كشفت وثائق حكومية أن الشرطة الأفغانية التي سيُناط بها مهمة الحفاظ على الأمن في بلادها، ينخر فيها الفساد وتعصف بها مشاكل من قبيل المحسوبية وتعاطي المخدرات وغيرها، في وقت تتأهب فيه القوات الأجنبية للانسحاب من تلك الدولة. أظهرت الوثائق التي حصلت عليها صحيفة ذي إندبندنت أون صنداي من وزارة الخارجية البريطانية، مخاوف المسؤولين إزاء مصير أفغانستان وفرص التصدي لحركة طالبان في حال عجز القادة الأفغان عن استئصال شأفة الفساد المستشري في صفوف الشرطة الوطنية. وشدد تقرير سري عن أداء الشرطة الأفغانية النظامية صدر في أكتوبر الماضي، على أنه -ما لم يحدث تغير جوهري في مفاهيم ضباط الشرطة الأفغانية النظامية لقيم الاستقامة والأمانة المتوخاة منهم، فإن مؤسسة الشرطة ستظل تقدم خدماتها للمواطنين على نحو غير فعال ويعتريه الفساد.. لعقود قادمة-. كما تكشف الوثائق عن مظاهر القلق التي تنتاب المسؤولين من قدرة الدولة -التي تمزقها الحرب- على التصرف كدولة ديمقراطية عندما تنهي القوات الدولية دورها القتالي في أفغانستان عام 2013. ومن المقرر أن تغادر أغلب تلك القوات البلاد بنهاية 2014. ويأتي الكشف عن تلك الوثائق بعد أيام من تصريحات أدلى بها رئيس وزراء بريطانيا ديفد كاميرون خلال زيارة لأفغانستان، وجاء فيها أن القوات البريطانية قد تُسحب بأسرع مما هو مخطط له لأن قوات الأمن المحلية -تؤدي عملها بأحسن مما هو متوقع منها-. واعترف الرئيس الأفغاني حامد كرزاي ، بتفشي الفساد واصفا إياه بأنه -واقع مرير-، الا أنه ادعى بأن الدول التي تمول حكومته وقوات أمن بلاده تذكي أوار هذا الفساد. و كان حلف الناتو ، انتقد انتشار الفساد والأمية في صفوف الشرطة الأفغانية وقال إنهما يشكلان إضافة إلى نقص الأفراد المدربين عوامل تحدّ من فعالية الشرطة. وبحسب قائد بعثة التدريب التابعة للناتو في أفغانستان الفريق وليام كولدويل، فإن نسبة الأمية التي بلغت 80 بالمائة في صفوف منتسبي الشرطة، دفعت الناتو إلى تطبيق برامج إجبارية لتعليم القراءة والكتابة لأفراد الشرطة والجيش. لكن كولدويل أضاف في تصريح للصحفيين في العاصمة الإيطالية روما أن طموحات الحلف في هذا الشأن تبقى محدودة حيث يتم التركيز على مهارات الكتابة والقراءة إلى مستوى الصف الثالث لا إلى مستوى التعليم الثانوي. واعترف كولدويل كذلك بأن الفساد ما زال مشكلة كبيرة في صفوف قوات الشرطة، وهو أمر يأمل الناتو التغلب عليه عبر زيادة الرواتب وتحسين مستوى الشفافية. وقال إن -الفساد تحد، وهذا لا شك فيه-. كما انتقد كذلك نقص الأفراد المدربين لدى مجندي الشرطة، وقال إنه بينما يستعد الحلف لزيادة عدد أفراد الجيش والشرطة الأفغانيين إلى أكثر من 300 ألف بحلول عام 2011، فإن نسبة من تلقوا أي إعداد رسمي لا تتجاوز 45 بالمائة. وكثف حلف الناتو عملية تدريب الشرطة الأفغانية في محاولة لإصلاح القوة التي لا تتمتع بثقة تذكر بين السكان المحليين وتعاني من معدلات عالية للانسحاب من الخدمة وكثيرا ما تتهم بعدم الكفاءة وتفشي تعاطي المخدرات في صفوفها.