من أسماء الله تعالى الحسنى "الواسع"، ولهذا الاسم آثار عديدة على عباده وجميع مخلوقاته، ومن هذه الآثار: سعة جود الله وكرمه؛ أما سعة جود الله وكرمه وإحسانه وبسط نعمه فباب كبير، يلحظه العباد فيما يُنزله الله من السماء من ماء، وما تجري به الأنهار في جنبات الأرض، وما يخرجه الله من نبات وأشجار وثمار، وما تموج به البحار من خيرات مما لا يعلمه ولا يحصيه إلا رب العباد، ومنها ما يوسع الله به على بعض خلقه دون بعض، كما قال سبحانه: (وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 247)، وقال: (وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (البقرة: 261).ومن ذلك سعة علم الله، وعلم الله أيضًا واسع، كما قال سبحانه: (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) (طه: 98) وقال: (وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا) (الأعراف: 89)، ولِسَعَة علم الله فإن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، لا من الجماد، ولا من الحيوان، ولا النبات، سواءً كان صغيرًا أو كبيرًا، ظاهرًا أو خفيًا، وقد ضرب الله لنا الأمثال لنتعرف على سعة علمه تبارك وتعالى فقال: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لقمان: 27)، وقال: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) (الكهف: 109)، وقد أخبرنا ربنا عن سَعَة علمه في الآيتين السابقتين بمثلٍ ضربه كي يفقهه أولو الألباب، ضرب الله مثلاً لكلماته التي خلق بها الخلق، وأوجد بها الكون، بأن أشجار الأرض كلها لو تحولت إلى أقلام يكتب بها، وتحولت البحار إلى مداد، وفنيت بحار الأرض كلها، وجيء بقدر هذه البحار سبع مرات، لفني هذا كله، وبقيت كلمات الله لم تنفد