دورة تحتفي بالراحلة ياسمين دوار في أجواء إحتفالية إحتضنتها ساحة الثورة وسط مدينة عنابة ميزتها إيقاعات الزرنة و العيساوية و عروض الفانتازيا و طلقات البارود، وحضور جماهيري كبير، أعطيت إشارة انطلاق الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح النسوي أول أمس بالمسرح الجهوي عزالدين مجوبي بعنابة، في دورة مرفوعة إلى روح الممثلة الراحلة ياسمين دوار (1941-1977) دورة تعزز مكانة الإبداع النسوي المسرحي في الجزائر ويجعل من مدينة عنابة محطة لرصد تجاربهن وتضعها أما المتلقي لتحاكي موضوعات لها بهواجس وإنشغلات المرأة المبدعة في الجزائر. في جو بهيج ، عاش رواد ساحة الثورة احتفالية الانطلاق وسط حضور مميز لنخبة من الفنانين والفنانات على غرار فيتحة بربار وأمينة مجوبي وداودية خلادي ونجاة طيبوني وفتيحة سلطان وجمال مرير ومحمد حلمي وغيرهم،كرسها حضور جماهيري برهن على وفائه للمهرجان الذي بات موعدا ثقافيا راسخا في سجل التظاهرات الوطنية . في رواق المسرح ، بين الأبيض و الأسود ، رسمت مشاهد وصور للممثلة الراحلة ياسمينة وهي على الركح في أدوار عديدة. حيث فتح المعرض ذراعيه لضيوفه المهرجان علقت اللوحات صامتة بعد أن فضلت الجدار لتعبر إلى الذاكرة .. وكان حفل الافتتاح الرسمي الذي حضره والي ولاية عنابة، فرصة لإدارة المهرجان أن تكرم السيدة نعيمة باي نجلة الفقيدة ياسمين داور التي تحمل الدورة أسمها، وقال السيدة نعيمة على هامش هذا التكريم اليوم ، أحسست أن أمي ولدت من جديد منذ وفاتها في 1977. الشكر و الفضل يعود إلى السيدة صونيا التي أبت إلا أن تكرم أمي في هذا المهرجان الذي أصبح صوت المرأة و كلمتها، كم كرم المهرجان في هذا الحفل الممثلة القديرة أمينة مجوبي زوجة الراحل عزالدين مجوبي، وأيضا الممثلة الكبيرة داودية خلادي و السيدة أرارة عبسية ابنة الفنان التشكيلي الراحل مؤخرا بلجلد بوزيدي حيث قالت شرف كبير أحظى به اليوم، وأبي المرحوم الذي جاء من سيدي بلعباس ليغادر الدنيا في عنابة يكرم في هذه المدينة الوفية. لقد سررنا بهذه الالتفاتة الكريمة التي خصنا بها المهرجان.كما عرف الحفل أيضا تقدريم أعضاء لجنة التحكيم التي ترأسها الفنانة فطومة أوصليحة وعضوية نخبة من ألسماء الفاعلة في المشهد الفني الجزائري. وفي كلمة معالي وزيرة الثقافة خليدة تومي للمهرجان ، نوّهت خليدة تومي بإنجازات المهرجان واعتبرت الدورة الثالثة منعطفا هاما يضع نساء المسرح على درب المساءلة والمشاهدة.الرسالة التي قرأتها السيدة "زهية بن شيخ" مديرة تطوير الفنون وترقيتها بوزارة الثقافة، اعتبرت السيدة الوزيرة محفل عنابة فرصة سانحة لتلاقي الخبرات والعروض الركحية النسائية، مبرزة أنّ الفائدة تتعدى نطاق الأعمال والورشات إلى استعراض الشهادات الحية لزخم الذاكرة الجمعية. كما ثمّنت السيدة الوزيرة احتفاء ثالثة طبعات مهرجان عنابة بقامة كبيرة بقيمة "ياسمينة الجزائر"، ملّحة على جعل اللحظة المسرحية الواعية زمنا للإبداع التفاعلي المستمر وفضاء خصبا للتواصل والتحصين ضدّ العواصف. وكان الحفل أيضا فرصة لتقديم أولى عروض المنافسة في هذه الدورة ويتعلق الأمر بمسرحية"ميموزا الجزائر" التي أخرجها لصالح مسرح عنابة المسرحي جمال مرير عن نص للفرنسي ريشارد ديمرسي وشخصها كل من الممثلة عائدة قشود و ، فاتن بوناموس، ففي هذا العرض المسرحي التأريخي الذي إمتد ساعة وعشر دقائق، تأتي المرأة الأربعينية، محملة بأسئلتها المرهقة لجدتها التي بقيت تعيش في منزل لا يسكنه معها سوى أشباح أفرادِ عائلتها الذين ماتوا في الجزائر و من بينهم ابنها فارنون إيفتون، أول مناضل تقدمي فرنسي نفّذت فيه فرنسا الاستعمارية حكم الإعدام ليكون عبرة للفرنسيين الذين ساندوا الثورة الجزائرية ، زيارة مفاجئة عكرت صفو الجدة و أشعلت فتيل مواجهة حادة بين ذاكرة في بيات و حاضر ينبش في أسرار الماضي و ظروف مقتل والدها يبرز العرض أحداث و حقائق فترة تاريخية مهمة من تاريخ الثورة الجزائرية ضد فرنسا الاستعمارية و ينقل مساهمة أحرار فرنسيين في الثورة و يقدم مادة تاريخية بمنظور جمالي فني سعى المخرج ، من خلاله، إلى توظيف سينوغرافيا تحيل إلى عذاب الميت والأحياء بسبب طمس الحقيقة و إخفائها عن ابنة الفرنسي إيفتون من خلال أشباح كانت تسكن فضاء الركح طيلة العرض. غير أنها اختفت مع إدراك الشابة للحقيقة كاملة حول إعدام والدها لمساندته الثورة الجزائرية و إيمانه باستقلال الجزائر. ويذكر أن العروض المدرجة في منافسة تمثل عدد من المسارح الجهوية، وفرق وتعاونية فنية ستتنافس على جوائز المهرجان المقرر أن تختتم فعالياته أمسية الثامن مارس الذي يصادف العيد العالمي للمرأة. ن.ح