أسدل الستار، أول أمس، على معاناة دامت عقدين من الزمن كان بطلها أسطورة من أساطير المنتخب الوطني وأحد صانعي ملحة خيخون ويتعلق الأمر بالنجم الأبدي للجزائر "لخضر بلومي"، حيث قرّر الدكتور المصري أحمد عبد المنعم أحمد عبد الهادي التنازل وبصفة نهائية عن الدعوى القضائية التي رفعها ضد لخضر بلومي وذلك بعد مباراة المنتخب الوطني ونظيره المصري بالقاهرة بتاريخ ال17 من نوفمبر من عام 1989 والتي اتهم فيها الطبيب المصري بلومي بالاعتداء عليه مسببا له عاهة مستديمة على مستوى العين. هذا الخبر الذي أفرح كل الشعب الجزائري بالنظر لوزن بلومي في الساحة الوطنية، كانت فرحته لا توصف عند أسطورة الجزائر، حيث فتح قلبه ل"الأمة العربية" وتحدث عن كل كبيرة وصغيرة تخص قضيته. بلومي لم ينس توجيه تشكراته لكل من ساهم في إيجاد حل لهذه القضية بداية من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة كما تطرق لمشاريعه المستقبلية ولم ينس لخضر بلومي الحديث عن المنتخب الوطني. تابعوا هذا الحوار الشيق مع أسطورة الكرة الجزائرية وصانع أمجادها "الأمة العربية": بعد معاناة دامت 20 سنة، كيف استقبل بلومي خبر الفرج؟ لخضر بلومي: تغمرني سعادة لا توصف وكأنني ولدت من جديد لأن الأمر يتعلق بمعاناة دامت عقدين من الزمن كنت أشعر فيها بإحباط شديد، كيف لا وأنا عاجز عن تمثيل بلدي بالدرجة الأولى في المحافل الدولية. أحمد الله كثيرا على هذه النعمة وأشكر كثيرا كل من وقف بجانبي بداية بالمسؤول الأول عن البلاد فخامة رئيس الجمهورية إضافة للصحافة الوطنية. - كيف اطلعت على القرار؟ * تلقيت اتصالا من رئاسة الجمهورية أبلغني فيه بقرار تنازل الطبيب المصري عن الدعوى القضائية ولقد أصبت بحالة ذهول تغمرها فرحة كبيرة لا توصف. - هل يمكن لك العودة لتفاصيل القضية المشؤومة؟ * كل الأجواء كانت توحي بأن المباراة مع المنتخب المصري ستجرى وسط أجواء مشحونة وذلك بالنظر لرغبة المنتخبين في الفوز من أجل افتكاك تأشيرة التأهل لمونديال إيطاليا 1990، فلقد فرض علينا المصريون ضغطا رهيبا قبل وأثناء وحتى بعد المباراة بالرغم من فوزهم بهدف من توقيع حسام حسن وتمكّنهم من التأهل لكأس العالم، لكن الاستفزازت تواصلت بعد ذلك وتبِعنا مشجعو المنتخب المصري إلى الفندق وخوفا من تفاقم الأمور طلب منا الطاقم الفني تفادي الدخول في مهاترات مع المصريين والصعود إلى غرفنا، رغم ذلك فلقد راح بعض أعضاء الوفد الجزائري عرضة للضرب. - وما ذا بعد؟ * في اليوم الموالي تفاجأت باستدعاء من الشرطة المصرية وذلك بعد شكوى رفعت ضدي من طرف طبيب المنتخب المصري والذي اتهمني بفقأ عينه. لقد استغربت كثيرا للتهمة وأقسمت لوكيل الأمن المصري بأنه لا علاقة لي إطلاقا بهذه القضية، لكن الأمن المصري أصرّ على إلصاق التهمة بي وقرر حبسي إلى غاية محاكمتي. لكن وبعد تدخل مسؤول مصري كبير تم السماح لي بالعودة إلى الجزائر. غير أن المفاجأة جاءت بعد قرار المحكمة المصرية في حقي بالحكم الغيابي بالسجن لمدة خمس سنوات قبل أن يلغى الحكم بعدها لكن معاناتي تواصلت مع الشرطة الدولية لعقدين من الزمن. - ولماذا فضلت الصمت رغم براءتك؟ * أظن بأنني دفعت ضريبة حبي للوطن، فلقد كان الجميع يدرك بأنني بريء من التهمة، لكن لا أحد تجرأ على إنصافي وقول الحقيقة، بل إنني ذهبت ضحية شهادة زور من طرف البعض وكل ما يمكن قوله الآن هو حسبي الله ونعم الوكيل. كما أن الأمر الذي أثّر فيّ كثيرا هو التزام السلطات العمومية الصمت تجاه قضية التوأم حسام وإبراهيم حسن في بجاية رغم أن قضيتهما كانت مشابهة لقضيتي وبالدليل. - الطبيب المصري أكد بأنه سيتصل بك لتصفية القلوب فما قولك؟ * سأكون سعيدا بالحديث ولقاء الشخص الذي عانيت بسببه لفترة تجاوزت ال20 سنة. أنا مستعد لزيارته في مصر وأدعوه لزيارة الجزائر من أجل تصفية القلوب وأظن بأن الطبيب المصري يدرك جيدا بأنني بريء. - إذن أنت مستعد لزيارة مصر؟ * بكل تأكيد، فمصر أم الدنيا وكل ما أتمناه أن تكون زيارتي لهذا البلد في إطار مباراة اعتزالية أو استعراضية حتى تكون لزيارتي خصوصية أكثر. - حل قضيتك قد يكون بداية صفحة جديدة في تاريخ العلاقات المصرية الجزائرية في المجال الرياضي، أليس كذلك؟ * أظن بأننا حاولنا تضخيم الأمور كثيرا كون مباريات المنتخبين الجزائري والمصري هي بمثابة فرص لتوطيد العلاقات بين البلدين أكثر إضافة لتجسيد الأخوة بين المصريين والجزائريين والذين تربطهم أخوة الدين الإسلامي. أنا أعتبر بأنه مهما كانت النتائج بين المنتخبين فلابد أن لا تؤثر على العلاقات بين البلدين والشعوب وأتمنى -مثلما قلت- أن يكون حل قضيتي بداية عهد جديد في تاريخ العلاقات المصرية الجزائرية. - وكيف ترى مباراة المنتخبين في جوان المقبل؟ * ستكون من دون شك قمة في الإثارة وذلك بالنظر لطبيعة المباريات بين المنتخبين وكذا أهمية هذه المواجهة في تحديد مستقبل المنتخبين في التصفيات المزدوجة، كل ما أتمناه أن تكون الروح الرياضية المنتصر الأول وذلك مهما كانت نتيجة المقابلة ولو أنني أميل للجزائر وأتمنى من صميم قلبي أن تبقى النقاط الثلاث في الجزائر من أجل تدعيم حظوظنا في الذهاب للمونديال. - وكيف تتوقع المواجهة فنيًا؟ * ستكون صعبة من دون شك على الطرفين وذلك بالنظر لرغبة المنتخبين في تحقيق نتيجة إيجابية، من جهتنا سندخل اللقاء بحافز معنوي إضافي يتمثل في التعادل الذي عاد به المنتخب من رواندا مقابل تعثر الفراعنة أمام زامبيا كما أن المقابلة قد تعلب على حيثيات صغيرة. - كيف ترى حظوظ الجزائر في التأهل لمونديال جنوب إفريقيا؟ * أعتقد بأن الفوز على مصر سيكون بداية المرور للمونديال ولو أن عملا كبيرا ينتظر المنتخب بالنظر للأداء المتواضع المقدم أمام رواندا والذي كان بإمكاننا الفوز عليها، وأود أن أضيف شيئا مهما. - تفضل.. * الوجه القوي الذي ظهر به المنتخب الزامبي في القاهرة أعاد خلط جميع الأوراق، حيث أصبحت زامبيا مرشحة بقوة للمرور للمونديال وستقول كلمتها في هذه المجموعة وقادرة على إحداث المفاجأة. - وهل أنت متفائل بقدرة الخضر على التأهل لكأس العالم؟ * كل ما يمكن قوله هو أن التأهل للمونديال لن يكون سهلا والمدرب الوطني مطالب بمراجعة بعض الحسابات والعمل على تحسين الأداء بالدرجة الأولى لأن - وكما أسلفت الذكر- مباراة رواندا كشفت العديد من النقائص. - كنت قد صرحت في عدة مناسبات بأنه وفي حال فك الحصار عنك من طرف الأنتربول ستزور البقاع المقدسة، ماذا بهذال الخصوص؟ * لا زلت عند كلامي وأنتظر الفرصة من أجل زيارة مكةالمكرمة والتي ستكون وجهتي الأولى في أول زيارة لي خارج الوطن وذلك شكرا لله. - ما الذي يريد قوله بلومي بشأن غالي معسكر؟ * غالي معسكر لا يستحق إطلاقا المكانة الحالية التي يحتلها لأنها راجعة بالأساس للتكتلات داخل الفريق والتي أرغمتني على الرحيل. لا أظن بأن مسيريي الغالية تهمهم المصالح الشخصية دون المصلحة العامة وأتمنى أن تجد الغالية الرجل المناسب الذي سيعيد للفريق مجده الضائع. - بماذا يريد لخضر بلومي أن يختتم هذا الحوار؟ * أود أن أقدم تشكراتي لكل من تعاطف معي في الأزمة التي مررت بها لأكثر من 20 سنة وكذا كل من ساهم في حل قضيتي بداية من السلطات وعلى رأسها رئيس الجمهورية وكذا رئيس اللجنة الأولمبية بعد المجهودات الكبيرة التي بذلها، كما أشكر الصحافة بجميع قنواتها وأؤكد للجميع بأن بلومي ولد من جديد وأتمنى من صميم قلبي التوفيق للمنتخب الوطني في التصفيات المزدوجة وتحقيق حلم طال انتظاره.