تعرف أحياء دوار الفلاليس ومحيط مدن وهرانوتلمسان والعاصمة وغيرها من المدن الكبرى تململا إجتماعيا غير مسبوق، بدأ أمس الأول بشكل بارز في حي النخيل بالعاصمة وقبل ذلك تجسد بأبشع صوره في أحداث ديار الشمس، وتواصل اليوم ببراقي. ظاهرة الإنتفاضات العارمة للمواطنين بعيدا عن التوجيه السياسي أو المطالب الحزبية ، تأخذ اليوم شكلا آخر، ينافس في خطورته المطالب السياسية التي كانت تحرك الشارع في بلادنا. ويبدو جليا، أن تراكمات أزمة السكن وتفاقم البطالة والتهميش في الأوساط الشبابية، التي ترى أنها الأكثر حرمانا، بدأ يحرك الشارع نحو حلحلة ملف السلم الإجتماعي، لكن في إتجاه معاكس للسياسة الإجتماعية النتهجة، مشاكل وتراكمات تؤدي اليوم إلى المزيد من الاحتقان الإجتماعي، مما يسهل خروج المواطنين إلى الشارع، تحت عنوان المطالب الإجتماعية، التي غالبا ما تتلخص في السكن والشغل. في العاصمة عرف هامشها هزات عنيفة، آخرها ما حدث أول أمس على مستوى نفق وادى اوشايح الذي أغلقه الشباب الغاضب بحي النخيل، إحتجاجا على عدم ترحيلهم إلى سكنات إجتماعية، على غرار سكان أحياء مجاورة، والبارحة عرف حي دوار الفلاليس بوهران هزة كادت أن تخرج المواطنين إلى الشارع، على إثر التهديدات التي وجهها لهم مسؤول محلي، هدّد بهدم سكناتهم دون سابق إنذار، ودون بدائل، على خلفية اتهامات وجهها للسكان بافتعال أزمة سكن في الحي، الذي إستفاد سكانه من عدة شقق دون أن تنتهي الأزمة به، وقال السكان إنه كان على المسؤولين إجراء تحقيق نزيه وواقعي وميداني بشأن سكان الحي، للكشف عن الذين استفادوا، وهي العملية التي من السهل القيام بها، نظرا للتطور التقني الحاصل في مثل هذه التحقيقات، ونهار أمس اشتعلت نيران الغضب ببراقي بالعاصمة، احتجاجا على عدم إدراج أسماء مئات العائلات في قوائم المستفيدين من الترحيل، وفي تلمسان يوجد الشارع على فوهة بركان، نتيجة القلق الذي يميز عملية الإنتظار، والوعود الضخمة التي يقدمها المسؤولون على هذا الملف الحساس، والتلاعب بعواطف المواطنين كما يقول بعض الغاضبين من إدارة هذا الملف، على مستوى السلطات المحلية بتلمسان، منذ بداية الإسكان التدريجي للفئات المتضررة من إنهيار سكناتها، وفي غياب إتصال فعال للمسؤولين مع المواطنين، لم يتم التوفيق بعد بين إسكان المتضررين والحالات الإجتماعية العادية، التي تستحق سكنا إجتماعيا، وتنتظر نهاية دراسة الملفات. الأحياء الشعبية في العديد من المدن هي الأكثر معاناة من التهميش الذي تحول إلى أبارثيد إجتماعي، يميز بين الفئات الإجتماعية على أساس معايير غير موضوعية، وهو ما يثير حفيظة الغاضبين في كل مرة، حيثإ الكثير من الاستفادات تكون من منطلق المحسوبية والمصالح الخاصة، والأطماع غير الأخلاقية، التي تؤلب وتحرك الشارع الغاضب أصلا. ملف السلم الإجتماعي وما يتهدده من مخاطر، هو أيضا نتيجة تراكمات كبيرة، تعود إلى فترة التسعينيات، حين كان البحث عن الأمن والعمل هدف النازحين من العالم القروي، ومن الولايات الساخنة، سواء بغرب البلاد أو بالوسط، فيما ظلت تراكمات هذه الأزمة في جانبها الإجتماعي دون علاج، لبقى الحل في إعادة حصر النقاط السوداء لمعالجة الأزمة من جذورها.