لكن القارئ سجل غيابه مؤكدا؛ “بلوغ عصر أصبحت فيه الكتب التي تكتب لا تنشر وتلك التي تنشر لا تطبع والتي تطبع لا تباع، كما أن الكتب التي تباع لا تقرأ”. وعبر الرقيقي عن “أسفه وألمه” من غياب معرض تونس الدولي للكتاب لسنة 2014، كون الحدث يمثل دافعا للقارئ التونسي حتى يزور المعرض، يطلع على الكتب الجديدة ويشتري ما يروقه، بالتالي فهو فرصة كبيرة للناشرين، الموزعين والقراء وستكون تبعات هذا الغياب “كارثية” على الثقافة في تونس.(الوكالات)